دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ضجت البارحة قنوات ومواقع عالمية وخصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي بصور وتسجيلات للرئيس الأسد في معلولا، ومما زاد من أهمية هذا الخبر وقوعه تحديداً في ليلة الفصح المجيد والمكانة التاريخية والدينية لهذه المدينة عند المسيحيين السوريين ومسيحيي العالم، ومن المحاسن الغير مباشرة لهذا الحدث كونه شكل جرعة حقيقة انتشرت على صعيد كبير اثبتت ما بث سابقاً في الإعلام السوري والاعلام العربي والخارجي الداعم بشكل متفاوت للنظام السوري بتحرير كامل المدينة من قبل الجيش السوري ومقاتلي حزب الله واقتراب انتهاء معركة القلمون لصالح قوات الأسد كما يطلق عليها الإعلام الداعم لما يسمى المعارضة والثورة السورية بل ليس كما نشروا على اعلامهم المحرض ضده بأن الانتصار سيكون حليف مقاتليهم المتطرفين والمنتمين بشكل شبه كلي لخلايا ارهابية مدرجة عالمياً.
وبين مصدق لخبر زيارة الأسد لمعلولا ومكذب لهذا الخبر ازداد تراشق الكلام والاتهامات بين محبيه وكارهيه وخصوصاً على صعيد المحللين السياسيين ومن اكثر النقاط التي اعتبر النشطاء الداعمي للثورة بأنها دليل قاطع لامجال فيه للشك بأن الصور قديمة والتسجيل مسجل سابقاً وبأنه تكذيب صريح لحقيقة زيارته هو ارتداءه لبدلة رسمية مصنوعة من الكتان سكرية اللون سبق وارتداها سابقاً في صور له من معلولا وبأكثر من زيارة بين عامي الـ 2009 والـ2011.
ولكن الحقيقة هل حقاً هذا دليل يأخذ به ويعطى كورقة بين يدي المناهضين للأسد ليرمى في كل مرة يقول امامهم انصاره لقد اقترب انتصاره فيها؟ هو يطل اليوم من معلولا كما طل من عدرا وباب عمرو ربما غداً سيطل من الرقة او من حلب معلناً النصر الكامل؟
الجواب على هذا السؤال هو التالي:
إن البدلة التي يرتديها الرئيس الأسد في كل زيارة له إلى معلولا هي مقصودة دوماً ولا يرتديها لقلة عدد البدلات التي لديه فهو رئيس جمهورية لم تكن يوماً فقيرة ويمكنه بكل اريحية ان يرتدي في كل مناسبة بدلة جديدة ولكن ارتداء بدلة مصنوعة 100% من الكتان ومحاكة يدوياً هي عرف يقوم به اي رجل مطلع على الدين المسيحي وتفاصيله حين يقوم بزيارة الاماكن الدينية الخاصة بالدين المسيحي وتشبه بأهميتها عند النساء وضع الغطاء على الرأس عند الدخول لكاتدرائيات واماكن مقدسة مسيحية كانت ام مسلمة، فهي نوع من الاحترام ونوع من التقليد لما يدعى عند المسيحيين المثقفين دينياً “بالكفن المقدس” وفي كتاب بتورينو تحدث عن ذلك وعرف “الكفن المقدس” واقتبس منه بأنه يجسد تفاصيل الآلام التي قبلها الرب من أجلنا كما لو كنا واقفين عند الصليب مع التلميذ يوحنا والعذراء.
وفي شرح آخر لأهميته في عديد من الكتب الدينية التي كتبها القساسسة المسيحيين ذكروا ان الكفن المقدس -وهو كفن الرب يسوع- إشتراه يوسف الرامي وكفن به السيد المسيح، وعند القيامة ظلت الأكفان بالقبر فإحتفظ بها التلاميذ، ثم حمل تداوس الرسول الكفن إلى أبيجار الخامس حاكم أودسا وإنتقل الكفن عبر القرون من أودسا إلى القسطنطينية إلى فرنسا، وأخيرا إستقر بتورينو فى إيطاليا، وبعدها اصبح الكتان أهم ماتخاط به البسة الرجال الذين لا يمتلكون صفة دينية كنائسية بل دينية روحية اكسبهم هذه الصفة اطلاعهم العميق على تاريخ السيد المسيح عليه السلام.
المضحك في الأمر ان الدليل الذي يستخدمه معارضي الاسد اليوم هو بعد التفكير فيه والقليل من الاطلاع اتضح انه قوة له ونقطة ايجابية تصب في صالحه وتدل على عمق اطلاعه وثقفاته وغوصه في تفاصيل الدين المسيحي.
نعم ربما بسبب المادة الثالثة في الدستور السوري لا يحق ان يترشح لمنصب رئاسة الجمهورية سوى مواطن مسلم ولكن اليوم بت ارى بالاسد المواطن المسلم والمسيحي في آن واحد الذي يحكم حقاً كل الشعب السوري بكافة اختلافاته الدينية والطائفية، أظن ان كل من في الفاتيكان والعالم الغربي يعلم بقرارة نفسه ان المسيحية اليوم لن تجد في سوريا حارس لها ولبقائها واستمرارها مثل بشار حافظ الأسد.
المصدر :
الخبر برس/ جيانا رزوق
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة