لا أحد يحتاج إلى من يشرح له، أن تداعيات الازمة السورية الاسرع سوف تكون في لبنان، كما لا أحد يحتاج إلى من يشرح له ان انعكاسات هزائم المعارضة السورية المسلحة، سوف تكون هي الاخرى الاسرع والاكبر على لبنان ايضا، لكن الاهم، هو ان في لبنان، من يحتاج إلى من يشرح له، ان مناطق الشمال في لبنان، سوف تكون اكثر من يدفع الثمن.

خلال الاسبوع الماضي، قررت جهة معلومة، ان تعوض عن هزيمة المجموعات المسلحة في المناطق السورية الحدودية مع لبنان. وقررت ان تفتح النار حيث تقدر، وما من مكان افضل من الشمال. احباط اصاب قوى سياسية وجهادية بسبب خسائر رفقائهم او حلفائهم في سوريا. والاحباط عندنا يصرف بالعنف. والعنف هذه المرة، يحتاج الى خصم غير عادي. وهذا ما يميز جولة العنف الاخيرة في طرابلس عن سابقاتها.

ما يعرفه المدققون من ابناء المدينة، ومن المتابعين سياسيا وامنيا وحتى اعلاميا، ان هذه الجولة، ليست لفش الخلق بابناء جبل محسن من العلويين. هؤلاء تحولوا منذ فترة طويلة الى اكياس رمل. سواء اكانوا في منازلهم داخل الجبل، ام حين يمرون في احياء طرابلس. صحيح ان مقتل احد ابناء الجبل اشعل النار، لكن هناك هدف اخر وضعته المجموعات المسلحة اولوية في جدول اعمالها. وهذه المجموعات تدور في فلك 14 اذار من خلال تيار المستقبل، وتعمل تحت عباءة فروع تنظيم القاعدة، وقد قررت ان عدوها اليوم، هو الجيش اللبناني. وما كان يصرح به نواب «المستقبل» او قادته المحليون في الشمال، او يرد على لسان مشايخ وقادة دينيين واهليين في المدينة ضد الجيش، تحول اليوم الى جدول اعمال ميداني على الارض. وتحصي جهة امنية رسمية، 21 هجوما مدروسا على الجيش بين 13 اذار و20 منه. بينها اطلاق النار من رشاشات خفيفة، والقاء قنابل يدوية وقذائف صاروخية او عبوات ناسفة تقليدية، او حتى سيارة مفخخة. وبالنسبة إلى هذه الجهة الامنية، القريبة سياسيا من فريق «المستقبل»، فان هذه الهجمات، هي عبارة عن عمليات مدروسة ومقررة، وتجري تحت رعاية جهة قررت ان العدو هو الجيش.

معاداة الجيش لم تعد وقفاً على المجموعات المسلحة فقط، بل إن معنيين جالسوا مسلحين واطلعوا على مناقشاتهم، لفت انتباههم، ان هؤلاء يتصرفون بطريقة لا تشير مطلقا الى انهم يعانون ضغط احد في المدينة. لا من اهاليهم ولا من مرجعياتهم الدينية، ولا من القادة السياسيين، ولا حتى من شخصيات المدينة البارزة. واكثر من ذلك، فان النشاط الذي يجري منذ يومين في طرابلس، تحت مظلة «المجتمع المدني» دخل هو ايضا على الخط، متبنيا الدعوة الى تغيير القادة العسكريين والامنيين. مع التشديد على اطاحة ضباط كبار من الجيش اللبناني. ووصل الامر بمدير استخبارات الجيش في الشمال العميد عامر الحسن، ان يتلقى اتصالات هاتفية من قادة محاور، يعرفهم ويعرفونه جيدا، شتموه وهددوه هو شخصيا. وعمد هؤلاء الى الاتصال ايضا بعدد من الضباط السنّة في الشمال، طالبين اليهم الانسحاب من مهماتهم فورا.

عقلاء المدينة يشرحون هذه الحالة من زاوية، ان الناس في المدينة لا ينكرون ان هناك حشودا من الزعران في الشوارع. وان التيار الاغلب عند سكان المدينة، هو لدعوة الجيش الى التدخل وحسم الامر، لكن العقلاء انفسهم ينبهون الى ان هذا الرأي العام نفسه، يريد من الجيش خطوة مسبقة. يريد منه الاعلان ان آل عيد، شلة زعران ايضا. ويجب اطاحتهم. وبحسب احد العقلاء في المدينة، فان الصورة اكثر وضوحا عند التدقيق: على الجيش ان يضرب في جبل محسن بطريقة واضحة وحاسمة، وأن ينزل بعدئذ الى طرابلس وليفعل ما يريد!

امر اخر، يلفت اليه الامنيون والعقلاء، وهو ان تيار «المستقبل» يواجه ازمة حقيقية في الشمال هذه الفترة. وانه لا أحد من قادة «المستقبل» يستطيع الادعاء بأن في مقدروه ضبط الشارع وسحب جميع المسلحين، بل إن المدينة تضج بالحديث عن خلافات بين قادة «التيار». وان اللواء اشرف ريفي لم يعد يكترث لكل السياسيين الاخرين من فريقه، وانه يريد تثبيت نفسه زعيما اوحد، وفرض نفسه أمرا واقعا على الجميع. من قادة المدينة الى سعد الحريري.

طيب، اذا كان المسلحون لا يريدون الجيش، والشارع يريد تصفية الحزب العربي الديموقراطي اولا، وقادة «المستقبل» يريدون قيادة امنية وعسكرية على ذوقهم، وهم يبدون عاجزين عن السيطرة التامة، فمن بيده الامر، وماذا يريد؟

بحسب امني بارز متابع ملف المدينة، وتربطه علاقات جيدة بقادة طرابلس وعكار، فان هناك مرجعية غير لبنانية، باتت تؤثر بقوة في هذه المجموعات. وهي المرجعية نفسها التي تدير المجموعات المسلحة في سوريا. وهي تبحث عن تعويض لخسائرها في سوريا من خلال الساحة اللبنانية. ويضيف جازما: ان بيانات جبهة النصرة ضد الجيش اللبناني، واظهار العداء السياسي للجيش بالتزامن مع شن عمليات عسكرية ضده، تعني ان هذه المجموعات، تريد اخراج الجيش من كل الشمال اذا امكنها ذلك. وهي تفترض، انه في حال حصول هذا، فان الفوضى التي تنشأ، سوف تمثل الارضية الخصبة التي تحتاج إليها لاعادة تنظيم صفوفها.

لأجل ماذا؟

يجيب الرجل: لا اعرف، ربما هم يعتقدون انهم سوف يبنون امارة لهم في الشمال، ومنها ينطلقون لتحرير سوريا من نظام الاسد؟

  • فريق ماسة
  • 2014-03-21
  • 13187
  • من الأرشيف

رأس الجيش مطلوب... شمالاً!

لا أحد يحتاج إلى من يشرح له، أن تداعيات الازمة السورية الاسرع سوف تكون في لبنان، كما لا أحد يحتاج إلى من يشرح له ان انعكاسات هزائم المعارضة السورية المسلحة، سوف تكون هي الاخرى الاسرع والاكبر على لبنان ايضا، لكن الاهم، هو ان في لبنان، من يحتاج إلى من يشرح له، ان مناطق الشمال في لبنان، سوف تكون اكثر من يدفع الثمن. خلال الاسبوع الماضي، قررت جهة معلومة، ان تعوض عن هزيمة المجموعات المسلحة في المناطق السورية الحدودية مع لبنان. وقررت ان تفتح النار حيث تقدر، وما من مكان افضل من الشمال. احباط اصاب قوى سياسية وجهادية بسبب خسائر رفقائهم او حلفائهم في سوريا. والاحباط عندنا يصرف بالعنف. والعنف هذه المرة، يحتاج الى خصم غير عادي. وهذا ما يميز جولة العنف الاخيرة في طرابلس عن سابقاتها. ما يعرفه المدققون من ابناء المدينة، ومن المتابعين سياسيا وامنيا وحتى اعلاميا، ان هذه الجولة، ليست لفش الخلق بابناء جبل محسن من العلويين. هؤلاء تحولوا منذ فترة طويلة الى اكياس رمل. سواء اكانوا في منازلهم داخل الجبل، ام حين يمرون في احياء طرابلس. صحيح ان مقتل احد ابناء الجبل اشعل النار، لكن هناك هدف اخر وضعته المجموعات المسلحة اولوية في جدول اعمالها. وهذه المجموعات تدور في فلك 14 اذار من خلال تيار المستقبل، وتعمل تحت عباءة فروع تنظيم القاعدة، وقد قررت ان عدوها اليوم، هو الجيش اللبناني. وما كان يصرح به نواب «المستقبل» او قادته المحليون في الشمال، او يرد على لسان مشايخ وقادة دينيين واهليين في المدينة ضد الجيش، تحول اليوم الى جدول اعمال ميداني على الارض. وتحصي جهة امنية رسمية، 21 هجوما مدروسا على الجيش بين 13 اذار و20 منه. بينها اطلاق النار من رشاشات خفيفة، والقاء قنابل يدوية وقذائف صاروخية او عبوات ناسفة تقليدية، او حتى سيارة مفخخة. وبالنسبة إلى هذه الجهة الامنية، القريبة سياسيا من فريق «المستقبل»، فان هذه الهجمات، هي عبارة عن عمليات مدروسة ومقررة، وتجري تحت رعاية جهة قررت ان العدو هو الجيش. معاداة الجيش لم تعد وقفاً على المجموعات المسلحة فقط، بل إن معنيين جالسوا مسلحين واطلعوا على مناقشاتهم، لفت انتباههم، ان هؤلاء يتصرفون بطريقة لا تشير مطلقا الى انهم يعانون ضغط احد في المدينة. لا من اهاليهم ولا من مرجعياتهم الدينية، ولا من القادة السياسيين، ولا حتى من شخصيات المدينة البارزة. واكثر من ذلك، فان النشاط الذي يجري منذ يومين في طرابلس، تحت مظلة «المجتمع المدني» دخل هو ايضا على الخط، متبنيا الدعوة الى تغيير القادة العسكريين والامنيين. مع التشديد على اطاحة ضباط كبار من الجيش اللبناني. ووصل الامر بمدير استخبارات الجيش في الشمال العميد عامر الحسن، ان يتلقى اتصالات هاتفية من قادة محاور، يعرفهم ويعرفونه جيدا، شتموه وهددوه هو شخصيا. وعمد هؤلاء الى الاتصال ايضا بعدد من الضباط السنّة في الشمال، طالبين اليهم الانسحاب من مهماتهم فورا. عقلاء المدينة يشرحون هذه الحالة من زاوية، ان الناس في المدينة لا ينكرون ان هناك حشودا من الزعران في الشوارع. وان التيار الاغلب عند سكان المدينة، هو لدعوة الجيش الى التدخل وحسم الامر، لكن العقلاء انفسهم ينبهون الى ان هذا الرأي العام نفسه، يريد من الجيش خطوة مسبقة. يريد منه الاعلان ان آل عيد، شلة زعران ايضا. ويجب اطاحتهم. وبحسب احد العقلاء في المدينة، فان الصورة اكثر وضوحا عند التدقيق: على الجيش ان يضرب في جبل محسن بطريقة واضحة وحاسمة، وأن ينزل بعدئذ الى طرابلس وليفعل ما يريد! امر اخر، يلفت اليه الامنيون والعقلاء، وهو ان تيار «المستقبل» يواجه ازمة حقيقية في الشمال هذه الفترة. وانه لا أحد من قادة «المستقبل» يستطيع الادعاء بأن في مقدروه ضبط الشارع وسحب جميع المسلحين، بل إن المدينة تضج بالحديث عن خلافات بين قادة «التيار». وان اللواء اشرف ريفي لم يعد يكترث لكل السياسيين الاخرين من فريقه، وانه يريد تثبيت نفسه زعيما اوحد، وفرض نفسه أمرا واقعا على الجميع. من قادة المدينة الى سعد الحريري. طيب، اذا كان المسلحون لا يريدون الجيش، والشارع يريد تصفية الحزب العربي الديموقراطي اولا، وقادة «المستقبل» يريدون قيادة امنية وعسكرية على ذوقهم، وهم يبدون عاجزين عن السيطرة التامة، فمن بيده الامر، وماذا يريد؟ بحسب امني بارز متابع ملف المدينة، وتربطه علاقات جيدة بقادة طرابلس وعكار، فان هناك مرجعية غير لبنانية، باتت تؤثر بقوة في هذه المجموعات. وهي المرجعية نفسها التي تدير المجموعات المسلحة في سوريا. وهي تبحث عن تعويض لخسائرها في سوريا من خلال الساحة اللبنانية. ويضيف جازما: ان بيانات جبهة النصرة ضد الجيش اللبناني، واظهار العداء السياسي للجيش بالتزامن مع شن عمليات عسكرية ضده، تعني ان هذه المجموعات، تريد اخراج الجيش من كل الشمال اذا امكنها ذلك. وهي تفترض، انه في حال حصول هذا، فان الفوضى التي تنشأ، سوف تمثل الارضية الخصبة التي تحتاج إليها لاعادة تنظيم صفوفها. لأجل ماذا؟ يجيب الرجل: لا اعرف، ربما هم يعتقدون انهم سوف يبنون امارة لهم في الشمال، ومنها ينطلقون لتحرير سوريا من نظام الاسد؟

المصدر : الأخبار /ابراهيم الأمين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة