تحت عنوان في صحيفة ‘كريستيان ساينس مونيتور’ الأمريكية ‘ كيف صنع الدعم السعودي قائدا من عامل بناء’ في إشارة لزعيم ‘جبهة ثوار سوريا’ التي قالت الصحيفة إن السعوديين على ما يبدو اختاروه، وهو جمال معروف وأكدوا على تزويده بالمال والدعم. لكن الصحيفة تقول إن المال لا يمكنه شراء الولاء وللأبد.

وجاء في التقرير الذي كتبه دومنيك سوغيل من منطقة هاتاي في جنوب تركيا أن ‘الأمريكيين يحاولون وبدأب البحث عن فصيل سوري مسلح يمكنهم دعمه ويرتاحون لتقديم المال والسلاح له، إلا أن السعوديين على ما يبدو اختاروا رجلهم، وخلال أقل من ثلاثة أعوام دفعت جيوبهم العميقة المليئة بالنقود جمال معروف عامل البناء السابق ليصبح واحدا من أقوى القادة العسكريين في الحرب الاهلية السورية’.

كتيبة جبل الزاوية

وكان أول ظهور لمعروف بحسب التقرير في عام 2011 كقائد ‘كتيبة جبل الزاوية’ والتي كانت مجموعة مسلحة بعدد قليل من المقاتلين لا يتجاوز الأربعين رجلا. وفي عام 2012 استطاع معروف تأمين الدعم السعودي له حيث حصل منهم على المال والسلاح والعلاقات الخارجية والولاءات من الجماعات الأخرى التي تدعمها السعودية.

فقد قامت الأخيرة مع دول الخليج الأخرى بتقديم المال والمدربين والمتطوعين لجماعات المقاتلين.

وعندما اندمجت مجموعته في كانون الأول/ديسمبر 2013 مع كتائب أخرى لتشكيل ‘جبهة ثوار سوريا’ كان الإختيار المناسب لقيادة تحالف القوى هذه حيث شاركت الجبهة في المعارك ضد الجماعات الجهادية في شمال سوريا. وفي الآونة الأخيرة ‘برزت علامات استفهام حول قيادة معروف وإن كان فعلا يقود أو يحظى بولاء الكتائب التي يريد دعمها’.

وتضيف الصحيفة إلى أن ‘جبهة ثوار سوريا’ حاولت جذب انتباه أمريكا والحصول على دعم منها لكن واشنطن على ما يبدو اختارت الفصيل الذي تريده وهو مجموعة منشقة عن جبهة معروف واسمها ‘حركة حزم’ التي ستحصل على الدعم العسكري الأمريكي أو معظمه.

ويقول معروف إن الولايات المتحدة تقدم له دعما من معدات غير فتاكة منذ آذار/مارس الماضي.

دعم من الائتلاف الوطني

وتشير الصحيفة إلى علاقة ‘جبهة ثوار سوريا’ مع الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة حيث قام زعيم الائتلاف أحمد الجربا بزيارة شمال سوريا والتقى مع معروف. ويقوم الجربا الآن بزيارة رسمية لواشنطن والتي تزامنت مع إعلان الحكومة الأمريكية عن ترفيع التمثيل الدبلوماسي للائتلاف وفتح بعثة دبلوماسية له في واشنطن ونيويورك.

وينقل التقرير عن الباحث المتخصص في سوريا آرون لوند قوله إن السعودية والحكومات الأخرى ترى في معروف ‘الوجه الجديد للثورة’.

ويضيف لوند الذي يدير موقع ‘سوريا في أزمة’ في مركز كارنيغي للسلام الدولي ‘ يعتبر جمال معروف واحدا من أقوى القادة العسكريين في سوريا’. وتضيف أن معروف عادة ما يقوم بإدارة المعارك على الجبهات في شمال سوريا لكنه أحيانا يقيم في هاتاي، المكان الذي يتوقف فيه المقاتلون السوريون بشكل منتظم للراحة والعلاج.

وكان معروف قد عمل مدة 20 عاما في قطاع البناء في لبنان، وبدأ بالمشاركة في التظاهرات المعارضة لبشار الأسد في بلده جبل الزاوية عام 2011 وهي التظاهرات التي استلهمت التجربتين التونسية والمصرية.

ولكنه قرر في حزيران/يونيو تشكيل مجموعة عسكرية بعد اقتناعه أن لا بديل عن الحل العسكري. وحقق انتصاره العسكري الأول بعد اجباره القوات السورية على الخروج من بلدة معرة النعمان، وبعدها حقق مجموعة من الإنتصارات العسكرية الصغيرة ويزعم أنه أول من أسقط طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو السوري.

وصل الجهاديون

وبعدها جاء الجهاديون الأجانب الذين لقوا في البداية ترحيبا من المقاتلين السوريين نظرا لكفاءتهم وشجاعتهم في مواجهة قوات النظام. ولكن المقاتلين السوريين بدأوا لاحقا بالتضايق من ممارساتهم ‘بدأوا بإقامة إمارات وقرروا حكمنا باسم الدين’ كما نقل التقرير عن معروف الذي أضاف ‘كانوا يريدون تعليمنا كيف نكون مسلمين’.

وأدت مظاهر الحنق على الجماعات الإسلامية المتشددة لبروز تيار معارض لهم، ففي كانون الثاني/يناير شارك معروف بطرد مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام من محافظة إدلب، مؤكدا كما يقول إنه مقاتل معتدل يقف مع المصالح الأمريكية في سوريا. والذي يميز جبهة ثوار سوريا عن بقية الفصائل المقاتلة خاصة تلك المرتبطة بالقاعدة هو غياب المقاتلين الأجانب، فمعظم المقاتلين سوريون يقاتلون من أجل سوريا.

ويقول معروف إن القاعدة تقاتل في العراق ولبنان وأفغانستان وفي سوريا ‘أما نحن فواضح من نقاتل وما نقاتل من أجله، نحن نقاتل النظام’.

ويشير تقرير الصحيفة إن معروف ليست لديه طموحات سياسية ويؤكد على أهمية تقرير السوريين شكل الحكومة التي يريدونها عبر صناديق الإقتراع ويجب حماية الأقليات بمن فيهم العلويون، الطائفة التي ينتمي إليها بشار الأسد.

وفي المقابل لم ينج معروف من النقد حيث اتهم بالإنتهازية وانه يتربح من الحرب وأنه لا يقاتل دفاعا عن أيديولوجية ولكن من أجل من يمولونه خاصة السعوديين.

أسئلة حول قدراته

وطرح آخرون أسئلة حول قدراته في المعارك. ويقول لوند إن سياسات معروف على ما يبدو متساوقة مع تلك التي تروج لها الحكومة السعودية.

مشيرا إلى أن جبهة معروف هي الفصيل الكبير الذي دعم محادثات جنيف هذا الربيع وأرسل للمؤتمر ممثلين عن الجبهة. ويرى لوند أن قدرة معروف وتأثيره تأتي من ‘جيبه’ أو المال الذي يأتيه ولو ‘قطع الدعم الخارجي عن الجبهة فلربما انهارت بشكل سريع′.

وحتى بوجود الدعم لم تكن الجبهة قادرة على مواصلة النجاحات مما أدى لانهيار التحالف حسب محمود حمد، الذي كان في وزارة الدفاع السورية قبل انشقاقه في كانون الأول/ديسمبر 2011، والذي قال إن معروف لم يكن قادرا على الإحتفاظ أو الإنتصار في حملتين ضد النظام وحمل معروف مسؤولية خسارة مناطق وحقول نفط، حيث قامت الدولة الإسلامية في العراق والشام بالسيطرة على حقل نفط في جبل الشعير كان تحت سيطرة معروف.

وتساءل مقاتل آخر فر من الرقة التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية ‘داعش’ ‘إذا كانت لديه كل هذه القوة فلما لا تزال الرقة بيد داعش’.

ويقول حمد إن مشكلة معروف أن من يعمل معه هم الشباب العاطلين عن العمل الذين انضموا إليه للحصول على المال ولا هدف لديهم في القتال. ويشكك في حمد في ما تقوله السعودية والولايات المتحدة اللتان تقدمان معروف كقائد بارز قادر على مواجهة النظام والجهاديين مع أنه عاجز من هزيمة الطرفين.

خوف سعودي

ويأتي الدعم السعودي لمعروف وغيره متناقضا مع الإجراءات التي تتخذها لمكافحة الإرهاب في داخل البلاد.

وفي ضوء ما أعلنت عنه وزارة الداخلية السعودية من اكتشاف خلية إرهابية مكونة من سعوديين ومقيمين أجانب ‘فلسطيني وباكستاني ويمني’ قالت إنهم كانوا يخططون للقيام بهجمات إرهابية ضد منشآت حكومية ومصالح أجنبية وأنهم كانوا ينسقون مع الجماعات الجهادية في العراق وسوريا واليمن.

ولاحظ محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة ‘الغارديان’ البريطانية إيان بلاك أن إعلان الحكومة السعودية يأتي في ظل قلق السعودية من وصول آثار ومخاطر الجماعات الجهادية التي تقاتل في سوريا رغم حماس الحكومة السعودية للحرب هناك ودعمها الجماعات المقاتلة بالمال والأسلحة والمساعدات اللوجيستية من أجل الإطاحة بنظام بشار الأسد.

وأشار بلاك إلى استقالة مدير المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان الشهر الماضي بعد فشله أو خسارته النقاش المتعلق بأولويات الأمن السعودي. وتم تعيين الأمير محمد بن نايف خلفا له لإدارة الملف السوري، والذي يتولى منصب وزير الداخلية ومرشح محتمل لتولي الملك في بلاده مستقبلا.

ويعمل الأمير محمد بن نايف على الملف وفي ذهنه تجنب تكرار التجربة التي أدت لظهور أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة أثناء الحرب الأفغانية في الثمانينيات من القرن الماضي.

وجاء في بيان الداخلية السعودية إن الخلية اكتشفت من خلال مراقبة نشاطاتها مشبوهة لها على وسائل التواصل الإجتماعي والتي يفترض أنها مراقبة بشكل شديد من المخابرات السعودية.

وقال اللواء منصورالشهري المتحدث باسم الداخلية السعودية إن ‘عناصر من القاعدة في اليمن كانوا على اتصال مع نظرائهم في سوريا وينسقون مع عدد من الشباب المضللين في عدد من مناطق المملكة. ويقول بلاك إن السعودية قامت في آذار/مارس الماضي بنشر قائمة تضم أسماء المنظمات الإرهابية وتضم جبهة النصرة السورية المرتبطة بالقاعدة وحزب الله السعودي وجماعة الحوثيين وجماعة الإخوان المسلمين المصرية.

ويحرم على السعوديين الآن وبشكل رسمي ‘المشاركة أو الدعوة للقتال في محاور الحرب في بلدان أخرى’ وكذا يحظر عليهم المشاركة في تظاهرات.

 سياسة أوباما

وكان المعلق الأمريكي ديفيد إغناطيوس، الذي يكتب في صحيفة ‘واشنطن بوست’ أول المعلقين الأمريكيين الذين تبنوا معروف بعد أن تبنى ودافع عن رئيس هيئة أركان الجيش الحر السابق سليم إدريس.

وفي تعليق لأغناطيوس على تصريحات أوباما في مانيلا أثناء زيارته لمنطقة جنوب شرق آسيا والتي تحدث فيها عن نجاحات سياساته الخارجية قائلا ‘كان من المؤلم مراقبة فيديو على اليوتيوب للرئيس أوباما في مانيلا الأسبوع الماضي وهو يتحدث فيه أنه حقق نجاحات فردية وزوجية في السياسة الخارجية، فكل شيء يقوله مدروس، ومعظم هذا صحيح ولكنه يتصرف وكأنه يتحدث لعالم عقلاني، مضاد للعالم الذي يعيش فيه قادة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين’.

ويضيف الكاتب في مقالته التي عنونها ‘تكلم قليلا واعمل كثيرا’ ونشرتها ‘واشنطن بوست’ ‘في عالم السياسة، يحصل الرؤساء الأمريكيون على النقاط ليس لأنهم محقون ولكن لأنهم أقوياء، فالرؤساء يقولون إنهم سيضربون الكرة بقوة تخرجها من الملعب أو لا يقولون شيئا. فالعوامل غير الظاهرة من القوة والمصداقية هي في الحقيقة جزء من نظام القواعد الدولي’.

ويرى الكاتب أن أمريكا في ظل أوباما أصابها ضرر حقيقي في سمعتها، فالكاتب مع ذلك متعاطف مع الكثير من أهداف السياسة الخارجية لأوباما. ويعتقد أن سبب الضرر هو ‘من عمل اليد ولأن الإدارة ركزت على الرسالة ذات المدى القصير’.

ويرى أن التحول الرئيسي في هذه السياسة كان في مصر وليبيا أثناء الربيع العربي. وفي سوريا وبنغازي وأوكرانيا كانت الإدارة، ‘نعم معنية بأولويات توصيل الرسالة بدلا من التركيز على سياسة واضحة وتخدم المصالح الأمريكية’.

ومن هنا يرى أن ما جرى في بنغازي عام 2012 ومقتل السفير الأمريكي فيها لم تكن مؤامرة إجرامية كما تخيلها المحافظون ولكنها أظهرت إدارة كانت تفكر فيما تقوله للرأي العام أكثر مما يجب عمله. ويتساءل عن الكيفية التي يمكن بها لأوباما إصلاح الضرر فيها؟ والجواب هو أن تكون حذرا.

ففكرة كون الإدارة ضعيفة قد تدفع الرئيس لاتخاذ قرارات مستعجلة كي يظهر قوته، ‘وكلما انزلقت عميقا نحو ثقب السمعة كلما تورطت’ يقول إغناطيوس، ويضيف أن ‘واحدا من مظاهر قوة أوباما هو فهمه لقيمة الحذر، فقد يكون حازما كما فعل مع مقتل أسامة بن لادن في أيار/مايو 2011، وقد يكون مترددا في اتخاذ القرار عندما لا يكون متيقنا من النتيجة، وفي هذا يستحق الثناء، وعليه فإن على البلاد تقدير رئيس يدرس الأمور بدقة خاصة عندما يعرف أن خيارات الولايات المتحدة محدودة في التعامل مع بوتين في أوكرانيا’.

وفي الوقت الذي يمكن التعاطف فيه مع أوباما حول ما قاله في العاصمة الفلبينية مانيلا وعندما عنف من طالبوا بسياسة خارجية حازمة ‘ماذا تعنون؟’ قال أوباما، ولكن الرئيس كان محقا في مواقفه ودفاعه عن سياسته الخارجية لمدى معين، فقبل عامين نصحه مستشاروه بتقديم الدعم السري للمعارضة السورية، وكان عليه الإستجابة لهم، بالإضافة لذلك فقد أخطأ أوباما عندما تحدث عن ‘خط أحمر’ فنقاده لم يجبروه على هذا فيما يتعلق بالسلاح الكيميائي. ومن هنا قال أحد المسؤولين الأمريكيين ‘تحدث قليلا وافعل أكثر’.

  • فريق ماسة
  • 2014-05-07
  • 13975
  • من الأرشيف

السعودية اختارت قائد ‘جبهة ثوار سوريا’ لدعمه بالمال والسلاح وأسئلة حول قدراته القيادية

تحت عنوان في صحيفة ‘كريستيان ساينس مونيتور’ الأمريكية ‘ كيف صنع الدعم السعودي قائدا من عامل بناء’ في إشارة لزعيم ‘جبهة ثوار سوريا’ التي قالت الصحيفة إن السعوديين على ما يبدو اختاروه، وهو جمال معروف وأكدوا على تزويده بالمال والدعم. لكن الصحيفة تقول إن المال لا يمكنه شراء الولاء وللأبد. وجاء في التقرير الذي كتبه دومنيك سوغيل من منطقة هاتاي في جنوب تركيا أن ‘الأمريكيين يحاولون وبدأب البحث عن فصيل سوري مسلح يمكنهم دعمه ويرتاحون لتقديم المال والسلاح له، إلا أن السعوديين على ما يبدو اختاروا رجلهم، وخلال أقل من ثلاثة أعوام دفعت جيوبهم العميقة المليئة بالنقود جمال معروف عامل البناء السابق ليصبح واحدا من أقوى القادة العسكريين في الحرب الاهلية السورية’. كتيبة جبل الزاوية وكان أول ظهور لمعروف بحسب التقرير في عام 2011 كقائد ‘كتيبة جبل الزاوية’ والتي كانت مجموعة مسلحة بعدد قليل من المقاتلين لا يتجاوز الأربعين رجلا. وفي عام 2012 استطاع معروف تأمين الدعم السعودي له حيث حصل منهم على المال والسلاح والعلاقات الخارجية والولاءات من الجماعات الأخرى التي تدعمها السعودية. فقد قامت الأخيرة مع دول الخليج الأخرى بتقديم المال والمدربين والمتطوعين لجماعات المقاتلين. وعندما اندمجت مجموعته في كانون الأول/ديسمبر 2013 مع كتائب أخرى لتشكيل ‘جبهة ثوار سوريا’ كان الإختيار المناسب لقيادة تحالف القوى هذه حيث شاركت الجبهة في المعارك ضد الجماعات الجهادية في شمال سوريا. وفي الآونة الأخيرة ‘برزت علامات استفهام حول قيادة معروف وإن كان فعلا يقود أو يحظى بولاء الكتائب التي يريد دعمها’. وتضيف الصحيفة إلى أن ‘جبهة ثوار سوريا’ حاولت جذب انتباه أمريكا والحصول على دعم منها لكن واشنطن على ما يبدو اختارت الفصيل الذي تريده وهو مجموعة منشقة عن جبهة معروف واسمها ‘حركة حزم’ التي ستحصل على الدعم العسكري الأمريكي أو معظمه. ويقول معروف إن الولايات المتحدة تقدم له دعما من معدات غير فتاكة منذ آذار/مارس الماضي. دعم من الائتلاف الوطني وتشير الصحيفة إلى علاقة ‘جبهة ثوار سوريا’ مع الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة حيث قام زعيم الائتلاف أحمد الجربا بزيارة شمال سوريا والتقى مع معروف. ويقوم الجربا الآن بزيارة رسمية لواشنطن والتي تزامنت مع إعلان الحكومة الأمريكية عن ترفيع التمثيل الدبلوماسي للائتلاف وفتح بعثة دبلوماسية له في واشنطن ونيويورك. وينقل التقرير عن الباحث المتخصص في سوريا آرون لوند قوله إن السعودية والحكومات الأخرى ترى في معروف ‘الوجه الجديد للثورة’. ويضيف لوند الذي يدير موقع ‘سوريا في أزمة’ في مركز كارنيغي للسلام الدولي ‘ يعتبر جمال معروف واحدا من أقوى القادة العسكريين في سوريا’. وتضيف أن معروف عادة ما يقوم بإدارة المعارك على الجبهات في شمال سوريا لكنه أحيانا يقيم في هاتاي، المكان الذي يتوقف فيه المقاتلون السوريون بشكل منتظم للراحة والعلاج. وكان معروف قد عمل مدة 20 عاما في قطاع البناء في لبنان، وبدأ بالمشاركة في التظاهرات المعارضة لبشار الأسد في بلده جبل الزاوية عام 2011 وهي التظاهرات التي استلهمت التجربتين التونسية والمصرية. ولكنه قرر في حزيران/يونيو تشكيل مجموعة عسكرية بعد اقتناعه أن لا بديل عن الحل العسكري. وحقق انتصاره العسكري الأول بعد اجباره القوات السورية على الخروج من بلدة معرة النعمان، وبعدها حقق مجموعة من الإنتصارات العسكرية الصغيرة ويزعم أنه أول من أسقط طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو السوري. وصل الجهاديون وبعدها جاء الجهاديون الأجانب الذين لقوا في البداية ترحيبا من المقاتلين السوريين نظرا لكفاءتهم وشجاعتهم في مواجهة قوات النظام. ولكن المقاتلين السوريين بدأوا لاحقا بالتضايق من ممارساتهم ‘بدأوا بإقامة إمارات وقرروا حكمنا باسم الدين’ كما نقل التقرير عن معروف الذي أضاف ‘كانوا يريدون تعليمنا كيف نكون مسلمين’. وأدت مظاهر الحنق على الجماعات الإسلامية المتشددة لبروز تيار معارض لهم، ففي كانون الثاني/يناير شارك معروف بطرد مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام من محافظة إدلب، مؤكدا كما يقول إنه مقاتل معتدل يقف مع المصالح الأمريكية في سوريا. والذي يميز جبهة ثوار سوريا عن بقية الفصائل المقاتلة خاصة تلك المرتبطة بالقاعدة هو غياب المقاتلين الأجانب، فمعظم المقاتلين سوريون يقاتلون من أجل سوريا. ويقول معروف إن القاعدة تقاتل في العراق ولبنان وأفغانستان وفي سوريا ‘أما نحن فواضح من نقاتل وما نقاتل من أجله، نحن نقاتل النظام’. ويشير تقرير الصحيفة إن معروف ليست لديه طموحات سياسية ويؤكد على أهمية تقرير السوريين شكل الحكومة التي يريدونها عبر صناديق الإقتراع ويجب حماية الأقليات بمن فيهم العلويون، الطائفة التي ينتمي إليها بشار الأسد. وفي المقابل لم ينج معروف من النقد حيث اتهم بالإنتهازية وانه يتربح من الحرب وأنه لا يقاتل دفاعا عن أيديولوجية ولكن من أجل من يمولونه خاصة السعوديين. أسئلة حول قدراته وطرح آخرون أسئلة حول قدراته في المعارك. ويقول لوند إن سياسات معروف على ما يبدو متساوقة مع تلك التي تروج لها الحكومة السعودية. مشيرا إلى أن جبهة معروف هي الفصيل الكبير الذي دعم محادثات جنيف هذا الربيع وأرسل للمؤتمر ممثلين عن الجبهة. ويرى لوند أن قدرة معروف وتأثيره تأتي من ‘جيبه’ أو المال الذي يأتيه ولو ‘قطع الدعم الخارجي عن الجبهة فلربما انهارت بشكل سريع′. وحتى بوجود الدعم لم تكن الجبهة قادرة على مواصلة النجاحات مما أدى لانهيار التحالف حسب محمود حمد، الذي كان في وزارة الدفاع السورية قبل انشقاقه في كانون الأول/ديسمبر 2011، والذي قال إن معروف لم يكن قادرا على الإحتفاظ أو الإنتصار في حملتين ضد النظام وحمل معروف مسؤولية خسارة مناطق وحقول نفط، حيث قامت الدولة الإسلامية في العراق والشام بالسيطرة على حقل نفط في جبل الشعير كان تحت سيطرة معروف. وتساءل مقاتل آخر فر من الرقة التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية ‘داعش’ ‘إذا كانت لديه كل هذه القوة فلما لا تزال الرقة بيد داعش’. ويقول حمد إن مشكلة معروف أن من يعمل معه هم الشباب العاطلين عن العمل الذين انضموا إليه للحصول على المال ولا هدف لديهم في القتال. ويشكك في حمد في ما تقوله السعودية والولايات المتحدة اللتان تقدمان معروف كقائد بارز قادر على مواجهة النظام والجهاديين مع أنه عاجز من هزيمة الطرفين. خوف سعودي ويأتي الدعم السعودي لمعروف وغيره متناقضا مع الإجراءات التي تتخذها لمكافحة الإرهاب في داخل البلاد. وفي ضوء ما أعلنت عنه وزارة الداخلية السعودية من اكتشاف خلية إرهابية مكونة من سعوديين ومقيمين أجانب ‘فلسطيني وباكستاني ويمني’ قالت إنهم كانوا يخططون للقيام بهجمات إرهابية ضد منشآت حكومية ومصالح أجنبية وأنهم كانوا ينسقون مع الجماعات الجهادية في العراق وسوريا واليمن. ولاحظ محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة ‘الغارديان’ البريطانية إيان بلاك أن إعلان الحكومة السعودية يأتي في ظل قلق السعودية من وصول آثار ومخاطر الجماعات الجهادية التي تقاتل في سوريا رغم حماس الحكومة السعودية للحرب هناك ودعمها الجماعات المقاتلة بالمال والأسلحة والمساعدات اللوجيستية من أجل الإطاحة بنظام بشار الأسد. وأشار بلاك إلى استقالة مدير المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان الشهر الماضي بعد فشله أو خسارته النقاش المتعلق بأولويات الأمن السعودي. وتم تعيين الأمير محمد بن نايف خلفا له لإدارة الملف السوري، والذي يتولى منصب وزير الداخلية ومرشح محتمل لتولي الملك في بلاده مستقبلا. ويعمل الأمير محمد بن نايف على الملف وفي ذهنه تجنب تكرار التجربة التي أدت لظهور أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة أثناء الحرب الأفغانية في الثمانينيات من القرن الماضي. وجاء في بيان الداخلية السعودية إن الخلية اكتشفت من خلال مراقبة نشاطاتها مشبوهة لها على وسائل التواصل الإجتماعي والتي يفترض أنها مراقبة بشكل شديد من المخابرات السعودية. وقال اللواء منصورالشهري المتحدث باسم الداخلية السعودية إن ‘عناصر من القاعدة في اليمن كانوا على اتصال مع نظرائهم في سوريا وينسقون مع عدد من الشباب المضللين في عدد من مناطق المملكة. ويقول بلاك إن السعودية قامت في آذار/مارس الماضي بنشر قائمة تضم أسماء المنظمات الإرهابية وتضم جبهة النصرة السورية المرتبطة بالقاعدة وحزب الله السعودي وجماعة الحوثيين وجماعة الإخوان المسلمين المصرية. ويحرم على السعوديين الآن وبشكل رسمي ‘المشاركة أو الدعوة للقتال في محاور الحرب في بلدان أخرى’ وكذا يحظر عليهم المشاركة في تظاهرات.  سياسة أوباما وكان المعلق الأمريكي ديفيد إغناطيوس، الذي يكتب في صحيفة ‘واشنطن بوست’ أول المعلقين الأمريكيين الذين تبنوا معروف بعد أن تبنى ودافع عن رئيس هيئة أركان الجيش الحر السابق سليم إدريس. وفي تعليق لأغناطيوس على تصريحات أوباما في مانيلا أثناء زيارته لمنطقة جنوب شرق آسيا والتي تحدث فيها عن نجاحات سياساته الخارجية قائلا ‘كان من المؤلم مراقبة فيديو على اليوتيوب للرئيس أوباما في مانيلا الأسبوع الماضي وهو يتحدث فيه أنه حقق نجاحات فردية وزوجية في السياسة الخارجية، فكل شيء يقوله مدروس، ومعظم هذا صحيح ولكنه يتصرف وكأنه يتحدث لعالم عقلاني، مضاد للعالم الذي يعيش فيه قادة مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين’. ويضيف الكاتب في مقالته التي عنونها ‘تكلم قليلا واعمل كثيرا’ ونشرتها ‘واشنطن بوست’ ‘في عالم السياسة، يحصل الرؤساء الأمريكيون على النقاط ليس لأنهم محقون ولكن لأنهم أقوياء، فالرؤساء يقولون إنهم سيضربون الكرة بقوة تخرجها من الملعب أو لا يقولون شيئا. فالعوامل غير الظاهرة من القوة والمصداقية هي في الحقيقة جزء من نظام القواعد الدولي’. ويرى الكاتب أن أمريكا في ظل أوباما أصابها ضرر حقيقي في سمعتها، فالكاتب مع ذلك متعاطف مع الكثير من أهداف السياسة الخارجية لأوباما. ويعتقد أن سبب الضرر هو ‘من عمل اليد ولأن الإدارة ركزت على الرسالة ذات المدى القصير’. ويرى أن التحول الرئيسي في هذه السياسة كان في مصر وليبيا أثناء الربيع العربي. وفي سوريا وبنغازي وأوكرانيا كانت الإدارة، ‘نعم معنية بأولويات توصيل الرسالة بدلا من التركيز على سياسة واضحة وتخدم المصالح الأمريكية’. ومن هنا يرى أن ما جرى في بنغازي عام 2012 ومقتل السفير الأمريكي فيها لم تكن مؤامرة إجرامية كما تخيلها المحافظون ولكنها أظهرت إدارة كانت تفكر فيما تقوله للرأي العام أكثر مما يجب عمله. ويتساءل عن الكيفية التي يمكن بها لأوباما إصلاح الضرر فيها؟ والجواب هو أن تكون حذرا. ففكرة كون الإدارة ضعيفة قد تدفع الرئيس لاتخاذ قرارات مستعجلة كي يظهر قوته، ‘وكلما انزلقت عميقا نحو ثقب السمعة كلما تورطت’ يقول إغناطيوس، ويضيف أن ‘واحدا من مظاهر قوة أوباما هو فهمه لقيمة الحذر، فقد يكون حازما كما فعل مع مقتل أسامة بن لادن في أيار/مايو 2011، وقد يكون مترددا في اتخاذ القرار عندما لا يكون متيقنا من النتيجة، وفي هذا يستحق الثناء، وعليه فإن على البلاد تقدير رئيس يدرس الأمور بدقة خاصة عندما يعرف أن خيارات الولايات المتحدة محدودة في التعامل مع بوتين في أوكرانيا’. وفي الوقت الذي يمكن التعاطف فيه مع أوباما حول ما قاله في العاصمة الفلبينية مانيلا وعندما عنف من طالبوا بسياسة خارجية حازمة ‘ماذا تعنون؟’ قال أوباما، ولكن الرئيس كان محقا في مواقفه ودفاعه عن سياسته الخارجية لمدى معين، فقبل عامين نصحه مستشاروه بتقديم الدعم السري للمعارضة السورية، وكان عليه الإستجابة لهم، بالإضافة لذلك فقد أخطأ أوباما عندما تحدث عن ‘خط أحمر’ فنقاده لم يجبروه على هذا فيما يتعلق بالسلاح الكيميائي. ومن هنا قال أحد المسؤولين الأمريكيين ‘تحدث قليلا وافعل أكثر’.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة