قد لا يكون ما حدث في حمص مفاجئا لبعض المراقبين، ولكنه بالتأكيد صادم بالنسبة للشارع المعارض للنظام السوري، فحمص كانت يجب أن تكون عاصمة الثورة، وحصنها المنيع الذي صمد تحت الحصار على مدار ما يقارب العامين، ولا يستطيع أحد أن ينكر بأن النظام كسب جولة جديدة من الحرب السياسية والعسكرية التي تدور بينه وبين المعارضة.

بعد سقوط حي الخالدية في قبضة الجيش النظامي، استطاع النظام سد آخر الممرات التي كان يستغلها المحاصرين لتمرير بعض المواد التي تساعدهم على البقاء، وأحكم سيطرته بالكامل، على الأحياء المحيطة بحمص القديمة، ما جعل الوضع الإنساني السيء يتفاقم داخل هذه الأحياء خاصة بعد نفاد جميع المواد الغذائية والطبية بشكل شبه كامل، مادفع بالمحاصرين الى التفكير باحتمالات أخرى للنجاة من هذا الوضع.

فكان الإتفاق الأول بين النظام والكتائب المقاتلة قبل شهرين من الآن، والذي سمح من خلاله النظام بخروج المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ، وإدخال القليل من المساعدات الإنسانية، في تلك الفترة بدأت المفاوضات الجدية بين المحاصرين وقوات النظام بطريقة غير مباشرة، من أجل التوصل الى اتفاق ما يخلص كلا الطرفين من عبء الإستنزاف، في ظل عدة قدرة أحد منهما على تحقيق خرق عسكري طوال عامين.

ومن يعرف طبيعة أحياء حمص القديمة، يعرف بأن لا قدرة لجيش نظامي على اقتحامها إلا بتسويتها أرضاً، كما أن المليشيات الموالية لنظام، لم تستطع إحداث أي فرق، بل أن ‘جبهة النصرة’ استطاعت أن تحقق تقدما ميدانيا في حي جب الجندلي قبل أسابيع قليلة بعد أن حاولت مليشيات موالية للنظام القيام بهجوم شامل على المحاصرين.

واستغل النظام رغبة المسلحين بالإتفاق، من أجل الضغط باتجاه فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الغربي، ولكن سيطرة مقاتلي ‘داعش’ على ريف حلب الغربي، حال دون التوصل الى اتفاق، حيث لاقدرة لأحد وقتها على إقناع ‘داعش’ بتنفيذ الإتفاق، ولكن الأمور اختلفت مع سيطرة ‘الجبهة الإسلامية’ على المنطقة وانسحاب ‘داعش’ منها، ما مهد الطريق لتصبح ‘الجبهة الإسلامية’ طرفا فاعلا في المفاوضات، والإتفاق المبرم من بعدها.

يتحدث بعض الناشطين في حمص عن عنصر قوة آخر في المفاوضات استعملته ‘الجبهة الإسلامية’ خلال المفاوضات هو ‘أسر امرأة إيرانية من قبل المقاتلين المحاصرين’ وهو خبر لم نستطع تأكيده بشكل رسمي حتى الآن، وبحسب هؤلاء الناشطين فإن هذه الأسيرة هي سبب دخول الإيرانيين على خط المفاوضات، وسبب ضمانهم خروج المقاتلين بأسلحتهم دون التعرض لهم من قبل النظام.

 النظام يتوجه نحو الريف الشمالي لحمص

خرج المقاتلون من حمص القديمة الى الريف الشمالي، الذين يتهمون قادته العسكريين بالتخاذل وعدم محاولة فك الحصار عنهم.

وباتت مدينة حمص خالية من الكتائب المسلحة ما عدا حي الوعر، والذي ينتظر اتفاقه الخاص به في الأيام القادمة بحسب بعض الناشطين، الذين يؤكدون على أن التوصل الى اتفاق بشأن حي الوعر في الأيام القادمة هو أحد شروط الإتفاق الحالي.

وبهذا يكون النظام قد أغلق ملف جبهة لطالما أزعجته واستنزفت الكثير من عناصره وعتاده، وبات بإمكانه أن يتوجه نحو الريف الشمالي حيث آخر معاقل المعارضة في حمص، من أجل إحكام السيطرة على كامل المحافظة، وتأمين طريق الساحل نهائياً.

  • فريق ماسة
  • 2014-05-07
  • 13425
  • من الأرشيف

سقوط حمص يتيح للنظام التوجه بقواته إلى ريفها الشمالي

قد لا يكون ما حدث في حمص مفاجئا لبعض المراقبين، ولكنه بالتأكيد صادم بالنسبة للشارع المعارض للنظام السوري، فحمص كانت يجب أن تكون عاصمة الثورة، وحصنها المنيع الذي صمد تحت الحصار على مدار ما يقارب العامين، ولا يستطيع أحد أن ينكر بأن النظام كسب جولة جديدة من الحرب السياسية والعسكرية التي تدور بينه وبين المعارضة. بعد سقوط حي الخالدية في قبضة الجيش النظامي، استطاع النظام سد آخر الممرات التي كان يستغلها المحاصرين لتمرير بعض المواد التي تساعدهم على البقاء، وأحكم سيطرته بالكامل، على الأحياء المحيطة بحمص القديمة، ما جعل الوضع الإنساني السيء يتفاقم داخل هذه الأحياء خاصة بعد نفاد جميع المواد الغذائية والطبية بشكل شبه كامل، مادفع بالمحاصرين الى التفكير باحتمالات أخرى للنجاة من هذا الوضع. فكان الإتفاق الأول بين النظام والكتائب المقاتلة قبل شهرين من الآن، والذي سمح من خلاله النظام بخروج المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ، وإدخال القليل من المساعدات الإنسانية، في تلك الفترة بدأت المفاوضات الجدية بين المحاصرين وقوات النظام بطريقة غير مباشرة، من أجل التوصل الى اتفاق ما يخلص كلا الطرفين من عبء الإستنزاف، في ظل عدة قدرة أحد منهما على تحقيق خرق عسكري طوال عامين. ومن يعرف طبيعة أحياء حمص القديمة، يعرف بأن لا قدرة لجيش نظامي على اقتحامها إلا بتسويتها أرضاً، كما أن المليشيات الموالية لنظام، لم تستطع إحداث أي فرق، بل أن ‘جبهة النصرة’ استطاعت أن تحقق تقدما ميدانيا في حي جب الجندلي قبل أسابيع قليلة بعد أن حاولت مليشيات موالية للنظام القيام بهجوم شامل على المحاصرين. واستغل النظام رغبة المسلحين بالإتفاق، من أجل الضغط باتجاه فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الغربي، ولكن سيطرة مقاتلي ‘داعش’ على ريف حلب الغربي، حال دون التوصل الى اتفاق، حيث لاقدرة لأحد وقتها على إقناع ‘داعش’ بتنفيذ الإتفاق، ولكن الأمور اختلفت مع سيطرة ‘الجبهة الإسلامية’ على المنطقة وانسحاب ‘داعش’ منها، ما مهد الطريق لتصبح ‘الجبهة الإسلامية’ طرفا فاعلا في المفاوضات، والإتفاق المبرم من بعدها. يتحدث بعض الناشطين في حمص عن عنصر قوة آخر في المفاوضات استعملته ‘الجبهة الإسلامية’ خلال المفاوضات هو ‘أسر امرأة إيرانية من قبل المقاتلين المحاصرين’ وهو خبر لم نستطع تأكيده بشكل رسمي حتى الآن، وبحسب هؤلاء الناشطين فإن هذه الأسيرة هي سبب دخول الإيرانيين على خط المفاوضات، وسبب ضمانهم خروج المقاتلين بأسلحتهم دون التعرض لهم من قبل النظام.  النظام يتوجه نحو الريف الشمالي لحمص خرج المقاتلون من حمص القديمة الى الريف الشمالي، الذين يتهمون قادته العسكريين بالتخاذل وعدم محاولة فك الحصار عنهم. وباتت مدينة حمص خالية من الكتائب المسلحة ما عدا حي الوعر، والذي ينتظر اتفاقه الخاص به في الأيام القادمة بحسب بعض الناشطين، الذين يؤكدون على أن التوصل الى اتفاق بشأن حي الوعر في الأيام القادمة هو أحد شروط الإتفاق الحالي. وبهذا يكون النظام قد أغلق ملف جبهة لطالما أزعجته واستنزفت الكثير من عناصره وعتاده، وبات بإمكانه أن يتوجه نحو الريف الشمالي حيث آخر معاقل المعارضة في حمص، من أجل إحكام السيطرة على كامل المحافظة، وتأمين طريق الساحل نهائياً.

المصدر : الماسة السورية/ محمد دياب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة