يكاد يمر أسبوع بالكامل على كارثة منجم صوما في تركيا من دون أن تتحدد بعد أية مسؤوليات.

وكان لافتاً أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، في كلمته أمام نواب «حزب العدالة والتنمية» أمس الأول، قد شكر الجميع بمن فيهم إسرائيل على عروضهم للمساعدة في أعمال مواجهة الكارثة وإنقاذ من يمكن إنقاذه.

وهذا كان إشارة لافتة في غمرة الحديث على قرب إعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل. غير أن النقطة التي لفتت أن أردوغان إذ شكر الجميع في الداخل والخارج، وسمى بالاسم واحدا واحدا بعض الوزراء، قد تجاهل ذكر أحد الوزراء المعنيين مباشرة والمقربين منه، وهو وزير العمل فاروق تشيليك.

وذهبت التحليلات إلى أن أردوغان، الذي لم يتعامل بمسؤولية رجل الدولة مع قضية الفساد وعمل على تغيير السلك القضائي بكامله ليبرئ الوزراء المتهمين الذين لم يستقيلوا إلا بعد عشرة أيام على الفضيحة، يكاد يكرر السيناريو ذاته في التعامل مع كارثة منجم صوما. إذ حتى الآن لم تحدث أي تحقيقات جدية، ولا استقال أحد من المعنيين بالحادثة. غير أن عدم شكر أردوغان لوزير العمل دفع بالمراقبين لتوقع أن يكون هو كبش فداء، وطي صفحة الكارثة قبل أن تحتدم معركة رئاسة الجمهورية.

لكن تشيليك أنكر، في حوار مع صحيفة «جمهورييت»، أية مسؤولية لوزارته عن قطاع المناجم، موضحا أن التفتيش وإعطاء التراخيص وما إلى ذلك هو من مسؤولية وزارة الطاقة. وأضاف «في كل مكان يتحدثون عن أننا لم نقم بواجبنا. نحن مستعدون لتحمل المسؤولية. لو أنني مسؤول، ولو بنسبة واحد في المئة عن المنجم، لما بقيت لحظة في موقعي، ولكنت استقلت إذ إنني لست هاوي مناصب».

يتحدى تشيليك ضمنا بهذا الموقف رئيس الحكومة، موحيا بأنه إذا كان من يجب أن يستقيل فهو وزير الطاقة تانر يلديز. وهذا يفتح على حدوث تصدع في جبهة الحكومة و«حزب العدالة والتنمية» إذ إن هذه الحادثة ليست مثل أحداث جيزي ولا قضية الفساد، بل هناك 301 عامل منجم قضوا بسبب غياب الشروط الأساسية لسلامة العمل، التي لو كانت متوافرة لربما أنقذت أرواحهم، وبالتالي فإن الكارثة تركت أثرها الكبير في المجتمع التركي.

وتناول سامي كوهين، في «ميللييت»، انعكاس الحادثة على صورة تركيا في الخارج، فقال إن «الإعلام العالمي اهتم بكارثة منجم صوما ابتداء من زاوية إنسانية، وصولا إلى بدء تناولها من زاوية سياسية، حيث تكاثرت الكتابات في الصحافة العالمية التي تناولت الاحتجاجات التي واجهت زيارة أردوغان إلى صوما، ورفس أحد مستشاريه لمواطن. وهو ما أساء إلى صورة تركيا في الخارج، وصلت إلى حد مطالبة كثير من الصحافيين الألمان إلغاء زيارة أردوغان إلى كولونيا في 24 أيار الحالي. بمعزل عن الجانب السياسي من التحليلات الخارجية، فإن تصحيح صورة تركيا في الخارج تبدأ بتصحيح مسار التعاطي الداخلي مع المشكلات، وعدم مقاربتها بالعنف والغضب».

وتساءل جنكيز تشاندار، في صحيفة «راديكال»، قائلا «لماذا اجتمعت الأمة في العام 1999 على زلزال مرمرة فيما انقسمت على كارثة منجم صوما؟ لأن الهم الأوحد للرجل الأوحد (أردوغان) كان إنقاذ نفسه من تحمل المسؤولية. إذ بدأ باعتبار الحادثة عادية تحصل في كل مكان، معيدا بالذكرى إلى القرن التاسع عشر. ولما لم ينجح في ذلك حاول إيجاد كبش فداء، هو رئيس الشركة المشغلة للمنجم، ولما لم ينجح ألقى اللوم على بعض الصحافيين. والآن يلقي اللوم على وزير العمل فاروق تشيليك الذي قال ان كل المسؤوليات والتفتيش والتراخيص هي بيد وزير الطاقة تانر يلديز، ولو كان علي مسؤولية لاستقلت، أي على وزير الطاقة الاستقالة».

  • فريق ماسة
  • 2014-05-21
  • 11166
  • من الأرشيف

حادثة المنجم: أردوغان يبحث عن كبش فداء

يكاد يمر أسبوع بالكامل على كارثة منجم صوما في تركيا من دون أن تتحدد بعد أية مسؤوليات. وكان لافتاً أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، في كلمته أمام نواب «حزب العدالة والتنمية» أمس الأول، قد شكر الجميع بمن فيهم إسرائيل على عروضهم للمساعدة في أعمال مواجهة الكارثة وإنقاذ من يمكن إنقاذه. وهذا كان إشارة لافتة في غمرة الحديث على قرب إعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل. غير أن النقطة التي لفتت أن أردوغان إذ شكر الجميع في الداخل والخارج، وسمى بالاسم واحدا واحدا بعض الوزراء، قد تجاهل ذكر أحد الوزراء المعنيين مباشرة والمقربين منه، وهو وزير العمل فاروق تشيليك. وذهبت التحليلات إلى أن أردوغان، الذي لم يتعامل بمسؤولية رجل الدولة مع قضية الفساد وعمل على تغيير السلك القضائي بكامله ليبرئ الوزراء المتهمين الذين لم يستقيلوا إلا بعد عشرة أيام على الفضيحة، يكاد يكرر السيناريو ذاته في التعامل مع كارثة منجم صوما. إذ حتى الآن لم تحدث أي تحقيقات جدية، ولا استقال أحد من المعنيين بالحادثة. غير أن عدم شكر أردوغان لوزير العمل دفع بالمراقبين لتوقع أن يكون هو كبش فداء، وطي صفحة الكارثة قبل أن تحتدم معركة رئاسة الجمهورية. لكن تشيليك أنكر، في حوار مع صحيفة «جمهورييت»، أية مسؤولية لوزارته عن قطاع المناجم، موضحا أن التفتيش وإعطاء التراخيص وما إلى ذلك هو من مسؤولية وزارة الطاقة. وأضاف «في كل مكان يتحدثون عن أننا لم نقم بواجبنا. نحن مستعدون لتحمل المسؤولية. لو أنني مسؤول، ولو بنسبة واحد في المئة عن المنجم، لما بقيت لحظة في موقعي، ولكنت استقلت إذ إنني لست هاوي مناصب». يتحدى تشيليك ضمنا بهذا الموقف رئيس الحكومة، موحيا بأنه إذا كان من يجب أن يستقيل فهو وزير الطاقة تانر يلديز. وهذا يفتح على حدوث تصدع في جبهة الحكومة و«حزب العدالة والتنمية» إذ إن هذه الحادثة ليست مثل أحداث جيزي ولا قضية الفساد، بل هناك 301 عامل منجم قضوا بسبب غياب الشروط الأساسية لسلامة العمل، التي لو كانت متوافرة لربما أنقذت أرواحهم، وبالتالي فإن الكارثة تركت أثرها الكبير في المجتمع التركي. وتناول سامي كوهين، في «ميللييت»، انعكاس الحادثة على صورة تركيا في الخارج، فقال إن «الإعلام العالمي اهتم بكارثة منجم صوما ابتداء من زاوية إنسانية، وصولا إلى بدء تناولها من زاوية سياسية، حيث تكاثرت الكتابات في الصحافة العالمية التي تناولت الاحتجاجات التي واجهت زيارة أردوغان إلى صوما، ورفس أحد مستشاريه لمواطن. وهو ما أساء إلى صورة تركيا في الخارج، وصلت إلى حد مطالبة كثير من الصحافيين الألمان إلغاء زيارة أردوغان إلى كولونيا في 24 أيار الحالي. بمعزل عن الجانب السياسي من التحليلات الخارجية، فإن تصحيح صورة تركيا في الخارج تبدأ بتصحيح مسار التعاطي الداخلي مع المشكلات، وعدم مقاربتها بالعنف والغضب». وتساءل جنكيز تشاندار، في صحيفة «راديكال»، قائلا «لماذا اجتمعت الأمة في العام 1999 على زلزال مرمرة فيما انقسمت على كارثة منجم صوما؟ لأن الهم الأوحد للرجل الأوحد (أردوغان) كان إنقاذ نفسه من تحمل المسؤولية. إذ بدأ باعتبار الحادثة عادية تحصل في كل مكان، معيدا بالذكرى إلى القرن التاسع عشر. ولما لم ينجح في ذلك حاول إيجاد كبش فداء، هو رئيس الشركة المشغلة للمنجم، ولما لم ينجح ألقى اللوم على بعض الصحافيين. والآن يلقي اللوم على وزير العمل فاروق تشيليك الذي قال ان كل المسؤوليات والتفتيش والتراخيص هي بيد وزير الطاقة تانر يلديز، ولو كان علي مسؤولية لاستقلت، أي على وزير الطاقة الاستقالة».

المصدر : السفير /محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة