دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
احياناً تتخيل ان تلك التعليقات التي تنشر في بعض الصحف العربية انما كتبت بقدمي…شهرزاد!
لا تنسوا ان هاتين القدمين اللتين من الحرير والنار تقودان العالم العربي اكثر مما تقوده قدما اسامة بن لادن. من زمان حل ابن تيمية محل ابن رشد. انه العقل الذي يتدحرج حينا في أروقة ألف ليلة وليلة وحينا في تضاريس تورابورا..
حتما نقصد الصحف التي تحاكي العباءات المرصعة بحجارة العصر الحجري!
معلقون ويريدون من باراك اوباما، وبلهجة من يأمر فيطاع (ألسنا من جماعة …ولاة الامر؟)، ان يبعث بقاذفات «بي-52» لكي تضرب سوريا إذا ما حالت ظروف تقنية دون اطلاق صواريخ التوماهوك. ويريدون منه ان يضرب ايران ولو اقتضى الامر بالرؤوس النووية، ويريدون منه حتى ان يدمر ورثة هوغو شافيز لكي يعود الفقراء الى رشدهم ويرقصون حول الاطباق الفارغة. كتب خورخي آمادو عن الهياكل العظمية وهي ترقص- ابتهاجا- حول الاطباق الفارغة…
هكذا يتعاملون مع اوباما، على انه نادل في حضرة اللغة العربية لكي يضرب ويضرب ولا يترك حجرا على حجر في ديار كل من لا يقع في غرام الليدي غاغا او الكوكا كولا…
كنا نأمل لو ان احدا من اولئك المعلقين دعا باراك اوباما الى ان يحمل العصا، لا القاذفة العملاقة ولا القنبلة النووية، في وجه بنيامين نتنياهو الذي ينتهك تراب العرب، وكوفيات العرب، ولحى العرب، كما لو ان محمد الماغوط لم يكتب عن اولئك الذين ابدلوا صهيل الخيول بنقيق الضفادع. لعله تغاضى لسبب او لآخر عن…نعيب الغربان.
لا احد يدعو اوباما لكي يرفع حتى لهجته في وجه نتنياهو الذي رفض تجميد بناء المستوطنات، وعلى جثث الفلسطينيين، لمدة تسعين يوما فقط مقابل مليارات الدولارات والقاذفات التي لم يتم تزويد حتى الجيش الاميركي بها. معلقون عرب اعادوا ترتيب الاعداء. في نهاية المطاف يبدو رئيس الحكومة الاسرائيلية عاشقا للامة العربية الغراء.
عرب داخل علب السردين. هكذا قال لنا الماغوط ايضا. المال هو الناطق باسمنا ونحن الناطقون باسم المال. نكتب من اجل صاحب الجلالة المال. ونريد من الاساطيل الاميركية ان تنام في فراشنا، وان تقتل كل عربي آخر. لا احد يشعر بأنين الحفاة، وبالصقيع الذي في وجوه الاطفال، ولا باللهفة الضائعة على شفاه النساء في مخيمات العار.
نقول لهؤلاء آن الاوان للتراجيديا السورية ان تقفل. ليس من حق اولئك المرتزقة ان يمسكوا بشاربي صلاح الدين ولا ان يلامسوا عباءة محيي الدين بن عربي، وقد رأيناهم كيف يفرون كما قطعان الذباب من مغاور القلمون ومن قلعة الحصن بالرغم من الاموال الهائلة التي تغدق، ومن تلك التعبئة الايديولوجية العمياء التي تليق بالضباع لا بالكائنات البشرية..
نسينا القول ان المعلقين إياهم، وبعضهم لا تنقصه الملاءة الثقافية ولا التميز المهني (لكنه رنين الذهب ايها الرفاق)، دعا الى ازالة فلاديمير بوتين من اجل ذلك الملياردير القذر ميخائيل خودوركوفسكي الذي تعهد باعادة بناء هيكل سليمان بالاموال التي سرقها من بلاده. كان هذا قبل اوكرانيا. الآن، المعلقون إياهم يتهمون اوباما بالاعاقة الاخلاقية، وبطبيعة الحال بالاعاقة الاستراتيجية، لانه لم يأمر الجنرال مارتن ديمبسي بأن يبعث بجنود المارينز الى موسكو وطرد فلاديمير بوتين من الكرملين. من فضلكم تابعوا تلك المقالات التي لا تكتفي بالعقوبات، بل تحث على قرع الطبول، والا فإن خيول القيصر لن تتوقف عند شبه جزيرة القرم بل قد تصل الى شبه جزيرة العرب…
ندرك ماذا تعني ان تكون هناك امبراطورية، وندرك ماذا يعني ان نكون بقايا (او شظايا) قبلية. ولكن ألم تلاحظوا الى اي مدى ذهبت الهيستيريا الاميركية. حتى ان زبغنيو بريجنسكي الذي طالما عرف بالاتزان وبالتوازن يدعو الى ما هو ابعد من اللعب الديبلوماسي مع الدب القطبي، كما لو ان الولايات المتحدة لم تحتل كوريا ولم تحتل فيتنام ولم تحتل ثلاثة ارباع الكرة الارضية، ولم تستخدم القنبلة الذرية، ولم تبن كل تلك الاساطيل وتقيم كل تلك القواعد ، ولم تصعد الى القمر وحتى الى المريخ من اجل ضمان الامن الاستراتيجي للمصالح الاميركية..
لا يقاتل المعلقون العرب من اجل اوكرانيا، ولا من اجل الاوكرانيات الفائقات الجمال، وانما لان اوباما خذلهم. في ليلة ليلاء سحب صواريخ التوما هوك التي كان يفترض ان تضرب دمشق وحلب واللاذقية ودير الزور وحمص، كما لو ان النظام هو الذي كان سيسقط، وليس سوريا بين براثن ابي محمد الجولاني وابي بكر البغدادي. الآن، وقد سقط جنيف-2 بالضربة الاوكرانية، ثمة من يراهن على الثأر الاميركي في سوريا..
ندرك باسم من ينطق المعلقون الذين كنا نتمنى لو انهم حضوا باراك اوباما، ولو مرة واحدة، على ان يتحدث مع بنيامين نتنياهو بلغة الاساطيل لا بلغة الكتاب المقدس. هذا لم يحدث قط. على اوباما الذي يأتمر بأوامرنا، ويقرأ كل حرف نخطه على الورق( يا لسذاجتنا!!) وان يضرب دمشق وان يضرب طهران وان يضرب موسكو. حين ذاك تستقبله نساؤنا، واقلامنا، وشاشاتنا، وبالورود والزغاريد…
لعلنا ندرك في ذاك الهزيع الاخير من العقل العربي ان المشهد الدولي والاقليمي اكثر تعقيدا، وتناثرا، مما نتصور. لا جراحة عسكرية في اوكرانيا ولا جراحة عسكرية في سوريا. الكبار ليسوا معنيين لا بدمائنا و لا بدموعنا، فلماذا لا تكون تلك اللحظة الخلاقة التي نستعيد فيها سوريا من مخالب المجهول؟
لا نعتقد ان اهل النظام مصرون على ان يبقى كما هو، ولا نعتقد ان المعارضة هي فقط اولئك المرتزقة. ثمة من هو عاشق لسوريا و لتراب سوريا( ولعيون سوريا) ليمد الاهل ايديهم الى الاهل، ويجد المعلقون مهمة اخرى لقدمي شهرزاد. لساقي شهرزاد!
المصدر :
الديار /نبيه برجي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة