مخاطر فشل مشروع وقف إطلاق النار في طرابلس الذي أعلن عنه بعد اجتماع سياسي أمني ليل أمس، وأعلن قادة المحاور أنهم غير معنيين بما صدر عن الاجتماع، كشفت أن العاصمة اللبنانية الثانية تتجه نحو المجهول .

العجز الذي بدا في إنهاء الحرب المندلعة في طرابلس طرح علامات استفهام كبرى حول مستقبل الحكومة الجديدة، وجدية القوى المشاركة فيها على تنفيذ التزاماتها أو مدى قدرتها على ذلك .

والسؤال هو مع ازدياد عدد القتلى إلى خمسة وعشرين والجرحى إلى مئة وخمسة وسبعين هل دخلت طرابلس آتون الاحتراق المفتوح بما يتعدى تفسيره وجود عناصر غير منضبطة أو سيطرة الفعل ورد الفعل على محاور القتال؟

التفسير لما يجري مع بلوغه هذا المدى الزمني المتمادي، وهذا المستوى من الشراسة والهمجية في استهداف الناس وأمنهم، صار فضيحة سياسية كاملة، فالأحداث أقرب للعبثية وتعبير عن تفاهة الكلام السياسي الذي يسمعه الناس تكراراً ممجوجاً على ألسنة سياسيين مسؤولين، بيدهم صناعة القرار ويملكون أدوات التنفيذ ويكتفون بلعب دور المحلّل السياسي أو الناصح الاجتماعي، بلغة ينبغي ومن المفروض ومن غير المقبول ومن غير الجائز، ليتساءل الناس عن هوية الجهة التي يمكن أن يسمعوا منها معادلات رجال وسيدات الدولة، من عيار سنمنع وسنقمع وسيكون، أو منعنا وقمعنا وقرّرنا وكان؟

في السياسة تنفجّر طرابلس على إيقاع التتمة للمعزوفة التي بدأها تيار «المستقبل» بقطع الطرقات استنكاراً لسقوط يبرود والزارة من أيدي مسلحي القاعدة، ونزوح بعضهم نحو عرسال ووادي خالد، وفي مسعى واضح لتأمين الحماية والغطاء لهذا النزوح .

دخول الجيش إلى عرسال بدا مقيّداً بضوابط لا تزال تحول دون اعتبار عرسال قد صارت بعهدة الجيش، فما جرى لا يتعدى فك الاشتباك بين عرسال وجيرانها المحتجّين على تحوّلها إلى خزّان للسيارات المفخّخة بديلاً من يبرود ورأس العين .

ما تشهده طرابلس يقع بين فرضيّتي تحوّل المجموعات التابعة للقاعدة والمتغلغلة في شارع «المستقبل» إلى قوة فاعلة نافذة مستقلة القرار، بعدما نجحت في تجويف تيار «المستقبل» والاستيلاء على الجزء الحيوي من شارعه وكوادره، وما عاد بيده إمساك القرار فارتضى التعايش والمساكنة والممالأة وادعاء إمساك الشارع والقرار، بتبني خطاب الجماعات المهيمنة وتسويقه والدفاع عنه، أو أن الجهة الممسكة بقرار «المستقبل» والمجموعات المسلحة تدير بينهما تقسيماً وظيفياً يريد اشتعال طرابلس، لرمي كرة النار الطرابلسية بوجه المقاومة وحلفائها وفقاً لمعادلة تتصل بما يجري في سورية .

يستعيد مرجع دبلوماسي ووزير خارجية سابق ما سمعه من وزراء عرب عن معادلة سعودية سوّق لها في الصيف الماضي، وتحدثت عنها قناة العربية مراراً بصفتها رسالة سعودية قالت إنها وصلت إلى حزب الله، ومضمونها أن حرب القلمون مقابل إشعال طرابلس، ولم تكن معارك قارة والنبك ودير عطية قد بدأت بعد، لترسم قناة العربية وينقل الوزراء العرب معادلة قوامها أن مشاركة حزب الله في حرب القلمون لإسقاطها من أيدي المسلّحين ستعني إسقاط جبل محسن بيد مسلحي طرابلس .

يربط المرجع الدبلوماسي لـ«البناء» بين ما دار على مسامعه في الصيف وما سمعه من دبلوماسيّ عربي قبل أيام قليلة عن أن القلمون لم تسقط بعد، فيبرود على أهميتها لقربها من عرسال التي تشكل خط الإمداد الرئيسي لريف دمشق، وبالتالي إبقاء فرص الضغط على العاصمة السورية، يمكن تعويضها في الزبداني التي تقابل بالمسافة نفسها مجدل عنجر، المؤهلة للعب دور مشابه لعرسال. إذاً وصلت الرسالة لحزب الله واعتبر أن معركته تنتهي مع يبرود، وإلا فإنّ تداعيات الوضع في الشمال لا يمكن السيطرة عليها، وسيؤدي ما وصفه الدبلوماسي العربي الكبير بحال الاحتقان والغضب من الشعور بالهزيمة، ستنفجر بصورة تصعب السيطرة عليها، خصوصاً أن اللبنانيين المشاركين في معارك الزارة والحصن يعودون بالعشرات جثثاً لقتلى يصعب تشييعهم خارج غطاء معارك طرابلس، طالما أنهم ينتمون لمناطق شمالية يمكن تبرير انتقالهم منها للقتال في طرابلس .

هل يجري تشييع قتلى الزارة والحصن بالتدرّج كقتلى يسقطون في معارك طرابلس للتغطية على سقوطهم هناك؟ وشحن النفوس لتبرير التصعيد والمزيد من التحريض على جبل محسن وهل هي المعادلة السعودية مرة أخرى: طرابلس مقابل الزبداني؟

وهل أن التدخّل السعودي يأتي لتعويض الفشل «الإسرائيلي» في رسم خطوط حمراء لمشاركة حزب الله في القتال في سورية، في ضوء النتائج التي حاولت رسمها الغارات «الإسرائيلية»، وجاءت عبوات مزارع شبعا والجولان بعد صواريخ جبل الشيخ، لتنسفها وترسم عكسها تماماً في قواعد الاشتباك؟

 

  • فريق ماسة
  • 2014-03-21
  • 6661
  • من الأرشيف

رسالة سعودية: طرابلس مقابل الزبداني !

مخاطر فشل مشروع وقف إطلاق النار في طرابلس الذي أعلن عنه بعد اجتماع سياسي أمني ليل أمس، وأعلن قادة المحاور أنهم غير معنيين بما صدر عن الاجتماع، كشفت أن العاصمة اللبنانية الثانية تتجه نحو المجهول . العجز الذي بدا في إنهاء الحرب المندلعة في طرابلس طرح علامات استفهام كبرى حول مستقبل الحكومة الجديدة، وجدية القوى المشاركة فيها على تنفيذ التزاماتها أو مدى قدرتها على ذلك . والسؤال هو مع ازدياد عدد القتلى إلى خمسة وعشرين والجرحى إلى مئة وخمسة وسبعين هل دخلت طرابلس آتون الاحتراق المفتوح بما يتعدى تفسيره وجود عناصر غير منضبطة أو سيطرة الفعل ورد الفعل على محاور القتال؟ التفسير لما يجري مع بلوغه هذا المدى الزمني المتمادي، وهذا المستوى من الشراسة والهمجية في استهداف الناس وأمنهم، صار فضيحة سياسية كاملة، فالأحداث أقرب للعبثية وتعبير عن تفاهة الكلام السياسي الذي يسمعه الناس تكراراً ممجوجاً على ألسنة سياسيين مسؤولين، بيدهم صناعة القرار ويملكون أدوات التنفيذ ويكتفون بلعب دور المحلّل السياسي أو الناصح الاجتماعي، بلغة ينبغي ومن المفروض ومن غير المقبول ومن غير الجائز، ليتساءل الناس عن هوية الجهة التي يمكن أن يسمعوا منها معادلات رجال وسيدات الدولة، من عيار سنمنع وسنقمع وسيكون، أو منعنا وقمعنا وقرّرنا وكان؟ في السياسة تنفجّر طرابلس على إيقاع التتمة للمعزوفة التي بدأها تيار «المستقبل» بقطع الطرقات استنكاراً لسقوط يبرود والزارة من أيدي مسلحي القاعدة، ونزوح بعضهم نحو عرسال ووادي خالد، وفي مسعى واضح لتأمين الحماية والغطاء لهذا النزوح . دخول الجيش إلى عرسال بدا مقيّداً بضوابط لا تزال تحول دون اعتبار عرسال قد صارت بعهدة الجيش، فما جرى لا يتعدى فك الاشتباك بين عرسال وجيرانها المحتجّين على تحوّلها إلى خزّان للسيارات المفخّخة بديلاً من يبرود ورأس العين . ما تشهده طرابلس يقع بين فرضيّتي تحوّل المجموعات التابعة للقاعدة والمتغلغلة في شارع «المستقبل» إلى قوة فاعلة نافذة مستقلة القرار، بعدما نجحت في تجويف تيار «المستقبل» والاستيلاء على الجزء الحيوي من شارعه وكوادره، وما عاد بيده إمساك القرار فارتضى التعايش والمساكنة والممالأة وادعاء إمساك الشارع والقرار، بتبني خطاب الجماعات المهيمنة وتسويقه والدفاع عنه، أو أن الجهة الممسكة بقرار «المستقبل» والمجموعات المسلحة تدير بينهما تقسيماً وظيفياً يريد اشتعال طرابلس، لرمي كرة النار الطرابلسية بوجه المقاومة وحلفائها وفقاً لمعادلة تتصل بما يجري في سورية . يستعيد مرجع دبلوماسي ووزير خارجية سابق ما سمعه من وزراء عرب عن معادلة سعودية سوّق لها في الصيف الماضي، وتحدثت عنها قناة العربية مراراً بصفتها رسالة سعودية قالت إنها وصلت إلى حزب الله، ومضمونها أن حرب القلمون مقابل إشعال طرابلس، ولم تكن معارك قارة والنبك ودير عطية قد بدأت بعد، لترسم قناة العربية وينقل الوزراء العرب معادلة قوامها أن مشاركة حزب الله في حرب القلمون لإسقاطها من أيدي المسلّحين ستعني إسقاط جبل محسن بيد مسلحي طرابلس . يربط المرجع الدبلوماسي لـ«البناء» بين ما دار على مسامعه في الصيف وما سمعه من دبلوماسيّ عربي قبل أيام قليلة عن أن القلمون لم تسقط بعد، فيبرود على أهميتها لقربها من عرسال التي تشكل خط الإمداد الرئيسي لريف دمشق، وبالتالي إبقاء فرص الضغط على العاصمة السورية، يمكن تعويضها في الزبداني التي تقابل بالمسافة نفسها مجدل عنجر، المؤهلة للعب دور مشابه لعرسال. إذاً وصلت الرسالة لحزب الله واعتبر أن معركته تنتهي مع يبرود، وإلا فإنّ تداعيات الوضع في الشمال لا يمكن السيطرة عليها، وسيؤدي ما وصفه الدبلوماسي العربي الكبير بحال الاحتقان والغضب من الشعور بالهزيمة، ستنفجر بصورة تصعب السيطرة عليها، خصوصاً أن اللبنانيين المشاركين في معارك الزارة والحصن يعودون بالعشرات جثثاً لقتلى يصعب تشييعهم خارج غطاء معارك طرابلس، طالما أنهم ينتمون لمناطق شمالية يمكن تبرير انتقالهم منها للقتال في طرابلس . هل يجري تشييع قتلى الزارة والحصن بالتدرّج كقتلى يسقطون في معارك طرابلس للتغطية على سقوطهم هناك؟ وشحن النفوس لتبرير التصعيد والمزيد من التحريض على جبل محسن وهل هي المعادلة السعودية مرة أخرى: طرابلس مقابل الزبداني؟ وهل أن التدخّل السعودي يأتي لتعويض الفشل «الإسرائيلي» في رسم خطوط حمراء لمشاركة حزب الله في القتال في سورية، في ضوء النتائج التي حاولت رسمها الغارات «الإسرائيلية»، وجاءت عبوات مزارع شبعا والجولان بعد صواريخ جبل الشيخ، لتنسفها وترسم عكسها تماماً في قواعد الاشتباك؟  

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة