بين شمال سوريا وجنوبها تختلف التطورات العسكرية والميدانية، لكن عوامل عديدة بدأت تتقاطع بين هذه المناطق، بداية من تغير الخريطة القتالية وتوزع الفصائل،وصولاً إلى هم البحث عن الدعم والتمويل والسلاح، ولا مانع في سبيل ذلك من اندلاع قتال بين «رفاق السلاح».

المشهد العسكري في سهل حوران لم يتغير كثيراً، فالجيش لا يزال يسعى للتقدم في مدينة نوى، احدى أهم مدن المنطقة، فيما تحاول المجموعات المسلحة التصدي له وفتح معارك جانبية من دون أن تتمكن من إحداث اختراق ملموس، كما حصل في معارك تل أم حوران وتل الجموع التي أطلقتها الفصائل قبل أسبوعين، قبل أن تتوقف الاشتباكات.

وتوضح مصادر ميدانية لـ«السفير» أن «الأسباب تتمثل في سوء التقدير وتسليم قيادة معركة تل أم حوران إلى لواء أبابيل حوران، ما أدى إلى تعرض الفصائل لخسائر بشرية كبيرة أجبرتها على وقف الهجوم».

أما في تل الجموع، فالوضع مختلف قليلاً حسب المصادر، موضحة أن التل هو احد أكثر المواقع أهمية في المنطقة، حيث يوجد عليه عدد كبير من الرادارات وأجهزة الرصد والتنصت، بالإضافة لطبيعة التل الجرداء، ما يعني انه سيتم كشف أي تقدم للمعارضة وصده بسرعة.

في المقابل، يشير مصدر مقرب من المجموعات المسلحة في درعا إلى أن «غياب جبهة النصرة عن المعارك اثر فيها كثيراً، خاصة بسبب غياب الأسلحة النوعية التي تنتشر في الشمال مع فصائل مثل حركة «حزم»، موضحة انه و«رغم وجود جبهة ثوار سوريا في المعركة إلا أن حجم التسليح يبقى قليلاً، وتحتاج مثل هذه المعارك الى العمليات الانتحارية التي تنفذها النصرة».

ويعتبر المصدر أن «غياب النصرة محكوم بقرار أردني يمنع أي دور لها تحت طائلة إلغاء التعامل مع أي فصيل يشاركها، يضاف إلى ذلك استمرار التوتر على خلفية إيقاف رئيس المجلس العسكري احمد النعمة الذي امتد ليتحول إلى اشتباكات بين النصرة والجيش الحر في أكثر من منطقة، كان آخرها في ناحتة بالريف الشرقي، حيث اقتحم عدد من مقاتلي الحر درساً دينياً للنصرة واشتبكوا مع المشاركين فيه، قبل ان يتم توقيف عدد من الناشطين، أبرزهم ملهم الكايد الذي نفت النصرة وجوده في سجونها».

ومن درعا إلى إدلب، التي تتقاسم السيطرة على ريفها فصائل عدة، بداية من الحدود التركية إلى ريف حماه، وهي «صقور الشام» و«جبهة ثوار سوريا» و«حركة حزم» و«النصرة»، لتنضم لهم حديثا «جبهة الحق المقاتلة» التي تسوق لنفسها على أنها تابعة لـ«الجيش الحر».

لكن المشهد الميداني أفضل للمجموعات المسلحة، خاصة بعد السيطرة على بلدة خان شيخون وتأمين ممرات السلاح والذخيرة، وتزايد التهديد بالتقدم نحو مدينة إدلب، فيما بثت «تنسيقية بنش» مقطعاً مصوراً يظهر حالة النزوح من المدينة باتجاه الريف، وهو ما فسره البعض على انه تمهيد للهجوم على المدينة التي لا تزال تحت سيطرة القوات السورية، فيما قلل نشطاء من أهمية هذا النزوح، موضحين أن هذه العائلات غادرت بعد انتهاء الامتحانات الرسمية.

وتعتبر مصادر ميدانية معارضة أن الأهمية الأساسية في مواجهات إدلب لا تتمثل في المدينة، بقدر ما هي نحو مواقع القوات السورية في المحافظة، خاصة معسكري الحامدية ووادي الضيف القريبين من معرة النعمان، ليبقى هدف طريق إدلب ـ اللاذقية أمرا مؤجلاً لصعوبته وضخامة التعزيزات العسكرية، إضافة لضرورة التقدم نحو جسر الشغور وأريحا القريبتين منه.

ويستبعد ناشطون في المنطقة حدوث أي اقتتال بين الفصائل، بل يتجه البعض إلى إمكانية حدوث اندماج بين المجموعات الصغيرة، وحتى بين «حركة حزم» و«جبهة ثوار سوريا»، رغم اختلاف الجهات الداعمة بين قطر (حزم) والسعودية (ثوار سوريا).

  • فريق ماسة
  • 2014-05-30
  • 10882
  • من الأرشيف

خيارات المسلحين بين درعا وإدلب: اقتتال وتغيير أولويات

بين شمال سوريا وجنوبها تختلف التطورات العسكرية والميدانية، لكن عوامل عديدة بدأت تتقاطع بين هذه المناطق، بداية من تغير الخريطة القتالية وتوزع الفصائل،وصولاً إلى هم البحث عن الدعم والتمويل والسلاح، ولا مانع في سبيل ذلك من اندلاع قتال بين «رفاق السلاح». المشهد العسكري في سهل حوران لم يتغير كثيراً، فالجيش لا يزال يسعى للتقدم في مدينة نوى، احدى أهم مدن المنطقة، فيما تحاول المجموعات المسلحة التصدي له وفتح معارك جانبية من دون أن تتمكن من إحداث اختراق ملموس، كما حصل في معارك تل أم حوران وتل الجموع التي أطلقتها الفصائل قبل أسبوعين، قبل أن تتوقف الاشتباكات. وتوضح مصادر ميدانية لـ«السفير» أن «الأسباب تتمثل في سوء التقدير وتسليم قيادة معركة تل أم حوران إلى لواء أبابيل حوران، ما أدى إلى تعرض الفصائل لخسائر بشرية كبيرة أجبرتها على وقف الهجوم». أما في تل الجموع، فالوضع مختلف قليلاً حسب المصادر، موضحة أن التل هو احد أكثر المواقع أهمية في المنطقة، حيث يوجد عليه عدد كبير من الرادارات وأجهزة الرصد والتنصت، بالإضافة لطبيعة التل الجرداء، ما يعني انه سيتم كشف أي تقدم للمعارضة وصده بسرعة. في المقابل، يشير مصدر مقرب من المجموعات المسلحة في درعا إلى أن «غياب جبهة النصرة عن المعارك اثر فيها كثيراً، خاصة بسبب غياب الأسلحة النوعية التي تنتشر في الشمال مع فصائل مثل حركة «حزم»، موضحة انه و«رغم وجود جبهة ثوار سوريا في المعركة إلا أن حجم التسليح يبقى قليلاً، وتحتاج مثل هذه المعارك الى العمليات الانتحارية التي تنفذها النصرة». ويعتبر المصدر أن «غياب النصرة محكوم بقرار أردني يمنع أي دور لها تحت طائلة إلغاء التعامل مع أي فصيل يشاركها، يضاف إلى ذلك استمرار التوتر على خلفية إيقاف رئيس المجلس العسكري احمد النعمة الذي امتد ليتحول إلى اشتباكات بين النصرة والجيش الحر في أكثر من منطقة، كان آخرها في ناحتة بالريف الشرقي، حيث اقتحم عدد من مقاتلي الحر درساً دينياً للنصرة واشتبكوا مع المشاركين فيه، قبل ان يتم توقيف عدد من الناشطين، أبرزهم ملهم الكايد الذي نفت النصرة وجوده في سجونها». ومن درعا إلى إدلب، التي تتقاسم السيطرة على ريفها فصائل عدة، بداية من الحدود التركية إلى ريف حماه، وهي «صقور الشام» و«جبهة ثوار سوريا» و«حركة حزم» و«النصرة»، لتنضم لهم حديثا «جبهة الحق المقاتلة» التي تسوق لنفسها على أنها تابعة لـ«الجيش الحر». لكن المشهد الميداني أفضل للمجموعات المسلحة، خاصة بعد السيطرة على بلدة خان شيخون وتأمين ممرات السلاح والذخيرة، وتزايد التهديد بالتقدم نحو مدينة إدلب، فيما بثت «تنسيقية بنش» مقطعاً مصوراً يظهر حالة النزوح من المدينة باتجاه الريف، وهو ما فسره البعض على انه تمهيد للهجوم على المدينة التي لا تزال تحت سيطرة القوات السورية، فيما قلل نشطاء من أهمية هذا النزوح، موضحين أن هذه العائلات غادرت بعد انتهاء الامتحانات الرسمية. وتعتبر مصادر ميدانية معارضة أن الأهمية الأساسية في مواجهات إدلب لا تتمثل في المدينة، بقدر ما هي نحو مواقع القوات السورية في المحافظة، خاصة معسكري الحامدية ووادي الضيف القريبين من معرة النعمان، ليبقى هدف طريق إدلب ـ اللاذقية أمرا مؤجلاً لصعوبته وضخامة التعزيزات العسكرية، إضافة لضرورة التقدم نحو جسر الشغور وأريحا القريبتين منه. ويستبعد ناشطون في المنطقة حدوث أي اقتتال بين الفصائل، بل يتجه البعض إلى إمكانية حدوث اندماج بين المجموعات الصغيرة، وحتى بين «حركة حزم» و«جبهة ثوار سوريا»، رغم اختلاف الجهات الداعمة بين قطر (حزم) والسعودية (ثوار سوريا).

المصدر : السفير / طارق العبد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة