دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
إذا كان انتصار يبرود حاسما من الناحية العسكرية فإن التبعات السياسية و الأمنية التي نتجت عن هذا الانتصار السريع الحاسم سوف ترخي بظلالها على المعارضة السورية المسلحة، وعلاقاتها بالجار اللبناني الداعم لها في عرسال وفي الشمال على وجه التحديد.
خسرت كتائب المعارضة السورية المحاربة ورقة يبرود وموقعها الاستراتيجي والمعنوي، وخسرت معها علاقة الثقة مع حليف لبناني تغنت به وتغنى بها خلال سنوات ثلاث من الحرب السورية ، قبل أن تكتشف او تقرر أن تكشف أن هذا الحليف استغلها سياسيا في معاركه اللبنانية الداخلية وحربه القديمة على الدولة والنظام في سورية، وأنه جعل منها بقرة حلوب استغلها ماديا واستغل المآسي الناتجة عن الحرب في سورية خصوصا لجهة النازحين والتمويل للمسلحين لتحقيق أرباح مالية طائلة بحجة نقل المساعدات ودعم الشعب السوري.
خلقت معركة يبرود وضعا جديدا في المعادلة السورية اللبنانية ، لم تكن الدولة السورية مستعدة له وتتوقع حصوله إلى أن أتت أزمة القرم بين روسيا والغرب لتحرر القيادة السورية والحليفة من ضغط روسي مستمر منذ ثلاث سنوات أقله في الميدان الحربي. لم يعد الظرف الروسي يسمح بالضغط على الدولة السورية وحلفائها كما حصل في مراحل سابقة عندما ضغطت روسيا في موضوع المراقبين العرب، أو كما ضغطت على الدولة السورية لإقرار الهدنة وهي منتصرة في بابا عمرو في حمص ما سمح للمعارضة بإعادة تنظيم صفوفها واستقدام المزيد من السلاح، كل هذا تغير في يبرود حيث كانت ظلال القرم واضحة على سورية وعلى لبنان المحاذي لها.
في المعلومات أن الجيش السوري وجه إنذارا واضحا إلى المسلحين في عرسال وإلى القيمين السياسيين عليهم في لبنان أن عليهم الابتعاد عن التدخل في معركة يبرود ،وإلا فإن الجيش السوري سوف يضطر إلى شن حملة عسكرية على أية منطقة لبنانية حدودية تتدخل في معركة يبرود بتقديم الدعم لكتائب المعارضة المسلحة فيها، وتفيد المعلومات أن هذا الإنذار وجه بعدما رصدت مراكز التنصت التابعة للجيش السوري وحلفائه اتصالات بين قيادات المسلحين في يبرود و مسؤول جبهة النصرة في عرسال مصطفى الحجيري الملقب (أبو طاقية)، يطلب فيه مسلحو المعارضة السورية إرسال المدد العسكري والبشري لهم في أرض المعركة ، وفي إحدى المرات طلبت قيادة غرفة عمليات النصرة في القلمون من أبو طاقية فتح معركة بين عرسال والجوار اللبناني لتخفيف الضغط عنها في الميدان.
وتشير المعلومات أن الطرف اللبناني القيم سياسيا على الوضع في عرسال تبلغ جدية التهديد السوري خصوصا أن مفاعيل الغارة الإسرائيلية في السلسلة الشرقية للبنان انتهت بعد أحداث غزة والجنوب اللبناني ، بينما أظهر التشدد الروسي في القرم والانشغال الغربي والأمريكي بأزمة اوكرانيا فرصة تحرك استراتيجية للجيش السوري لا يمكن للدولة السورية أن تدعها تمر دون استغلالها ولا يمكن فيها لحليف المعارضة السورية في لبنان تحمل تبعات أي تحرك سوري ضده انطلاقا من هذه المعادلة ، وهذا ما جعل القيم السياسي في لبنان على الأوضاع في عرسال يوجه تحذيرا لأبو طاقية عبر رئيس البلدية وفعاليات البلدة تحمله شخصيا مسؤولية أي تحرك غير مسؤول لجهة التدخل في حرب يبرود، وظهرت نتائج التحذير هذه فورا في آخر اتصال تم رصده بين قائد ميداني في فليطة ومصطفى الحجيري.
المعلومات تقول أن قائدا ميدانيا في بلدة فليطة اتصل بمصطفى الحجيري قبل يومين من سقوط يبرود طالبا منه إرسال السلاح وفتح جبهة بين عرسال وجوارها اللبناني للضغط على حزب الله وتخفيف الضغط على (الأخوة ) في يبرود، مضيفا انه في حال لم يتم ذلك فسوف تسقط يبرود ويصبح أبو طاقية وجماعته دون تواصل جغرافي مع المعارضة السورية، غير أن ( أبو طاقية) أبلغ المتصل السوري أن هذا الأمر صعب تطبيقه وأنه عرضة لضغوط وتهديد واضح من قبل رئيس البلدية وتيار المستقبل بالتخلي عنه في حال ورط عرسال في حرب يبرود فما كان من المتصل السوري إلا أن وجه شتائم نابية لمصطفى الحجيري متهما إياه بالغدر والخيانة ومتوعدا بجعله يدفع الثمن .
الحريري يطلب دخول الجيش بعد أن كان رفضه ..
قبل السقوط المدوي لمسلحي جبهة النصرة والجيش الحر في يبرود ، كانت لهجة زعيم تيار المستقبل عالية النبرة في موضوع دخول الجيش اللبناني إلى عرسال، وكان تيار المستقبل رفض قبل سقوط يبرود بيومين أي دخول للجيش اللبناني إلى عرسال بل إن المعلومات تقول أن قيادات يشار إليها ( صقور) هددت بضرب أية قوة من الجيش تدخل البلدة، غير أن مجريات الميدان في يبرود غيرت مواقف رئيس حزب المستقبل من باريس خصوصا بعد ورود المعلومات عن توجه عدد كبير من المسلحين الى جرود عرسال بدل التوجه إلى رنكوس ، وحسب المعلومات فإن قيادة المستقبل تخشى من دخول هؤلاء المسلحين إلى عرسال والتحكم بها على طريقة ما يفعلونه في البلدات السورية التي يسيطرون عليها وتعود مخاوف قيادات تيار المستقبل إلى إمكانية تحول عرسال إلى بؤرة توتر وإرهاب قد تجعل الغرب يغض النظر عن أي تدخل عسكري سوري فيها فضلا من مخاوف الحريري من سيطرة النصرة والسلفية المحاربة على البلدة التي يعتبرها خراجا سياسيا وشعبيا لتياره يتصرف به عندما تحتاج مصالحه السياسية..
وتشير المعلومات أن قيادة تيار المستقبل طلبت دخول الجيش اللبناني إلى عرسال بعد 48 ساعة من رفضها الأمر، وتم الطلب عبر الرئيس فؤاد السنيورة الذي تعهد بالتعاون مع الجيش في البلدة وتسهيل مهمته، وتشير المعلومات أن توافقا شفهيا تم على أن لا يقوم الجيش بمداهمة المنازل في عرسال لأن فيها أسلحة فردية كما هي الحال في كل المناطق اللبنانية، ويشمل الاتفاق الشفهي منع أي ظهور مسلح في البلدة ومنع دخول المسلحين السوريين المتواجدين في الجرد العرسالي إلى البلدة والتعاون مع الجيش في هذا الأمر.
أبو طاقية في عرسال..
ما زال مصطفى الحجيري الملقب ملا (أبو طاقية) متواجدا في عرسال ولم يغادرها لحد الآن حسب معلومات مؤكدة من البقاع الشمالي ومن داخل عرسال تحديدا، وتقول المصادر أن الجيش اللبناني ليس من مهامه البحث عن ( أبو طاقية) وهو لن يذهب إليه ويعتقله بينما طُلب من الأخير التواري عن الأنظار وعدم المرور في نقاط تتواجد فيها مراكز ودوريات للجيش اللبناني، وتقول المصادر أن (أبو طاقية) يخشى الصعود إلى الجرد بعد الاتهامات التي وجهها له المسلحون السوريون بخيانتهم وعدم مساعدتهم في معركة يبرود..
المصدر :
المنار/ نضال حمادة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة