11عاماً وشهران على اجتياح بوابة العالم العربي الخلفية، 11 عاماً وشهران على سقوط وهم الأمن العربي المشترك،

 

على فتح الدول العربية مطاراتها وموانئها ومصارفها وأنابيب نفطها لتدمير بلد عربي، كان من الممكن أن يكون الأقوى في المنطقة.

 

لم يبق من الشهامة العربية لدى العديد من الأطراف، سوى عقيدة جاهلية، شعارها السيف ووأد التقدم، ... دمر بعض العرب العراق وبكوا على أطلاله، وعندما تخلص من إحتلال أميركي فُرض عليه ... عاقبوه على تحرره، وزرعوا فيه جماعات تسلحت بتحريض فضائياتهم، وأعادوا غزوه مرة أخرى.

 

من يقاتل في العراق

 

على قاعدة عدو عدوي صديقي، اجتمعت الأضداد لقتال الحكومة العراقية في بغداد، وتآلفت قلوبها، وسط تقاطعات دولية وإقليمية، سهلت هذه الحرب، وأججتها.

 

وبرغم أن "داعش" في واجهة الأحداث، غير أن معطيات الميدان والسياسة، تشير إلى تواجد تنظيمات أخرى، جمعها الحقد الطائفي، والأطماع السياسية والسيطرة على الثروات الطبيعية.

 

"رجال الطريقة النقشبندية": اولى تلك التنظيمات وأبرزها، وهو واجهة لحزب البعث العراقي المنحل، ويتزعمه نائب الرئيس السابق صدام حسين عزة الدوري، وتدعو هذه الحركة لإسقاط الحكومة العراقية بأية وسيلة، وتهدف إلى إعادة حكم البلاد، فيما لا تزال ممارسات الحكم السابق ماثلة في أذهان العراقيين والعرب.

 

"المجلس العسكري للثوار": هم من افراد الجيش السابق المنحل، الذين انضموا إلى القاعدة بين عامي 2005 و2006، ثم انقلبوا عليها فيما بعد وانضموا إلى الصحوات لقتال هذا التنظيم، وانقلبوا مرة أخرى عام 2012 وانضموا إلى الاحتجاجات الشعبية في الأنبار. ويسعى هذا التنظيم إلى حكم منطقة في غرب البلاد، على غرار إقليم كردستان.

 

"كتائب ثورة العشرين" التي يرأسها الشيخ حارث الضاري، إضافة إلى "جيش المجاهدين"، الذي يحمل أفكاراً مرتبطة بالقاعدة، وكذلك "جيش أنصار السنة"، الذي يعتبر من التنظيمات البارزة على الساحة العراقية، والتي تتبع تنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري. إضافة إلى العديد من التنظيمات المختلفة التوجه والانتماء.

 

حلف الارهاب

 

تحالف هجين بين جماعات مسلحة، يجمعها الإجرام وشبق السلطة، وتتحرك بأحقاد تاريخية، تعود إلى فترات الحكم الأموي والعباسي للمنطقة العربية، فرجال الطريقة النقشبندية يتحركون بدافع عرقي يعود إلى ما قبل القرون الوسطى، أما الداعشيون فيريدون إحياء الدولة العباسية، تحت عناوين طائفية بغيضة.

 

نظرة أولية على هذا الحلف يكشف ما يلي.

 

داعش تريد "خلافة" تشمل عدة دول عربية، فيما رجال الطريقة النقشبندية يريدون حكم العراق، والمجلس العسكري يريد إقليماً فقط.

 

خلاف عقائدي كبير بين هذه الجماعات، فداعش تعتبر حزب البعث "كافراً" والطريقة النقشبندية "مشركين".

 

واصطدم داعش مع النقشبنديين عسكرياً قبل اندلاع الأحداث أكثر من مرة، ابرزها في وادي حمرين، كما أصدر شيوخ هذه الطريقة فتوى قبل أشهر، اهدرت دم المنتمين إلى داعش، كما نقلت شبكات التلفزة العالمية عن مقتل عدد من مسلحي الطرفين في مواجهات وقعت في الموصل نهار الإثنين الماضي.

 

ودمر داعش في بلدة تل معروف بريف مدينة القامشلي السورية، مزاراً دينياً لأحد شيوخ الطريقة النقشبندية، في شباط / مارس العام الماضي، وأعدم عدداً من مريدي هذه الطريقة بين بيجي والأنبار بالعراق في أيار / مايو الماضي، لعدم مبايعتهم هذا التنظيم.

 

كما وقعت مواجهات بين داعش وجيش المجاهدين في نينوى، أما خلاف داعش مع "أنصار السنة" فحدث ولا حرج.

 

وكاد الإشتباك ان يحصل بين هذه الجماعات مؤخراً، عندما تم رفع صور صدام حسين وعزة الدوري في المناطق التي سيطر عليها النقشبنديون، ما استتبع تدخلاً لمسلحي داعش، تم على أثرها إزالة مسببات الإشكال، وانجاز اتفاق لتهدئة الأمور، كما أن خلافاً وقع على الأموال التي تم سرقتها من مصارف الموصل بين الجماعات المختلفة، والتي تبلغ 340 مليون دولار، بحسب تقارير صحافية.

 

اجمعت هذه الاطراف على الانتقام من الحكومة العراقية، لا لأسباب طائفية، بل تحت شعارات طائفية مقيتة، فحتى لو كانت جميع اركان الدولة من الطائفة السنية، لتحرك بقايا الطامعين للسلطة لإعادة حكم الدولة، ولكان داعش وغيره من التنظيمات المتشددة سعوا لإقامة "خلافتهم الموعودة".

 

والدليل على ذلك أحداث ليبيا (أنصار الشريعة واللواء حفتر)، ومصر (المسلحون في سيناء والحكومة في القاهرة)، وتونس (المعارك في جبل الشعانبي ضد الجيش)، كما أن تهديدات تلك الجماعات ضد الأنظمة الخليجية وضد المملكة السعودية أيضاً منتشرة في خطاباتهم وأدبياتهم وعلى شبكات التواصل الإجتماعي والمواقع الالكترونية، وحتى في الخرائط المنسوبة إليهم، والتي يختفي فيها وجود دول خليجية عدة.

 

تبرير الانتقام

 

وفي سبيل اقناع الرأي العام بحراكهم، كان لا بد من شعارات اخرى لتبرير الإرهاب، فكان الشماعة عنوان "التهميش والإقصاء".

 

جولة سريعة في الأخبار تقودنا إلى الاستدلال الواضح، بأن الحكومة العراقية لم تستخدم الحل العسكري ابان احتجاجات الانبار، إلا بعد الظهور الواضح لعناصر داعش في ساحات الإعتصام، وتحويلها إلى منابر خطابية تحريضية بين أبناء الشعب الواحد، وكانت الحكومة تسعى إلى معالجة المطالب الشعبية، بمبادئ رعوية، تفرضها واجبات الدولة، بحسب مجريات الأحداث انذاك.

 

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أعلن في آذار / مارس من العام الماضي ترحيبه بمطالب المتظاهرين، واستقبل شيوخ عشائر محافظة نينوى ووجهائها، فيما عقد مجلس الوزراء جلسات ناقش فيها تلك المطالب، وأبدى تفهماً للإحتجاجات الشعبية على الأوضاع المعيشية، التي هي بالمناسبة عامة في العراق، وليست محصورة بإقليم أو مكون معين.

 

وفي آذار / مارس من العام الحالي، تبنت الحكومة خطة لحل أزمة الأنبار، لفرض الأمن وإعادة إعمار محافظة الانبار، وتعويض الأضرار التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة، كما تتضمن هذه الخطة دمج مقاتلي العشائر بالقوى الأمنية (نحو 10 آلاف مقاتل)، إضافة إلى العديد من الإصلاحات.

 

وفي سبيل تدعيم وحدة البلاد، كان من المقرر انعقاد "مؤتمر الوحدة الوطنية في الانبار"، تتويجاً لمساعي حل الأزمة بطرق سلمية ترضي جميع الأطياف، تأجل إلى إشعار آخر، بعد التصعيد الأخير في الموصل وصلاح الدين.

 

وتجدر الإشارة إلى أن عملية الجيش في الأنبار وفض خيم الإعتصامات، جاءت كرد فعل طبيعي بعد مقتل 17 جندياً أثناء مداهمتم مقراً لأحد التنظيمات، وإعدام المسلحين لعدد من الجنود، وليست رداً على مطالب المتظاهرين. وهذا ما يقوم به أي جيش في العالم، يقتل بعض أفراده بطريقة بشعة أثناء قيامهم بواجبهم الوطني.

 

كما أن أحد منظمي الاحتجاجات في الأنبار تحدث لوكالة اسوشييتد برس الأميركية، عن اتفاق جرى مع انصار الدوري "لحماية التجمعات الشعبية"، وهذا ما يؤكد وجود مسلحين في الإعتصامات وتحولها إلى مقار للتنظيمات المختلفة.

 

لماذا الحرب؟

 

هذه الحرب، ما كانت لتحصل لولا تقاطعات دولية وإقليمية، أعطت الضوء الأخضر لها، لتحويل المنطقة إلى ساحة مواجهة فعلية طائفية وعرقية، واولى أهدافها تقسيم العراق، وسوريا ثانية، والمنطقة ثالثاً، إلى أقاليم متنازعة ومفتتة، تسيطر عليها جماعات متقاتلة فيما بينها.

 

وتسير هذه الجماعات المسلحة وفق مخطط مرسوم، فما لم تستطع تحقيقه في سوريا، تريد إنجازه في العراق، كون من يحمل السلاح في الموصل والأنبار وصلاح الدين وغيرها، يقاتل أيضاً في سوريا.

 

داعش المثال الأبرز، كما ان تفريعات تنظيم القاعدة بصوره المختلفة متواجد في الشام والعراق، إضافة إلى جماعات أخرى تتقاطع في الشطرين من خلال وحدة الدعم والتمويل.

 

في أهداف الحرب كلام كثير يقال، ضرب محور المقاومة الممتد من ايران إلى العراق وسوريا ولبنان ففلسطين؛ تبرير قيام دولة يهودية في الأراضي المحتلة عبر انشاء دول طائفية وعرقية أخرى؛ استهداف النفط العراقي لتمرير مشاريع نفطية أخرى تغذي القارة الأوروبية؛ الضغط على ايران من البوابة العراقية لانتزاع تنازلات في إطار مباحثات طهران مع السداسية الدولية حول الملف النووي؛ وغيرها العديد من السيناريوهات.

 

غير ان الواضح في كل ما يجري، أن المعركة في العراق، هي بين تيار يريد الوحدة والحوار بين مختلف مكونات الوطن العربي، وآخر يسعى إلى التقسيم ولغته القتل والانتحار. والأبرز بين منطق العزة والإقتدار، وجهل التبعية والاستعمار.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-20
  • 11682
  • من الأرشيف

وهم الأمن العربي المشترك

 11عاماً وشهران على اجتياح بوابة العالم العربي الخلفية، 11 عاماً وشهران على سقوط وهم الأمن العربي المشترك،   على فتح الدول العربية مطاراتها وموانئها ومصارفها وأنابيب نفطها لتدمير بلد عربي، كان من الممكن أن يكون الأقوى في المنطقة.   لم يبق من الشهامة العربية لدى العديد من الأطراف، سوى عقيدة جاهلية، شعارها السيف ووأد التقدم، ... دمر بعض العرب العراق وبكوا على أطلاله، وعندما تخلص من إحتلال أميركي فُرض عليه ... عاقبوه على تحرره، وزرعوا فيه جماعات تسلحت بتحريض فضائياتهم، وأعادوا غزوه مرة أخرى.   من يقاتل في العراق   على قاعدة عدو عدوي صديقي، اجتمعت الأضداد لقتال الحكومة العراقية في بغداد، وتآلفت قلوبها، وسط تقاطعات دولية وإقليمية، سهلت هذه الحرب، وأججتها.   وبرغم أن "داعش" في واجهة الأحداث، غير أن معطيات الميدان والسياسة، تشير إلى تواجد تنظيمات أخرى، جمعها الحقد الطائفي، والأطماع السياسية والسيطرة على الثروات الطبيعية.   "رجال الطريقة النقشبندية": اولى تلك التنظيمات وأبرزها، وهو واجهة لحزب البعث العراقي المنحل، ويتزعمه نائب الرئيس السابق صدام حسين عزة الدوري، وتدعو هذه الحركة لإسقاط الحكومة العراقية بأية وسيلة، وتهدف إلى إعادة حكم البلاد، فيما لا تزال ممارسات الحكم السابق ماثلة في أذهان العراقيين والعرب.   "المجلس العسكري للثوار": هم من افراد الجيش السابق المنحل، الذين انضموا إلى القاعدة بين عامي 2005 و2006، ثم انقلبوا عليها فيما بعد وانضموا إلى الصحوات لقتال هذا التنظيم، وانقلبوا مرة أخرى عام 2012 وانضموا إلى الاحتجاجات الشعبية في الأنبار. ويسعى هذا التنظيم إلى حكم منطقة في غرب البلاد، على غرار إقليم كردستان.   "كتائب ثورة العشرين" التي يرأسها الشيخ حارث الضاري، إضافة إلى "جيش المجاهدين"، الذي يحمل أفكاراً مرتبطة بالقاعدة، وكذلك "جيش أنصار السنة"، الذي يعتبر من التنظيمات البارزة على الساحة العراقية، والتي تتبع تنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري. إضافة إلى العديد من التنظيمات المختلفة التوجه والانتماء.   حلف الارهاب   تحالف هجين بين جماعات مسلحة، يجمعها الإجرام وشبق السلطة، وتتحرك بأحقاد تاريخية، تعود إلى فترات الحكم الأموي والعباسي للمنطقة العربية، فرجال الطريقة النقشبندية يتحركون بدافع عرقي يعود إلى ما قبل القرون الوسطى، أما الداعشيون فيريدون إحياء الدولة العباسية، تحت عناوين طائفية بغيضة.   نظرة أولية على هذا الحلف يكشف ما يلي.   داعش تريد "خلافة" تشمل عدة دول عربية، فيما رجال الطريقة النقشبندية يريدون حكم العراق، والمجلس العسكري يريد إقليماً فقط.   خلاف عقائدي كبير بين هذه الجماعات، فداعش تعتبر حزب البعث "كافراً" والطريقة النقشبندية "مشركين".   واصطدم داعش مع النقشبنديين عسكرياً قبل اندلاع الأحداث أكثر من مرة، ابرزها في وادي حمرين، كما أصدر شيوخ هذه الطريقة فتوى قبل أشهر، اهدرت دم المنتمين إلى داعش، كما نقلت شبكات التلفزة العالمية عن مقتل عدد من مسلحي الطرفين في مواجهات وقعت في الموصل نهار الإثنين الماضي.   ودمر داعش في بلدة تل معروف بريف مدينة القامشلي السورية، مزاراً دينياً لأحد شيوخ الطريقة النقشبندية، في شباط / مارس العام الماضي، وأعدم عدداً من مريدي هذه الطريقة بين بيجي والأنبار بالعراق في أيار / مايو الماضي، لعدم مبايعتهم هذا التنظيم.   كما وقعت مواجهات بين داعش وجيش المجاهدين في نينوى، أما خلاف داعش مع "أنصار السنة" فحدث ولا حرج.   وكاد الإشتباك ان يحصل بين هذه الجماعات مؤخراً، عندما تم رفع صور صدام حسين وعزة الدوري في المناطق التي سيطر عليها النقشبنديون، ما استتبع تدخلاً لمسلحي داعش، تم على أثرها إزالة مسببات الإشكال، وانجاز اتفاق لتهدئة الأمور، كما أن خلافاً وقع على الأموال التي تم سرقتها من مصارف الموصل بين الجماعات المختلفة، والتي تبلغ 340 مليون دولار، بحسب تقارير صحافية.   اجمعت هذه الاطراف على الانتقام من الحكومة العراقية، لا لأسباب طائفية، بل تحت شعارات طائفية مقيتة، فحتى لو كانت جميع اركان الدولة من الطائفة السنية، لتحرك بقايا الطامعين للسلطة لإعادة حكم الدولة، ولكان داعش وغيره من التنظيمات المتشددة سعوا لإقامة "خلافتهم الموعودة".   والدليل على ذلك أحداث ليبيا (أنصار الشريعة واللواء حفتر)، ومصر (المسلحون في سيناء والحكومة في القاهرة)، وتونس (المعارك في جبل الشعانبي ضد الجيش)، كما أن تهديدات تلك الجماعات ضد الأنظمة الخليجية وضد المملكة السعودية أيضاً منتشرة في خطاباتهم وأدبياتهم وعلى شبكات التواصل الإجتماعي والمواقع الالكترونية، وحتى في الخرائط المنسوبة إليهم، والتي يختفي فيها وجود دول خليجية عدة.   تبرير الانتقام   وفي سبيل اقناع الرأي العام بحراكهم، كان لا بد من شعارات اخرى لتبرير الإرهاب، فكان الشماعة عنوان "التهميش والإقصاء".   جولة سريعة في الأخبار تقودنا إلى الاستدلال الواضح، بأن الحكومة العراقية لم تستخدم الحل العسكري ابان احتجاجات الانبار، إلا بعد الظهور الواضح لعناصر داعش في ساحات الإعتصام، وتحويلها إلى منابر خطابية تحريضية بين أبناء الشعب الواحد، وكانت الحكومة تسعى إلى معالجة المطالب الشعبية، بمبادئ رعوية، تفرضها واجبات الدولة، بحسب مجريات الأحداث انذاك.   رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أعلن في آذار / مارس من العام الماضي ترحيبه بمطالب المتظاهرين، واستقبل شيوخ عشائر محافظة نينوى ووجهائها، فيما عقد مجلس الوزراء جلسات ناقش فيها تلك المطالب، وأبدى تفهماً للإحتجاجات الشعبية على الأوضاع المعيشية، التي هي بالمناسبة عامة في العراق، وليست محصورة بإقليم أو مكون معين.   وفي آذار / مارس من العام الحالي، تبنت الحكومة خطة لحل أزمة الأنبار، لفرض الأمن وإعادة إعمار محافظة الانبار، وتعويض الأضرار التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة، كما تتضمن هذه الخطة دمج مقاتلي العشائر بالقوى الأمنية (نحو 10 آلاف مقاتل)، إضافة إلى العديد من الإصلاحات.   وفي سبيل تدعيم وحدة البلاد، كان من المقرر انعقاد "مؤتمر الوحدة الوطنية في الانبار"، تتويجاً لمساعي حل الأزمة بطرق سلمية ترضي جميع الأطياف، تأجل إلى إشعار آخر، بعد التصعيد الأخير في الموصل وصلاح الدين.   وتجدر الإشارة إلى أن عملية الجيش في الأنبار وفض خيم الإعتصامات، جاءت كرد فعل طبيعي بعد مقتل 17 جندياً أثناء مداهمتم مقراً لأحد التنظيمات، وإعدام المسلحين لعدد من الجنود، وليست رداً على مطالب المتظاهرين. وهذا ما يقوم به أي جيش في العالم، يقتل بعض أفراده بطريقة بشعة أثناء قيامهم بواجبهم الوطني.   كما أن أحد منظمي الاحتجاجات في الأنبار تحدث لوكالة اسوشييتد برس الأميركية، عن اتفاق جرى مع انصار الدوري "لحماية التجمعات الشعبية"، وهذا ما يؤكد وجود مسلحين في الإعتصامات وتحولها إلى مقار للتنظيمات المختلفة.   لماذا الحرب؟   هذه الحرب، ما كانت لتحصل لولا تقاطعات دولية وإقليمية، أعطت الضوء الأخضر لها، لتحويل المنطقة إلى ساحة مواجهة فعلية طائفية وعرقية، واولى أهدافها تقسيم العراق، وسوريا ثانية، والمنطقة ثالثاً، إلى أقاليم متنازعة ومفتتة، تسيطر عليها جماعات متقاتلة فيما بينها.   وتسير هذه الجماعات المسلحة وفق مخطط مرسوم، فما لم تستطع تحقيقه في سوريا، تريد إنجازه في العراق، كون من يحمل السلاح في الموصل والأنبار وصلاح الدين وغيرها، يقاتل أيضاً في سوريا.   داعش المثال الأبرز، كما ان تفريعات تنظيم القاعدة بصوره المختلفة متواجد في الشام والعراق، إضافة إلى جماعات أخرى تتقاطع في الشطرين من خلال وحدة الدعم والتمويل.   في أهداف الحرب كلام كثير يقال، ضرب محور المقاومة الممتد من ايران إلى العراق وسوريا ولبنان ففلسطين؛ تبرير قيام دولة يهودية في الأراضي المحتلة عبر انشاء دول طائفية وعرقية أخرى؛ استهداف النفط العراقي لتمرير مشاريع نفطية أخرى تغذي القارة الأوروبية؛ الضغط على ايران من البوابة العراقية لانتزاع تنازلات في إطار مباحثات طهران مع السداسية الدولية حول الملف النووي؛ وغيرها العديد من السيناريوهات.   غير ان الواضح في كل ما يجري، أن المعركة في العراق، هي بين تيار يريد الوحدة والحوار بين مختلف مكونات الوطن العربي، وآخر يسعى إلى التقسيم ولغته القتل والانتحار. والأبرز بين منطق العزة والإقتدار، وجهل التبعية والاستعمار.

المصدر : المنار /حمد فرحات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة