دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
"من السخريات المحتمَلة التي قد تقع هو أن نرى الحرس الثوري الإيراني يقاتل جنباً إلى جنب مع الطائرات الأميركية دون طيار لقتل العراقيين.. هذا شيء يفقد المرء صوابه ويجعله يتساءل: إلى أين نتجه"؟
هذا الكلام هو لمدير المخابرات السعودية الأسبق الأمير السعودي تركي الفيصل، في كلمة له خلال اجتماع للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في روما في 13 حزيران الجاري، وهو إن دلّ على شيء فإنما يدل على مدى التورّط السعودي في ما تشهده المنطقة العربية، خصوصاً سورية، من إرهاب تكفيري يتنامى بشكل هستيري، ويتوزع في كل الاتجاهات، لتصيب شراراته ومخاطره الأقربين والأبعدين، كما يؤشر إلى حقيقة تعشعش في عقول هؤلاء الذين صار الخوف يسكنهم، على ملكهم واستمرارهم، حيث تشير المعلومات إلى أن "مملكة الرمال" كانت مع بداية العام 2011 حُبلى بالتناقضات والأحداث التي كانت تنتقل من منطقة إلى أخرى، وكان يزيدها بلة الفضائح التي صارت تزكم الأنوف؛ من سمسرات الأمراء العالية في صفقات السلاح، إلى فضائح هشاشة البنى التحتية، حيث إن ربع ساعة من المطر في العام 2010 دمّرت وخرّبت الطرقات والجسور ومصارف المياه في هذه الدولة فاحشة الثراء.. وغيرها الكثير من الفضائح.
إذاً، كانت "المملكة الوهابية" على وشك أن تشهد "ربيعاً عربياً" يتمثل في تحركات شعبية متنوعة، تطالب بالعدالة الاجتماعية والحريات؛ من المطالبة بإنارة القرى النائية، إلى تحسين الأوضاع المعيشية، وتوفير مساكن، إلى السماح للمرأة بقيادة السيارة، وصولاً إلى المطالبة بالديمقراطية.. وهلمًّ جرا.
كان على "مملكة الرمال" التي كانت أجهزة مخابراتها وأمنها، ومعها المخابرات الأميركية والغربية و"الإسرائيلية"، ترى كرة الثلج تتدحرج، أن تتحرك بسرعة، ولهذا عملت على استغلال فضائيات قائمة، وأنشأت أخرى على عجل، لصنع قضية بديلة، فتبنّت شعار ابن الإنكليزية حاكم الأردن "الهلال الشيعي"، في التحريض على إيران والمقاومة في لبنان، وطوّرتها إلى مذهبية ضد سورية.
شارك في هذه الاندفاعة التي خُصِّصت لها المليارات، خبراء أمنيون وإعلاميون من مختلف الجنسيات، وهكذا يمكن القول إن الناس في مملكة الذهب الأسود نسيت قضيتها الأساسية في حقها في العيش الكريم، وانخرطت في المشروع الأميركي - الصهيوني الرجعي لإسقاط سورية ونظامها الوطني التقدمي والمقاوم، وإن كانت في المرحلة الأولى قد أطلت الدولة الافتراضية قطر إلى الواجهة بحكم علاقتها مع "الإخوان المسلمين" واحتضانها لهم، وبحكم علاقتها الوطيدة مع حزب "العدالة والتنمية" التركي "الإخواني"..
هكذا على مدى ثلاثة أعوام ونيف كثرت وكبرت ونمت وتعددت فقاعات التطرف التي تتشابه في أهدافها وأعمالها، وكلها مستوحاة من أفكار وعقائد صهيونية، بدءاً من هرتزل مروراً بجابوتنسكي وليس انتهاء بهنري كيسنجر.
بموازاة هذه الهجمة المتعددة، ثمة رجال سياسة و"ثورة" و"ثقافة" سوريون ومعهم أترابهم من العرب، وبالطبع معهم دائماً عقل صهيوني وغربي من أمثال برنار هنري ليفي، طرحوا أنفسهم في أسواق النخاسة "الثورية" و"الإسلامية" الإقليمية والدولية، فتحوّلوا إلى منظّرين وقادة لربيع الهوى.. وترفيه "جهاد النكاح".. فصاروا دمى في قبضة الأتراك والأعراب وبائعي الكاز.. والموساد أيضاً.
ومع كل عملية قتل وتدمير وتخريب في سورية، كان كل هذا الحلف يتحرك على مختلف الجبهات للحديث عن "النصر المؤزّر"، كما رأينا وسمعنا وشاهدنا في نسخة اجتياح جماعات التكفير لمنطقة كسب قبل أسابيع، حيث قامت حملة سياسية وإعلامية خُصِّصت لها مئات ملايين الدولارات لتقديم ما جرى أنه انتصار نوعي لحلف أعداء سورية، سيبلغ منطقة الساحل، ويعطي للعصابات المسلحة منفذاً بحرياً، ووصل بالبعض حد الهوس حين ربطه بتطورات جزيرة القرم.. وانهيار سورية القريب
لم يطل بهم التحليل والنشوة، فقد حقق الجيش السوري نصراً جديداً باهراً ونوعياً في كسب والسمرا والمعبر في ريف اللاذقية، وقرى وبلدات حلم بها الأتراك والدول الداعمة لـ"النصرة" و"داعش" و"الجيش الحر"، وغيرها من المجموعات المسلحة.
جاءها الجربا ليلتقط الصور، وتحرّك فيها رياض الأسعد داعياً للوحدة.. وتعددت أسماء المعارك ومواعيدالحسم.
انتصار جديد حققه الشعب والجيش السوري، وسقوط مدوٍّ لحلم المسلحين وداعميهم، الذين فروا في كل اتجاه، مخلفين جثث قتلاهم، ومتبادلين لحملات الاتهام وتحميل بعضهم بعضاً مسؤولية الهزيمة.
ثمة حقيقة لا يريد هؤلاء الأعراب ومن يحركهم أن يفهموها، رغم العديد من النصائح التي تلقوها، فوفق مصدر دبلوماسي عربي، فإن دبلوماسياً صينياً مرموقاً التقى قبل نحو عام ونيف وزير خارجية دولة عربية كبرى لم يسمِّها، وإن كان يرجَّح أنه سعود الفيصل، وقال له: "إذا بقيتم ترسلون هؤلاء المجانين إلى سورية، فستكتشفون بعد حين أنهم باتوا في بلادكم، لا بل في عقر داركم".
بعد الانتصارات النوعية للجيش العربي السوري وبدء تطويق ظاهرة الاجتياح "الداعشي" للعراق، بدأ الخوف يدبّ في كل الدول الراعية والداعمة للإرهاب في سورية.. ولكن السؤال: ماذا سيكون حال هؤلاء الاعراب حين تنتصر سورية؟
بالتأكيد، سيكون المغول والتتار يرتعون في ديارهم..
المصدر :
أحمد زين الدين- الثبات
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة