تستمر أزمة المياه في مدينة حلب التي بدأت قبل أكثر من شهرين، حيث يعيش أهل حلب في ظل عطش شديد وصعوبة قسوة في تأمين مياه الشرب، قابعين تحت رحمة سماسرة المياه وغياب أي مؤشرات أو حتى محاولات للوصول إلى حل يروي عطش حلب الإقتصادية.

وبدأ عطش المدينة عند قيام مسلحين، منذ أكثر من شهرين، بتفجير نفق مفخخ قرب محطة "سليمان الحلبي" الأمر الذي أدى إلى تضرر في شبكة المياه وانقطاع كابل الكهرباء "230" وكابل "66" اللذان يغذيان مضخات المياه، وبذلك فقدت مياه الشرب عن كامل المدينة.

وبعد التفجير تحرّكت في بادئ الأمر عدد من الجهات الأهلية والإغاثية لإصلاح الأضرار، كما اكتف جهات أخرى بتقديم الوعود وطمأنت أهالي مدينة حلب أن "المشكلة بسيطة" و"سيتم الإصلاح فوراً"، لكنّ لإصلاح أنابيب المياه فهم بحاجة إلى الكهرباء المقطوعة بفعل التفجير، ليكون الحل الاعتماد على مولّدات الكهرباء التي يحتاج تشغيلها إلى المازوت.

وهنا بدأ سيناريو جديد لمنظمات الإغاثة العاملة في حلب وهو إدخال المازوت وورش الإصلاح، بعد التنسيق مع المسلحين المتشددين، وعلى رأسهم "جبهة النصرة".

حيث قام فرع "منظمة الهلال الأحمر السوري في حلب" بتنسيق اتفاق سريع من مرحلتين، الأولى "تشغيل مضخات المياه بالاعتماد على المولدات"، ما يضمن ضخ مياه الشرب إلى أحياء حلب بالتناوب وبالاعتماد على القسطل السليم" والثانية "دخول فرقٍ لإصلاح أنابيب المياه وخطوط الكهرباء".

وبدأت الصهاريج تنقل بإشراف الصليب الأحمر بمعدل 45 ألف ليتر يومياً، الأمر الذي دعى لتساؤل الكثيرين حول سبب إدخال كميات تفوق بأضعافٍ حاجة محطّة الضخ المقدرة بـ "14 ألف ليتر"، حسب ما أكدته مصادر مطلعة لتلفزيون الخبر، وخصوصاً أنه لم يلاحظ أي تحسن يذكر في وضع المياه، لتبقى إشارات الإستفهام حول فائض المازوت مخيمةً على الموقف.

وبدورهم انشغل أهالي مدينة حلب عن هذه الحقائق بسعيهم وراء تأمين مياه الشرب لمنازلهم واصطفوا طوابيراً عند الآبار لفترات تزيد عن 6 ساعات من أجل تعبئة 5 إلى 10 لترات من الماء والعودة في آخر اليوم لمنازلهم فخورين بنصرهم مستعدين لجولة أخرى في اليوم التالي.

وتضخ مياه الشرب حالياً عبر قسطل وحيد وتصل لأحياء مدينة حلب بفترات متباعدة جداً تصل إلى 7 أيام في كل منطقة على التوالي، أي أنها تصل مرة واحدة كل 7، وتزيد عن ذلك الأيام في بعض المناطق، فيما "تختفي المياه عن مناطق أخرى بحلب لفترة تزيد عن 15 يوماً"، وذلك بحسب ما أكده أهال لتلفزيون الخبر.

وفي مشهد يعبر عن صمود أهالي حلب وإصرارهم على العيش ترى الكثير من العائلات أقبلت على شراء أحواض السباحة المتنقلة الخاصة بالأطفال ليستخدموها في تخزين المياه عند وصولها لمنازلهم، على الرغم من تدفقها الضعيف، مطمئنين أنفسهم بوجود "احتياطي مياه" يستخدم في الحالات الطارئة، ومواسين لأطفالهم المراقبين للحوض الذي حرموا منه في الوقوف ضمن طوابير المياه منذ الصباح الباكر.

وفي حديث لتلفزيون الخبر مع مدير شركة مياه حلب مصطفى ملحيس بين أنه "للقيام بالإصلاحات في منطقة العطل يجب أن يكون هناك تنسيق مع الجهات الموجودة هناك، الأمر الذي لم يحقق حتى الآن من أي جهة إغاثية وسيطة، كما أن عملية الإصلاح تحتاج لثلاث ورشات وهي ورشة صرف صحي تحتاج للعمل على عمق كبير تليها ورشات الكهرباء والمياه".

وما يزيد معاناة الحلبيين انتشار سماسرة المياه الذين يمارسون أكثر ما يكون من استغلال لأزمة المدينة وبطريقة خالية من أي رحمة، فعلى الرغم من وقوف المواطن لمدة تفوق الـ6 ساعات للحصول على الماء فإن سبب انتظاره كامل المدة بالأصل يعود إلى عدد الصهاريج التي تقوم بتعبئة خزاناتها لتفاجئ لاحقاً بنفس الصهريج يبيع الماء في منطقة أخرى بأسعار مرتفعة، على الرغم من أنه حصل على الماء بالمجان.

وعبر العديد من الأهالي عن استيائهم من استغلال أصحاب الصهاريج لهم قائلين "وصل سعر صهريج المياه سعة 1000 ليتر إلى 2000 ليرة سورية دون وجود أي رقابة أو محاولة من قبل الحكومة لمنع هذه السمسرة"، كما رصد تلفزيون الخبر حالات بيع صهاريج مياه تخطت 2200 ليرة سورية للـ 1000 ليتر.

وخلال حديث لأحد الأهالي مع مراسل تلفزيون الخبر في حلب، أشار إلى أن "صهاريج حكومية تقوم بتعبئة المياه لبيوت معينة دون غيرها، على مبدأ "الخيار والفقوس" وعندما نتوجه إليهم لتعبئة بعض البيدونات يرفضون بفظاظة ويعاملوننا بطريقة غير لائقة وبدون تقديم أي حجة أو سبب لعدم مساعدتنا"، مضيفاً "نكتشف بذلك أن صاحب المنزل واسطته ثقيلة، ونحن عالم دراويش مابيطلعلنا شي".

وحول ذلك دعى ملحيس المواطنين إلى "تسجيل رقم الصهريج الذي يقوم بهذه التصرفات والإبلاغ عنه للشركة"، مؤكداً أن "صهاريج المؤسسة لا تخرج إلا للتعبئة لكافة المواطنين، أما باقي الصهاريج فلا علاقة له بالمؤسسة ويجب تقديم شكوى عنها فوراً".

وانتشرت حالات التسمم بشكل كبير في مدينة حلب، وبشكل خاص لدى الأطفال، وذلك بسبب أن صهاريج المياه التي يتم بيعها بالأصل غير مخصصة لتخزين المياه، بل تكون مخصصة لنقل البنزين أو المازوت وعلى الرغم من ذلك يقوم أصحابها بتعبئة المياه وبيعها بما تحتويه من رواسب سابقة موجودة في الخزان.

ويعرف عن مناخ مدينة حلب أنها تحتوي الكثير من المياه الجوفية التي يمكن الاستفادة منها عبر حفر الآبار، إلا أن شركة محافظة حلب لم تحرك أي ساكناً حول الموضوع، على الرغم من مناشدة الأهالي لمجلس محافظة حلب بضرورة حفر عدة آبار في المدينة بإمكانها أن تخفف عبئ الأزمة.

ويتساءل الكثير من الأهالي عن سبب عدم قيام الجهات المسؤولة حتى الآن بحفر أي بئر في المدينة، وقال أحد المواطنين أنه "في حال تم حفر بئرين في كل حي من أحياء المدينة فإن الصعوبات ستقل بشكل كبير وخصوصاً أن المؤشرات تقول بعدم وجود أي نية أو مبادرة للوصول لحل بشأن إصلاح القساطل المتضررة".

و علق ملحيس على ذلك بالقول "هناك دراسات لحفر الآبار لكن الأمر ليس بالسهل"، مقدماً وعداً بأن "وضع المياه سيتحسن وأرى أنه بتحسن عما سبق"، على حد تعبيره.

 

 

 

  • فريق ماسة
  • 2014-07-12
  • 10467
  • من الأرشيف

عطش الحلبيين تجارة رابحة .. وتستمر السمسرة

تستمر أزمة المياه في مدينة حلب التي بدأت قبل أكثر من شهرين، حيث يعيش أهل حلب في ظل عطش شديد وصعوبة قسوة في تأمين مياه الشرب، قابعين تحت رحمة سماسرة المياه وغياب أي مؤشرات أو حتى محاولات للوصول إلى حل يروي عطش حلب الإقتصادية. وبدأ عطش المدينة عند قيام مسلحين، منذ أكثر من شهرين، بتفجير نفق مفخخ قرب محطة "سليمان الحلبي" الأمر الذي أدى إلى تضرر في شبكة المياه وانقطاع كابل الكهرباء "230" وكابل "66" اللذان يغذيان مضخات المياه، وبذلك فقدت مياه الشرب عن كامل المدينة. وبعد التفجير تحرّكت في بادئ الأمر عدد من الجهات الأهلية والإغاثية لإصلاح الأضرار، كما اكتف جهات أخرى بتقديم الوعود وطمأنت أهالي مدينة حلب أن "المشكلة بسيطة" و"سيتم الإصلاح فوراً"، لكنّ لإصلاح أنابيب المياه فهم بحاجة إلى الكهرباء المقطوعة بفعل التفجير، ليكون الحل الاعتماد على مولّدات الكهرباء التي يحتاج تشغيلها إلى المازوت. وهنا بدأ سيناريو جديد لمنظمات الإغاثة العاملة في حلب وهو إدخال المازوت وورش الإصلاح، بعد التنسيق مع المسلحين المتشددين، وعلى رأسهم "جبهة النصرة". حيث قام فرع "منظمة الهلال الأحمر السوري في حلب" بتنسيق اتفاق سريع من مرحلتين، الأولى "تشغيل مضخات المياه بالاعتماد على المولدات"، ما يضمن ضخ مياه الشرب إلى أحياء حلب بالتناوب وبالاعتماد على القسطل السليم" والثانية "دخول فرقٍ لإصلاح أنابيب المياه وخطوط الكهرباء". وبدأت الصهاريج تنقل بإشراف الصليب الأحمر بمعدل 45 ألف ليتر يومياً، الأمر الذي دعى لتساؤل الكثيرين حول سبب إدخال كميات تفوق بأضعافٍ حاجة محطّة الضخ المقدرة بـ "14 ألف ليتر"، حسب ما أكدته مصادر مطلعة لتلفزيون الخبر، وخصوصاً أنه لم يلاحظ أي تحسن يذكر في وضع المياه، لتبقى إشارات الإستفهام حول فائض المازوت مخيمةً على الموقف. وبدورهم انشغل أهالي مدينة حلب عن هذه الحقائق بسعيهم وراء تأمين مياه الشرب لمنازلهم واصطفوا طوابيراً عند الآبار لفترات تزيد عن 6 ساعات من أجل تعبئة 5 إلى 10 لترات من الماء والعودة في آخر اليوم لمنازلهم فخورين بنصرهم مستعدين لجولة أخرى في اليوم التالي. وتضخ مياه الشرب حالياً عبر قسطل وحيد وتصل لأحياء مدينة حلب بفترات متباعدة جداً تصل إلى 7 أيام في كل منطقة على التوالي، أي أنها تصل مرة واحدة كل 7، وتزيد عن ذلك الأيام في بعض المناطق، فيما "تختفي المياه عن مناطق أخرى بحلب لفترة تزيد عن 15 يوماً"، وذلك بحسب ما أكده أهال لتلفزيون الخبر. وفي مشهد يعبر عن صمود أهالي حلب وإصرارهم على العيش ترى الكثير من العائلات أقبلت على شراء أحواض السباحة المتنقلة الخاصة بالأطفال ليستخدموها في تخزين المياه عند وصولها لمنازلهم، على الرغم من تدفقها الضعيف، مطمئنين أنفسهم بوجود "احتياطي مياه" يستخدم في الحالات الطارئة، ومواسين لأطفالهم المراقبين للحوض الذي حرموا منه في الوقوف ضمن طوابير المياه منذ الصباح الباكر. وفي حديث لتلفزيون الخبر مع مدير شركة مياه حلب مصطفى ملحيس بين أنه "للقيام بالإصلاحات في منطقة العطل يجب أن يكون هناك تنسيق مع الجهات الموجودة هناك، الأمر الذي لم يحقق حتى الآن من أي جهة إغاثية وسيطة، كما أن عملية الإصلاح تحتاج لثلاث ورشات وهي ورشة صرف صحي تحتاج للعمل على عمق كبير تليها ورشات الكهرباء والمياه". وما يزيد معاناة الحلبيين انتشار سماسرة المياه الذين يمارسون أكثر ما يكون من استغلال لأزمة المدينة وبطريقة خالية من أي رحمة، فعلى الرغم من وقوف المواطن لمدة تفوق الـ6 ساعات للحصول على الماء فإن سبب انتظاره كامل المدة بالأصل يعود إلى عدد الصهاريج التي تقوم بتعبئة خزاناتها لتفاجئ لاحقاً بنفس الصهريج يبيع الماء في منطقة أخرى بأسعار مرتفعة، على الرغم من أنه حصل على الماء بالمجان. وعبر العديد من الأهالي عن استيائهم من استغلال أصحاب الصهاريج لهم قائلين "وصل سعر صهريج المياه سعة 1000 ليتر إلى 2000 ليرة سورية دون وجود أي رقابة أو محاولة من قبل الحكومة لمنع هذه السمسرة"، كما رصد تلفزيون الخبر حالات بيع صهاريج مياه تخطت 2200 ليرة سورية للـ 1000 ليتر. وخلال حديث لأحد الأهالي مع مراسل تلفزيون الخبر في حلب، أشار إلى أن "صهاريج حكومية تقوم بتعبئة المياه لبيوت معينة دون غيرها، على مبدأ "الخيار والفقوس" وعندما نتوجه إليهم لتعبئة بعض البيدونات يرفضون بفظاظة ويعاملوننا بطريقة غير لائقة وبدون تقديم أي حجة أو سبب لعدم مساعدتنا"، مضيفاً "نكتشف بذلك أن صاحب المنزل واسطته ثقيلة، ونحن عالم دراويش مابيطلعلنا شي". وحول ذلك دعى ملحيس المواطنين إلى "تسجيل رقم الصهريج الذي يقوم بهذه التصرفات والإبلاغ عنه للشركة"، مؤكداً أن "صهاريج المؤسسة لا تخرج إلا للتعبئة لكافة المواطنين، أما باقي الصهاريج فلا علاقة له بالمؤسسة ويجب تقديم شكوى عنها فوراً". وانتشرت حالات التسمم بشكل كبير في مدينة حلب، وبشكل خاص لدى الأطفال، وذلك بسبب أن صهاريج المياه التي يتم بيعها بالأصل غير مخصصة لتخزين المياه، بل تكون مخصصة لنقل البنزين أو المازوت وعلى الرغم من ذلك يقوم أصحابها بتعبئة المياه وبيعها بما تحتويه من رواسب سابقة موجودة في الخزان. ويعرف عن مناخ مدينة حلب أنها تحتوي الكثير من المياه الجوفية التي يمكن الاستفادة منها عبر حفر الآبار، إلا أن شركة محافظة حلب لم تحرك أي ساكناً حول الموضوع، على الرغم من مناشدة الأهالي لمجلس محافظة حلب بضرورة حفر عدة آبار في المدينة بإمكانها أن تخفف عبئ الأزمة. ويتساءل الكثير من الأهالي عن سبب عدم قيام الجهات المسؤولة حتى الآن بحفر أي بئر في المدينة، وقال أحد المواطنين أنه "في حال تم حفر بئرين في كل حي من أحياء المدينة فإن الصعوبات ستقل بشكل كبير وخصوصاً أن المؤشرات تقول بعدم وجود أي نية أو مبادرة للوصول لحل بشأن إصلاح القساطل المتضررة". و علق ملحيس على ذلك بالقول "هناك دراسات لحفر الآبار لكن الأمر ليس بالسهل"، مقدماً وعداً بأن "وضع المياه سيتحسن وأرى أنه بتحسن عما سبق"، على حد تعبيره.      

المصدر : الماسة السورية / الخبر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة