لا شك في أن مشهد الثامن والتاسع والعشرين من أيار في السفارة السورية في اليرزة في لبنان، قدم إلينا مشهداً حقيقياً عما ستكون عليه الانتخابات في سورية في 3 حزيران،

 ذاك المشهد الذي أذهل العالم ونقلته وسائل الإعلام المتعددة فأصاب بعض العواصم والقوى بهيستيريا واضحة عبرت عن نفسها بعد مشهد الانتخابات في سورية في 3 حزيران وحملت عنواناً أن سورية والشعب السوري انتخبا قائداً له أكثر مما انتخب رئيساً، وهذا يعني باللغة السياسية أمراً واحداً لا ثاني له أن الشعب السوري بعد ثلاث سنوات من الحرب المفتوحة عليه بات أكثر قوة ومنعة من أن يسقط بتصريحات متحاملة من هنا أو هناك، وأن هذا الشعب الذي كان عصيّاً على أن يسقط بالحرب العسكرية المفتوحة والتي استتبعتها حرب في جميع الميادين الاقتصادية والسياسية والأمنية والدبلوماسية والإعلامية، أيقن بالتأكيد أن المستهدف مما يحصل في سورية ليس الشخص بعينه بل رمزية هذا الشخص ورمزية هذه الدولة والموقع الحيوي التي كانت تحتله هذه الدولة وتمارسه على الصعيد الإقليمي، وعلى صعيد المنطقة.

 هذا ما جعل هؤلاء يرتبكون في إطلاق مواقف تحمل الكثير من التناقضات في طياتها، فالجملة الخبرية نفسها التي كانت تظهر هذا التصريح مبتدأها على عكس الخبر أو خبرها على عكس المبتدأ، ولو استعرضنا بعضاً من هذه التصريحات لاكتفينا بما خرج به وزير الخارجية الأميركي أثناء زيارته إلى بيروت قبل أيام ولقائه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في السراي الحكومي، خرج ليوجّه رسالة إلى القيادة السورية عبر الأجواء اللبنانية التي لا تبعد 100 كلم عن العاصمة السورية دمشق بأن الإنتخابات السورية «تساوي صفراً»، لكنه أكمل دعوته حكومة دمشق إلى مفاوضات جديدة أو حقيقية.

 هنا نتساءل: من لا يؤمن بهذه الانتخابات ويعتبرها «صفراً» فما عساه يعتبر الحكومة الموجودة حالياً في دمشق؟! ولِمَ يدعو حكومة دمشق إلى مفاوضات ؟! ومع من يريد الأميركي وحلفه الخليجيّ والأوروبي أن يتفاوض؟! وإذا كانت هذه الانتخابات غير شرعية والنظام غير شرعي، لماذا لم يكمل تصريحه بـ«إسقاط الرئيس الأسد» أو «انتظار أن يرحل الرئيس الأسد»! وبالتالي أين أصبحت وعودهم المتكررة في أكثر من مكان وزمان بالقول «إن نظام الأسد تهاوى ولم يعد لديه سوى أسابيع أو أشهر قليلة ويخرج من الحكم» و«لا مكان للأسد في أي دور سياسي مستقبلي في سورية»!

 أيضاً ماذا يقول السيد كيري لتسعة ملايين ناخب سوري أدلوا بأصواتهم وهم يشكلون 73 في المئة من أصوات المقترعين السوريين! وإذا لم تكن هذه انتخابات والسلطة في سورية تجبر المواطن السوري على الإدلاء بصوته في الإنتخابات، فهل تجبر السلطة والنظام الناس في سورية على الاحتفال في الشوارع والانتظار لساعات طويلة في مراكز الاقتراع؟ وهل الحكومة السورية هي من هدّد من يريد مقاطعة الانتخابات بأنها ستعدمهم في الساحات والشوارع، أم أن «الدواعش» ممن زرعتهم الولايات المتحدة الأميركية وعصاباتها من الدول المتآمرة على سورية من مختلف المناطق في سورية ليمارسوا القتل المروع الذي حصل في منطقة لبنانية وتناقلته وسائل الإعلام اللبنانية ويظهر «جبهة النصرة» تنفذ حكم الإعدام في جرود عرسال بفتى لم يبلغ من العمر 14 سنة، ولم تعرف الأسباب! لكن بمعزل عن الأسباب، هل هذا هو النموذج الديمقراطي التي تريده أميركا للشعب السوري وتريده أن يتوحد خلفه ويسير خلفه وينادي به بديلاً من الدولة المدنية التي أرسى أسسها الرئيس الراحل حافظ الأسد ويمضي على خطاها الرئيس بشار الأسد؟!

 أما التصريحات الأخرى التي خرج بها بعض من هم في دوائر التآمر على سورية، سواء على المستوى المحلي اللبناني أو على المستوى الخليجي وغيرها من الدول الأوروبية، تحديداً فرنسا التي تقول إنها إبنة الثورة الفرنسية وإبنة الجمهورية الفرنسية التي أرست معالم الديمقراطية الحديثة في العالم الحديث. هذه التصريحات لا تنم إلا عن حقد دفين لدى هذه الإدارة ومحاربتها سورية واستمرارها في الحرب عليها.

 البعض في العاصمة اللبنانية خرج عبر وسائل الإعلام المحلية في لبنان ليطلق سيلاً من الشتائم وصلت إلى حد النيل من رموز الشعب السوري والدولة السورية ليشفي ما في صدره من غلٍ وحقدٍ لا يعبر إلا عن قلب وفكر أسودين حيال ما حصل في سورية من انتخابات سجل فيها الشعب السوري أروع لوحات العز.

 يكفي أن نقول إن سورية التي تعصف بها حرب مجنونة يشارك فيها عشرات الدول ومئات ألوف المرتزقة من سائر أنحاء دول العالم يقاتلون باسم شعار «الجهاد» ويقدمون نموذجاً يمعن تشويهاً في صورة ديننا وتعاليم ديننا الإسلامي، أنها رغم ذلك كله استطاعت أن تتحدى الظروف كافة وتتحدى نفسها وتختبر نفسها أمام امتحان الديمقراطية وتدعو إلى انتخابات رئاسية من الشعب مباشرة، ولم تجزع ولم تخف وهي راهنت على صدقية شعبها.

 الدولة السورية التي لم يعجب البعض أو الكثير نتائج انتخاباتها استطاعت أيضاً أن تجري الامتحانات الرسمية لجميع الاختصاصات على أراضيها، في حين أن لبنان البلد المجاور الذي يتغنى بالديمقراطية والحريات العامة لم يستطع بعد انقضاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية أن يجمع مجلسه النيابي المؤلف من 128 نائباً لينتخب رئيساً للجمهورية اللبنانية، وها الامتحانات الرسمية تصبح في خبر كان نتيجة الإنقسام السياسي العمودي والأفقي الذي سيطيح الامتحانات ويحرم عشرات الألوف من الطلاب جهد عامٍ دراسي كامل… ثم يتغنون بالديمقراطية في لبنان.

 بئس الديمقراطية التي لا تستطيع رؤية المواطنين السوريين يزحفون إلى صناديق الاقتراع في سفارتهم في العاصمة اللبنانية إذ كانوا يراهنون على أن كل السوريين الموجودين في لبنان هم معارضون للنظام أو ممن سوف يستغلون وظيفياً على المستوى السياسي لأغراض سياسية لفريق من اللبنانين لم يحصد إلاّ العواصف من كل ما جرى في سورية إذ لم يزرع إلاّ الريح.

 لهؤلاء، ولكيري، ولكل حلف المتآمرين على سورية نقول: إن الشعب السوري لم ينتخب بشار الأسد رئيساً بل انتخبه قائداً للمرحلة وللمنطقة، فمن أراد إسقاط الرئيس بشار الأسد أراد إسقاط المقاومة وحصن المقاومة.

  • فريق ماسة
  • 2014-06-07
  • 12359
  • من الأرشيف

سورية تنتخب قائداً وتصريحات كيري صفراً

لا شك في أن مشهد الثامن والتاسع والعشرين من أيار في السفارة السورية في اليرزة في لبنان، قدم إلينا مشهداً حقيقياً عما ستكون عليه الانتخابات في سورية في 3 حزيران،  ذاك المشهد الذي أذهل العالم ونقلته وسائل الإعلام المتعددة فأصاب بعض العواصم والقوى بهيستيريا واضحة عبرت عن نفسها بعد مشهد الانتخابات في سورية في 3 حزيران وحملت عنواناً أن سورية والشعب السوري انتخبا قائداً له أكثر مما انتخب رئيساً، وهذا يعني باللغة السياسية أمراً واحداً لا ثاني له أن الشعب السوري بعد ثلاث سنوات من الحرب المفتوحة عليه بات أكثر قوة ومنعة من أن يسقط بتصريحات متحاملة من هنا أو هناك، وأن هذا الشعب الذي كان عصيّاً على أن يسقط بالحرب العسكرية المفتوحة والتي استتبعتها حرب في جميع الميادين الاقتصادية والسياسية والأمنية والدبلوماسية والإعلامية، أيقن بالتأكيد أن المستهدف مما يحصل في سورية ليس الشخص بعينه بل رمزية هذا الشخص ورمزية هذه الدولة والموقع الحيوي التي كانت تحتله هذه الدولة وتمارسه على الصعيد الإقليمي، وعلى صعيد المنطقة.  هذا ما جعل هؤلاء يرتبكون في إطلاق مواقف تحمل الكثير من التناقضات في طياتها، فالجملة الخبرية نفسها التي كانت تظهر هذا التصريح مبتدأها على عكس الخبر أو خبرها على عكس المبتدأ، ولو استعرضنا بعضاً من هذه التصريحات لاكتفينا بما خرج به وزير الخارجية الأميركي أثناء زيارته إلى بيروت قبل أيام ولقائه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في السراي الحكومي، خرج ليوجّه رسالة إلى القيادة السورية عبر الأجواء اللبنانية التي لا تبعد 100 كلم عن العاصمة السورية دمشق بأن الإنتخابات السورية «تساوي صفراً»، لكنه أكمل دعوته حكومة دمشق إلى مفاوضات جديدة أو حقيقية.  هنا نتساءل: من لا يؤمن بهذه الانتخابات ويعتبرها «صفراً» فما عساه يعتبر الحكومة الموجودة حالياً في دمشق؟! ولِمَ يدعو حكومة دمشق إلى مفاوضات ؟! ومع من يريد الأميركي وحلفه الخليجيّ والأوروبي أن يتفاوض؟! وإذا كانت هذه الانتخابات غير شرعية والنظام غير شرعي، لماذا لم يكمل تصريحه بـ«إسقاط الرئيس الأسد» أو «انتظار أن يرحل الرئيس الأسد»! وبالتالي أين أصبحت وعودهم المتكررة في أكثر من مكان وزمان بالقول «إن نظام الأسد تهاوى ولم يعد لديه سوى أسابيع أو أشهر قليلة ويخرج من الحكم» و«لا مكان للأسد في أي دور سياسي مستقبلي في سورية»!  أيضاً ماذا يقول السيد كيري لتسعة ملايين ناخب سوري أدلوا بأصواتهم وهم يشكلون 73 في المئة من أصوات المقترعين السوريين! وإذا لم تكن هذه انتخابات والسلطة في سورية تجبر المواطن السوري على الإدلاء بصوته في الإنتخابات، فهل تجبر السلطة والنظام الناس في سورية على الاحتفال في الشوارع والانتظار لساعات طويلة في مراكز الاقتراع؟ وهل الحكومة السورية هي من هدّد من يريد مقاطعة الانتخابات بأنها ستعدمهم في الساحات والشوارع، أم أن «الدواعش» ممن زرعتهم الولايات المتحدة الأميركية وعصاباتها من الدول المتآمرة على سورية من مختلف المناطق في سورية ليمارسوا القتل المروع الذي حصل في منطقة لبنانية وتناقلته وسائل الإعلام اللبنانية ويظهر «جبهة النصرة» تنفذ حكم الإعدام في جرود عرسال بفتى لم يبلغ من العمر 14 سنة، ولم تعرف الأسباب! لكن بمعزل عن الأسباب، هل هذا هو النموذج الديمقراطي التي تريده أميركا للشعب السوري وتريده أن يتوحد خلفه ويسير خلفه وينادي به بديلاً من الدولة المدنية التي أرسى أسسها الرئيس الراحل حافظ الأسد ويمضي على خطاها الرئيس بشار الأسد؟!  أما التصريحات الأخرى التي خرج بها بعض من هم في دوائر التآمر على سورية، سواء على المستوى المحلي اللبناني أو على المستوى الخليجي وغيرها من الدول الأوروبية، تحديداً فرنسا التي تقول إنها إبنة الثورة الفرنسية وإبنة الجمهورية الفرنسية التي أرست معالم الديمقراطية الحديثة في العالم الحديث. هذه التصريحات لا تنم إلا عن حقد دفين لدى هذه الإدارة ومحاربتها سورية واستمرارها في الحرب عليها.  البعض في العاصمة اللبنانية خرج عبر وسائل الإعلام المحلية في لبنان ليطلق سيلاً من الشتائم وصلت إلى حد النيل من رموز الشعب السوري والدولة السورية ليشفي ما في صدره من غلٍ وحقدٍ لا يعبر إلا عن قلب وفكر أسودين حيال ما حصل في سورية من انتخابات سجل فيها الشعب السوري أروع لوحات العز.  يكفي أن نقول إن سورية التي تعصف بها حرب مجنونة يشارك فيها عشرات الدول ومئات ألوف المرتزقة من سائر أنحاء دول العالم يقاتلون باسم شعار «الجهاد» ويقدمون نموذجاً يمعن تشويهاً في صورة ديننا وتعاليم ديننا الإسلامي، أنها رغم ذلك كله استطاعت أن تتحدى الظروف كافة وتتحدى نفسها وتختبر نفسها أمام امتحان الديمقراطية وتدعو إلى انتخابات رئاسية من الشعب مباشرة، ولم تجزع ولم تخف وهي راهنت على صدقية شعبها.  الدولة السورية التي لم يعجب البعض أو الكثير نتائج انتخاباتها استطاعت أيضاً أن تجري الامتحانات الرسمية لجميع الاختصاصات على أراضيها، في حين أن لبنان البلد المجاور الذي يتغنى بالديمقراطية والحريات العامة لم يستطع بعد انقضاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية أن يجمع مجلسه النيابي المؤلف من 128 نائباً لينتخب رئيساً للجمهورية اللبنانية، وها الامتحانات الرسمية تصبح في خبر كان نتيجة الإنقسام السياسي العمودي والأفقي الذي سيطيح الامتحانات ويحرم عشرات الألوف من الطلاب جهد عامٍ دراسي كامل… ثم يتغنون بالديمقراطية في لبنان.  بئس الديمقراطية التي لا تستطيع رؤية المواطنين السوريين يزحفون إلى صناديق الاقتراع في سفارتهم في العاصمة اللبنانية إذ كانوا يراهنون على أن كل السوريين الموجودين في لبنان هم معارضون للنظام أو ممن سوف يستغلون وظيفياً على المستوى السياسي لأغراض سياسية لفريق من اللبنانين لم يحصد إلاّ العواصف من كل ما جرى في سورية إذ لم يزرع إلاّ الريح.  لهؤلاء، ولكيري، ولكل حلف المتآمرين على سورية نقول: إن الشعب السوري لم ينتخب بشار الأسد رئيساً بل انتخبه قائداً للمرحلة وللمنطقة، فمن أراد إسقاط الرئيس بشار الأسد أراد إسقاط المقاومة وحصن المقاومة.

المصدر : البناء/ فيصل عبد الساتر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة