تقول المصادر الديبلوماسية العارفة بالموقف الاميركي، إن الموقف الأميركي المرتبك من الأزمة السورية الحالية والتردد تجاه بدائل التعامل معها هو منطقي بالنظر إلى التحديات التي يفرضها بقاء الرئيس بشار الاسد (مع الاشارة الى ان الاميركيين اعترفوا في الدوائر العليا الى ان الاسد استطاع الصمود في وجه الحرب على سورية الممولة عربيا وعالميا) ..

وان قيادة الاسد والنظام في سوريا يمتلك القدرة الكبيرة في ملفات عدة كما يمتلكان قدرة كبيرة على التأثير فيها، لهذا فإن بعض دوائر الاهتمام بالأزمة في الولايات المتحدة عادت لمربع الجدل المتجدد حول بدائل الحركة نحو سوريا. لكن هذه المرة تحت وطأة متغير داخلي وهوما يُسمى ثورة شعبية داخلية تحولت الى جماعات تكفيرية ومتطرفة في بلد محوري في الشرق الأوسط بما يحمله ذلك من فرص ومخاطر على المصالح الأميركية في المنطقة، لهذا برز من داخل دوائر صنع القرار الأميركي من يتبنى مبدأ التدخل العسكري لحماية المدنيين وبين من يعارضون ذلك ويميلون لبدائل مختلفة، وتحت وطأة هذا الجدل الذي بدأ مع التدخل في ليبيا حول حدود التدخل الخارجي سن الكونغرس تشريعا لا يسمح للرئيس منفردا باستخدام القوة تجاه سوريا ولا إعلان الحرب عليها.

اضافت المصادر الديبلوماسية التي التقت بشخصيات اميركية في البيت الابيض والبنتاغون إن أنصار عدم التدخل رأوا أن الخطر الحقيقي يتمثل في تمدد نفوذ الجماعات «المتطرفة» بجانب توافد المقاتلين الأجانب وعناصر تنظيم القاعدة على الاستقرار في سوريا وفي المنطقة بأسرها، حيث تجد هذه الجماعات في مناطق الاضطرابات بيئة ملائمة لممارسة نشاطها، كما سيتيح الفراغ الأمني نتيجة تصاعد العنف أو سقوط النظام لهذه المجموعات مكانة مؤثرة بفضل تنظيمها الذاتي القوي وقدرتها على توفير الدعم المادي والعسكري والبشري وبمساعدة أطراف إقليمية وقد تفاجأت واشنطن بأسلوب تمويل بعض العواصم الخليجية للمتطرفين الذين يشكلون خطرا على الانسانية.

وتقول انه بجانب هذا الخوف من اتساع نطاق الأزمة في حالة التدخل العسكري الذي بدا الحل الوحيد حينها لكنه الأصعب خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار الأطراف الدولية والإقليمية التي تصطف إلى جانب سوريا واستعدادها لإشعال المنطقة بأسرها لأن الحرب على سوريا بنظر حلفائها وقناعتهم هي حرب على محور المقاومة. وقد تأكد البيت الابيض ان اي تدخل عسكري في سوريا سيفتح الحرب الاقليمية ـ الدولية في المنطقة.

وتتابع المصادر الديبلوماسية: من رأى امكانية نموذج ليبيا في سوريا لم يلتفت ان شروط النجاح غير متوفرة في سوريا، اذ ليس هناك توافق حول لعب دور دولي في عملية التغيير، وكذلك تبقى الولايات المتحدة غير مستعدة لتدخل خارج إطار الشرعية الدولية وغير مستعدة لتحمل تكلفته السياسية والاقتصادية، علاوة على حسابات الداخل الأميركي وخشية التورط في صراع يمكن أن تنعكس تداعياته على الانتخابات الأميركية. كما يرى هذا الفريق أن الولايات المتحدة تفتقر إلى الأدوات والرؤية الشاملة لإحداث التأثير الايجابي في سوريا، وأنها لا تستطيع إحداث هذا التأثير وحدها.

وتشير المصادر الديبلوماسية، هناك اتجاه آخر داخل الولايات المتحدة يرى في التدخل في سوريا ضرورة ممكنة عبر تزويد المتمردين السوريين بالسلاح والتدريب والمعلومات الإستخبارية، وكذلك دعم إقامة مناطق حظر جوي داخل سوريا، محمية من قبل القوة الجوية الأميركية لان سقوط الأسد سوف يكون بمثابة ضربة قاضية لإيران وحزب الله وهذا كان هدفا أميركيا على الدوام، كما أن عدم انخراط أميركا في الصراع يحمل تكاليف متزايدة في المستقبل وذلك بالنسبة للشعب السوري ولمصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن الشعب السوري سوف يشعر بالقليل من الود تجاه الولايات المتحدة وربما يمثل التدخل فرصة لمنع استخدام أو نقل مخزون السلاح الكيماوي والبيولوجي الكبير لدى النظام لقوى معادية في المنطقة بالإضافة إلى تضييق الخناق على القاعدة وفروعها العنيفة في المنطقة، لان عدم مساعدة الولايات المتحدة للمقاتلين داخل سوريا سوف يفسح المجال أمام القوى المتطرفة.

لهذا فإن أصحاب هذا الرأي يرون أن المساعدات الأميركية يجب أن تصل إلى تلك الجماعات التي ترفض التطرف والطائفية قولا وفعلا. لكن في الوقت نفسه هناك شكوك في تأثير التدخل الجوي أو إمداد المعارضة بالسلاح على الصراع الطائفي الذي قد يعقب سقوط النظام، خصوصا إن عملية عسكرية في سوريا ربما تستمر لفترة طويلة، كما أن التدخل العسكري قد يدفع روسيا والصين للاستمرار في دعم النظام.

تضيف المصادر لهذا يبرز اتجاه ثالث يعطي أولوية لتقديم مساعدات للانتفاضة مثل تقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية والتدريب الفني والقانوني وتقيم إصلاحات لقطاع الأمن والإدارة المحلية لتفادي فوضي ما بعد سقوط النظام وفق تقديراتهم السابقة لتظهر الولايات المتحدة إلى جانب الشعب السوري ومن ثم تجد قطاعات يمكن التواصل معها في المستقبل وتخفف من غضب قطاعات عريضة من سياساتها تجاه الأزمة في المستقبل وهي جهود تتبناها أيضا فرنسا، ويمكن التأكيد على أهمية الالتزام الأميركي بأمن إسرائيل كمحدد مهم للموقف الأميركي، لأنه يفرض على الولايات المتحدة دعم التغيير في سوريا شريطة ألا يكون ذلك على حساب أي تهديد وجودي لإسرائيل.

في إطار هذا الجدل داخل دوائر صنع القرار الأميركي تقول المصادر، تبدو تداعيات الحرب على سورية وتأثيرها على توازنات القوة في المنطقة وما أفرزته من عوامل مثيرة لقلق الولايات المتحدة ومهددة لاستقرار مصالحها في المنطقة، أكثر عمقا وتأثيرا على تبني سياسة واضحة تجاه الأزمة، من عوامل أخرى تبدو بارزة على الساحة كحالة الصراع الدولي على سوريا والذي يتجسد في الموقف الصلب لكلا من الصين وروسيا اللتين استخدمتا حق النقض الفيتو ثلاث مرات لمنع تحرك دولي ايجابي تجاه الأزمة ووضع حد لتدهور الأوضاع في سوريا ومحيطها الإقليمي، لكن كانت هناك ملاحظات أن الموقف الأميركي كان باهتا ولا يتسم بالقوة المعتادة مما يمكن إيعازه إلى تخوفات الولايات المتحدة من تطورات الوضع الداخلي في سوريا وتأثيره على الإقليم ككل وعلى مصالحها بالأساس ويعزز من موقف فريق عدم التدخل في دوائر صنع القرار الأميركي.

 

لكن في الحقيقة تطورات الوضع على الأرض وحول الأزمة السورية حتما سيخلق مزيدا من الضغوط على الإدارة الأميركية تضيف المصادرلاتخاذ موقف أكثر وضوحا أول هذه الضغوط تحلل الرئيس اوباما من ضغوط الاستحقاق الانتخابي الرئاسي بعد حسمه وحزبه بالنجاح لرئاسته الثانية كرئيس للولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، وذلك في ضوء تهديد الوضع في سوريا لمصالح الولايات المتحدة وأصدقائها في المنطقة مع مزيد من الضغوط الأخلاقية نتيجة استفحال الأزمة الإنسانية، وكذلك في ضوء الصراع بين القوى الرئيسية على الساحة الدولية، وثاني هذه الضغوط هو أن الألوية التكفيرية أصبحت أفضل تسليحا ومدعومة بشكل أفضل عن ألوية المعارضة الأخرى لأنهم حصلوا على معظم السلاح الذي قدمه الداعمون في قطر والسعودية. وهؤلاء ليسوا الأشخاص الذين تريد واشنطن أن يكونوا مسلحين بشكل جيد، هذا في الوقت نفسه الذي تمكنت المعارضة المسلحة من توحيد صفها في إطار تحالف جديد هو «الائتلاف الوطني لقوي المعارضة والثورة السورية» بما ينفي الحجج المستمرة حول اعتبار تشرذم المعارضة وخلافاتها عائقا للتعاون أو التدخل أو تقديم الدعم.

وثالث هذه الضغوط بحسب المصادرتأتي من حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين والدوليين الذين يضغطون عليها لموقف يحسم الأزمة السورية ويضمن الاستقرار في الإقليم. لكن جرت الامور بما لم تشته سفن واشنطن والاوروبيين وبعض العواصم العربية التي اصطدمت بقوة الجيش السوري وتماسكه وبحضور حليف سوريا الاقوى حزب الله الى جانب الجيش في اكثر من منطقة ليحسماها لصالح الرئيس الاسد ما جعل صناع القرار يعيدون النظر بالحسابات وترتيب الاولويات الاميركية مع التفاهم مع ايران حول برنامجها النووي ودعم اسقاط حكم الاخوان المسلمين من مصر الى ليبيا واليمن وتونس وايضا سوريا، نعم صمود سوريا جعل الدوائر المقررة تُعيد النظر بكل الخطط السابقة كون حساب هذه الدوائر والقوى الداعمة والممولة للمسلحين والمعارضة السورية لم تأت بالثمار المطلوبة بل جاءت عكسية.

كل هذا الواقع جعل وزارة الخارجية الأميركية تنخرط وتكتفي بشكل كبير في صياغة وبناء معارضة أكثر حيوية وتوحدا يوحي بأن إدارة أوباما تعد العدة لحل سياسي دولي وعملية سياسية في سوريا بعيدا عن التدخل العسكري في الأزمة مع مدّ جماعات من المعارضة انتقائيا بالسلاح والمساعدات.

  • فريق ماسة
  • 2014-05-20
  • 11276
  • من الأرشيف

مصادر ديبلوماسيّة: سورية دولة محوريّة وما يجري بدأ يضرّ بالمصالح الأميركيّة...

 تقول المصادر الديبلوماسية العارفة بالموقف الاميركي، إن الموقف الأميركي المرتبك من الأزمة السورية الحالية والتردد تجاه بدائل التعامل معها هو منطقي بالنظر إلى التحديات التي يفرضها بقاء الرئيس بشار الاسد (مع الاشارة الى ان الاميركيين اعترفوا في الدوائر العليا الى ان الاسد استطاع الصمود في وجه الحرب على سورية الممولة عربيا وعالميا) .. وان قيادة الاسد والنظام في سوريا يمتلك القدرة الكبيرة في ملفات عدة كما يمتلكان قدرة كبيرة على التأثير فيها، لهذا فإن بعض دوائر الاهتمام بالأزمة في الولايات المتحدة عادت لمربع الجدل المتجدد حول بدائل الحركة نحو سوريا. لكن هذه المرة تحت وطأة متغير داخلي وهوما يُسمى ثورة شعبية داخلية تحولت الى جماعات تكفيرية ومتطرفة في بلد محوري في الشرق الأوسط بما يحمله ذلك من فرص ومخاطر على المصالح الأميركية في المنطقة، لهذا برز من داخل دوائر صنع القرار الأميركي من يتبنى مبدأ التدخل العسكري لحماية المدنيين وبين من يعارضون ذلك ويميلون لبدائل مختلفة، وتحت وطأة هذا الجدل الذي بدأ مع التدخل في ليبيا حول حدود التدخل الخارجي سن الكونغرس تشريعا لا يسمح للرئيس منفردا باستخدام القوة تجاه سوريا ولا إعلان الحرب عليها. اضافت المصادر الديبلوماسية التي التقت بشخصيات اميركية في البيت الابيض والبنتاغون إن أنصار عدم التدخل رأوا أن الخطر الحقيقي يتمثل في تمدد نفوذ الجماعات «المتطرفة» بجانب توافد المقاتلين الأجانب وعناصر تنظيم القاعدة على الاستقرار في سوريا وفي المنطقة بأسرها، حيث تجد هذه الجماعات في مناطق الاضطرابات بيئة ملائمة لممارسة نشاطها، كما سيتيح الفراغ الأمني نتيجة تصاعد العنف أو سقوط النظام لهذه المجموعات مكانة مؤثرة بفضل تنظيمها الذاتي القوي وقدرتها على توفير الدعم المادي والعسكري والبشري وبمساعدة أطراف إقليمية وقد تفاجأت واشنطن بأسلوب تمويل بعض العواصم الخليجية للمتطرفين الذين يشكلون خطرا على الانسانية. وتقول انه بجانب هذا الخوف من اتساع نطاق الأزمة في حالة التدخل العسكري الذي بدا الحل الوحيد حينها لكنه الأصعب خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار الأطراف الدولية والإقليمية التي تصطف إلى جانب سوريا واستعدادها لإشعال المنطقة بأسرها لأن الحرب على سوريا بنظر حلفائها وقناعتهم هي حرب على محور المقاومة. وقد تأكد البيت الابيض ان اي تدخل عسكري في سوريا سيفتح الحرب الاقليمية ـ الدولية في المنطقة. وتتابع المصادر الديبلوماسية: من رأى امكانية نموذج ليبيا في سوريا لم يلتفت ان شروط النجاح غير متوفرة في سوريا، اذ ليس هناك توافق حول لعب دور دولي في عملية التغيير، وكذلك تبقى الولايات المتحدة غير مستعدة لتدخل خارج إطار الشرعية الدولية وغير مستعدة لتحمل تكلفته السياسية والاقتصادية، علاوة على حسابات الداخل الأميركي وخشية التورط في صراع يمكن أن تنعكس تداعياته على الانتخابات الأميركية. كما يرى هذا الفريق أن الولايات المتحدة تفتقر إلى الأدوات والرؤية الشاملة لإحداث التأثير الايجابي في سوريا، وأنها لا تستطيع إحداث هذا التأثير وحدها. وتشير المصادر الديبلوماسية، هناك اتجاه آخر داخل الولايات المتحدة يرى في التدخل في سوريا ضرورة ممكنة عبر تزويد المتمردين السوريين بالسلاح والتدريب والمعلومات الإستخبارية، وكذلك دعم إقامة مناطق حظر جوي داخل سوريا، محمية من قبل القوة الجوية الأميركية لان سقوط الأسد سوف يكون بمثابة ضربة قاضية لإيران وحزب الله وهذا كان هدفا أميركيا على الدوام، كما أن عدم انخراط أميركا في الصراع يحمل تكاليف متزايدة في المستقبل وذلك بالنسبة للشعب السوري ولمصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن الشعب السوري سوف يشعر بالقليل من الود تجاه الولايات المتحدة وربما يمثل التدخل فرصة لمنع استخدام أو نقل مخزون السلاح الكيماوي والبيولوجي الكبير لدى النظام لقوى معادية في المنطقة بالإضافة إلى تضييق الخناق على القاعدة وفروعها العنيفة في المنطقة، لان عدم مساعدة الولايات المتحدة للمقاتلين داخل سوريا سوف يفسح المجال أمام القوى المتطرفة. لهذا فإن أصحاب هذا الرأي يرون أن المساعدات الأميركية يجب أن تصل إلى تلك الجماعات التي ترفض التطرف والطائفية قولا وفعلا. لكن في الوقت نفسه هناك شكوك في تأثير التدخل الجوي أو إمداد المعارضة بالسلاح على الصراع الطائفي الذي قد يعقب سقوط النظام، خصوصا إن عملية عسكرية في سوريا ربما تستمر لفترة طويلة، كما أن التدخل العسكري قد يدفع روسيا والصين للاستمرار في دعم النظام. تضيف المصادر لهذا يبرز اتجاه ثالث يعطي أولوية لتقديم مساعدات للانتفاضة مثل تقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية والتدريب الفني والقانوني وتقيم إصلاحات لقطاع الأمن والإدارة المحلية لتفادي فوضي ما بعد سقوط النظام وفق تقديراتهم السابقة لتظهر الولايات المتحدة إلى جانب الشعب السوري ومن ثم تجد قطاعات يمكن التواصل معها في المستقبل وتخفف من غضب قطاعات عريضة من سياساتها تجاه الأزمة في المستقبل وهي جهود تتبناها أيضا فرنسا، ويمكن التأكيد على أهمية الالتزام الأميركي بأمن إسرائيل كمحدد مهم للموقف الأميركي، لأنه يفرض على الولايات المتحدة دعم التغيير في سوريا شريطة ألا يكون ذلك على حساب أي تهديد وجودي لإسرائيل. في إطار هذا الجدل داخل دوائر صنع القرار الأميركي تقول المصادر، تبدو تداعيات الحرب على سورية وتأثيرها على توازنات القوة في المنطقة وما أفرزته من عوامل مثيرة لقلق الولايات المتحدة ومهددة لاستقرار مصالحها في المنطقة، أكثر عمقا وتأثيرا على تبني سياسة واضحة تجاه الأزمة، من عوامل أخرى تبدو بارزة على الساحة كحالة الصراع الدولي على سوريا والذي يتجسد في الموقف الصلب لكلا من الصين وروسيا اللتين استخدمتا حق النقض الفيتو ثلاث مرات لمنع تحرك دولي ايجابي تجاه الأزمة ووضع حد لتدهور الأوضاع في سوريا ومحيطها الإقليمي، لكن كانت هناك ملاحظات أن الموقف الأميركي كان باهتا ولا يتسم بالقوة المعتادة مما يمكن إيعازه إلى تخوفات الولايات المتحدة من تطورات الوضع الداخلي في سوريا وتأثيره على الإقليم ككل وعلى مصالحها بالأساس ويعزز من موقف فريق عدم التدخل في دوائر صنع القرار الأميركي.   لكن في الحقيقة تطورات الوضع على الأرض وحول الأزمة السورية حتما سيخلق مزيدا من الضغوط على الإدارة الأميركية تضيف المصادرلاتخاذ موقف أكثر وضوحا أول هذه الضغوط تحلل الرئيس اوباما من ضغوط الاستحقاق الانتخابي الرئاسي بعد حسمه وحزبه بالنجاح لرئاسته الثانية كرئيس للولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة، وذلك في ضوء تهديد الوضع في سوريا لمصالح الولايات المتحدة وأصدقائها في المنطقة مع مزيد من الضغوط الأخلاقية نتيجة استفحال الأزمة الإنسانية، وكذلك في ضوء الصراع بين القوى الرئيسية على الساحة الدولية، وثاني هذه الضغوط هو أن الألوية التكفيرية أصبحت أفضل تسليحا ومدعومة بشكل أفضل عن ألوية المعارضة الأخرى لأنهم حصلوا على معظم السلاح الذي قدمه الداعمون في قطر والسعودية. وهؤلاء ليسوا الأشخاص الذين تريد واشنطن أن يكونوا مسلحين بشكل جيد، هذا في الوقت نفسه الذي تمكنت المعارضة المسلحة من توحيد صفها في إطار تحالف جديد هو «الائتلاف الوطني لقوي المعارضة والثورة السورية» بما ينفي الحجج المستمرة حول اعتبار تشرذم المعارضة وخلافاتها عائقا للتعاون أو التدخل أو تقديم الدعم. وثالث هذه الضغوط بحسب المصادرتأتي من حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين والدوليين الذين يضغطون عليها لموقف يحسم الأزمة السورية ويضمن الاستقرار في الإقليم. لكن جرت الامور بما لم تشته سفن واشنطن والاوروبيين وبعض العواصم العربية التي اصطدمت بقوة الجيش السوري وتماسكه وبحضور حليف سوريا الاقوى حزب الله الى جانب الجيش في اكثر من منطقة ليحسماها لصالح الرئيس الاسد ما جعل صناع القرار يعيدون النظر بالحسابات وترتيب الاولويات الاميركية مع التفاهم مع ايران حول برنامجها النووي ودعم اسقاط حكم الاخوان المسلمين من مصر الى ليبيا واليمن وتونس وايضا سوريا، نعم صمود سوريا جعل الدوائر المقررة تُعيد النظر بكل الخطط السابقة كون حساب هذه الدوائر والقوى الداعمة والممولة للمسلحين والمعارضة السورية لم تأت بالثمار المطلوبة بل جاءت عكسية. كل هذا الواقع جعل وزارة الخارجية الأميركية تنخرط وتكتفي بشكل كبير في صياغة وبناء معارضة أكثر حيوية وتوحدا يوحي بأن إدارة أوباما تعد العدة لحل سياسي دولي وعملية سياسية في سوريا بعيدا عن التدخل العسكري في الأزمة مع مدّ جماعات من المعارضة انتقائيا بالسلاح والمساعدات.

المصدر : الديار /ياسر الحريري


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة