مذ حققت المقاومة ومحورها إنجاز التحرير عام 2000 اكتسبت بعداً إقليمياً جعلها عرضة للملاحقة والهجوم العدواني من قبل عتاة المشروع الصهيو ـ أميركي وأدواته في المنطقة، وخاضت المقاومة المواجهة الدفاعية عن الذات والمكتسبات على نحو متواصل وبسائر وجوه المواجهة المادية الميدانية مثلما كان الأمر عام 2006 أو بالسبل السياسية والإعلامية والحرب النفسية التي شنت عليها واضطرتها إلى المواجهة الملائمة.

واستطاعت المقاومة في مواجهتها الدفاعية تلك أن تثبت في مواقعها وتمنع الخصم من تحقيق أهدافه الى حد بعيد، ولم ينفع القرار 1559 ولا المحكمة الدولية ولا أساليب شيطنة المقاومة والافتراء على قدسيتها وشرعيتها. لم تنفع تلك الوسائل والاعتداءت كلّها التي شنت منذ نيف وأربعة عشر عاماً في ثني المقاومة عن مسارها أو تحجيم دورها أو التأثير الفعلي في موقعها الذي احتلته على الخريطة الجيوسياسة في المنطقة والوزن الاستراتيجي في الشرق الأوسط.

على رغم فشل الجبهة المعتدية على المنطقة ومحور مقاومتها، أصرت على تعنتها ومواصلة هجومها، وزاد من وتيرة هذه الإصرار وحجمه ما لحق بالمشروع الصهيو ـ أميركي من ندوب وخسائر في الميدان السوري وعلى الصعد العسكرية والسياسية كافة، وحتى الحرب النفسية والاعلامية، وكان رد أصحاب المشروع على المقاومة حديثاً في عنوانين، عسكري ميداني ومعنوي سياسي.

بمقتضى العنوان الأول، تدخلت «إسرائيل» بسلاحها الجوي المباشر ونفذت اعتداءات على الأرض السورية وقرب الحدود مع لبنان، وزعمت يومذاك أنها استهدفت قوافل أو مواقع لحزب الله ( اختارت هذا النوع من الذرائع كي تبرر العدوان وتعتبره نوعاً من الدفاع الاستباقي عن النفس وليس تدخلاً في الحرب الكونية التي شنها الغرب على سورية )  أما الغاية الحقيقية من العدوان «الإسرائيلي» فهي ذات بُعد استراتيجي ترمي  لكسر معادلة توازن الردع التي أرستها المقاومة بوجه «إسرائيل» وأدت إلى غل يدها عن الذهاب إلى الحرب متى تشاء وأفقدتها حرية تنفيذ قرار الحرب في الظرف الذي يلائمها.

أما في العنوان الثاني فكان في  معركة الحكم وتشكيل الحكومة في لبنان، و اتخذ فيها الخصوم شعار «عزل حزب الله» ومنعه من المشاركة في الحكم مهما يكن حجم تلك المشاركة، ثم اعتبار المقاومة بذاتها كياناً غير مشروع الوجود، وسلاحها فاقداً أي نوع من أنواع الشرعية ويجب نزعه. وتنفيذاً لهذه الشعارات أجبر نجيب ميقاتي على استقالة حكومته، ومنع تمام سلام من تشكيل حكومة يدخلها حزب الله، وعطل المجلس النيابي كي لا يكون صوت المقاومة مسموعاً في هيئة دستورية سياسية.

فرض أصحاب المشروع الصهيو ـ أميركي على المقاومة خلال العام الفائت بدءاً من آذار 2013 هذه المعركة القاسية نوعاً ما والتي أنيطت إدارتها بغرفة عمليات إقليمية- دولية تقودها أميركا ويشترك فيها أوروبيون وعرب، في مقدمهم فرنسا والمملكة العربية السعودية، وكان ظن هؤلاء أن حزب الله ومقاومته وأركان محور المقاومة الآخرون «الغارقون» في الأزمة السورية - كما تصوروا - لن يقووا على المواجهة، وأن الفرص لاحت جدياً للتخلص من المقاومة التي هزمت «إسرائيل» وعطلت استتباب الأمر لأميركا في إقامة النظام الأحادي القطبية عبر الشرق الأوسط الجديد المصوغ وفقاً للقرار الأميركي.

في المقابل وضعت المقاومة ومحورها خطة أو استراتيجية الدفاع لإجهاض الهجوم العدواني، على نحو يتناسب مع طبيعة العدوان والاستهداف ويستجيب لقاعدتي «الضرورة والتناسب» المعتمدتين في قواعد الحرب والدفاع. وكان العمل الدفاعي مبرمجاً لتنفيذه في الاتجاهات الثلاثة، داخل سورية لرد العدوان، وفي اتجاه «إسرائيل» لإفشال مخطط كسر معادلة توازن الردع، وفي لبنان لإجهاض محاولات عزل المقاومة وشيطنتها وإسقاط مشروعيتها وشرعيتها.

اليوم، وبعد عام متواصل من المواجهة القاسية، نستطيع الوقوف على النتائج البالغة الايجابية لمصلحة المقاومة ومحورها على النحو الآتي:

1 ـ في سورية: حقق الجيش العربي السوري والقوات الحليفة (بينها حزب الله ) إنجازات عسكرية ميدانية فائقة الأهمية، بدءاً من القصير (في أيار 2013 ) وصولاً إلى يبرود (في آذار  2014)  و بينهما  بيف دمشق والغوطتين وحلب وإدلب وحماه وشمال اللاذقية والجبهة الجنوبية في درعا، وما تم أيضاً في دير الزور. إنجازات أوصلت الخصم إلى تصور يقيني بأنه خسر المعركة، وبأن سورية انتصرت في العنوان الاستراتيجي بشكل أكيد، وأنها تحقق إنجازات تراكمية في العنوان التكتي العملاني، بحيث إن استكمال تنظيف البلاد وتطهيرها من الإرهابيين وصولاً إلى الإعلان عن دفن المشروع العدواني عليها، باتت مسألة وقت لا يقاس بأكثر من أشهر معدودة. حدث ذلك بالتزامن مع تثمير له على المسار السياسي إذ تمضي الدولة السورية قدما في الاضطلاع بمهماتها وتنفيذ عملية التطوير السياسي عبر التحضير لانتخابات يقرر فيها الشعب السوري من وماذا يريد على صعيد النظام والحكم.

2 ـ في الجانب «الإسرائيلي»، يذكر الجميع أن مكوّنات محور المقاومة، خاصة سورية وحزب الله، أعلنت أن عدوان «إسرائيل» لن يمر، وأن الرد سيكون من طبيعة العدوان نفسه وعلى نحو يجهض أهدافه. وجهد خبراء ومعنيون كثر في البحث عن كيفية هذا الرد ومكانه وزمانه. والآن أتى الجواب من الميدان، ففي أقل من عشرة أيام تعرضت القوات «الإسرائيلية» المحتلة في الجولان ومزارع شبعا لثلاث عمليات عسكرية أنزلت بالعدو خسائر غير بسيطة (قتيل و7 جرحى وفقاً لما أعلنته وسائل الاعلام المعادية ) . وفي حين ظنت «إسرائيل» أن انشغال محور المقاومة بالشأن السوري سيمنعه من الرد على عدوانها، فوجئت بأن الجبهة التي جمدت بمقتضى اتفاقية فض الاشتباك 1974، تنفجر في وجهها بعدما أحدثت بنفسها الثغرة فيها، وباتت تحدياً كبيراً لها. وهي تدرك أن الذهاب إلى حرب الآن ليس في مصلحتها، وبالتالي سيكون عليها أن تتعامل مع الواقع المستجد بين حدين: لا حرب ممكنة، ولا إهمال لأي عدوان، وبالتالي ستجبر على العودة صاغرة الى تثبيت معادلة توازن الردع، مطعمة بعامل إضافي هو أن خط فض الاشتباك لم يبق له من الخصائص التي ترتاح «إسرائيل» إليها كما كان قائماً في الجولان. قبل العمليات.

3 ـ في لبنان، حيث كانت المعركة السياسية القاسية أيضاً بين تيار المقاومة وخصومه الذين يتحكم في قرارهم الخارج الغربي والخليجي، معركة انقشع غبارها عن سقوط شعارات خصوم المقاومة، فشكلت حكومة احتلت فيها المقاومة وحلفاؤها الموقع المؤثر في قرارها ووجهها الخارجي، وصيغ البيان الوزاري الذي ستحصل الحكومة على الثقة على أساسه وبشبه إجماع نظرياً، بنص يؤكد على حق المواطنين اللبنانين في المقاومة من غير ربط بأحد. أما مناقشة الدور والتكامل مع الجيش اللبناني فرحّل أمرهما الى هيئة الحوار التي لطالما استنكف خصوم المقاومة عن حضورها وعطلوا فاعليتها كي لا يواجهوا  الحقيقة، أي حاجة لبنان الى مقاومة متكاملة  مع الجيش للدفاع عن الوطن وشعبه وكيانه وسيادته وحقوقه... حوار قد نراهم فيه قريباً ـ وهذا المرجح ـ متحلقين حول طاولته يبلعون فيه ألسنتهم ويلوكون شعارات فارغة. إلاّ إذا أمرهم الخارج كالعادة بالتوقيع على الحقيقة.

في النتيجة، نرى ان كل ما شاءه العدو والخصم وطرحه ضد المقاومة ومحورها تحطم عند أقدام المقاومين في السياسة والميدان، في الحكومة والبيان، ولا يغير من هذه النتائج الباهرة التي حققها محور المقاومة بعض ما تقوم أو قامت به «إسرائيل» بالأمس من اعتداءات استثمرها مرتزقتها في الجنوب السوري، فـ»إسرائيل» تعلم أن المنطقة مفتوحة على الاحتمالات كافة، تبعاً لما ورد في البيان العسكري السوري، بما فيها الحرب، وهي ليست جاهزة لها على ما نعتقد. كما لا يغير من حقيقة هذه النتائج التلاعب اللفظي في البيان الوزاري اللبناني بإبدال كلمة الشعب بكلمة مواطنين لبنانيين،( وهل الشعب هو غير المواطنين اللبنانيين.)  أو إسقاط كلمة جيش والتأكيد على عبارة الدولة، وهل الدولة سوى الشعب والأرض والسلطة؟ أوليس الجيش هو ذراع السلطة في الدولة؟

حاول المهزومون أمام المقاومة ومحورها ويحاولون حجب هزائمهم بتلاعب لفظي وعنتريات لا تغيّر في الواقع شيئاً، لكن تبقى الحقيقة أن المقاومة ومحورها يراكمان الإنجازات ويتكاملان في السياسة والميدان. ويبقى للخصوم أن يحصدوا الخيبة والخسران.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-03-19
  • 11393
  • من الأرشيف

المقاومة ومحورها: تراكم الانجازات في السياسة والميدان

مذ حققت المقاومة ومحورها إنجاز التحرير عام 2000 اكتسبت بعداً إقليمياً جعلها عرضة للملاحقة والهجوم العدواني من قبل عتاة المشروع الصهيو ـ أميركي وأدواته في المنطقة، وخاضت المقاومة المواجهة الدفاعية عن الذات والمكتسبات على نحو متواصل وبسائر وجوه المواجهة المادية الميدانية مثلما كان الأمر عام 2006 أو بالسبل السياسية والإعلامية والحرب النفسية التي شنت عليها واضطرتها إلى المواجهة الملائمة. واستطاعت المقاومة في مواجهتها الدفاعية تلك أن تثبت في مواقعها وتمنع الخصم من تحقيق أهدافه الى حد بعيد، ولم ينفع القرار 1559 ولا المحكمة الدولية ولا أساليب شيطنة المقاومة والافتراء على قدسيتها وشرعيتها. لم تنفع تلك الوسائل والاعتداءت كلّها التي شنت منذ نيف وأربعة عشر عاماً في ثني المقاومة عن مسارها أو تحجيم دورها أو التأثير الفعلي في موقعها الذي احتلته على الخريطة الجيوسياسة في المنطقة والوزن الاستراتيجي في الشرق الأوسط. على رغم فشل الجبهة المعتدية على المنطقة ومحور مقاومتها، أصرت على تعنتها ومواصلة هجومها، وزاد من وتيرة هذه الإصرار وحجمه ما لحق بالمشروع الصهيو ـ أميركي من ندوب وخسائر في الميدان السوري وعلى الصعد العسكرية والسياسية كافة، وحتى الحرب النفسية والاعلامية، وكان رد أصحاب المشروع على المقاومة حديثاً في عنوانين، عسكري ميداني ومعنوي سياسي. بمقتضى العنوان الأول، تدخلت «إسرائيل» بسلاحها الجوي المباشر ونفذت اعتداءات على الأرض السورية وقرب الحدود مع لبنان، وزعمت يومذاك أنها استهدفت قوافل أو مواقع لحزب الله ( اختارت هذا النوع من الذرائع كي تبرر العدوان وتعتبره نوعاً من الدفاع الاستباقي عن النفس وليس تدخلاً في الحرب الكونية التي شنها الغرب على سورية )  أما الغاية الحقيقية من العدوان «الإسرائيلي» فهي ذات بُعد استراتيجي ترمي  لكسر معادلة توازن الردع التي أرستها المقاومة بوجه «إسرائيل» وأدت إلى غل يدها عن الذهاب إلى الحرب متى تشاء وأفقدتها حرية تنفيذ قرار الحرب في الظرف الذي يلائمها. أما في العنوان الثاني فكان في  معركة الحكم وتشكيل الحكومة في لبنان، و اتخذ فيها الخصوم شعار «عزل حزب الله» ومنعه من المشاركة في الحكم مهما يكن حجم تلك المشاركة، ثم اعتبار المقاومة بذاتها كياناً غير مشروع الوجود، وسلاحها فاقداً أي نوع من أنواع الشرعية ويجب نزعه. وتنفيذاً لهذه الشعارات أجبر نجيب ميقاتي على استقالة حكومته، ومنع تمام سلام من تشكيل حكومة يدخلها حزب الله، وعطل المجلس النيابي كي لا يكون صوت المقاومة مسموعاً في هيئة دستورية سياسية. فرض أصحاب المشروع الصهيو ـ أميركي على المقاومة خلال العام الفائت بدءاً من آذار 2013 هذه المعركة القاسية نوعاً ما والتي أنيطت إدارتها بغرفة عمليات إقليمية- دولية تقودها أميركا ويشترك فيها أوروبيون وعرب، في مقدمهم فرنسا والمملكة العربية السعودية، وكان ظن هؤلاء أن حزب الله ومقاومته وأركان محور المقاومة الآخرون «الغارقون» في الأزمة السورية - كما تصوروا - لن يقووا على المواجهة، وأن الفرص لاحت جدياً للتخلص من المقاومة التي هزمت «إسرائيل» وعطلت استتباب الأمر لأميركا في إقامة النظام الأحادي القطبية عبر الشرق الأوسط الجديد المصوغ وفقاً للقرار الأميركي. في المقابل وضعت المقاومة ومحورها خطة أو استراتيجية الدفاع لإجهاض الهجوم العدواني، على نحو يتناسب مع طبيعة العدوان والاستهداف ويستجيب لقاعدتي «الضرورة والتناسب» المعتمدتين في قواعد الحرب والدفاع. وكان العمل الدفاعي مبرمجاً لتنفيذه في الاتجاهات الثلاثة، داخل سورية لرد العدوان، وفي اتجاه «إسرائيل» لإفشال مخطط كسر معادلة توازن الردع، وفي لبنان لإجهاض محاولات عزل المقاومة وشيطنتها وإسقاط مشروعيتها وشرعيتها. اليوم، وبعد عام متواصل من المواجهة القاسية، نستطيع الوقوف على النتائج البالغة الايجابية لمصلحة المقاومة ومحورها على النحو الآتي: 1 ـ في سورية: حقق الجيش العربي السوري والقوات الحليفة (بينها حزب الله ) إنجازات عسكرية ميدانية فائقة الأهمية، بدءاً من القصير (في أيار 2013 ) وصولاً إلى يبرود (في آذار  2014)  و بينهما  بيف دمشق والغوطتين وحلب وإدلب وحماه وشمال اللاذقية والجبهة الجنوبية في درعا، وما تم أيضاً في دير الزور. إنجازات أوصلت الخصم إلى تصور يقيني بأنه خسر المعركة، وبأن سورية انتصرت في العنوان الاستراتيجي بشكل أكيد، وأنها تحقق إنجازات تراكمية في العنوان التكتي العملاني، بحيث إن استكمال تنظيف البلاد وتطهيرها من الإرهابيين وصولاً إلى الإعلان عن دفن المشروع العدواني عليها، باتت مسألة وقت لا يقاس بأكثر من أشهر معدودة. حدث ذلك بالتزامن مع تثمير له على المسار السياسي إذ تمضي الدولة السورية قدما في الاضطلاع بمهماتها وتنفيذ عملية التطوير السياسي عبر التحضير لانتخابات يقرر فيها الشعب السوري من وماذا يريد على صعيد النظام والحكم. 2 ـ في الجانب «الإسرائيلي»، يذكر الجميع أن مكوّنات محور المقاومة، خاصة سورية وحزب الله، أعلنت أن عدوان «إسرائيل» لن يمر، وأن الرد سيكون من طبيعة العدوان نفسه وعلى نحو يجهض أهدافه. وجهد خبراء ومعنيون كثر في البحث عن كيفية هذا الرد ومكانه وزمانه. والآن أتى الجواب من الميدان، ففي أقل من عشرة أيام تعرضت القوات «الإسرائيلية» المحتلة في الجولان ومزارع شبعا لثلاث عمليات عسكرية أنزلت بالعدو خسائر غير بسيطة (قتيل و7 جرحى وفقاً لما أعلنته وسائل الاعلام المعادية ) . وفي حين ظنت «إسرائيل» أن انشغال محور المقاومة بالشأن السوري سيمنعه من الرد على عدوانها، فوجئت بأن الجبهة التي جمدت بمقتضى اتفاقية فض الاشتباك 1974، تنفجر في وجهها بعدما أحدثت بنفسها الثغرة فيها، وباتت تحدياً كبيراً لها. وهي تدرك أن الذهاب إلى حرب الآن ليس في مصلحتها، وبالتالي سيكون عليها أن تتعامل مع الواقع المستجد بين حدين: لا حرب ممكنة، ولا إهمال لأي عدوان، وبالتالي ستجبر على العودة صاغرة الى تثبيت معادلة توازن الردع، مطعمة بعامل إضافي هو أن خط فض الاشتباك لم يبق له من الخصائص التي ترتاح «إسرائيل» إليها كما كان قائماً في الجولان. قبل العمليات. 3 ـ في لبنان، حيث كانت المعركة السياسية القاسية أيضاً بين تيار المقاومة وخصومه الذين يتحكم في قرارهم الخارج الغربي والخليجي، معركة انقشع غبارها عن سقوط شعارات خصوم المقاومة، فشكلت حكومة احتلت فيها المقاومة وحلفاؤها الموقع المؤثر في قرارها ووجهها الخارجي، وصيغ البيان الوزاري الذي ستحصل الحكومة على الثقة على أساسه وبشبه إجماع نظرياً، بنص يؤكد على حق المواطنين اللبنانين في المقاومة من غير ربط بأحد. أما مناقشة الدور والتكامل مع الجيش اللبناني فرحّل أمرهما الى هيئة الحوار التي لطالما استنكف خصوم المقاومة عن حضورها وعطلوا فاعليتها كي لا يواجهوا  الحقيقة، أي حاجة لبنان الى مقاومة متكاملة  مع الجيش للدفاع عن الوطن وشعبه وكيانه وسيادته وحقوقه... حوار قد نراهم فيه قريباً ـ وهذا المرجح ـ متحلقين حول طاولته يبلعون فيه ألسنتهم ويلوكون شعارات فارغة. إلاّ إذا أمرهم الخارج كالعادة بالتوقيع على الحقيقة. في النتيجة، نرى ان كل ما شاءه العدو والخصم وطرحه ضد المقاومة ومحورها تحطم عند أقدام المقاومين في السياسة والميدان، في الحكومة والبيان، ولا يغير من هذه النتائج الباهرة التي حققها محور المقاومة بعض ما تقوم أو قامت به «إسرائيل» بالأمس من اعتداءات استثمرها مرتزقتها في الجنوب السوري، فـ»إسرائيل» تعلم أن المنطقة مفتوحة على الاحتمالات كافة، تبعاً لما ورد في البيان العسكري السوري، بما فيها الحرب، وهي ليست جاهزة لها على ما نعتقد. كما لا يغير من حقيقة هذه النتائج التلاعب اللفظي في البيان الوزاري اللبناني بإبدال كلمة الشعب بكلمة مواطنين لبنانيين،( وهل الشعب هو غير المواطنين اللبنانيين.)  أو إسقاط كلمة جيش والتأكيد على عبارة الدولة، وهل الدولة سوى الشعب والأرض والسلطة؟ أوليس الجيش هو ذراع السلطة في الدولة؟ حاول المهزومون أمام المقاومة ومحورها ويحاولون حجب هزائمهم بتلاعب لفظي وعنتريات لا تغيّر في الواقع شيئاً، لكن تبقى الحقيقة أن المقاومة ومحورها يراكمان الإنجازات ويتكاملان في السياسة والميدان. ويبقى للخصوم أن يحصدوا الخيبة والخسران.  

المصدر : امين حطيط -


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة