حقيقة أن الشعب السوري متحمس لانتخاب رئيس جديد وأن هذا الرئيس سيكون بالتأكيد هو الرئيس بشار الأسد بات من الأمور المسلم بها بعد مشهد الانتفاضة الشعبية السورية التي تجلت في لبنان تحديداً في يوم المشاركة في انتخابات الرئاسة السورية.

  

هذه الحقيقة شكلت دليلاً واضحاً للرأي العام العربي والدولي على فشل ما سمي بالمعارضة السورية والدول الداعمة لها في محاولة النيل من شعبية الرئيس الأسد التي زادت ولم تضعف بعد أكثر من ثلاث سنوات من عمر الأزمة. ولذلك بات الحديث من الآن وصاعداً عن أن أي حوار سيجري سيكون في دمشق وليس في أي مكان آخر، ما يعني أيضاً التسليم بالحل السوري ـ السوري البعيد عن أي تدخلات خارجية، وبالتالي تكريس الحل الوطني الاصلاحي للأزمة الذي دعا إليه الرئيس الأسد منذ البداية وعلى قاعدة حفظ الثوابت الوطنية والقومية لسورية، ومعها تكريس التعددية الحزبية والسياسية المستندة إلى هذه الثوابت.

 

على أن ذلك أشر إلى اختلال توازن القوى لمصلحة الرئيس بشار الأسد والذي بات مسلماً به سياسياً وميدانياً من قبل أعداء سورية، وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا الاختلال إلى تعزيز موقف حلفاء سورية وفي مقدمهم الجمهورية الاسلامية الإيرانية في مفاوضاتها مع الدول الغربية في شأن برنامجها النووي ويجعلها أكثر ثباتاً في التمسك بحقوقها ورفض التزحزح عنها.

 

أما في مصر هناك من يعتقد أن صعود المشير عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم بعد فوزه الكاسح في الانتخابات يعني عودة مصر إلى سابق عهدها وأن آمال المصريين بالتغيير قد تبددت. غير أن هذا الاستنتاج سابق لأوانه. فمصر تشهد أزمة كبيرة على كل الصعد يصعب ايجاد حلول لها من دون أحداث تغيير في سياساتها السابقة التي قامت على التبعية الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، وبالتالي أي محاولة لإعادة بعث هذه السياسات تعني استمرار الأزمة ولن يكون لها قابلية للحياة، وثورة الشعب المصري الثانية في 30 حزيران 2013 ضد حكم الإخوان المسلمين خير دليل.

 

على الصعيد الدولي فان الوضع لا يبدو أفضل حالاً بالنسبة للولايات المتحدة، فبعد اتضاح فشل أهداف حربها في سورية، ها هو السيناريو الذي وضعته لاستعادة هيمنتها على القرار الدولي يتعرض لإخفاقات متتالية نتيجة الاستراتيجية الروسية التي اعتمدها الرئيس بوتين في التقدم بثبات نحو تعزيز مكانة روسيا الدولية عبر بناء تحالفات اقتصادية تزيد قوتها الاقتصادية والسياسية، وتحبط خطط واشنطن والغرب للنيل من دورها وتحجيمه عبر فرض الحصار الاقتصادي عليها، وفي هذا السياق جاء الاعلان عن الاتحاد الأوراسي بين روسيا وكازاخستان وبلاروس، بعد قمة شنغهاي الأخيرة التي شهدت صفقة القرن بين روسيا والصين بقيمة 400 مليار دولار، ليعكس هذا التقدم والصعود المتواصل لنجم روسيا واستعادة علاقاتها مع الجمهوريات السوفياتية السابقة لكن بصيغ جديدة تقوم على التكامل الاقتصادي البعيد عن التبعية والإلحاق، وهو ما دفع العديد من الدول لطلب الانضمام إلى هذا الاتحاد الأوراسي، ليصبح الحديث عن تبلور تكتلات ومراكز اقتصادية عالمية، تملك الثروات والقدرات الصناعية والنفطية والغازية والتكنولوجية الكبيرة،هو الاتجاه الذي يتسم به الواقع الدولي، ما يؤشر إلى أن النظام الاقتصادي العالمي الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية وتهيمن عليه أميركا والدول الغربية لم يعد مقبولاً من قبل الكثير من الدول الصاعدة اقتصادياً في العالم، والتي اتجهت إلى اقامة التكتلات بينها لإجبار أميركا على التسليم بضرورة التخلي عن سياسة الهيمنة والقبول ببناء نظام اقتصادي جديد يعبر عن مصالح جميع الدول

 

  • فريق ماسة
  • 2014-05-31
  • 10722
  • من الأرشيف

حماسة الشارع السوري لانتخاب الرئيس الأسد واختلال توازن القوى لمصلحته...

حقيقة أن الشعب السوري متحمس لانتخاب رئيس جديد وأن هذا الرئيس سيكون بالتأكيد هو الرئيس بشار الأسد بات من الأمور المسلم بها بعد مشهد الانتفاضة الشعبية السورية التي تجلت في لبنان تحديداً في يوم المشاركة في انتخابات الرئاسة السورية.    هذه الحقيقة شكلت دليلاً واضحاً للرأي العام العربي والدولي على فشل ما سمي بالمعارضة السورية والدول الداعمة لها في محاولة النيل من شعبية الرئيس الأسد التي زادت ولم تضعف بعد أكثر من ثلاث سنوات من عمر الأزمة. ولذلك بات الحديث من الآن وصاعداً عن أن أي حوار سيجري سيكون في دمشق وليس في أي مكان آخر، ما يعني أيضاً التسليم بالحل السوري ـ السوري البعيد عن أي تدخلات خارجية، وبالتالي تكريس الحل الوطني الاصلاحي للأزمة الذي دعا إليه الرئيس الأسد منذ البداية وعلى قاعدة حفظ الثوابت الوطنية والقومية لسورية، ومعها تكريس التعددية الحزبية والسياسية المستندة إلى هذه الثوابت.   على أن ذلك أشر إلى اختلال توازن القوى لمصلحة الرئيس بشار الأسد والذي بات مسلماً به سياسياً وميدانياً من قبل أعداء سورية، وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا الاختلال إلى تعزيز موقف حلفاء سورية وفي مقدمهم الجمهورية الاسلامية الإيرانية في مفاوضاتها مع الدول الغربية في شأن برنامجها النووي ويجعلها أكثر ثباتاً في التمسك بحقوقها ورفض التزحزح عنها.   أما في مصر هناك من يعتقد أن صعود المشير عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم بعد فوزه الكاسح في الانتخابات يعني عودة مصر إلى سابق عهدها وأن آمال المصريين بالتغيير قد تبددت. غير أن هذا الاستنتاج سابق لأوانه. فمصر تشهد أزمة كبيرة على كل الصعد يصعب ايجاد حلول لها من دون أحداث تغيير في سياساتها السابقة التي قامت على التبعية الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، وبالتالي أي محاولة لإعادة بعث هذه السياسات تعني استمرار الأزمة ولن يكون لها قابلية للحياة، وثورة الشعب المصري الثانية في 30 حزيران 2013 ضد حكم الإخوان المسلمين خير دليل.   على الصعيد الدولي فان الوضع لا يبدو أفضل حالاً بالنسبة للولايات المتحدة، فبعد اتضاح فشل أهداف حربها في سورية، ها هو السيناريو الذي وضعته لاستعادة هيمنتها على القرار الدولي يتعرض لإخفاقات متتالية نتيجة الاستراتيجية الروسية التي اعتمدها الرئيس بوتين في التقدم بثبات نحو تعزيز مكانة روسيا الدولية عبر بناء تحالفات اقتصادية تزيد قوتها الاقتصادية والسياسية، وتحبط خطط واشنطن والغرب للنيل من دورها وتحجيمه عبر فرض الحصار الاقتصادي عليها، وفي هذا السياق جاء الاعلان عن الاتحاد الأوراسي بين روسيا وكازاخستان وبلاروس، بعد قمة شنغهاي الأخيرة التي شهدت صفقة القرن بين روسيا والصين بقيمة 400 مليار دولار، ليعكس هذا التقدم والصعود المتواصل لنجم روسيا واستعادة علاقاتها مع الجمهوريات السوفياتية السابقة لكن بصيغ جديدة تقوم على التكامل الاقتصادي البعيد عن التبعية والإلحاق، وهو ما دفع العديد من الدول لطلب الانضمام إلى هذا الاتحاد الأوراسي، ليصبح الحديث عن تبلور تكتلات ومراكز اقتصادية عالمية، تملك الثروات والقدرات الصناعية والنفطية والغازية والتكنولوجية الكبيرة،هو الاتجاه الذي يتسم به الواقع الدولي، ما يؤشر إلى أن النظام الاقتصادي العالمي الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية وتهيمن عليه أميركا والدول الغربية لم يعد مقبولاً من قبل الكثير من الدول الصاعدة اقتصادياً في العالم، والتي اتجهت إلى اقامة التكتلات بينها لإجبار أميركا على التسليم بضرورة التخلي عن سياسة الهيمنة والقبول ببناء نظام اقتصادي جديد يعبر عن مصالح جميع الدول  

المصدر : حسن حردان - البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة