انضمت الإمارات العربية المتحدة إلى مجموعة الدول الغربية والخليجية ومنعت السوريين المقيمين على أراضيها من التصويت في الإنتخابات الرئاسية. وتزامن هذا القرار مع طرد الأردن لسفير سورية، فيما الأنباء الغربية والتقارير الأمريكية تتحدث بشكل مكثف عن افتتاح مكاتب للإئتلاف السوري المعارض، في عدّة عواصم، وقرب وصول أسلحة نوعية للمعارضة “المعتدلة” في سورياً.

دولة الإمارات من أغنى الدول العربية، شهدت حركة إنماء مذهلة في العقدين الماضيين، فيها أعلى ناطحات سحاب, وشرطتها تتجول بسيارات” فيراري ولومبرغيني”، افتتح فيها فرع لجامعة السوربون العريقة التي تتّخذ من باريس مقراً لها ـ ايه نعم ـ وقريباً يفتتح فيها متحف اللوفر أيضاً كما في باريس، عاصمة النور والثقافة كما يقال.

وفضلا عن هذه وتلك، تكرّم الشيخ خليفة بن زايد مؤخرا على الفرنسيين وموّل عملية ترميم قاعة مسرح فونتانبلو، حيث القصر الإمبراطوري العريق ومكان إقامة ملوك فرنسا لسبعة قرون. وتعبيراً عن الشكر والإمتنان، أطلق الفرنسيون اسم الشيخ خليفة بن زايد على المسرح التاريخي، مسرح نابوليون بونابارت.

كم شعرت بالفخر والإعتزاز، عندما سمعت هذا الخبر وأنا أتابع مثل ملايين الفرنسيين يومياً , نشرة أخبار الساعة الثامنة مساءاً .رأيت فيه قراراً صائباً جاء توقيته كالبلسم على الجراح لتجميل صورة العرب والإسلام في الغرب, فنحن في زمن لم يعد الواحد فينا يجرؤ على ذكر الله إلاّ باللغة الفرنسية أو الأجنبية من هول الدعاية المشينة و التحريف والتأويل لتعاليم الدين ورسالته الجامعة الموّحدة.

يوجد في أبوظبي قاعدة عسكرية فرنسية، والتعاون العسكري بين الدولتين راسخ ومتين, منذ عقود، وهذا ما أرادت من خلاله أبوظبي التميّز فيه عن باقي مشيخات ودول الخليج, المرهونة استراتيجيا وتاريخياً لأمريكا.. لكنّ هذا كان، أيام زمان، عندما كانت فرنسا تتمتع هي الأخرى، باستقلالية القرار عن الحليف الأمريكي ولإ تشارك في الهيكلية العسكرية للناتو، حلف شمال الأطلسي .

الإمارات أعلنت الحرب على الإرهاب وعلى المتطرفين ,بعد أن ساهمت في قصف ليبيا إلى جانب فرنسا, وتريد ,مثل فرنسا , تصدير الديمقراطية ,حسب رؤيتها, للسوريين ,واختيار الحكومة المناسبة لهم ,دون انتخابات, شأنها في ذلك شأن فرنسا وغيرها من أصدقاء الشعب السوري..وإن كان الأمر غير ذلك فما ضرورة مثل هذا القرار من حيث المبدأ’؟ هل تخشى أبو ظبي من انتخاب الجالية السورية لرئيس تريده هي أن يرحل؟ ومن قال إنّ الجالية السورية في الإمارات ستنتخب بكاملها أي الثلاثون ألفا بصوت واحد؟ وهل توجد إحصائية مخابراتية عن توجهات السوريين السياسية في الإمارات دون غيرها؟ أم أن القرار هو فقط لمسايرة فرنسا وسياستها ؟ المهم أن لا اللوفر ولا السوربون أوصلت المبادئ الأساسية للثورة الفرنسية أي الحرية والعدالة والمساواة إلى الإمارات وإلى أبو ظبي ! رحم الله الشيخ زايد القومي العروبي , عاقل الصحراء.

***

وضع الأردن أعقد بكثير فحاله كحال النقاشات التي اندلعت على شاشاته وفي مجالسه.

هل تذكرون في بداية الأزمة السورية الشجار الذي حصل على الفضائية الأردنية بين شخصين ,أحدهم مؤيد للحراك الشعبي في سورية والثاني ضدّه.؟

عندما اشتد الحوار واحتدم ,قال الموالي للمعارض :” حتى ثيابك القطنية كتب عليها من صنع سورية” ويقصد ألبسته الداخلية, قبل أن يتشاجرا بالأيادي !

منذ أسبوع وصلني تصوير آخر, تمّ خلاله تكسير متحاورين اثنين للاوستوديو ثمّ قلبا الطاولة, وسحب أحدهما المسدس على الآخر, وكان النقاش أيضاً حول سورية.. هذا التذكير هو تجسيد لحالة المجتمع الأردني عندما يتعلق الأمر بسورية .عملية تبدأ بطرد سفير كما في أوّل مناظرة تلفزيونية جرت, ولا نعرف كيف تتطور وتنتهي ..ولا نأمل بأن تسحب المسدسات والرشاشات لاقتتال هذا الشعب العربي, الشهم والمضياف.

الحكومات السورية المتعاقبة, قننّت الماء والكهرباء على شعبها ,لتلبّي احتياجات الأردن عندما دعّت الضرورة إلى ذلك, ويذكر هذا الأمر السوريون ,ولا ينسوه.

اليوم يعيش فيً مخيّم الزعتري ستمائة ألف سوري وتمّ افتتاح مخيم جديد أرقى منه درجة, يستحقً علامة “مخيم أربعة نجوم,” لكنّ الحكومة الأردنية تضع عبارة “لاجئ ” على كل جواز سفر سوري يدخل أراضيها أكان حامله لإجئا أم تاجراً مقيماً في المملكة الهاشمية منذ سنوات ,إذ كان يعيش في الأردن وما زال سبعمائة ألف سوري .

فكلما زاد تعداد اللاجئين, زادت المنح والوعود المقدّمة للأردن, الذي يرزح أصلاً ,تحت نير أزمة اقتصادية.خانقة. التقارير التي تحدّثت عن معسكرات تدريب أمريكية , إسرائيلية قطرية وتركية , تهدف إلى ضرب سورية والتآمر عليها , عديدة وموثّقة ,الغاية منها تحقيق أمن وسلامة إسرائيل وزعزعة استقرار الأردن, الشطارة في الموضوع هي مدى إمكانية الأردن الإستمرار بالتصدّي للضغوط التي تمارس عليه من جميع الدول الخارجية , ومن “الأشقاء العرب” قبل الأعداء التقليديين؟

***

لبنان, الذي نأت حكومته عن الأحداث في سورية ـ كما زعمت حينها ـ وعلى الرغم من مشاركته بمناورات الأسد المتأهب, لم يكن متأهبا لهذه الأعداد المؤلفة من السوريين الذين وقفوا بالصف منذ ساعات الصباح الأولى, على أبواب السفارة السورية ليدلوا بأصواتهم ,فتسببوا بشلّ حركة السير وبزيادة الازدحام في العاصمة بيروت,المزدحمة أصلاً:

منهم العامل ومنهم التاجر , نساء وشيوخ, وشباب في سن الإنتخاب ,جاؤوا بملء إرادتهم وخيارهم, لم يجبرهم على ذلك أحد, لا جهاز مخابرات, ولا حكومة موالية, ولا سفير دولة يسرح ويمرح في بلد الأرز. جاؤوا حبا للوطن ,لأنهم توّاقون للعودة إلى البيت والعيش تحت سقف الوطن.

جاؤوا ليصوّتوا ضد الإرهاب الذي شرّدهم, وضد الطائفية لأنها لا تسري في عروقهم, جميعهم صاحوا :”واحد واحد واحد الشعب السوري واحد.” أذهلوا الناس وفاجأوا من حاول المتاجرة بقضيتهم وبدمهم وبأرواح شهدائهم, هؤلاء الذين حسبوا أن شعب سورية العظيم, يباع ويشترى بحفنة دولارات أو ريالات خسئوا و خاب ظنهم.

هل تعرفون لماذا توجّه السوريون في بلدان المغترب للتصويت ؟

ليُشهروا أمام العالم جواز سفر كتب عليه “الجمهورية العربية السورية “وليوَقعوا اسما كُتب أمامه , أنا مواطن سوري من مواليد حلب, وحلب مدينة تقع شمال سورية الموحدة. وآخر يقول , أنا مواطن سوري من مواليد حمص مدينة خالد بن الوليد ,وحمص تقع وسط سورية الموحدة .

وهذا من دمشق عاصمة الأمويين ,من مواليد حي العمارة ,بجانب الجامع الأموي حيث قبر صلإح الدين الأيوبي, الذي قهركم عند أسوار عكا في فلسطين وفي معركة حطين , والذي دحر الصليبيين والتكفيريين والمتآمرين على الدين والمتصهينين , ووحّد بلاد الشام من مصر إلى سوريا مروراً بفلسطين, صلاح الدين :العراقي, الكردي, المصري ,الفلسطيني ,الشامي الذي يرقد في قلب دمشق ورحاب الأموي بأمان واطمئنان وكل سوري من حوله يحمل اسمه وفكره وتسامحه , لتبقى سوريا وتبقى الهوية ..

  • فريق ماسة
  • 2014-05-28
  • 7973
  • من الأرشيف

يسألونني هل تبقى سورية قلب العروبة النابض؟ رسالة عتب إلى الإمارات ولبنان والأردن

انضمت الإمارات العربية المتحدة إلى مجموعة الدول الغربية والخليجية ومنعت السوريين المقيمين على أراضيها من التصويت في الإنتخابات الرئاسية. وتزامن هذا القرار مع طرد الأردن لسفير سورية، فيما الأنباء الغربية والتقارير الأمريكية تتحدث بشكل مكثف عن افتتاح مكاتب للإئتلاف السوري المعارض، في عدّة عواصم، وقرب وصول أسلحة نوعية للمعارضة “المعتدلة” في سورياً. دولة الإمارات من أغنى الدول العربية، شهدت حركة إنماء مذهلة في العقدين الماضيين، فيها أعلى ناطحات سحاب, وشرطتها تتجول بسيارات” فيراري ولومبرغيني”، افتتح فيها فرع لجامعة السوربون العريقة التي تتّخذ من باريس مقراً لها ـ ايه نعم ـ وقريباً يفتتح فيها متحف اللوفر أيضاً كما في باريس، عاصمة النور والثقافة كما يقال. وفضلا عن هذه وتلك، تكرّم الشيخ خليفة بن زايد مؤخرا على الفرنسيين وموّل عملية ترميم قاعة مسرح فونتانبلو، حيث القصر الإمبراطوري العريق ومكان إقامة ملوك فرنسا لسبعة قرون. وتعبيراً عن الشكر والإمتنان، أطلق الفرنسيون اسم الشيخ خليفة بن زايد على المسرح التاريخي، مسرح نابوليون بونابارت. كم شعرت بالفخر والإعتزاز، عندما سمعت هذا الخبر وأنا أتابع مثل ملايين الفرنسيين يومياً , نشرة أخبار الساعة الثامنة مساءاً .رأيت فيه قراراً صائباً جاء توقيته كالبلسم على الجراح لتجميل صورة العرب والإسلام في الغرب, فنحن في زمن لم يعد الواحد فينا يجرؤ على ذكر الله إلاّ باللغة الفرنسية أو الأجنبية من هول الدعاية المشينة و التحريف والتأويل لتعاليم الدين ورسالته الجامعة الموّحدة. يوجد في أبوظبي قاعدة عسكرية فرنسية، والتعاون العسكري بين الدولتين راسخ ومتين, منذ عقود، وهذا ما أرادت من خلاله أبوظبي التميّز فيه عن باقي مشيخات ودول الخليج, المرهونة استراتيجيا وتاريخياً لأمريكا.. لكنّ هذا كان، أيام زمان، عندما كانت فرنسا تتمتع هي الأخرى، باستقلالية القرار عن الحليف الأمريكي ولإ تشارك في الهيكلية العسكرية للناتو، حلف شمال الأطلسي . الإمارات أعلنت الحرب على الإرهاب وعلى المتطرفين ,بعد أن ساهمت في قصف ليبيا إلى جانب فرنسا, وتريد ,مثل فرنسا , تصدير الديمقراطية ,حسب رؤيتها, للسوريين ,واختيار الحكومة المناسبة لهم ,دون انتخابات, شأنها في ذلك شأن فرنسا وغيرها من أصدقاء الشعب السوري..وإن كان الأمر غير ذلك فما ضرورة مثل هذا القرار من حيث المبدأ’؟ هل تخشى أبو ظبي من انتخاب الجالية السورية لرئيس تريده هي أن يرحل؟ ومن قال إنّ الجالية السورية في الإمارات ستنتخب بكاملها أي الثلاثون ألفا بصوت واحد؟ وهل توجد إحصائية مخابراتية عن توجهات السوريين السياسية في الإمارات دون غيرها؟ أم أن القرار هو فقط لمسايرة فرنسا وسياستها ؟ المهم أن لا اللوفر ولا السوربون أوصلت المبادئ الأساسية للثورة الفرنسية أي الحرية والعدالة والمساواة إلى الإمارات وإلى أبو ظبي ! رحم الله الشيخ زايد القومي العروبي , عاقل الصحراء. *** وضع الأردن أعقد بكثير فحاله كحال النقاشات التي اندلعت على شاشاته وفي مجالسه. هل تذكرون في بداية الأزمة السورية الشجار الذي حصل على الفضائية الأردنية بين شخصين ,أحدهم مؤيد للحراك الشعبي في سورية والثاني ضدّه.؟ عندما اشتد الحوار واحتدم ,قال الموالي للمعارض :” حتى ثيابك القطنية كتب عليها من صنع سورية” ويقصد ألبسته الداخلية, قبل أن يتشاجرا بالأيادي ! منذ أسبوع وصلني تصوير آخر, تمّ خلاله تكسير متحاورين اثنين للاوستوديو ثمّ قلبا الطاولة, وسحب أحدهما المسدس على الآخر, وكان النقاش أيضاً حول سورية.. هذا التذكير هو تجسيد لحالة المجتمع الأردني عندما يتعلق الأمر بسورية .عملية تبدأ بطرد سفير كما في أوّل مناظرة تلفزيونية جرت, ولا نعرف كيف تتطور وتنتهي ..ولا نأمل بأن تسحب المسدسات والرشاشات لاقتتال هذا الشعب العربي, الشهم والمضياف. الحكومات السورية المتعاقبة, قننّت الماء والكهرباء على شعبها ,لتلبّي احتياجات الأردن عندما دعّت الضرورة إلى ذلك, ويذكر هذا الأمر السوريون ,ولا ينسوه. اليوم يعيش فيً مخيّم الزعتري ستمائة ألف سوري وتمّ افتتاح مخيم جديد أرقى منه درجة, يستحقً علامة “مخيم أربعة نجوم,” لكنّ الحكومة الأردنية تضع عبارة “لاجئ ” على كل جواز سفر سوري يدخل أراضيها أكان حامله لإجئا أم تاجراً مقيماً في المملكة الهاشمية منذ سنوات ,إذ كان يعيش في الأردن وما زال سبعمائة ألف سوري . فكلما زاد تعداد اللاجئين, زادت المنح والوعود المقدّمة للأردن, الذي يرزح أصلاً ,تحت نير أزمة اقتصادية.خانقة. التقارير التي تحدّثت عن معسكرات تدريب أمريكية , إسرائيلية قطرية وتركية , تهدف إلى ضرب سورية والتآمر عليها , عديدة وموثّقة ,الغاية منها تحقيق أمن وسلامة إسرائيل وزعزعة استقرار الأردن, الشطارة في الموضوع هي مدى إمكانية الأردن الإستمرار بالتصدّي للضغوط التي تمارس عليه من جميع الدول الخارجية , ومن “الأشقاء العرب” قبل الأعداء التقليديين؟ *** لبنان, الذي نأت حكومته عن الأحداث في سورية ـ كما زعمت حينها ـ وعلى الرغم من مشاركته بمناورات الأسد المتأهب, لم يكن متأهبا لهذه الأعداد المؤلفة من السوريين الذين وقفوا بالصف منذ ساعات الصباح الأولى, على أبواب السفارة السورية ليدلوا بأصواتهم ,فتسببوا بشلّ حركة السير وبزيادة الازدحام في العاصمة بيروت,المزدحمة أصلاً: منهم العامل ومنهم التاجر , نساء وشيوخ, وشباب في سن الإنتخاب ,جاؤوا بملء إرادتهم وخيارهم, لم يجبرهم على ذلك أحد, لا جهاز مخابرات, ولا حكومة موالية, ولا سفير دولة يسرح ويمرح في بلد الأرز. جاؤوا حبا للوطن ,لأنهم توّاقون للعودة إلى البيت والعيش تحت سقف الوطن. جاؤوا ليصوّتوا ضد الإرهاب الذي شرّدهم, وضد الطائفية لأنها لا تسري في عروقهم, جميعهم صاحوا :”واحد واحد واحد الشعب السوري واحد.” أذهلوا الناس وفاجأوا من حاول المتاجرة بقضيتهم وبدمهم وبأرواح شهدائهم, هؤلاء الذين حسبوا أن شعب سورية العظيم, يباع ويشترى بحفنة دولارات أو ريالات خسئوا و خاب ظنهم. هل تعرفون لماذا توجّه السوريون في بلدان المغترب للتصويت ؟ ليُشهروا أمام العالم جواز سفر كتب عليه “الجمهورية العربية السورية “وليوَقعوا اسما كُتب أمامه , أنا مواطن سوري من مواليد حلب, وحلب مدينة تقع شمال سورية الموحدة. وآخر يقول , أنا مواطن سوري من مواليد حمص مدينة خالد بن الوليد ,وحمص تقع وسط سورية الموحدة . وهذا من دمشق عاصمة الأمويين ,من مواليد حي العمارة ,بجانب الجامع الأموي حيث قبر صلإح الدين الأيوبي, الذي قهركم عند أسوار عكا في فلسطين وفي معركة حطين , والذي دحر الصليبيين والتكفيريين والمتآمرين على الدين والمتصهينين , ووحّد بلاد الشام من مصر إلى سوريا مروراً بفلسطين, صلاح الدين :العراقي, الكردي, المصري ,الفلسطيني ,الشامي الذي يرقد في قلب دمشق ورحاب الأموي بأمان واطمئنان وكل سوري من حوله يحمل اسمه وفكره وتسامحه , لتبقى سوريا وتبقى الهوية ..

المصدر : رأي اليوم/ رولا زين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة