عندما اعلنت سورية  عملا بدستورها النافذ  الذي اعتمد بنتيجة استفتاء شعبي اسبغ عليه الشرعية التامة باعتباره ترجمة للسيادة  الشعبية ، عندما اعلنت  الانطلاق في التحضير للانتخابات الرئاسية المتوجب اجراؤها لانتهاء ولاية الرئيس بشار الاسد في الاشهر المقبلة ، ثارت ثائرة مكونات جبهة العدوان على سورية ، الجبهة  التي عملت و فشلت خلال السنوات الثلاث الماضية في وضع يدها على الدولة و امتلاك قرارها و مصادرة سيادتها . و راح هذا او ذاك من مكونات تلك الجبهة المعتدية ينحو باللائمة على الحكومة السورية و يعيب عليها تقيدها بدستورها و يتهمها بانها ب "فعلتها الدستورية " تلك عطلت او عرقلت او اجهضت ما اسموه العملية السياسية او الحل السلمي للازمة السورية .

مواقف المعتدين هذه  قد تكون فاجأت البعض ، لكن المتابعين لمجريات العدوان و خلفياته  و اهدافه ، لم يجدوا في المواقف العدوانية تلك ما يفاجئ . لان الغرب بقيادة اميركية و ادوات اقليمية اعرابية ( لا نقل عربية )  او  اسلاموية ( لا نقول اسلامية ) لم ينطلق  في العدوان على سورية الا من اجل اسقاطها كدولة سيدة تمتلك قرارها ، و الحاقها ب"قطيع النعاج "التابعين  له ممن اسماهم يوما محور الاعتدال الاعرابي ( و هو محور "معتدل" في التمسك بالحقوق و مفرط في الخضوع  للغرب و العمل وفقا لاملاءاته )، و لا غرو في ذلك فان الغرب شكل تلك الصنائع و صاغ  انظمتها و اقام عليها خداما له  حراسا لمصالحه ، فجعلهم عبيدا مطيعين له.

 و هنا  لا بد من ان نذكر بان المستعمر الغربي لم  يقرر الجلاء الظاهري الشكلي عن بعض المناطق العربية ، الا بعد ان اقام "منظومة الاستعمار المقنع"  و ارسى ما اسميناه "نظام حراس المصالح الغربية " و عين في هذا النظام من اسماهم ملوكا او امراء او شيوخا او حتى رؤوساء اناط بهم حراسة مصالحه بحيث تكون السلطة و السيطرة الفعلية للغرب الاستعماري ، اما "الحراس و الحجاب "  فتكون لهم السلطة المحلية القمعية  التي تحرس المصالح تلك بحماية و رعاية "السيد  المستعمر" سلطة يمارسها  باقصى درجات الشدة و التمييز و الاستبداد ضد الشعوب التي لا يد لها في اختيار الحاكم ، حيث تستأثر  للاسر و العائلات المالكة بالمال العام حتى التخمة دون ان يكون ضير في ان يجوع الشعب او يعرى ، و ان يسام سوء العذاب المادي و المعنوي ، فحقوق الانسان التي يتشدق الغرب بها تتوقف مسيرتها عند "نظام حراس المصالح الغربية"  التي لا موجب لدستور فيه  او انتخاب او ديمقراطية فالمهم ان تستمر تلك المنظومة في حراسة المصالح الغربية .

هذا هو بكل بساطة  ما يسري في منطقة  النفط الخليجي الاعرابية ، حيث "شبه الدول"  التي فصلها الغرب الاستعماري على مقاس مصالحه و التي يستمر كما اشرنا في تعهد تعيين حكامها او ازاحتهم كما تفرض مصالحه ، و ها هم الذين ازبدوا و ارعدوا عندما اعلنت سورية عن انطلاق مسيرة الانتخابات الرئاسية فيها ، في الوقت الذي ليس لهم عهد بدستور او انتخاب او حرية او ديمقراطية . و اننا نفهم غضبهم و رفضهم  اليوم لانتخابات رئاسية في سورية ليس من باب الحرص على المسيرة السلمية المزيفة كما يدعون و الكل يعرف ان الحل السلمي الذي يريدون ليس اقل من استلام الحكم بعيدا عن ارادة الشعب و هذا امر لمسوا ان سورية لن تسلم به ، بل لان الانتخابات في هذه اللحظة بالذات ستفضح اكثر كذبهم و نفاقهم و ستؤكد موطن الارادة الشعبية السورية و اتجاهها ، فالانتخابات تفضحهم على اكثر من صعيد و تسقط مقولتهم الكاذبة حول حرصهم على الشعب السوري و ادعاءهم بانهم اصدقاء لهذا الشعب ، فنتائج الانتخاب ستظهرهم اعداء حقيقين للشعب الذي يدعون صداقته .

يصرخون و يجزعون لانهم يدركون بان الانتخاب سيكون فضيحة لاعداء الشعب السوري خاصة بعد ان اثبتت  سورية في الميدان و السياسة جدارة اذهلت القاصي و الداني ، و رغم انها لا زالت تواجه حرب الاستنزاف التي انقلبت اليها قيادة العدوان بعد فشل الخطة او الحرب الاساسية التي شنت منذ سنوات ثلاث ، سورية الصامدة في مواقعها لن تأبه للغضب و الوعيد الغربي ، كما انها لم تعر اهتماما لصراخ الدمى متمثلة بالقول العربي الشهير بان "القافلة تسير و .... غيرها يصرخ او ..."  تسير قافلة الشرعية السورية من اجل الوقوف على ارادة الشعب التي لم تكن الحرب الدفاعية اصلا الا من اجل المحافظة عليها ، و تستمر سورية في مسيرتها ليكون الانتخاب بذاته معركة من المعارك الدفاعية المفروضة في سياق الحرب الكونية التي اضرمت نارها بقرار غربي و يد اعرابية لاسقاط هيكل الحرية و الكرامة و السيادة السورية .

و بالتالي فان اول تفسير للسير قدما في معركة الانتخابات الرئاسية كما نراه ، ان الانتخاب اليوم رفض للاستسلام و ليس عرقلة للحل السلمي و هو عمل دفاعي عن سورية ، و ان  كل ورقة انتخاب تسقط في صندوق الاقتراع هي كالرصاصة او القذيفة التي تسقط على مواقع العدوان ، فالمساهمة في الانتخابات الرئاسية اليوم نراها نوع من الاعمال الدفاعية عن سورية ، و من هنا نرى الاهمية المطلقة للمساهمة في نجاح العملية الانتخابية   ترشيحا و اقتراعا ، و حماسة و تأييدا . فانتخابات اليوم ليست من اجل اختيار رئيس للجمهورية فحسب ، بل هي من اجل تثبيت الجمهورية المستقلة  و تمكين الدولة من المحافظة على سيادتها .

 و تأكيدا  لصدقية ما ذهبنا اليه ، فاننا نذكر باهداف العدوان على سورية ،  وقد  اوضحها  المعتدي لفظا و ترجمها سلوكا و هو  بعد تصوره النجاح  في اسقاط الدولة و ظنه بانه تمكن من  الحاقها ب " مجرة فضائه الحيوي الاستراتيجي " اجاز لنفسه و بوقاحة كلية الاعلان عن  " اسقاط شرعية رئيس الجمهورية " ، "مقررا " الاتجاه الى  ما اسماه "مرحلة انتقالية"  تمكنه ، حسب ظنه ، من تعيين حكام سورية بعيدا عن الارادة الشعبية ليكون الامر بمثابة فرض انتداب فعلي  على دولة مستقلة ، انتداب يعطل دستور قرره الشعب و يبدله بوثيقة تفرض عليه لتناسب الغرب و يستعيد ما فعله برايمر في العراق ، و عندها ترتاح اسرائيل لسلطة يشغلها  من ابدى و بكل فجور و وقاحة ، ابدى استعداده لبيع الجولان و الارتهان للخارج  و تحويل سورية الى مستعمرة اسرائيلية .

 لقد ظن الغرب ان مصادرة القرار السوري امر سهل ، و ان تجاوز السيادة السورية و فرض الحكام على الشعب امر بسيط ، و لكنه لم يفطن كما يبدو الى ان في سورية شعب و جيش و قيادة لا يساوم احد منهم على حق وطني و انهم مستعدون لدفع الاثمان مهما كانت باهظة من اجل تلك الحقوق الوطنية ، كما ان الغرب لم ينتبه الى ان سورية ليست منعزلة يمكن استفرادها و التهامها بل هي مكون اساسي  من مكونات محور احترف انزال الهزائم بالمستعمر المحتل و ان زمن الانتصار هو زمنه الان بعد ان ولى زمن الهزائم .

 و على هذا الاساس نرى ان السير قدما في الانتخابات الرئاسية في سورية سيكون من شأنه في الظروف القائمة، و في المرحلة التي وصلت اليها المواجهة الدفاعية في سياق الحرب الكونية التي تستهدف سورية ، ان السير في تلك الانتخابات سيوجه الى الجميع عدوا كان ام خصما او صديقا او حتى محايدا الرسائل التالية :

 1)    ان الشعب السوري هو الركن الاساس في الدولة ، و لا يمكن تجاوز هذا الشعب و ارادته في اي ظرف من الظروف حتى و لو كانت تلك الظروف من حجم الحرب الكونية التدميرية الارهابية التي تشن على سورية.

 2)   ان العدوان  و رغم المآسي التي سببها من قتل و تهجير و تدمير لم يستطع ان ينتزع من السوريين قرارهم و انهم مستمرون في القبض عليه و ممارسته بحرية تامة  مهما كانت الظروف قاسية .

 3)   ان سورية تريد الحل السلمي الذي يقرره الشعب السوري و ليس اي حال أخر . و اذا كان الغرب يتصور انه بمناوراته الاحتيالية سيفرض على سورية حلا يناسبه هو في الحقيقة استسلام لا حل سلمي و يروج له تحت تسمية "المرحلة الانتقالية"  التي يعين هو فيها حكاما لسورية ، و يعتبر اي عمل آخر هو عرقلة لهذا الحل ، فان سورية ترفض ذلك و ترى ان الحل السلمي يمر عبر مرحلة انتقالية تتمثل بالانتقال من حالة الحرب المفروضة الى حالة السلم المطلوب ، انتقال يتم وفقا لقواعد "العدالة الانتقالية" التي يعرف المختصون بالقانون و الحقوق قواعدها و مضامينها ، فسورية لن تصادر ارادة شعبها و تسلم ازمة الحكم لمستعمر ، و من شاء احترام ارادة الشعب فليلجأ الى صندوق الاقتراع و هو الحكم و الفيصل ، و من يخشى صندوق الاقتراع يكون واثقا من ضعفه و زيف ادعائه التمثيلي و خوفه من افتضاح امره امام القرار الشعبي.

 4)   ان الشعب السوري يدعو عبر حكومته الشرعية كل سوري مستوفي الشروط الدستورية ليكون مرشحا او مقترعا لممارسة حقه الدستوري  باختياره الحر ليؤكد للعالم بان سورية تحكمها ارادة الشعب السوري فقط.

5)   ان الممارسة الدستورية هذه تعطي المثل و الانموذج لدول المحيط لتمارس حقها السيادي و تختار حكامها بملء ارادتها لا ان تنتظر الاملاء الخارجي و التوافقات الدولية او تقبل بترشيح  مجرم قاتل لا يستوفي شروط الترشيح الاخلاقية و الوطنية بعيدا عما يتذرع به من عفو و اسقاط جرم و عقوبة ، كما هو حال ما جري و يجري في لبنان حاليا .

  • فريق ماسة
  • 2014-04-27
  • 13384
  • من الأرشيف

انتخابات الرئاسة السورية: تأكيد السيادة و ... رسائل أخرى

عندما اعلنت سورية  عملا بدستورها النافذ  الذي اعتمد بنتيجة استفتاء شعبي اسبغ عليه الشرعية التامة باعتباره ترجمة للسيادة  الشعبية ، عندما اعلنت  الانطلاق في التحضير للانتخابات الرئاسية المتوجب اجراؤها لانتهاء ولاية الرئيس بشار الاسد في الاشهر المقبلة ، ثارت ثائرة مكونات جبهة العدوان على سورية ، الجبهة  التي عملت و فشلت خلال السنوات الثلاث الماضية في وضع يدها على الدولة و امتلاك قرارها و مصادرة سيادتها . و راح هذا او ذاك من مكونات تلك الجبهة المعتدية ينحو باللائمة على الحكومة السورية و يعيب عليها تقيدها بدستورها و يتهمها بانها ب "فعلتها الدستورية " تلك عطلت او عرقلت او اجهضت ما اسموه العملية السياسية او الحل السلمي للازمة السورية . مواقف المعتدين هذه  قد تكون فاجأت البعض ، لكن المتابعين لمجريات العدوان و خلفياته  و اهدافه ، لم يجدوا في المواقف العدوانية تلك ما يفاجئ . لان الغرب بقيادة اميركية و ادوات اقليمية اعرابية ( لا نقل عربية )  او  اسلاموية ( لا نقول اسلامية ) لم ينطلق  في العدوان على سورية الا من اجل اسقاطها كدولة سيدة تمتلك قرارها ، و الحاقها ب"قطيع النعاج "التابعين  له ممن اسماهم يوما محور الاعتدال الاعرابي ( و هو محور "معتدل" في التمسك بالحقوق و مفرط في الخضوع  للغرب و العمل وفقا لاملاءاته )، و لا غرو في ذلك فان الغرب شكل تلك الصنائع و صاغ  انظمتها و اقام عليها خداما له  حراسا لمصالحه ، فجعلهم عبيدا مطيعين له.  و هنا  لا بد من ان نذكر بان المستعمر الغربي لم  يقرر الجلاء الظاهري الشكلي عن بعض المناطق العربية ، الا بعد ان اقام "منظومة الاستعمار المقنع"  و ارسى ما اسميناه "نظام حراس المصالح الغربية " و عين في هذا النظام من اسماهم ملوكا او امراء او شيوخا او حتى رؤوساء اناط بهم حراسة مصالحه بحيث تكون السلطة و السيطرة الفعلية للغرب الاستعماري ، اما "الحراس و الحجاب "  فتكون لهم السلطة المحلية القمعية  التي تحرس المصالح تلك بحماية و رعاية "السيد  المستعمر" سلطة يمارسها  باقصى درجات الشدة و التمييز و الاستبداد ضد الشعوب التي لا يد لها في اختيار الحاكم ، حيث تستأثر  للاسر و العائلات المالكة بالمال العام حتى التخمة دون ان يكون ضير في ان يجوع الشعب او يعرى ، و ان يسام سوء العذاب المادي و المعنوي ، فحقوق الانسان التي يتشدق الغرب بها تتوقف مسيرتها عند "نظام حراس المصالح الغربية"  التي لا موجب لدستور فيه  او انتخاب او ديمقراطية فالمهم ان تستمر تلك المنظومة في حراسة المصالح الغربية . هذا هو بكل بساطة  ما يسري في منطقة  النفط الخليجي الاعرابية ، حيث "شبه الدول"  التي فصلها الغرب الاستعماري على مقاس مصالحه و التي يستمر كما اشرنا في تعهد تعيين حكامها او ازاحتهم كما تفرض مصالحه ، و ها هم الذين ازبدوا و ارعدوا عندما اعلنت سورية عن انطلاق مسيرة الانتخابات الرئاسية فيها ، في الوقت الذي ليس لهم عهد بدستور او انتخاب او حرية او ديمقراطية . و اننا نفهم غضبهم و رفضهم  اليوم لانتخابات رئاسية في سورية ليس من باب الحرص على المسيرة السلمية المزيفة كما يدعون و الكل يعرف ان الحل السلمي الذي يريدون ليس اقل من استلام الحكم بعيدا عن ارادة الشعب و هذا امر لمسوا ان سورية لن تسلم به ، بل لان الانتخابات في هذه اللحظة بالذات ستفضح اكثر كذبهم و نفاقهم و ستؤكد موطن الارادة الشعبية السورية و اتجاهها ، فالانتخابات تفضحهم على اكثر من صعيد و تسقط مقولتهم الكاذبة حول حرصهم على الشعب السوري و ادعاءهم بانهم اصدقاء لهذا الشعب ، فنتائج الانتخاب ستظهرهم اعداء حقيقين للشعب الذي يدعون صداقته . يصرخون و يجزعون لانهم يدركون بان الانتخاب سيكون فضيحة لاعداء الشعب السوري خاصة بعد ان اثبتت  سورية في الميدان و السياسة جدارة اذهلت القاصي و الداني ، و رغم انها لا زالت تواجه حرب الاستنزاف التي انقلبت اليها قيادة العدوان بعد فشل الخطة او الحرب الاساسية التي شنت منذ سنوات ثلاث ، سورية الصامدة في مواقعها لن تأبه للغضب و الوعيد الغربي ، كما انها لم تعر اهتماما لصراخ الدمى متمثلة بالقول العربي الشهير بان "القافلة تسير و .... غيرها يصرخ او ..."  تسير قافلة الشرعية السورية من اجل الوقوف على ارادة الشعب التي لم تكن الحرب الدفاعية اصلا الا من اجل المحافظة عليها ، و تستمر سورية في مسيرتها ليكون الانتخاب بذاته معركة من المعارك الدفاعية المفروضة في سياق الحرب الكونية التي اضرمت نارها بقرار غربي و يد اعرابية لاسقاط هيكل الحرية و الكرامة و السيادة السورية . و بالتالي فان اول تفسير للسير قدما في معركة الانتخابات الرئاسية كما نراه ، ان الانتخاب اليوم رفض للاستسلام و ليس عرقلة للحل السلمي و هو عمل دفاعي عن سورية ، و ان  كل ورقة انتخاب تسقط في صندوق الاقتراع هي كالرصاصة او القذيفة التي تسقط على مواقع العدوان ، فالمساهمة في الانتخابات الرئاسية اليوم نراها نوع من الاعمال الدفاعية عن سورية ، و من هنا نرى الاهمية المطلقة للمساهمة في نجاح العملية الانتخابية   ترشيحا و اقتراعا ، و حماسة و تأييدا . فانتخابات اليوم ليست من اجل اختيار رئيس للجمهورية فحسب ، بل هي من اجل تثبيت الجمهورية المستقلة  و تمكين الدولة من المحافظة على سيادتها .  و تأكيدا  لصدقية ما ذهبنا اليه ، فاننا نذكر باهداف العدوان على سورية ،  وقد  اوضحها  المعتدي لفظا و ترجمها سلوكا و هو  بعد تصوره النجاح  في اسقاط الدولة و ظنه بانه تمكن من  الحاقها ب " مجرة فضائه الحيوي الاستراتيجي " اجاز لنفسه و بوقاحة كلية الاعلان عن  " اسقاط شرعية رئيس الجمهورية " ، "مقررا " الاتجاه الى  ما اسماه "مرحلة انتقالية"  تمكنه ، حسب ظنه ، من تعيين حكام سورية بعيدا عن الارادة الشعبية ليكون الامر بمثابة فرض انتداب فعلي  على دولة مستقلة ، انتداب يعطل دستور قرره الشعب و يبدله بوثيقة تفرض عليه لتناسب الغرب و يستعيد ما فعله برايمر في العراق ، و عندها ترتاح اسرائيل لسلطة يشغلها  من ابدى و بكل فجور و وقاحة ، ابدى استعداده لبيع الجولان و الارتهان للخارج  و تحويل سورية الى مستعمرة اسرائيلية .  لقد ظن الغرب ان مصادرة القرار السوري امر سهل ، و ان تجاوز السيادة السورية و فرض الحكام على الشعب امر بسيط ، و لكنه لم يفطن كما يبدو الى ان في سورية شعب و جيش و قيادة لا يساوم احد منهم على حق وطني و انهم مستعدون لدفع الاثمان مهما كانت باهظة من اجل تلك الحقوق الوطنية ، كما ان الغرب لم ينتبه الى ان سورية ليست منعزلة يمكن استفرادها و التهامها بل هي مكون اساسي  من مكونات محور احترف انزال الهزائم بالمستعمر المحتل و ان زمن الانتصار هو زمنه الان بعد ان ولى زمن الهزائم .  و على هذا الاساس نرى ان السير قدما في الانتخابات الرئاسية في سورية سيكون من شأنه في الظروف القائمة، و في المرحلة التي وصلت اليها المواجهة الدفاعية في سياق الحرب الكونية التي تستهدف سورية ، ان السير في تلك الانتخابات سيوجه الى الجميع عدوا كان ام خصما او صديقا او حتى محايدا الرسائل التالية :  1)    ان الشعب السوري هو الركن الاساس في الدولة ، و لا يمكن تجاوز هذا الشعب و ارادته في اي ظرف من الظروف حتى و لو كانت تلك الظروف من حجم الحرب الكونية التدميرية الارهابية التي تشن على سورية.  2)   ان العدوان  و رغم المآسي التي سببها من قتل و تهجير و تدمير لم يستطع ان ينتزع من السوريين قرارهم و انهم مستمرون في القبض عليه و ممارسته بحرية تامة  مهما كانت الظروف قاسية .  3)   ان سورية تريد الحل السلمي الذي يقرره الشعب السوري و ليس اي حال أخر . و اذا كان الغرب يتصور انه بمناوراته الاحتيالية سيفرض على سورية حلا يناسبه هو في الحقيقة استسلام لا حل سلمي و يروج له تحت تسمية "المرحلة الانتقالية"  التي يعين هو فيها حكاما لسورية ، و يعتبر اي عمل آخر هو عرقلة لهذا الحل ، فان سورية ترفض ذلك و ترى ان الحل السلمي يمر عبر مرحلة انتقالية تتمثل بالانتقال من حالة الحرب المفروضة الى حالة السلم المطلوب ، انتقال يتم وفقا لقواعد "العدالة الانتقالية" التي يعرف المختصون بالقانون و الحقوق قواعدها و مضامينها ، فسورية لن تصادر ارادة شعبها و تسلم ازمة الحكم لمستعمر ، و من شاء احترام ارادة الشعب فليلجأ الى صندوق الاقتراع و هو الحكم و الفيصل ، و من يخشى صندوق الاقتراع يكون واثقا من ضعفه و زيف ادعائه التمثيلي و خوفه من افتضاح امره امام القرار الشعبي.  4)   ان الشعب السوري يدعو عبر حكومته الشرعية كل سوري مستوفي الشروط الدستورية ليكون مرشحا او مقترعا لممارسة حقه الدستوري  باختياره الحر ليؤكد للعالم بان سورية تحكمها ارادة الشعب السوري فقط. 5)   ان الممارسة الدستورية هذه تعطي المثل و الانموذج لدول المحيط لتمارس حقها السيادي و تختار حكامها بملء ارادتها لا ان تنتظر الاملاء الخارجي و التوافقات الدولية او تقبل بترشيح  مجرم قاتل لا يستوفي شروط الترشيح الاخلاقية و الوطنية بعيدا عما يتذرع به من عفو و اسقاط جرم و عقوبة ، كما هو حال ما جري و يجري في لبنان حاليا .

المصدر : الثورة/ العميد أمين حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة