صدّق الكنيست الإسرائيلي في الرابع والعشرين من شباط الماضي على قانون طرحه العضو يريف ليفين من حزب الليكود المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالقراءة الثانية والثالثة مع غالبية 31 عضواً ومعارضة 6 أعضاء.

القانون يقضي بإلغاء التمثيل للسكان داخل «المفوضية للمساواة في فرص العمل»، واستبدال التمثيل وفق الطائفة والدين بها، فيصبح هناك ممثلون عن العرب المسلمين، والمسيحيين والدروز والشركس، في مقابل زيادة ممثلي اليهود المتدينين الحاريديم (من أصل أشكينازي غربي)، والمتدينين الحاريديم الصفارديم (من أصل شرقي) والمهاجرين الإثيوبيين. هذا القانون هو الأخير في سلسلة قوانين تحاول أطراف في حكومة نتنياهو سنّها لعزل المسيحيين الفلسطينيين عن سائر السكان في دولة الاحتلال. وكانت تلك القوانين قد بدأت بمحاولة تعديل أخرى سياسية، منها استبدال القومية في الهوية الإسرائيلية التي يحملها سكان القدس المحتلة وفلسطينيو 1948 بالطائفة. لكن بسبب معارضة هذه الفكرة، نصب ليفين فكرته ضمن فخ جديد حينما اقترح تغيير قانون داخل «المفوضية للمساواة» في فرص العمل، إذ يجري توسيع التمثيل داخل اللجنة على أساس طائفي بحت، ما أثار حفيظة المفوضية نفسها التي أوردت أنها تعارض القانون الذي لا حاجة إليه.

والمفوضية للمساواة في فرص العمل أسستها وزارة التجارة والصناعة الإسرائيلية عام 2008، وجاء أن هدفها هو زيادة وعي العمال لجهة موضوع التمييز، والتمحيص في غياب المساواة في منظمات العمل داخل إسرائيل، والقضاء على سياسات انتهاك حقوق العمال العرب .

شراك الفخّ

ولفهم ما يحاك داخل أروقة الكنيست لفرضه واقعاً على العرب الفلسطينيين، توجهنا إلى مديرة وحدة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في مركز عدالة المحامية سوسن زهر، التي قالت: «القانون هدفه استبدال تمثيل السكان العرب الفلسطينيين بتمثيل طائفي يجري إمراره دون تداول كاف أمام الجمهور المعني الذي سيؤثر عليه هذا القانون». وتضيف: «ما فعله ليفين خبث وخداع من الناحية القانونية، فهو فخ مزدوج، لأن أي اعتراض قد يقابل بالرفض ضمن حجة أن هذا القانون سيزيد من التمثيل العربي داخل اللجنة، متناسين خطورة الوضع بعد سن القانون، فداخل الوسط العربي لا توجد منظمات تمثل العمال العرب أصلاً على أساس طائفي (مسلم، مسيحي ودرزي)».

هذا كله سيؤدي، وفق رأي زهر، إلى تعطيل اللجنة عن عملها الأساسي، «وهو الدفاع عن حقوق العمال العرب، وسيسبب هدر حقوقهم داخل اللجنة الاستشارية، فضلاً عن أن القانون ينتهك التمثيل العربي». كذلك فهي ترى أن الدوافع السياسيّة من وراء القانون دوافع استعماريّة «تشبه ما انتهجته حكومة الأبارتهايد في جنوب أفريقيا حينما اعتمدت سياسة شرذمة أبناء البلاد الأصليين وتفرقتهم إلى مجموعات صغيرة وهويّات ضيّقة بدلاً من الهويّة الوطنيّة».

وكان نتنياهو قد أوعز في آب الماضي بإقامة منتدى مشترك يضم ممثلين عن الحكومة والمسيحيين في إسرائيل للتشجيع على تجنيد المسيحيين في الجيش الإسرائيلي والخدمة المدنية الوطنية وفي النتيجة اندماجهم في الدولة.

«هل هو فخ جديد لتمهيد الاعتراف بيهودية الدولة؟»، تجيب المحامية زهر: «بل هو تعزيز ليهودية الدولة، لأن فلسطينيي الـ48 هم الأقلية القومية الأصلية الوحيدة، فعندما ينزع عنها الطابع القومي ستقسم إلى طوائف صغيرة لا قيمة لها من ناحية أي تمثيل، ما يسهل على الحكومة الإسرائيلية إكمال سياسة التمييز العنصري ضدهم، بعدما لم تؤدّ إجراءات مصادرة الأراضي وهدم البيوت غرضها».

مؤسّسات المجتمع المدنيّ الفلسطيني داخل إسرائيل استنكرت بدورها القانون، وقالت إنه خطوة خطيرة في تشويه الهويّة العربيّة للفلسطينيين في الداخل. وأضافت في بيان لها: «رغم التأثير الهامشيّ الذي نتوقّعه، فإن الدوافع من ورائه دوافع عنصرية تنذر بمزيد من السياسات العنصريّة، وصولاً إلى كسب الاعتراف بيهوديّة الدولة وإنكار الوجود الفلسطيني وحقوقه التاريخية».

ترهيب المسيحيين وترغيبهم

النائب عن التجمع الوطني الديموقراطي باسل غطاس يقول بدوره إن «قانون ليفين» ينص أيضاً على ذكر الأقليات في تركيبة المجلس الاستشاري الذي سيصبح من دون صلاحيات، «وهذا مخطط تقوده الحكومة الإسرائيلية لبدء التصرف مع المسيحيين ألفلسطينيين على أنهم مجموعة مستقلة تختلف عن المسلمين».

ويضيف غطاس: «هي نفسها سياسة فرق تسد لفرض السيطرة على الأقليات، لكن يريف ليفين له تأثير إعلامي نفسي يحاول فيه استخدام كلمة مسيحيين وإيجاد منظومة تمثلهم، لكنها في الحقيقة خطة لفصل المسيحيين عن محيطهم واستغلال ما يجري في العالم العربي لترهيبهم من المستقبل»، مستدركاً: «غالبية المسيحيين تعارض هذا المشروع الصهيوني، ونحن متنبهون إلى خطورته».

ويضرب النائب مثالاً على ذلك، حين يشير إلى أن إسرائيل قد نجحت أثناء الحكم العسكري بخداع الدروز وتشويه هويتهم، «لكن الوضع يختلف اليوم، لذلك نعقد مؤتمراً وطنياً شاملاً هذا الشهر في الناصرة بمشاركة الأحزاب والمؤسسات الوطنية والشبابية وشخصيات دينية لبحث ملفي التجنيد الإجباري للطائفة الدرزية، إضافة إلى قضية تجنيد المسيحيين».

وتظهر القوانين التمييزية للحكومة الإسرائيلية التي يسيطر عليها اليمين أنها تستغل المسيحيين وتحاول فصلهم عن محيطهم العربي الفلسطيني، واستغلال وضعهم بصفتهم طائفة صغيرة، وتسوق لضمهم إلى صدرها الحنون بصفة أنها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحمي المسيحيين ولا ترهبهم أو تحاربهم.
  • فريق ماسة
  • 2014-05-08
  • 14174
  • من الأرشيف

إسرائيل تعلن الحرب على المسيحيين!

صدّق الكنيست الإسرائيلي في الرابع والعشرين من شباط الماضي على قانون طرحه العضو يريف ليفين من حزب الليكود المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالقراءة الثانية والثالثة مع غالبية 31 عضواً ومعارضة 6 أعضاء. القانون يقضي بإلغاء التمثيل للسكان داخل «المفوضية للمساواة في فرص العمل»، واستبدال التمثيل وفق الطائفة والدين بها، فيصبح هناك ممثلون عن العرب المسلمين، والمسيحيين والدروز والشركس، في مقابل زيادة ممثلي اليهود المتدينين الحاريديم (من أصل أشكينازي غربي)، والمتدينين الحاريديم الصفارديم (من أصل شرقي) والمهاجرين الإثيوبيين. هذا القانون هو الأخير في سلسلة قوانين تحاول أطراف في حكومة نتنياهو سنّها لعزل المسيحيين الفلسطينيين عن سائر السكان في دولة الاحتلال. وكانت تلك القوانين قد بدأت بمحاولة تعديل أخرى سياسية، منها استبدال القومية في الهوية الإسرائيلية التي يحملها سكان القدس المحتلة وفلسطينيو 1948 بالطائفة. لكن بسبب معارضة هذه الفكرة، نصب ليفين فكرته ضمن فخ جديد حينما اقترح تغيير قانون داخل «المفوضية للمساواة» في فرص العمل، إذ يجري توسيع التمثيل داخل اللجنة على أساس طائفي بحت، ما أثار حفيظة المفوضية نفسها التي أوردت أنها تعارض القانون الذي لا حاجة إليه. والمفوضية للمساواة في فرص العمل أسستها وزارة التجارة والصناعة الإسرائيلية عام 2008، وجاء أن هدفها هو زيادة وعي العمال لجهة موضوع التمييز، والتمحيص في غياب المساواة في منظمات العمل داخل إسرائيل، والقضاء على سياسات انتهاك حقوق العمال العرب . شراك الفخّ ولفهم ما يحاك داخل أروقة الكنيست لفرضه واقعاً على العرب الفلسطينيين، توجهنا إلى مديرة وحدة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في مركز عدالة المحامية سوسن زهر، التي قالت: «القانون هدفه استبدال تمثيل السكان العرب الفلسطينيين بتمثيل طائفي يجري إمراره دون تداول كاف أمام الجمهور المعني الذي سيؤثر عليه هذا القانون». وتضيف: «ما فعله ليفين خبث وخداع من الناحية القانونية، فهو فخ مزدوج، لأن أي اعتراض قد يقابل بالرفض ضمن حجة أن هذا القانون سيزيد من التمثيل العربي داخل اللجنة، متناسين خطورة الوضع بعد سن القانون، فداخل الوسط العربي لا توجد منظمات تمثل العمال العرب أصلاً على أساس طائفي (مسلم، مسيحي ودرزي)». هذا كله سيؤدي، وفق رأي زهر، إلى تعطيل اللجنة عن عملها الأساسي، «وهو الدفاع عن حقوق العمال العرب، وسيسبب هدر حقوقهم داخل اللجنة الاستشارية، فضلاً عن أن القانون ينتهك التمثيل العربي». كذلك فهي ترى أن الدوافع السياسيّة من وراء القانون دوافع استعماريّة «تشبه ما انتهجته حكومة الأبارتهايد في جنوب أفريقيا حينما اعتمدت سياسة شرذمة أبناء البلاد الأصليين وتفرقتهم إلى مجموعات صغيرة وهويّات ضيّقة بدلاً من الهويّة الوطنيّة». وكان نتنياهو قد أوعز في آب الماضي بإقامة منتدى مشترك يضم ممثلين عن الحكومة والمسيحيين في إسرائيل للتشجيع على تجنيد المسيحيين في الجيش الإسرائيلي والخدمة المدنية الوطنية وفي النتيجة اندماجهم في الدولة. «هل هو فخ جديد لتمهيد الاعتراف بيهودية الدولة؟»، تجيب المحامية زهر: «بل هو تعزيز ليهودية الدولة، لأن فلسطينيي الـ48 هم الأقلية القومية الأصلية الوحيدة، فعندما ينزع عنها الطابع القومي ستقسم إلى طوائف صغيرة لا قيمة لها من ناحية أي تمثيل، ما يسهل على الحكومة الإسرائيلية إكمال سياسة التمييز العنصري ضدهم، بعدما لم تؤدّ إجراءات مصادرة الأراضي وهدم البيوت غرضها». مؤسّسات المجتمع المدنيّ الفلسطيني داخل إسرائيل استنكرت بدورها القانون، وقالت إنه خطوة خطيرة في تشويه الهويّة العربيّة للفلسطينيين في الداخل. وأضافت في بيان لها: «رغم التأثير الهامشيّ الذي نتوقّعه، فإن الدوافع من ورائه دوافع عنصرية تنذر بمزيد من السياسات العنصريّة، وصولاً إلى كسب الاعتراف بيهوديّة الدولة وإنكار الوجود الفلسطيني وحقوقه التاريخية». ترهيب المسيحيين وترغيبهم النائب عن التجمع الوطني الديموقراطي باسل غطاس يقول بدوره إن «قانون ليفين» ينص أيضاً على ذكر الأقليات في تركيبة المجلس الاستشاري الذي سيصبح من دون صلاحيات، «وهذا مخطط تقوده الحكومة الإسرائيلية لبدء التصرف مع المسيحيين ألفلسطينيين على أنهم مجموعة مستقلة تختلف عن المسلمين». ويضيف غطاس: «هي نفسها سياسة فرق تسد لفرض السيطرة على الأقليات، لكن يريف ليفين له تأثير إعلامي نفسي يحاول فيه استخدام كلمة مسيحيين وإيجاد منظومة تمثلهم، لكنها في الحقيقة خطة لفصل المسيحيين عن محيطهم واستغلال ما يجري في العالم العربي لترهيبهم من المستقبل»، مستدركاً: «غالبية المسيحيين تعارض هذا المشروع الصهيوني، ونحن متنبهون إلى خطورته». ويضرب النائب مثالاً على ذلك، حين يشير إلى أن إسرائيل قد نجحت أثناء الحكم العسكري بخداع الدروز وتشويه هويتهم، «لكن الوضع يختلف اليوم، لذلك نعقد مؤتمراً وطنياً شاملاً هذا الشهر في الناصرة بمشاركة الأحزاب والمؤسسات الوطنية والشبابية وشخصيات دينية لبحث ملفي التجنيد الإجباري للطائفة الدرزية، إضافة إلى قضية تجنيد المسيحيين». وتظهر القوانين التمييزية للحكومة الإسرائيلية التي يسيطر عليها اليمين أنها تستغل المسيحيين وتحاول فصلهم عن محيطهم العربي الفلسطيني، واستغلال وضعهم بصفتهم طائفة صغيرة، وتسوق لضمهم إلى صدرها الحنون بصفة أنها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحمي المسيحيين ولا ترهبهم أو تحاربهم.

المصدر : الأخبار/ مرال أمين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة