يعيش قسم كبير من «جهاديي» أهل السنّة حالة إحباط. الشعور بالمظلومية يتنامى، والإحساس بتوالي «الهزائم» يثبط العزيمة. بين هؤلاء من يرى في «تفرّق الصف والفتن ضرورة لتنقية صفوف المجاهدين»، فيما يقول آخرون: «إن لم ننجح في التغيير الآن، فسنُدعس لثلاثين سنة مقبلة على الأقل»

لم يمر «الجهاديون» بفترة أصعب من تلك التي يعيشونها اليوم. «دولة الخلافة» التي لطالما دغدغت أحلامهم، تجسّدت حقيقة أمام أعينهم، قبل أن… تتبخّر. الشعور بالإحباط، عزّزته هزيمة القلمون. فجأة، سقطت يبرود «حصن الجهاديين» في الريف الدمشقي. الانهيار السريع للمسلّحين في عاصمة القلمون تبعه سقوط الزارة وقلعة الحصن في تلكلخ. وسُلّمت بعدها رأس المعرّة وفليطا من دون مقاومة تُذكر.

باتت الحدود اللبنانية ــــ السورية شبه مضبوطة. سبق ذلك توقيف الأجهزة الأمنية اللبنانية المتّهمين الرئيسيين في التفجيرات الانتحارية التي ضربت ضاحية بيروت والهرمل. استعاد «الجهاديون» بعضاً من أنفاسهم مع بدء المواجهات في كَسَب على الساحل السوري، لكن تقدّمهم توقف عند النقطة التي بدأوا منها. بعد ذلك، عوجلوا بالخطة الأمنية في طرابلس. وبالتوازي، مُني هؤلاء بهزيمة حمص القديمة. لملموا المرارة مع انسحاب آخر المسلّحين المتحصّنين فيها. فيما نصف بلدة المليحة في ريف دمشق بات في قبضة الجيش السوري الذي يسجّل تقدماً ملحوظاً في حلب شمالاً وفي درعا جنوباً. أما دير الزور فمطحنة موت تبتلع «الجهاديين» في حربهم الضروس ضد بعضهم بعضاً. الخلاصة: «المعركة صعبة والعالم كله اجتمع ضدنا». هذه قراءة يتفق عليها معظم «الجهاديين».

 

بين فقدان الأمل والثقة بالنصر

 

«هل ترانا نلتقي أم أنها كانت اللقيا على أرض السراب، ثم ولّت وتلاشى ظلّها واستحالت ذكريات للعذاب». يستعيد أحد «الجهاديين» هذه الكلمات التي كتبتها أمينة قطب (شقيقة سيّد قطب) التي تزوّجت من كمال السنانيري، صديق شقيقها وشريكه في الزنزانة والمحكوم بالسجن ٢٠ عاماً. عقدا قرانهما وهو خلف القضبان، وما إن خرج من السجن حتى أعيد اليه ثم توفي فيه. هكذا هو حال «الجهاديين» مع «الحلم الموعود» بقيام «الدولة الإسلامية».

 

بعدما كان «الجهاد» في الشام قبلة المهاجرين بدأ البعض يعيد حساباته

 

يقول الشيخ أسامة الشهابي، أحد أبرز حاملي فكر «القاعدة» في لبنان، لـ«الأخبار» إنّ «واقع المسلمين محزن. ربنا أمرنا بالاعتصام فتفرقنا وتقاتلنا، بل وتباهينا بذبح بعضنا». يقرّ بوجود إحباط لدى عموم المسلمين، لكنّه يعرب عن ثقته بأن «النصر مقبل ولو تأخّر بسبب أفعالنا». ويقول: «الناس علّقوا آمالهم على رجال القاعدة بعدما رأوا فيهم بارقة الأمل، والفشل سيعني حتماً تخييب آمال كثيرين». لا ينكر الشيخ الفلسطيني أن «هناك عدداً من المجاهدين انسحبوا من الساحة السورية ونأوا بأنفسهم بعد الفتنة التي ضربت المجاهدين»، لكنه يؤكد أنّ «محاولات الإصلاح بين المختلفين لم تتوقف أبداً».

حال الشهابي، الذي يعرف بـ«أبو الزهراء الزبيدي»، لا تختلف عن حال «جهاديين» كُثُر. رغم الإحساس بالمرارة، يتحدثون عن «وعد إلهي بالنصر سيتحقق عاجلاً أم آجلاً».

يقول «أبو معن السوري»، أحد مقاتلي «جبهة النصرة» إنّ «الحرب سجال. يومٌ لك ويومٌ عليك. انسحابنا من القلمون هزيمة في معركة كتبها الله لنا». وبين العاجل والآجل، يتفرّق هؤلاء بين متفائل بقرب النصر ومتشائم يُلقي باللائمة على تفرّق الصف وغياب صدق النيّة لدى بعض القيادات.

فتنة «الجهاديين»

 

بعد أِشهر قليلة من اندلاع الأحداث السورية في آذار 2011، حطّ «الجهاديون» رحالهم في «أرض الشام». جاؤوا من كل أصقاع الأرض لإقامة دولتهم الموعودة التي تحكم «وفق منهاج النبوة». ولم يلبثوا أن تحوّلوا إلى رأس حربة المعارضة المسلّحة. كانوا الأكثر خبرة وتنظيماً وتسليحاً. فسطع نجمهم، مصحوباً بإحساس بفائض القوة، حتى باتوا قاب قوسين أو أدنى من إسقاط النظام، لولا حدثٌ طرأ وغيّر المعادلة. ففي الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام ٢٠١٢. خاض حزب الله القتال إلى جانب الجيش السوري، فكانت نقطة التحوّل. طُرد مسلّحو المعارضة من قرى غرب العاصي في ريف حمص، واستعاد الجيش مناطق عدة في حلب. سقطت «قلعة المعارضة» في القصير في تموز الماضي. وبعدها بسبعة أشهر، حلّت نهاية «إمارة القلمون». وترافق ذلك مع اندلاع صراع «أخوة الجهاد». نزاع «أمراء القاعدة» انعكس قتالاً في أرض الميدان. والخلاف بين «أبو بكر البغدادي» و«أبو محمد الجولاني» استحال معارك طاحنة بين التنظيمين اللذين يحملان الفكر نفسه. هكذا تفرّق الصف.

في لبنان، كان الإحباط مضاعفاً. الإسلاميون الموجودون على الأراضي اللبنانية يعتبرون أنّ «ممثلي السنّة في لبنان، أي تيار المستقبل، فاسدون ولا يعبّرون عن تطلعات الطائفة». يشكو هؤلاء من «تفرّق صف أهل السنة». يقول «أبو هاجر»، أحد المطلوبين في قضايا إرهاب: «كيف نكون موحّدين وبين ظهرانينا العلمانيون المخنّثون؟». يشاطره الشيخ السلفي مصطفى حسن الرأي نفسه. يتحدثان عن «مظلومية نقاسيها نتيجة سطوة الأجهزة الأمنية التي تخضع لحزب الله». الرؤية نفسها تنسحب على معظم رجال الدين والإسلاميين. يرى هؤلاء أن «العالم اجتمع لتشويه صورة الإنسان الملتزم وشيطنته». وهذا كله يضاعف من شعور القهر، «لأننا إن لم ننجح في التغيير الآن، فسنُدعس لثلاثين سنة مقبلة على الأقل»، بحسب أحدهم.

 

يعترف جهاديون بالانهيار المعنوي. «أبو القاسم»، أحد الناشطين الإعلاميين في صفوف «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، والذي انتقل من القلمون إلى حلب أخيراً، يقول إنّ «خيانات الجيش الحرّ ضعضعت الصفّ في جبهة القلمون بعد ثباتنا في جبهة ريما والسحل. هُزمنا وانسحبنا بعدما اجتمع العالم ضدّنا».

 

مع هؤلاء، يلتقي بعض رجال الدين في لبنان. يقول أحدهم إن «السنة الملتزمين جهلة في القضايا السياسية والفهم الاستراتيجي لما يجري»، ملقياً باللائمة على الأجهزة الأمنية التي «تشيطن أصحاب اللحى فتحوّلهم من حيث لا يدرون إلى أداة في أيدي أجهزة استخباراتية ليضحى بهم لاحقاً»، معتبراً أن «تلقي المحاور الداعمة لمشروعنا ضربات متتالية ستترك أثراً لا محالة».

في مقابل حالة الإحباط. يصبّر الجهاديون أنفسهم بالتذكير بـ«وعد الله بالنصر». يعتقد هؤلاء أن «هذه الفتن ستزول ليصبح الجهاد أنضج وأقوى»، معتبرين أن «ما يحصل تصفية وتنقية للصفوف. وتوالي الهزائم هو من سنن الحياة، والحرب سجال».

 

مراجعة ذاتية

 

انقضت ثلاث سنوات على بدء الأحداث السورية. يعيش «الجهاديون» اليوم مرحلة مفصلية. يواجهون معارك داخلية بين بعضهم بعضاً الى جانب حربهم مع الجيش السوري وحلفائه. يتخبّطون بعد تصفيات فيما بينهم طالت قيادات بارزة في «حركة الجهاد العالمي» كالشيخ أبو خالد السوري. وسُجّلت حالات فردية، لكنّها تحمل دلالة، اعتزل فيها بعض الجهاديين القتال لما أصاب مشروعهم من الفتنة والصراع على الإمرة. وبعدما كان «الجهاد» في أرض الشام قبلة المهاجرين في المرحلة الماضية، بدأ البعض يعيد حساباته. ودخل على الخط مشايخ ينتمون إلى المنهج السلفي في كل من الأردن والسعودية، نشطوا في التحذير من سوريا باعتبارها «ساحة قذرة»، ينشغل شرعيون في كل من «النصرة» و«حركة الجهاد العالمي» بالدعوة إلى مراجعة لإعادة توحيد الصف. يؤكد الشيخ «أبو الزهراء» أن «النصرة» تعلّمت دروساً كثيرة، كاشفاً أن «أبناء النصرة صاروا يتجنّبون عرض صور القتل والذبح التي تنفّر الناس وإن كانت محلّلة». يتحدّث كذلك عن بعض التبديلات في العلاقة مع باقي الفصائل المقاتلة.

الجهود المبذولة تتوخى «حفظ ثمرة الجهاد من الضياع»، لكنّ الحرب لا تزال مستعرة.

  • فريق ماسة
  • 2014-05-30
  • 11723
  • من الأرشيف

«الجهاديون» محبطون يتساءلون: هل طار حلم الخلافة؟

يعيش قسم كبير من «جهاديي» أهل السنّة حالة إحباط. الشعور بالمظلومية يتنامى، والإحساس بتوالي «الهزائم» يثبط العزيمة. بين هؤلاء من يرى في «تفرّق الصف والفتن ضرورة لتنقية صفوف المجاهدين»، فيما يقول آخرون: «إن لم ننجح في التغيير الآن، فسنُدعس لثلاثين سنة مقبلة على الأقل» لم يمر «الجهاديون» بفترة أصعب من تلك التي يعيشونها اليوم. «دولة الخلافة» التي لطالما دغدغت أحلامهم، تجسّدت حقيقة أمام أعينهم، قبل أن… تتبخّر. الشعور بالإحباط، عزّزته هزيمة القلمون. فجأة، سقطت يبرود «حصن الجهاديين» في الريف الدمشقي. الانهيار السريع للمسلّحين في عاصمة القلمون تبعه سقوط الزارة وقلعة الحصن في تلكلخ. وسُلّمت بعدها رأس المعرّة وفليطا من دون مقاومة تُذكر. باتت الحدود اللبنانية ــــ السورية شبه مضبوطة. سبق ذلك توقيف الأجهزة الأمنية اللبنانية المتّهمين الرئيسيين في التفجيرات الانتحارية التي ضربت ضاحية بيروت والهرمل. استعاد «الجهاديون» بعضاً من أنفاسهم مع بدء المواجهات في كَسَب على الساحل السوري، لكن تقدّمهم توقف عند النقطة التي بدأوا منها. بعد ذلك، عوجلوا بالخطة الأمنية في طرابلس. وبالتوازي، مُني هؤلاء بهزيمة حمص القديمة. لملموا المرارة مع انسحاب آخر المسلّحين المتحصّنين فيها. فيما نصف بلدة المليحة في ريف دمشق بات في قبضة الجيش السوري الذي يسجّل تقدماً ملحوظاً في حلب شمالاً وفي درعا جنوباً. أما دير الزور فمطحنة موت تبتلع «الجهاديين» في حربهم الضروس ضد بعضهم بعضاً. الخلاصة: «المعركة صعبة والعالم كله اجتمع ضدنا». هذه قراءة يتفق عليها معظم «الجهاديين».   بين فقدان الأمل والثقة بالنصر   «هل ترانا نلتقي أم أنها كانت اللقيا على أرض السراب، ثم ولّت وتلاشى ظلّها واستحالت ذكريات للعذاب». يستعيد أحد «الجهاديين» هذه الكلمات التي كتبتها أمينة قطب (شقيقة سيّد قطب) التي تزوّجت من كمال السنانيري، صديق شقيقها وشريكه في الزنزانة والمحكوم بالسجن ٢٠ عاماً. عقدا قرانهما وهو خلف القضبان، وما إن خرج من السجن حتى أعيد اليه ثم توفي فيه. هكذا هو حال «الجهاديين» مع «الحلم الموعود» بقيام «الدولة الإسلامية».   بعدما كان «الجهاد» في الشام قبلة المهاجرين بدأ البعض يعيد حساباته   يقول الشيخ أسامة الشهابي، أحد أبرز حاملي فكر «القاعدة» في لبنان، لـ«الأخبار» إنّ «واقع المسلمين محزن. ربنا أمرنا بالاعتصام فتفرقنا وتقاتلنا، بل وتباهينا بذبح بعضنا». يقرّ بوجود إحباط لدى عموم المسلمين، لكنّه يعرب عن ثقته بأن «النصر مقبل ولو تأخّر بسبب أفعالنا». ويقول: «الناس علّقوا آمالهم على رجال القاعدة بعدما رأوا فيهم بارقة الأمل، والفشل سيعني حتماً تخييب آمال كثيرين». لا ينكر الشيخ الفلسطيني أن «هناك عدداً من المجاهدين انسحبوا من الساحة السورية ونأوا بأنفسهم بعد الفتنة التي ضربت المجاهدين»، لكنه يؤكد أنّ «محاولات الإصلاح بين المختلفين لم تتوقف أبداً». حال الشهابي، الذي يعرف بـ«أبو الزهراء الزبيدي»، لا تختلف عن حال «جهاديين» كُثُر. رغم الإحساس بالمرارة، يتحدثون عن «وعد إلهي بالنصر سيتحقق عاجلاً أم آجلاً». يقول «أبو معن السوري»، أحد مقاتلي «جبهة النصرة» إنّ «الحرب سجال. يومٌ لك ويومٌ عليك. انسحابنا من القلمون هزيمة في معركة كتبها الله لنا». وبين العاجل والآجل، يتفرّق هؤلاء بين متفائل بقرب النصر ومتشائم يُلقي باللائمة على تفرّق الصف وغياب صدق النيّة لدى بعض القيادات. فتنة «الجهاديين»   بعد أِشهر قليلة من اندلاع الأحداث السورية في آذار 2011، حطّ «الجهاديون» رحالهم في «أرض الشام». جاؤوا من كل أصقاع الأرض لإقامة دولتهم الموعودة التي تحكم «وفق منهاج النبوة». ولم يلبثوا أن تحوّلوا إلى رأس حربة المعارضة المسلّحة. كانوا الأكثر خبرة وتنظيماً وتسليحاً. فسطع نجمهم، مصحوباً بإحساس بفائض القوة، حتى باتوا قاب قوسين أو أدنى من إسقاط النظام، لولا حدثٌ طرأ وغيّر المعادلة. ففي الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام ٢٠١٢. خاض حزب الله القتال إلى جانب الجيش السوري، فكانت نقطة التحوّل. طُرد مسلّحو المعارضة من قرى غرب العاصي في ريف حمص، واستعاد الجيش مناطق عدة في حلب. سقطت «قلعة المعارضة» في القصير في تموز الماضي. وبعدها بسبعة أشهر، حلّت نهاية «إمارة القلمون». وترافق ذلك مع اندلاع صراع «أخوة الجهاد». نزاع «أمراء القاعدة» انعكس قتالاً في أرض الميدان. والخلاف بين «أبو بكر البغدادي» و«أبو محمد الجولاني» استحال معارك طاحنة بين التنظيمين اللذين يحملان الفكر نفسه. هكذا تفرّق الصف. في لبنان، كان الإحباط مضاعفاً. الإسلاميون الموجودون على الأراضي اللبنانية يعتبرون أنّ «ممثلي السنّة في لبنان، أي تيار المستقبل، فاسدون ولا يعبّرون عن تطلعات الطائفة». يشكو هؤلاء من «تفرّق صف أهل السنة». يقول «أبو هاجر»، أحد المطلوبين في قضايا إرهاب: «كيف نكون موحّدين وبين ظهرانينا العلمانيون المخنّثون؟». يشاطره الشيخ السلفي مصطفى حسن الرأي نفسه. يتحدثان عن «مظلومية نقاسيها نتيجة سطوة الأجهزة الأمنية التي تخضع لحزب الله». الرؤية نفسها تنسحب على معظم رجال الدين والإسلاميين. يرى هؤلاء أن «العالم اجتمع لتشويه صورة الإنسان الملتزم وشيطنته». وهذا كله يضاعف من شعور القهر، «لأننا إن لم ننجح في التغيير الآن، فسنُدعس لثلاثين سنة مقبلة على الأقل»، بحسب أحدهم.   يعترف جهاديون بالانهيار المعنوي. «أبو القاسم»، أحد الناشطين الإعلاميين في صفوف «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، والذي انتقل من القلمون إلى حلب أخيراً، يقول إنّ «خيانات الجيش الحرّ ضعضعت الصفّ في جبهة القلمون بعد ثباتنا في جبهة ريما والسحل. هُزمنا وانسحبنا بعدما اجتمع العالم ضدّنا».   مع هؤلاء، يلتقي بعض رجال الدين في لبنان. يقول أحدهم إن «السنة الملتزمين جهلة في القضايا السياسية والفهم الاستراتيجي لما يجري»، ملقياً باللائمة على الأجهزة الأمنية التي «تشيطن أصحاب اللحى فتحوّلهم من حيث لا يدرون إلى أداة في أيدي أجهزة استخباراتية ليضحى بهم لاحقاً»، معتبراً أن «تلقي المحاور الداعمة لمشروعنا ضربات متتالية ستترك أثراً لا محالة». في مقابل حالة الإحباط. يصبّر الجهاديون أنفسهم بالتذكير بـ«وعد الله بالنصر». يعتقد هؤلاء أن «هذه الفتن ستزول ليصبح الجهاد أنضج وأقوى»، معتبرين أن «ما يحصل تصفية وتنقية للصفوف. وتوالي الهزائم هو من سنن الحياة، والحرب سجال».   مراجعة ذاتية   انقضت ثلاث سنوات على بدء الأحداث السورية. يعيش «الجهاديون» اليوم مرحلة مفصلية. يواجهون معارك داخلية بين بعضهم بعضاً الى جانب حربهم مع الجيش السوري وحلفائه. يتخبّطون بعد تصفيات فيما بينهم طالت قيادات بارزة في «حركة الجهاد العالمي» كالشيخ أبو خالد السوري. وسُجّلت حالات فردية، لكنّها تحمل دلالة، اعتزل فيها بعض الجهاديين القتال لما أصاب مشروعهم من الفتنة والصراع على الإمرة. وبعدما كان «الجهاد» في أرض الشام قبلة المهاجرين في المرحلة الماضية، بدأ البعض يعيد حساباته. ودخل على الخط مشايخ ينتمون إلى المنهج السلفي في كل من الأردن والسعودية، نشطوا في التحذير من سوريا باعتبارها «ساحة قذرة»، ينشغل شرعيون في كل من «النصرة» و«حركة الجهاد العالمي» بالدعوة إلى مراجعة لإعادة توحيد الصف. يؤكد الشيخ «أبو الزهراء» أن «النصرة» تعلّمت دروساً كثيرة، كاشفاً أن «أبناء النصرة صاروا يتجنّبون عرض صور القتل والذبح التي تنفّر الناس وإن كانت محلّلة». يتحدّث كذلك عن بعض التبديلات في العلاقة مع باقي الفصائل المقاتلة. الجهود المبذولة تتوخى «حفظ ثمرة الجهاد من الضياع»، لكنّ الحرب لا تزال مستعرة.

المصدر : الأخبار /رضوان مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة