النشاط الشعبي المتسارع في توثيق وترويج الصور المؤلمة لمجزرة الشجاعية في قطاع غزة سيشكل في وقت قريب عنصرا إضافيا للضغط على القرار السياسي الأردني الذي يجتهد للبقاء في منطقة الأمان الدبلوماسي وهو يتفاعل ويتعامل مع مستجدات الحرب الإسرائيلية الجديدة على الشعب الفلسطيني.

مع تواتر الأنباء وطول أمد العدوان وتكاثر الضحايا تتحول وتتعدل اللغة الأردنية فقد بدأ وزير الخارجية ناصر جوده مع بدايات العدوان في التحدث عن وقف إطلاق النار و»قتل المدنيين» وإضطر في وقت لاحق للتحدث عن «عدوان همجي وبشع».

منذ بداية العدوان لم يصدر تصريح حقيقي وقوي عن الحكومة لكن رئيس الوزراء عبدالله النسور وإزاء تنامي الإحتقان الشعبي إستعار مفردات مثل الهمجية وهو يصف ما تفعله إسرائيل في الوقت الذي بقيت فيه الحراسات الأمنية محيطة بمقر السفارة الإسرائيلية وسط غرب العاصمة عمان دون حتى عودة مجلس النواب أو غيره من مؤسسات المجتمع المدني للمطالبة بطرد السفير الإسرائيلي.

رسميا غادرت الحكومة موقع الصمت والمراقبة ان دخلت الهيئة الهاشمية للإغاثة وأن عادت النغمة السياسية التي تزعم أن بقاء العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل يخدم جهود الأغاثة التي يقدمها الأردن للشعب الفلسطيني.

بالتوازي برزت مبادرات رسمية وإجتماعية لتقديم المساعدة خصوصا في مجال معالجة الجرحى حيث قررت النقابات المهنية الأردنية بالإتفاق مع بعض المستشفيات الخاصة فتح الأبواب لمعالجة أكبر عدد ممكن من الجرحى فيما صدرت من القصر الملكي توجيهات ان تتولى مؤسسات الجيش إستقبال العشرات من الجرحى.

المساعدة في نقل وتأمين الجرحى وأهاليهم عبر حاجز إيريز من المهام الأساسية التي ينجح الأردن فيها لوجستيا بسبب علاقاته الدبلوماسية بإسرائيل في الوقت الذي يتأثر فيه معبر رفح المحاذي لمصر بالواقع السياسي دوما ويغلق في أغلب الأوقات.

في غضون ذلك وبوضوح يمكن رصد الأردن بعيدا تماما عن كل المناورات السياسية المتعلقة بالعدوان والتهدئة وخلافا للمعهود في كل مساحات القضية الفلسطينية لا يوجد «موطيء قدم» للأردن سياسيا في حزمة الإتصالات والإجتماعات التي تجري سواء في القاهرة أو في الدوحة وهو ملف لا يحب الأردنيون أصلا التدخل به ليس فقط بسبب عدم وجود صلات وإتصالات بينهم وبين حركة حماس فقط.

ولكن أيضا بسبب حساسية علاقتهم بالأخوان المسلمين والحسابات الإقليمية المتقاطعة.

الأولويات بالنسبة للأردن مرحليا ودوما لا تتعلق بمساندة الشعب الفلسطيني فقط ولا بإتخاذ موقف سياسي هنا أو هناك لا يسمن ولا يغني عن جوع بقدر ما يكمن في رأي رئيس مجلس النواب عاطف طراونه في العمل الفعلي وبكل الطاقة المعهودة في الأردن ومؤسساتهم على «وقف العدوان» الإسرائيلي والمساهمة في تخفيف معاناة أهالي قطاع غزة.

بالنسبة للطراونة وكما فهمت «القدس العربي» لا يوجد إسم آخر غير «إعتداء آثم وإجرامي» لما تفعله إسرائيل بقطاع غزة واهله الصابرون المقاومون ورغم أن موازين القوة العربية معروفة للجميع إلا أن الصمت الدولي على هذه الجريمة إختبار بالمقابل للضمير العالمي. الأردن بهذا المعنى حسب طراونة هو شقيق الشعب الفلسطيني وواجبه العمل بكل إمكاناته لوقف العدوان والجريمة والتخفيف من المعاناة وتقديم يد المساعدة.

عمليا لا يبدو إكتفاء الأردن الرسمي بالموقف المشار إليه كافيا بالنسبة للشارع العام الذي يتحرك بكثافة أكثر كلما نشرت المزيد من الصور عن الدمار والضحايا في قطاع غزة.

وهو ما حصل فعلا في الساعات اللاحقة بمجزرة الشجاعية الأخيرة حيث خرج الأردنيون بالمئات من ساعات الفجر للشوارع العامة وينتظر أن يتوسع الإحتقان ويتفجر على شكل مطالبات للسلطة بقرارات ترقى إلى مستوى الحدث في الإتجاه المضاد لإسرائيل.

الأيام الأخيرة شهدت تطورا لافتا في حراك الشارع الأردني تضامنا مع أهالي قطاع غزة فقد تحركت القوى في 13 مخيما للاجئين وفي العشرات من البؤر الحراكية المعتادة.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-07-20
  • 10346
  • من الأرشيف

الأردن الرسمي تحت الضغط الشعبي يضطر لإستخدام أوصاف جديدة ضد إسرائيل: «الهمجية والمجرمة»… إحتقان شديد في الشارع وتأثير محوري لمجزرة «الشجاعية»

النشاط الشعبي المتسارع في توثيق وترويج الصور المؤلمة لمجزرة الشجاعية في قطاع غزة سيشكل في وقت قريب عنصرا إضافيا للضغط على القرار السياسي الأردني الذي يجتهد للبقاء في منطقة الأمان الدبلوماسي وهو يتفاعل ويتعامل مع مستجدات الحرب الإسرائيلية الجديدة على الشعب الفلسطيني. مع تواتر الأنباء وطول أمد العدوان وتكاثر الضحايا تتحول وتتعدل اللغة الأردنية فقد بدأ وزير الخارجية ناصر جوده مع بدايات العدوان في التحدث عن وقف إطلاق النار و»قتل المدنيين» وإضطر في وقت لاحق للتحدث عن «عدوان همجي وبشع». منذ بداية العدوان لم يصدر تصريح حقيقي وقوي عن الحكومة لكن رئيس الوزراء عبدالله النسور وإزاء تنامي الإحتقان الشعبي إستعار مفردات مثل الهمجية وهو يصف ما تفعله إسرائيل في الوقت الذي بقيت فيه الحراسات الأمنية محيطة بمقر السفارة الإسرائيلية وسط غرب العاصمة عمان دون حتى عودة مجلس النواب أو غيره من مؤسسات المجتمع المدني للمطالبة بطرد السفير الإسرائيلي. رسميا غادرت الحكومة موقع الصمت والمراقبة ان دخلت الهيئة الهاشمية للإغاثة وأن عادت النغمة السياسية التي تزعم أن بقاء العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل يخدم جهود الأغاثة التي يقدمها الأردن للشعب الفلسطيني. بالتوازي برزت مبادرات رسمية وإجتماعية لتقديم المساعدة خصوصا في مجال معالجة الجرحى حيث قررت النقابات المهنية الأردنية بالإتفاق مع بعض المستشفيات الخاصة فتح الأبواب لمعالجة أكبر عدد ممكن من الجرحى فيما صدرت من القصر الملكي توجيهات ان تتولى مؤسسات الجيش إستقبال العشرات من الجرحى. المساعدة في نقل وتأمين الجرحى وأهاليهم عبر حاجز إيريز من المهام الأساسية التي ينجح الأردن فيها لوجستيا بسبب علاقاته الدبلوماسية بإسرائيل في الوقت الذي يتأثر فيه معبر رفح المحاذي لمصر بالواقع السياسي دوما ويغلق في أغلب الأوقات. في غضون ذلك وبوضوح يمكن رصد الأردن بعيدا تماما عن كل المناورات السياسية المتعلقة بالعدوان والتهدئة وخلافا للمعهود في كل مساحات القضية الفلسطينية لا يوجد «موطيء قدم» للأردن سياسيا في حزمة الإتصالات والإجتماعات التي تجري سواء في القاهرة أو في الدوحة وهو ملف لا يحب الأردنيون أصلا التدخل به ليس فقط بسبب عدم وجود صلات وإتصالات بينهم وبين حركة حماس فقط. ولكن أيضا بسبب حساسية علاقتهم بالأخوان المسلمين والحسابات الإقليمية المتقاطعة. الأولويات بالنسبة للأردن مرحليا ودوما لا تتعلق بمساندة الشعب الفلسطيني فقط ولا بإتخاذ موقف سياسي هنا أو هناك لا يسمن ولا يغني عن جوع بقدر ما يكمن في رأي رئيس مجلس النواب عاطف طراونه في العمل الفعلي وبكل الطاقة المعهودة في الأردن ومؤسساتهم على «وقف العدوان» الإسرائيلي والمساهمة في تخفيف معاناة أهالي قطاع غزة. بالنسبة للطراونة وكما فهمت «القدس العربي» لا يوجد إسم آخر غير «إعتداء آثم وإجرامي» لما تفعله إسرائيل بقطاع غزة واهله الصابرون المقاومون ورغم أن موازين القوة العربية معروفة للجميع إلا أن الصمت الدولي على هذه الجريمة إختبار بالمقابل للضمير العالمي. الأردن بهذا المعنى حسب طراونة هو شقيق الشعب الفلسطيني وواجبه العمل بكل إمكاناته لوقف العدوان والجريمة والتخفيف من المعاناة وتقديم يد المساعدة. عمليا لا يبدو إكتفاء الأردن الرسمي بالموقف المشار إليه كافيا بالنسبة للشارع العام الذي يتحرك بكثافة أكثر كلما نشرت المزيد من الصور عن الدمار والضحايا في قطاع غزة. وهو ما حصل فعلا في الساعات اللاحقة بمجزرة الشجاعية الأخيرة حيث خرج الأردنيون بالمئات من ساعات الفجر للشوارع العامة وينتظر أن يتوسع الإحتقان ويتفجر على شكل مطالبات للسلطة بقرارات ترقى إلى مستوى الحدث في الإتجاه المضاد لإسرائيل. الأيام الأخيرة شهدت تطورا لافتا في حراك الشارع الأردني تضامنا مع أهالي قطاع غزة فقد تحركت القوى في 13 مخيما للاجئين وفي العشرات من البؤر الحراكية المعتادة.  

المصدر : «القدس العربي»


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة