دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بالرغم من الأجواء الضاغطة التي تحكمت بمسار الساحة اللبنانية خلال اليومين الماضيين، لم تغب الأحداث العراقية ولا التطورات السورية عن المشهد الاقليمي في ظل حراك دولي ظاهره عراقي بامتياز وباطنه سلة إقليمية دولية تشمل الملف النووي الايراني إلى تقاسم النفوذ وتوزيع الادوار، وذلك بعد أن دفعت واشنطن بالملفات العالقة إلى عنق الزجاجة وأرغمت دول المنطقة على إجراء عملية إعادة حساب واسعة النطاق لا تقف عند الأهداف التكتيكية وإنما تتخطاها إلى الملفات الأكثر تعقيدًا والتي يصفها المتصلون بعواصم القرار بالاستراتيجية والحيوية.
وفي هذا السياق، لم يمرّ اللقاء السريع بين الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي مرور الكرام، بل شكل موضوع متابعة من قبل الدبلوماسيات العربية لا سيما أنّ المواضيع المطروحة على الساحة الاقليمية هي أكثر من أن تُعد أو تحصى. غير أنّ الملفين الأساسيين اللذين توقف عندهما الرجلان بحسب مصادر متابعة هما ملف حركة حماس وارتباطه بالموقف المصري بعد المصالحة بين الحركة المذكورة والسلطة، فضلاً عن أمن سيناء والمعابر الشرعية وغير الشرعية مع غزة، وملف الارهاب وما يتصل به في ظل حركة مريبة للمنظمات المتطرفة والحركات الاصولية داخل مصر وعاصمتها في مشهد متسارع يرخي بظلاله الثقيلة على المشهد المصري برمته، مع الاشارة الى ان بحث الملفين المذكورين لم يمنع التطرق عرضا إلى سائر ملفات المنطقة.
إلا أنّ الحراك لم يقتصر على اللقاء المذكور، بل استكمله وزير الخارجية الأميركية جون كيري بزيارة مفاجئة إلى مصر أعلن خلالها بشكل غير مباشر عن انضمام مصر إلى لائحة الدول المشاركة في الحرب على الارهاب عبر التأكيد على حاجتها الماسة والسريعة لمروحيات "الاباتشي" الاميركية، إضافة إلى توقفه طويلا عند الاوضاع في العراق وما يجب عمله هناك لاعادة الامور الى نصابها من خلال مفاوضات مع ايران وشراكة مع الدول الاسلامية والعربية لا سيما بعد أن أشعرت واشنطن هذه الدول بخطر الارهاب المتنقل واتساع رقعته وتعاظم نفوذه في الدول النفطية التي تشكل عصب الاقتصاد العالمي في ظل اعتماد العالم الحديث على الطاقة وأسواقها لتحديد مساراتها الاقتصادية والمالية، إضافة إلى نمو أسواق السلاح بما يعيد التوازن الذي خلفه الارهاب بشكل عام.
وفي موازاة الحراك الأميركي باتجاه مصر وقيادتها الجديدة، برزت زيارة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى المملكة العربية السعودية في تزامن كامل مع الحراك السعودي الأميركي المصري في مشهد يوحي بالعمل على التكامل بتوزيع الادوار واقتسام النفوذ خصوصًا أنّ اللقاء الروسي السعودي هو الأول من نوعه بعد اللقاء العاصف بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس جهاز الاستخبارات السابق الامير بندر بن سلطان، حيث ازدادت العلاقة فتورًا بين البلدين. بيد أنّ المحادثات بين لافروف والفيصل تخطت المألوف بحسب المصادر وتركزت على ضرورة اعادة نظر المملكة إزاء سياسة دعم الارهاب وتمويله بعد أن تخطى المألوف وبات يهدّد العالم بأسره خصوصًا بعد ارتداده على المنطقة واقترابه من منابع النفط بما يشكل الخط الاحمر الممنوع تجاوزه حتى لو أدّى ذلك إلى دخول روسي على الخط الخليجي المباشر من خلال تقديم المزيد من الدعم لسوريا وايران على حد سواء.
حصيلة المشهد بحسب المصادر توحي بأنّ واشنطن والغرب مجتمعًا على أهبة الدخول المباشر على خط دعم الجيش العراقي من خلال تنفيذ هجمات جوية مركزة على مراكز قيادات "داعش" في العراق بما يؤدي الى هدفين، الأول إبعاد الخطر الداهم عن منابع النفط والثاني إعادة التوازن المختل لمصلحة الدولة الاسلامية في العراق والشام إلى ما كان عليه كخطوة اولى تسبق حرب استنزاف طويلة.
المصدر :
النشرة/ انطوان الحايك
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة