اليوم السوري لم يكن عادياً بالأمس. هو بالتأكيد امتداد لسنوات الدم الثلاث، لكن رصد المشهد العام لساحات الاشتباك، يشير بوضوح الى ثلاث نقاط اشتباك اساسية، تعكس بشكل لا لبس فيه الأبعاد الإقليمية للصراع السوري، ومخاطر نيرانه على المنطقة، من الحدود العراقية الى الحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة في درعا والقنيطرة، وصولاً الى منطقة كسب على حدود السيطرة الحدودية التركية في لواء الاسكندرون، إذ جرت أول عملية إنزال بحري للجيش السوري معلن عنها في إطار الحرب السورية، قد تؤدي، اذا ما ترسخت أقدام قوات الإنزال، الى بدء العد العكسي لما بات يعرف باسم معركة كسب.

 

وإلى جانب هذا المشهد الملتهب حدودياً، لم تكن مدينة حلب وريفها غائبة عن مشهد الحرب، حيث يبدو حتى الآن ان الجيش السوري تمكن من إحباط موجات الهجمات المتتالية التي شنتها التنظيمات المسلحة، بقيادات قوقازية، في اكثر من محور، ومضى في المقابل الى ترسيخ سيطرته على الراموسة لتأمين خطوط إمداده عبر منطقة خناصر، والولوج الى قلب المدينة الصناعية واستعادة منطقة المطاحن، والتقدم أيضاً باتجاه حي الشيخ سعيد، وذلك في وقت تسبب قصف الفصائل المسلحة على مدينة حلب في مقتل اكثر من 40 شخصاً وإصابة مئة.

 

ألا أن النقاط الحدودية الثلاث خطفت المشهد العسكري بالأمس، في منطقة السمرا، النقطة الأخيرة على الحدود مع القوات التركية، حيث جرى الإنزال العسكري البحري السوري الأول من نوعه منذ بداية الحرب.. بالاضافة للسيطرة على تلال هامة، وفي البوكمال، على الحدود مع العراق حيث شنت طوافات عراقية للمرة الاولى غارات على قافلة وقود كانت متجهة الى مناطق سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، بعد نحو عشرة أيام فقط على الضربة الجوية الأولى من نوعها أيضاً التي نفذها سلاح الجو الأردني على قافلة سيارات لمسلحين سوريين في منطقة التداخل الحدودي الأردني – السوري. اما نقطة الاشتعال الثالثة فكانت في منطقتي القنيطرة ـ درعا في أقصى الجنوب السوري حيث حقق مسلحو المعارضة تقدماً.

 

معركة كسب ـ السمرا

 

شهدت «معركة كسب» تحولاً عسكرياً مهماً، قد تكون له تداعياته الكبرى على المشهد الميداني في ريف اللاذقية، وعلى الحدود مع تركيا التي كانت شرّعت حدودها لهجوم كبير ومباغت لمسلحين «جهاديين» على بلدة كسب، قبل عشرة أيام من الانتخابات التركية التي جرت في 30 آذار الماضي.

 

وكما هو معلوم، فإن الجيش السوري، تمكن بعد معارك كرّ وفرّ، من تثبيت خطوط المواجهات ضمن مساحة بحدود الـ20 كلم مربع، وبخط نار مع الحدود لا يتعدى الخمسة كيلومترات، واستعاد السيطرة على موقع «المرصد 45» الإستراتيجي، ومنع وصول الاندفاعة «الجهادية» الى البدروسية، وفرض وضع الحياد على موقع النقطة تشالما، وأفشل الهجوم باتجاه بلدة قسطل معاف.

 

وقال مصدر مطلع على التطورات العسكرية في منطقة كسب، إنه في ظل هذه الأجواء وتراجع حماسة المهاجمين بعد حوالى 40 يوماً على بدء توغلهم «الانتحاري» انطلاقاً من الاراضي التركية، صارت المراوحة سيدة المشهد.

 

وفي المعلومات التي توفرت لـ«السفير» فإن القوات السورية اغتنمت حالة الجمود الميداني القائمة، ونقلت مجموعات متنوعة من قوات الاقتحام المتخصصة في الجيش السوري وحلفائه، بعد دراسة دقيقة للجبهة وظروف المعركة وتثبيت المواقع وتحديد اولويات الهجوم، لتأتي المفاجأة الكبرى في عملية الإنزال البحري التي جرت في قرية السمرا.

 

واعتبر المصدر أن مفاجأة الإنزال البحري والسيطرة على السمرا بالأمس، كانت بحجم المفاجأة المباغتة التي رافقت الهجوم البري على كسب في 21 آذار الماضي، من داخل الاراضي التركية، وبمساندة عسكرية تركية واضحة، تضمنت الى جانب عبور المسلحين للحدود، الغطاء المدفعي التركي، ثم إسقاط طائرة «الميغ» السورية.

لكن المؤكد، كما سربت وسائل الإعلام التركية، أن بطاريات الدفاع الجوي السوري كانت خلال الأسبوعين الماضيين، تعمل بنشاط لمنع المقاتلات الجوية التركية من الاقتراب او ربما التدخل في سير الاشتباكات التي كانت تراوح مكانها، وهي حالة تأهب كانت بمثابة «صفعة»، وشكلاً من أشكال الرد السوري ـ الروسي ـ الإيراني على الدور التركي في كسب، لا يقل اهمية عنه، نشاط قطع الأسطول الروسي مؤخراً قبالة السواحل السورية، ما بين طرطوس واللاذقية.

 

لكن المصدر المطلع يعتبر أن الصفعة الكبرى على التدخل البري، جاءت من البحر عبر الإنزال العسكري السوري، اذ تم في النقطة الأخيرة عند الحدود من دون أن يحرك الأتراك ساكناً، علماً أن السمرا المطلة مباشرة على البحر المتوسط، لم تكن بهذه الأهمية الإستراتيجية كمنفذ بحري للمسلحين، كما أشيع في بداية معركة كسب، في ظل وجود المدى البحري والبري التركي المفتوح لهم منذ بدايات الحرب السورية، مشيراً الى أن السيطرة على كسب وقتها شكلت عاملاً رمزياً ومعنوياً، لكن استعادتها الآن تؤكد على المعنى السيادي السوري على آخر نقطة على الحدود مع تركيا، وهي بمثابة رد اعتبار على الصفعة التركية في كسب.

 

وفي حين تكتمت سوريا على الإشارة الى حجم قوات الإنزال في السمرا، إلا أنها اكتفت بالقول إن العملية كانت خاطفة وإن المسلحين تكبدوا خسائر فادحة وإنه جرت السيطرة على مخفر القرية ورفع العلم السوري. وأشار المصدر الى أن الجهد خلال الأيام الماضية كان يتركز على محاولة قطع الطريق بين كسب والسمرا (خصوصاً في تلة الصخرة والنبعين) حيث دارت اشتباكات على تلك المحاور خلال الأيام الخمسة الماضية.

وخلص المصدر الى القول إنه إذا استمرت المعركة وصولاً الى استعادة ما خسره الجيش في كسب ومحيطها، فإن ذلك سيكون له مغزاه الأوسع في إطار الصراع العسكري والسياسي القائم.

 

إلى ذلك (ا ف ب)، أغارت طوافات عراقية على موكب مؤلف من ثمانية صهاريج داخل الأراضي السورية كانت تحاول نقل وقود إلى تنظيم «داعش» في محافظة الأنبار.

 

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن إن «طوافات الجيش ضربت ثمانية صهاريج وقود في وادي الصواب في البوكمال داخل سوريا كانت تحاول الدخول إلى الأراضي العراقية». وأضاف إن «ثمانية أشخاص قتلوا على الأقل في هذه العملية، هم الأشخاص الذين كانوا يقودون الصهاريج ويحاولون نقل الوقود» إلى «داعش» في محافظة الأنبار.

 

ويقع وادي الصواب قرب مدينة البوكمال السورية التي لها معبر حدودي مع مدينة القائم العراقية (340 كلم غرب بغداد) يسيطر عليه مسلحون من «جبهة النصرة». وأكد معن انه «لم يكن هناك من تنسيق مع النظام السوري. مسؤوليتنا اليوم هي حماية حدودنا والحدود من الجانب الآخر، لأنه ليس هناك من حماية من الجانب الآخر».

 

اما بشأن محافظة القنيطرة، نقطة الالتهاب الحدودية الثالثة، فقد أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الى «سيطرة مقاتلين متشددين على تل الأحمر الشرقي»، وذلك بعد نحو عشرين يوماً من سيطرتهم على تل الأحمر الغربي القريب منه. وكان المقاتلون سيطروا الخميس الماضي على تل الجابية في ريف بلدة نوى بمحافظة درعا، الذي يشهد محيطه معارك ضارية في محاولة من القوات السورية لاستعادة السيطرة عليه.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-04-28
  • 9430
  • من الأرشيف

هل بدأ العد العكسي لمعركة كسب؟

اليوم السوري لم يكن عادياً بالأمس. هو بالتأكيد امتداد لسنوات الدم الثلاث، لكن رصد المشهد العام لساحات الاشتباك، يشير بوضوح الى ثلاث نقاط اشتباك اساسية، تعكس بشكل لا لبس فيه الأبعاد الإقليمية للصراع السوري، ومخاطر نيرانه على المنطقة، من الحدود العراقية الى الحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة في درعا والقنيطرة، وصولاً الى منطقة كسب على حدود السيطرة الحدودية التركية في لواء الاسكندرون، إذ جرت أول عملية إنزال بحري للجيش السوري معلن عنها في إطار الحرب السورية، قد تؤدي، اذا ما ترسخت أقدام قوات الإنزال، الى بدء العد العكسي لما بات يعرف باسم معركة كسب.   وإلى جانب هذا المشهد الملتهب حدودياً، لم تكن مدينة حلب وريفها غائبة عن مشهد الحرب، حيث يبدو حتى الآن ان الجيش السوري تمكن من إحباط موجات الهجمات المتتالية التي شنتها التنظيمات المسلحة، بقيادات قوقازية، في اكثر من محور، ومضى في المقابل الى ترسيخ سيطرته على الراموسة لتأمين خطوط إمداده عبر منطقة خناصر، والولوج الى قلب المدينة الصناعية واستعادة منطقة المطاحن، والتقدم أيضاً باتجاه حي الشيخ سعيد، وذلك في وقت تسبب قصف الفصائل المسلحة على مدينة حلب في مقتل اكثر من 40 شخصاً وإصابة مئة.   ألا أن النقاط الحدودية الثلاث خطفت المشهد العسكري بالأمس، في منطقة السمرا، النقطة الأخيرة على الحدود مع القوات التركية، حيث جرى الإنزال العسكري البحري السوري الأول من نوعه منذ بداية الحرب.. بالاضافة للسيطرة على تلال هامة، وفي البوكمال، على الحدود مع العراق حيث شنت طوافات عراقية للمرة الاولى غارات على قافلة وقود كانت متجهة الى مناطق سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، بعد نحو عشرة أيام فقط على الضربة الجوية الأولى من نوعها أيضاً التي نفذها سلاح الجو الأردني على قافلة سيارات لمسلحين سوريين في منطقة التداخل الحدودي الأردني – السوري. اما نقطة الاشتعال الثالثة فكانت في منطقتي القنيطرة ـ درعا في أقصى الجنوب السوري حيث حقق مسلحو المعارضة تقدماً.   معركة كسب ـ السمرا   شهدت «معركة كسب» تحولاً عسكرياً مهماً، قد تكون له تداعياته الكبرى على المشهد الميداني في ريف اللاذقية، وعلى الحدود مع تركيا التي كانت شرّعت حدودها لهجوم كبير ومباغت لمسلحين «جهاديين» على بلدة كسب، قبل عشرة أيام من الانتخابات التركية التي جرت في 30 آذار الماضي.   وكما هو معلوم، فإن الجيش السوري، تمكن بعد معارك كرّ وفرّ، من تثبيت خطوط المواجهات ضمن مساحة بحدود الـ20 كلم مربع، وبخط نار مع الحدود لا يتعدى الخمسة كيلومترات، واستعاد السيطرة على موقع «المرصد 45» الإستراتيجي، ومنع وصول الاندفاعة «الجهادية» الى البدروسية، وفرض وضع الحياد على موقع النقطة تشالما، وأفشل الهجوم باتجاه بلدة قسطل معاف.   وقال مصدر مطلع على التطورات العسكرية في منطقة كسب، إنه في ظل هذه الأجواء وتراجع حماسة المهاجمين بعد حوالى 40 يوماً على بدء توغلهم «الانتحاري» انطلاقاً من الاراضي التركية، صارت المراوحة سيدة المشهد.   وفي المعلومات التي توفرت لـ«السفير» فإن القوات السورية اغتنمت حالة الجمود الميداني القائمة، ونقلت مجموعات متنوعة من قوات الاقتحام المتخصصة في الجيش السوري وحلفائه، بعد دراسة دقيقة للجبهة وظروف المعركة وتثبيت المواقع وتحديد اولويات الهجوم، لتأتي المفاجأة الكبرى في عملية الإنزال البحري التي جرت في قرية السمرا.   واعتبر المصدر أن مفاجأة الإنزال البحري والسيطرة على السمرا بالأمس، كانت بحجم المفاجأة المباغتة التي رافقت الهجوم البري على كسب في 21 آذار الماضي، من داخل الاراضي التركية، وبمساندة عسكرية تركية واضحة، تضمنت الى جانب عبور المسلحين للحدود، الغطاء المدفعي التركي، ثم إسقاط طائرة «الميغ» السورية. لكن المؤكد، كما سربت وسائل الإعلام التركية، أن بطاريات الدفاع الجوي السوري كانت خلال الأسبوعين الماضيين، تعمل بنشاط لمنع المقاتلات الجوية التركية من الاقتراب او ربما التدخل في سير الاشتباكات التي كانت تراوح مكانها، وهي حالة تأهب كانت بمثابة «صفعة»، وشكلاً من أشكال الرد السوري ـ الروسي ـ الإيراني على الدور التركي في كسب، لا يقل اهمية عنه، نشاط قطع الأسطول الروسي مؤخراً قبالة السواحل السورية، ما بين طرطوس واللاذقية.   لكن المصدر المطلع يعتبر أن الصفعة الكبرى على التدخل البري، جاءت من البحر عبر الإنزال العسكري السوري، اذ تم في النقطة الأخيرة عند الحدود من دون أن يحرك الأتراك ساكناً، علماً أن السمرا المطلة مباشرة على البحر المتوسط، لم تكن بهذه الأهمية الإستراتيجية كمنفذ بحري للمسلحين، كما أشيع في بداية معركة كسب، في ظل وجود المدى البحري والبري التركي المفتوح لهم منذ بدايات الحرب السورية، مشيراً الى أن السيطرة على كسب وقتها شكلت عاملاً رمزياً ومعنوياً، لكن استعادتها الآن تؤكد على المعنى السيادي السوري على آخر نقطة على الحدود مع تركيا، وهي بمثابة رد اعتبار على الصفعة التركية في كسب.   وفي حين تكتمت سوريا على الإشارة الى حجم قوات الإنزال في السمرا، إلا أنها اكتفت بالقول إن العملية كانت خاطفة وإن المسلحين تكبدوا خسائر فادحة وإنه جرت السيطرة على مخفر القرية ورفع العلم السوري. وأشار المصدر الى أن الجهد خلال الأيام الماضية كان يتركز على محاولة قطع الطريق بين كسب والسمرا (خصوصاً في تلة الصخرة والنبعين) حيث دارت اشتباكات على تلك المحاور خلال الأيام الخمسة الماضية. وخلص المصدر الى القول إنه إذا استمرت المعركة وصولاً الى استعادة ما خسره الجيش في كسب ومحيطها، فإن ذلك سيكون له مغزاه الأوسع في إطار الصراع العسكري والسياسي القائم.   إلى ذلك (ا ف ب)، أغارت طوافات عراقية على موكب مؤلف من ثمانية صهاريج داخل الأراضي السورية كانت تحاول نقل وقود إلى تنظيم «داعش» في محافظة الأنبار.   وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن إن «طوافات الجيش ضربت ثمانية صهاريج وقود في وادي الصواب في البوكمال داخل سوريا كانت تحاول الدخول إلى الأراضي العراقية». وأضاف إن «ثمانية أشخاص قتلوا على الأقل في هذه العملية، هم الأشخاص الذين كانوا يقودون الصهاريج ويحاولون نقل الوقود» إلى «داعش» في محافظة الأنبار.   ويقع وادي الصواب قرب مدينة البوكمال السورية التي لها معبر حدودي مع مدينة القائم العراقية (340 كلم غرب بغداد) يسيطر عليه مسلحون من «جبهة النصرة». وأكد معن انه «لم يكن هناك من تنسيق مع النظام السوري. مسؤوليتنا اليوم هي حماية حدودنا والحدود من الجانب الآخر، لأنه ليس هناك من حماية من الجانب الآخر».   اما بشأن محافظة القنيطرة، نقطة الالتهاب الحدودية الثالثة، فقد أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الى «سيطرة مقاتلين متشددين على تل الأحمر الشرقي»، وذلك بعد نحو عشرين يوماً من سيطرتهم على تل الأحمر الغربي القريب منه. وكان المقاتلون سيطروا الخميس الماضي على تل الجابية في ريف بلدة نوى بمحافظة درعا، الذي يشهد محيطه معارك ضارية في محاولة من القوات السورية لاستعادة السيطرة عليه.  

المصدر : السفير/ خليل حرب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة