يعدّ موسم الحج اليهودي إلى “معبد الغريبة ” بجزيرة جربة، جنوب شرقي تونس، من أهم الاحتفالات الدينية اليهودية في العالم لما يتميّز به من طقوس خاصة.

ودأب يهود جربة، خلال هذه الفترة من كل عام على إحياء جملة من الطقوس اليهودية احتفاء بالمعبد الذي يقصده الآلاف من مختلف يهود العالم، “تقديسا” له.

ويعتبر اليهود التونسيون  أن “معبد الغريبة ” أقدم معبد يهودي في أفريقيا، وجرى بناءه قبل 2600 عام عندما وصل اليهود لأوّل مرّة إلى جزيرة جربة.

ويقع المعبد، بـ”الحارة الصغيرة” من محليّة الرياض بجزبرة جربة حيث تتواجد عشرات العائلات اليهودية.

يقول ” خُضّير”، المشرف على المعبد، لوكالة الأناضول، إن تسمية  “الغريبة” التي أطلقت على المعبد تعود إلى كون “أجدادنا كانوا يتداولون منذ القدم بأن المعبد بني تعظيما لحجر مقدّس جيئ به من أرض غريبة”، فوقع تسمية المعبد بالغريبة نسبة إلى الحجر المقدس في المعبد الذي جاء من أرض غريبة.

ويشدّد  خضّير “لقد نفى لي أجدادي الذي توارثوا العناية بالمعبد، ما تنقالته بعض الأساطير بأن المعبد بني على أسطورة قبر امرأة يهودية غريبة”.

غير أنّه شدّد على أن “هناك اعقاد جازم بأن الحجر المقدّس في المعبد جاء من الأرض المقدّسة من فلسطين”.

ويضمّ المعبد اليوم عددا من الفضاءات المتعدّدة، فإلى جانب بيت الصلاة، توجد أمكان مخصصة لتلقين الأطفال تعاليم الديانة اليهودية، ومطبخ ومشرب، كما توجد مقبرة يهودية يدفن فيها يهود الجزيرة خلف المعبد، الذي يحاط بسور عال وبرج للحراسة.

موسم الحج اليهودي، يمتد عادة ستةّ أيّام تخصص لإقامة طقوس معيّنة.

ويفتتح يهود جربة الموسم باحتفال ديني مصغّر احتفاء بالـ”ربِّ مير” وهو أحد الكهنة اليهود الذي له شأن منذ مئات السنين في الحفاظ على تعاليم الديانة وتعاليمها.

وأقيم “ربّ مير”، لهذا الموسم في الليلة الفاصلة بين يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وقد خصصت لاقامة الصلاة وقراءة الكتب اليهودية ( التوارة والتلمود).

 وتتواصل على امتداد موسم حج الغريبة قراءة ثلاث كتب يهودية مقدّسة هي التلمود والتواراة والتلّيم دون انقطاع الى حين انقضاء الموسم، كما تقام الصلاة في الكنيس.

 

وتتواصل الطقوس حيث يحييون عشيّة يوم الجمعة، طقوس “الخرجة بالمنارة”، وهي خروج جماعي لليهود من المعبد حيث يدفعون بعربة فوقها منارة ( مصباح تقليدي كبير) مزيّنة ويطوفون في الحيّ المجاور له، ويقرأون الكتب المقدسة وترفع الأهازيج والأناشيد، قبل أن يعود للمعبد.

ويعتقدون في أن هذه الطقوس تبرّك وتقرّب للّه ومحافظة على عادات الأجداد.

في يوم السبت يحرص يهود جربة (غالبيتهم محافظون) على إقامة “السبّات”، وهو يوم يهودي مقدّس، يعتقدون فيه أن اللهّ لما خلق الأكوان في ستةّ أيّام قد ارتاح في اليوم السابع.

ولا يشعلون في هذا اليوم النيران، ولا الأضواء ولا يستعملون الهاتف ولا السيّارات ولا التلفاز ولا يشتغلون ولايدفعون مالا أو يأخذونه، ويقومون بتحضير طعامهم ليوم السبت منذ عشيّة الجمعة، وفي الليل يستعملون فتيلا تقليديا بسيطا من الزيت بدل إضاءة الكهرباء، وهو يوم مقدّس يخصص للصلاة والذكر وقراءة التوراة والتلمود.

ويختتم الموسم مساء الأحد، الذي يحضر فيه العدد الأكبر من يهود تونس والعالم، وهو يوم “الربّ شمعون” أحد كبار الكهنة اليهود.

وتقام في هذا اليوم الصلاة ويقرأون الكتب المقدّسة، ويعيدون “خرجة المنارة “، كما تقام احتفالات بالموسيقى التونسية التقليدية تجمع أثناءها التبرّعات للمعبد.

يشترط قبل الدخول إلى بيت الصلاة بالمعبد وضع “الكبّة “( قبعة صغيرة على رأس) أو “الشاشية التونسية ” بالنسبة للرجل، فيما تغطي المرأة شعرها تحرص على وضع لباس محتشم قبل أن تقف أمام الحجر المقدّس في بيت الصلاة.

ويلجأ اليهود إلى “الربّ” الذي يقرأ الكتاب المقدّس ليطلبوا منه “البركة” وأن “يدعو لهم عند الله بالمغفرة”.

وعادة ما يقرأ “الربّ” أجزاء من الكتاب المقدس على  شئ من الفاكهة وشراب “البوخا” ( التونسية يحضّرها يهود جربة بعناية شديدة من التين)، ثم يقع توزيع البوخا والفاكهة على الزائرين لما فيها “شفاء وبركة وتساعد على استجابة الدعوات”.

كما يشعل الزائر عند دخول بيت الصلاة، شمعة يحقق الله بها أمنيته التي يقولها عند اشعاله للشمعة.

وتقوم الفتيات بجلب بيضة تضعها قرب الحجر المقدّس وتتمنى من اللّه أن يحقق لها أمنيته سواء في الزواج أو الحصول مولود بالنسبة للمرأة المتزوّجة، أو غيرهما من الأمنيات.

ويقع الفصل بين النساء والرجال في الصلاة.

كما يقام في آخر شهر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام حفل ديني بسيط بالمعبد الغريبة ينطلق بعده اليهود الزائرون الى مدينة الحامّة من محافظة قابس المجاورة ( حوالي 200 ) حيث يزورون مقاما لولي صالح يهودي يدعى “يوسف معرابي”.

ويتواجد بجزيرة جربة حوالي 1500 يهودي يتوزّعون على “الحارة الصغيرة ” ( الرياض ) حيث معبد الغريبة و”الحارة الكبيرة” وسط مدينة حومة السوق ( 12 كم من المعبد).

كما يقطن مئات اليهود “حارة جرجيس″ بمدينة جرجيس التي تبعد 50 كم عن جزيرة جربة

 

  • فريق ماسة
  • 2014-05-18
  • 10388
  • من الأرشيف

” خرجة المنارة” و” البيضة ” و” البوخا” .. طقوس الحج ليهود “الغريبة” بتونس

يعدّ موسم الحج اليهودي إلى “معبد الغريبة ” بجزيرة جربة، جنوب شرقي تونس، من أهم الاحتفالات الدينية اليهودية في العالم لما يتميّز به من طقوس خاصة. ودأب يهود جربة، خلال هذه الفترة من كل عام على إحياء جملة من الطقوس اليهودية احتفاء بالمعبد الذي يقصده الآلاف من مختلف يهود العالم، “تقديسا” له. ويعتبر اليهود التونسيون  أن “معبد الغريبة ” أقدم معبد يهودي في أفريقيا، وجرى بناءه قبل 2600 عام عندما وصل اليهود لأوّل مرّة إلى جزيرة جربة. ويقع المعبد، بـ”الحارة الصغيرة” من محليّة الرياض بجزبرة جربة حيث تتواجد عشرات العائلات اليهودية. يقول ” خُضّير”، المشرف على المعبد، لوكالة الأناضول، إن تسمية  “الغريبة” التي أطلقت على المعبد تعود إلى كون “أجدادنا كانوا يتداولون منذ القدم بأن المعبد بني تعظيما لحجر مقدّس جيئ به من أرض غريبة”، فوقع تسمية المعبد بالغريبة نسبة إلى الحجر المقدس في المعبد الذي جاء من أرض غريبة. ويشدّد  خضّير “لقد نفى لي أجدادي الذي توارثوا العناية بالمعبد، ما تنقالته بعض الأساطير بأن المعبد بني على أسطورة قبر امرأة يهودية غريبة”. غير أنّه شدّد على أن “هناك اعقاد جازم بأن الحجر المقدّس في المعبد جاء من الأرض المقدّسة من فلسطين”. ويضمّ المعبد اليوم عددا من الفضاءات المتعدّدة، فإلى جانب بيت الصلاة، توجد أمكان مخصصة لتلقين الأطفال تعاليم الديانة اليهودية، ومطبخ ومشرب، كما توجد مقبرة يهودية يدفن فيها يهود الجزيرة خلف المعبد، الذي يحاط بسور عال وبرج للحراسة. موسم الحج اليهودي، يمتد عادة ستةّ أيّام تخصص لإقامة طقوس معيّنة. ويفتتح يهود جربة الموسم باحتفال ديني مصغّر احتفاء بالـ”ربِّ مير” وهو أحد الكهنة اليهود الذي له شأن منذ مئات السنين في الحفاظ على تعاليم الديانة وتعاليمها. وأقيم “ربّ مير”، لهذا الموسم في الليلة الفاصلة بين يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وقد خصصت لاقامة الصلاة وقراءة الكتب اليهودية ( التوارة والتلمود).  وتتواصل على امتداد موسم حج الغريبة قراءة ثلاث كتب يهودية مقدّسة هي التلمود والتواراة والتلّيم دون انقطاع الى حين انقضاء الموسم، كما تقام الصلاة في الكنيس.   وتتواصل الطقوس حيث يحييون عشيّة يوم الجمعة، طقوس “الخرجة بالمنارة”، وهي خروج جماعي لليهود من المعبد حيث يدفعون بعربة فوقها منارة ( مصباح تقليدي كبير) مزيّنة ويطوفون في الحيّ المجاور له، ويقرأون الكتب المقدسة وترفع الأهازيج والأناشيد، قبل أن يعود للمعبد. ويعتقدون في أن هذه الطقوس تبرّك وتقرّب للّه ومحافظة على عادات الأجداد. في يوم السبت يحرص يهود جربة (غالبيتهم محافظون) على إقامة “السبّات”، وهو يوم يهودي مقدّس، يعتقدون فيه أن اللهّ لما خلق الأكوان في ستةّ أيّام قد ارتاح في اليوم السابع. ولا يشعلون في هذا اليوم النيران، ولا الأضواء ولا يستعملون الهاتف ولا السيّارات ولا التلفاز ولا يشتغلون ولايدفعون مالا أو يأخذونه، ويقومون بتحضير طعامهم ليوم السبت منذ عشيّة الجمعة، وفي الليل يستعملون فتيلا تقليديا بسيطا من الزيت بدل إضاءة الكهرباء، وهو يوم مقدّس يخصص للصلاة والذكر وقراءة التوراة والتلمود. ويختتم الموسم مساء الأحد، الذي يحضر فيه العدد الأكبر من يهود تونس والعالم، وهو يوم “الربّ شمعون” أحد كبار الكهنة اليهود. وتقام في هذا اليوم الصلاة ويقرأون الكتب المقدّسة، ويعيدون “خرجة المنارة “، كما تقام احتفالات بالموسيقى التونسية التقليدية تجمع أثناءها التبرّعات للمعبد. يشترط قبل الدخول إلى بيت الصلاة بالمعبد وضع “الكبّة “( قبعة صغيرة على رأس) أو “الشاشية التونسية ” بالنسبة للرجل، فيما تغطي المرأة شعرها تحرص على وضع لباس محتشم قبل أن تقف أمام الحجر المقدّس في بيت الصلاة. ويلجأ اليهود إلى “الربّ” الذي يقرأ الكتاب المقدّس ليطلبوا منه “البركة” وأن “يدعو لهم عند الله بالمغفرة”. وعادة ما يقرأ “الربّ” أجزاء من الكتاب المقدس على  شئ من الفاكهة وشراب “البوخا” ( التونسية يحضّرها يهود جربة بعناية شديدة من التين)، ثم يقع توزيع البوخا والفاكهة على الزائرين لما فيها “شفاء وبركة وتساعد على استجابة الدعوات”. كما يشعل الزائر عند دخول بيت الصلاة، شمعة يحقق الله بها أمنيته التي يقولها عند اشعاله للشمعة. وتقوم الفتيات بجلب بيضة تضعها قرب الحجر المقدّس وتتمنى من اللّه أن يحقق لها أمنيته سواء في الزواج أو الحصول مولود بالنسبة للمرأة المتزوّجة، أو غيرهما من الأمنيات. ويقع الفصل بين النساء والرجال في الصلاة. كما يقام في آخر شهر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام حفل ديني بسيط بالمعبد الغريبة ينطلق بعده اليهود الزائرون الى مدينة الحامّة من محافظة قابس المجاورة ( حوالي 200 ) حيث يزورون مقاما لولي صالح يهودي يدعى “يوسف معرابي”. ويتواجد بجزيرة جربة حوالي 1500 يهودي يتوزّعون على “الحارة الصغيرة ” ( الرياض ) حيث معبد الغريبة و”الحارة الكبيرة” وسط مدينة حومة السوق ( 12 كم من المعبد). كما يقطن مئات اليهود “حارة جرجيس″ بمدينة جرجيس التي تبعد 50 كم عن جزيرة جربة  

المصدر : الأناضول / رضا التمتام


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة