طالت معركة المليحة في الغوطة الشرقية للعاصمة. لكن منذ أيام، بات المسلحون تحت طوق من الحصار الكامل، بعد أن باغتهم الجيش السوري وحلفاؤه متقدّمين من الجهة الغربية الشمالية، وقاطعين كل خطوط الإمداد. كيف حصل الهجوم ومتى يتم الإعلان عن المليحة منطقة محررة؟

 دقائق معدودة تفصل بين جرمانا وجارتها «اللدودة» المليحة التي طالما عانت من قذائفها. لدى الوصول الى أطراف المليحة، في ريف دمشق الشرقي، حاجز جديد للجيش السوري من الجهة الغربية من المنطقة، لم يكن موجوداً سابقاً. مقابله مبنى أزيل عن سطحه «رشاش 23»، من خلاله كان يرمى على المسلحين في المدينة، بحسب ما يروي أحد القادة الميدانيين. أصوات القصف خفيفة عند العصر، مقارنة بساعات الصباح الأولى. عند الدوار، حيث الطريق الرئيسي المقطوع من جرمانا إلى المليحة، كانت أولى العمليات العسكرية التي شنّت منذ أكثر من 100 يوم.

 الدمار كبير هنا. لكن ليس بحجم الدمار عند الجهة الشمالية الغربية، حيث جرى التقدّم الأخير للجيش، عندما أحكم الطوق بشكل كامل على المسلحين، وتحديداً عند مبنى الاتصالات. في هذه النقطة، تنكشف جميع الرمايات أمامك باتجاه المسلحين وكل المعابر تحت إشراف النار. كذلك تشرف هذه النقطة على معملي التاميكو والكبريت الشهيرين. ولا يمكن عبور هذه النقطة من دون تصبح هدفاً لأحد القناصة.

 ماذا جرى منذ ثلاثة أيام وكيف حوصر المسلحون في المدينة؟

يشرح أحد القادة الميدانيين لـ«الأخبار» أنه منذ 20 يوماً، اعتمد الجيش السوري وحلفاؤه «تكتيكاً جديداً»، وهو «نقل المعركة من النهار إلى الليل، من خلال التسلّل ليلاً عبر مجموعات صغيرة ووحدات استطلاع». وسرعان ما توضّحت نقاط «الضعف» لدى الجماعات المسلّحة التي «تعتمد على مقاتلين ذوي قدرات قتالية عالية أثناء النهار وقوات حراسة خلال الليل». ومنذ أربعة أيام، وبعد أن كثّفت الطائرات الحربية غاراتها الجوية عند ساعات الصباح الأولى، ظنّ المسلحون أن هجوماً ما سيتمّ بعد ذلك، لكن «المباغتة العسكرية تمّت قبل ساعتين من الغروب». وفيما كان ينوي الجيش التقدمّ والسيطرة في هذه الجهة على 6 مبان، تمّت السيطرة على «20 مبنى خلال نصف ساعة فقط، وتقدمنا بنحو كيلو ونصف وانقطعت خطوط الإمداد»، يضيف القائد.

عند هذه النقطة، كانت بنايتا العظم والقناص بأيدي مسلحين من «جيش الإسلام». وقد حصل الخلاف بين مسلحيه ومسلحي «جبهة النصرة» على هذين المبنيين. «بالنسبة إلى المسلحين كانت هذه النقطة الطريق الوحيد بالنسبة إليهم، وهي بمثابة مفتاح لقفل المليحة»، يشرح القائد العسكري. اعتبر مقاتلو «النصرة» أن قائد «جيش الإسلام» زهران علوش خذلهم بعد تخلّي مسلّحيه عن هذه النقطة. وبحسب المصدر الميداني، غالبية المسلحين الذين ينتشرون الآن هم من «النصرة»، أما ما تبقى منهم فهم من «جيش الإسلام»، ولا يتخطى عددهم جميعاً 500 مسلح. وحاول مسلحو «النصرة» شنّ هجوم منذ أول من أمس، وأمس، «لإحداث خرق وفتح بعض المعابر، إما للحصول على إمدادات أو لإخراج بعض القوات»، لكن «المنطقة مطوّقة بنسبة 360 درجة، والمقاتلون موزعون على تماس المليحة».

متى تنتهي العملية العسكرية التي استمرت أكثر من 100 يوم وتعلن المليحة منطقة محررة؟

«من المستحيل في الوقت الحالي إحداث أي خرق من قبل المسلحين. حتى لو حصل هجوم، فمن السهل جداً تداركه لأنهم معزولون ومطوّقون»، يردّ القائد. ويضيف أن المسلحين يفتقدون الذخائر، ولكن ليس للتموين. «إذاً إنها مرحلة الاستنزاف، والى أي مدى بالإمكان الصمود. حصلت حالات انسحاب فردية خلال اليومين الماضيين لمسلحين تابعين لزهران علوش، ولم يجر أي تواصل مع المسلحين، «فالجيش ليس من مصلحته التواصل، هم تحت الخناق».

قد ينسحب المسلحون من المليحة في أي لحظة من دون أي بلبلة، وقد يصمد هؤلاء لأيام طويلة، لكن من المؤكّد، وبحسب الميدان، أن الجيش لن يعطي هؤلاء المدة الكافية قبل أن يشنّ الهجوم الكبير والأخير عليهم، حتى إعلانها منطقة محررة و«الانتهاء من مخطط المليحة الأسود على العاصمة».

  • فريق ماسة
  • 2014-07-13
  • 13969
  • من الأرشيف

هكذا بوغت المسلحون في المليحة

طالت معركة المليحة في الغوطة الشرقية للعاصمة. لكن منذ أيام، بات المسلحون تحت طوق من الحصار الكامل، بعد أن باغتهم الجيش السوري وحلفاؤه متقدّمين من الجهة الغربية الشمالية، وقاطعين كل خطوط الإمداد. كيف حصل الهجوم ومتى يتم الإعلان عن المليحة منطقة محررة؟  دقائق معدودة تفصل بين جرمانا وجارتها «اللدودة» المليحة التي طالما عانت من قذائفها. لدى الوصول الى أطراف المليحة، في ريف دمشق الشرقي، حاجز جديد للجيش السوري من الجهة الغربية من المنطقة، لم يكن موجوداً سابقاً. مقابله مبنى أزيل عن سطحه «رشاش 23»، من خلاله كان يرمى على المسلحين في المدينة، بحسب ما يروي أحد القادة الميدانيين. أصوات القصف خفيفة عند العصر، مقارنة بساعات الصباح الأولى. عند الدوار، حيث الطريق الرئيسي المقطوع من جرمانا إلى المليحة، كانت أولى العمليات العسكرية التي شنّت منذ أكثر من 100 يوم.  الدمار كبير هنا. لكن ليس بحجم الدمار عند الجهة الشمالية الغربية، حيث جرى التقدّم الأخير للجيش، عندما أحكم الطوق بشكل كامل على المسلحين، وتحديداً عند مبنى الاتصالات. في هذه النقطة، تنكشف جميع الرمايات أمامك باتجاه المسلحين وكل المعابر تحت إشراف النار. كذلك تشرف هذه النقطة على معملي التاميكو والكبريت الشهيرين. ولا يمكن عبور هذه النقطة من دون تصبح هدفاً لأحد القناصة.  ماذا جرى منذ ثلاثة أيام وكيف حوصر المسلحون في المدينة؟ يشرح أحد القادة الميدانيين لـ«الأخبار» أنه منذ 20 يوماً، اعتمد الجيش السوري وحلفاؤه «تكتيكاً جديداً»، وهو «نقل المعركة من النهار إلى الليل، من خلال التسلّل ليلاً عبر مجموعات صغيرة ووحدات استطلاع». وسرعان ما توضّحت نقاط «الضعف» لدى الجماعات المسلّحة التي «تعتمد على مقاتلين ذوي قدرات قتالية عالية أثناء النهار وقوات حراسة خلال الليل». ومنذ أربعة أيام، وبعد أن كثّفت الطائرات الحربية غاراتها الجوية عند ساعات الصباح الأولى، ظنّ المسلحون أن هجوماً ما سيتمّ بعد ذلك، لكن «المباغتة العسكرية تمّت قبل ساعتين من الغروب». وفيما كان ينوي الجيش التقدمّ والسيطرة في هذه الجهة على 6 مبان، تمّت السيطرة على «20 مبنى خلال نصف ساعة فقط، وتقدمنا بنحو كيلو ونصف وانقطعت خطوط الإمداد»، يضيف القائد. عند هذه النقطة، كانت بنايتا العظم والقناص بأيدي مسلحين من «جيش الإسلام». وقد حصل الخلاف بين مسلحيه ومسلحي «جبهة النصرة» على هذين المبنيين. «بالنسبة إلى المسلحين كانت هذه النقطة الطريق الوحيد بالنسبة إليهم، وهي بمثابة مفتاح لقفل المليحة»، يشرح القائد العسكري. اعتبر مقاتلو «النصرة» أن قائد «جيش الإسلام» زهران علوش خذلهم بعد تخلّي مسلّحيه عن هذه النقطة. وبحسب المصدر الميداني، غالبية المسلحين الذين ينتشرون الآن هم من «النصرة»، أما ما تبقى منهم فهم من «جيش الإسلام»، ولا يتخطى عددهم جميعاً 500 مسلح. وحاول مسلحو «النصرة» شنّ هجوم منذ أول من أمس، وأمس، «لإحداث خرق وفتح بعض المعابر، إما للحصول على إمدادات أو لإخراج بعض القوات»، لكن «المنطقة مطوّقة بنسبة 360 درجة، والمقاتلون موزعون على تماس المليحة». متى تنتهي العملية العسكرية التي استمرت أكثر من 100 يوم وتعلن المليحة منطقة محررة؟ «من المستحيل في الوقت الحالي إحداث أي خرق من قبل المسلحين. حتى لو حصل هجوم، فمن السهل جداً تداركه لأنهم معزولون ومطوّقون»، يردّ القائد. ويضيف أن المسلحين يفتقدون الذخائر، ولكن ليس للتموين. «إذاً إنها مرحلة الاستنزاف، والى أي مدى بالإمكان الصمود. حصلت حالات انسحاب فردية خلال اليومين الماضيين لمسلحين تابعين لزهران علوش، ولم يجر أي تواصل مع المسلحين، «فالجيش ليس من مصلحته التواصل، هم تحت الخناق». قد ينسحب المسلحون من المليحة في أي لحظة من دون أي بلبلة، وقد يصمد هؤلاء لأيام طويلة، لكن من المؤكّد، وبحسب الميدان، أن الجيش لن يعطي هؤلاء المدة الكافية قبل أن يشنّ الهجوم الكبير والأخير عليهم، حتى إعلانها منطقة محررة و«الانتهاء من مخطط المليحة الأسود على العاصمة».

المصدر : الماسة السورية/ الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة