دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مع يأس حلف أعداء سورية من أميركي وغرب وعرب، وتحديداً الخليجيين منهم، بالإضافة إلى العدو "الإسرائيلي"، والطوراني التركي، من هزيمة الدولة الوطنية السورية وجيشها، بدأ المخططون الأميركيون يعملون لإطالة أمد الحرب على سورية وجيشها وشعبها إلى أبعد مدى ممكن، وتحويلها إلى حرب استنزاف للقدرات السورية الإنتاجية والعلمية، مع توسيع المحاولات لإشغال حلفاء دمشق بمعارك جانبية تستنزف قدراتها، أو تلهيها عن مهامها الأساسية.
ففي لبنان، مع كل يوم يمضي على اقتراب نهاية ولاية ميشال سليمان، يحاول الحلف السعودي - الأميركي بنسخته اللبنانية أن يصوّر الأمور وكأن كارثة ستحلّ على البلد الصغير إذا لم يُصَر إلى انتخاب رئيس على عجل وكيفما اتفق، أو التمديد لسليمان ولو لأشهر، ريثما تنجلي الأمور، لكنها في الحقيقة هي نوع من السباق مع التطورات السورية التي تتجه إلى الحسم لصالح الدولة السورية التي تقترب من انتخاباتها الرئاسية، ولربما كان جواب كبير قد تلقاه حلف أعداء دمشق قبل أسابيع، حينما حسم الجيش العربي السوري و"حزب الله" معركة القلمون، بعد مزيد من الوعيد والتهديدات الأميركية والفرنسية والصهيونية والخليجية بزلزلة لبنان إذا تم تغيير الوضع في تلك المنطقة.
وفي الأردن، بدأت تتكشف حقيقة الحشد والتدريبات للجماعات الإرهابية بتمويل سعودي وإشراف وعناية أميركيتين ومشاركة صهيونية، حيث هو في حقيقته مشروع "إسرائيلي"، يتم من خلاله إنتاج عصابات عميلة للعدو، على طريقة "جيش لبنان الحر" أيام الرائد العميل حداد، أو "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة العميل انطوان لحد فيما بعد، وبالتالي فإن الكلام الأميركي عن تدريب ما يسمى "المسلحين السوريين المعتدلين" في الأردن، بتمويل سعودي - قطري، كان في حقيقته إقامة سياج حدودي في منطقة الجولان، ودويلة عميلة يُحشد فيها الإرهابيون من كل فج عميق لاستمرار النزف السوري، والتمدد إذا أمكن إلى أبعد من درعا والوصول إلى حدود دمشق، وهذا ما أكسب الدولة الوطنية السورية وجيشها مشروعية وطنية وقومية كبرى وهائلة لم يكن الحلف الشيطاني يتوقعها، فكان أن بدأ الجيش السوري توجيه ضربات حاسمة للمجموعات الإرهابية في درعا وما بعدها امتداداً حتى الحدود مع الجولان ولبنان والأردن.
وفي تركيا تتصاعد المعارضة لحكومة أردوغان، الذي تتوسع فضائحه، فحاول التقدم نحو الجنوب أولاً من أجل تحقيق أي نصر قبيل انتخاباته المحلية، ولصرف الأنظار عن فساد بطانته التي تتسع كبقع الزيت، فكانت جريمة كسب، التي أخذت تتحول إلى وزر كبير على أردوغان وحاشيته، فهي بالإضافة إلى انفضاح فصولها، أعادت فتح الملف التركي عند الرأي العام العالمي بالنسبة للجرائم التركية بحق الشعب الأرمني.
بقي في هذا المجال أن نشير إلى محاولات الأميركي والغرب المماطلة في المفاوضات الإيرانية مع مجموعة الـ"5+1"، ومحاولة حشر التطورات السورية فيها، للتأثير على طهران، لكن فاتهم أن الدبلوماسية الإيرانية المتمكنة والصبورة والجلودة لا تنفع معها هذه الأساليب، وبالتالي تصاعد التأييد الإيراني للدولة الوطنية السورية.
أمام الصمود الأسطوري للدولة الوطنية السورية وشعبها وجيشها، وتماسك حلف المقاومة والممانعة والصمود، كانت محاولة نقل المعركة إلى مدى أوسع، فكانت الأزمة الأوكرانية التي يتكشف في كل يوم مدى الدور التخريبي الخطير الذي قامت به الـ"C.I.A" والصهاينة سواء على مستوى الموساد أو ما يسمى "النخب المثقفة"، حيث كان ظاهراً للعيان بروز الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي في كييف، ومعروف دور هذا الصهيوني القذر في التطورات الليبية والتونسية، وحتى السورية، من خلال علاقاته مع عضو الكنيست السابق عزمي بشارة، وبرهان غليون، والقضماني وغيرهم..
وهنا ربما كان أحد أبرز أوجه الرد الروسي، ليس في استفتاء القرم، ولا في تطورات شرق أوكرانيا، بل في رفع مستوى التعاون العسكري والأمني والاقتصادي بين دمشق وموسكو، وبالتالي أصبحت موسكو، ومعها بكين التي تمر علاقاتها مع واشنطن بأزمة حادة، أكثر تشدداً في دعمها للدولة الوطنية السورية وللرئيس بشار الأسد، والذي يتجلى في أحد وجوهه البارزة باللجنة الروسية – السورية لتعزيز التعاون التي يترأسها عن الجانب الروسي أحد أبرز صقور الإدارة، والذي هو في نفس الوقت المسؤول عن مجمع الصناعات العسكرية ديمتري روغوزين، والذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الحكومة الروسية، والذي كثيراً ما يكلَّف بإدارة الملفات العسكرية الدقيقة، ما يعني أن بوتين في علاقته مع الأسد رفع وسيرفع وتيرة التعاون العسكري النوعي.. فليستمر الباهت الشاحب أحمد الجربا بالتسول في واشنطن أو في الرياض، وليُجرِ الكثير من المحادثات مع خائب الرجاء ذاك الذي تراجعت شعبيته في فرنسا إلى ما دون العشرين في المئة، وعنينا به الصهيوني فرنسوا هولاند.
باختصار، المشهد الوطني السوري يؤكد أن الدولة الوطنية السورية على الطريق الحاسم لاسترجاع الأمان الذي بدأ في القلمون وتوسع إلى حمص، ويتوسع إلى حلب وإلى درعا وسيصل إلى كل ذرة تراب سورية.
المصدر :
الثبات/ أحمد زين الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة