دخل العالم العدّ التنازلي لتغييرات لم يعد بمقدور أحد وقف تداعياتها، فالمواجهة الساخنة في العالم حول العديد من الملفات

والاستحقاقات محكومة بساحتي مواجهة هما: سورية وأوكرانيا، تقرران إيقاع سائر الساحات .

في أوكرانيا بعد جولة الأسبوعين الماضيين لم يحدث ما يمنح الغرب مبرّر التصعيد بالعقوبات الذي ارتبط بالتدخّل العسكري الروسي، بل حدث ما هو أصعب وأشدّ قساوة وهو إعلان شبه جزيرة القرم قرارها الانضمام لروسيا، وتحضيرها للاستفتاء الذي يمنحها الدستور الأوكراني حق إجرائه كمنطقة حكم ذاتي .

قرار شبه جزيرة القرم يغيّر قواعد اللعبة في أوكرانيا، ويمنح روسيا موقع التفوق الاستراتيجي في الصراع، فوفقاً لمعايير القانون الدولي والديمقراطية ستربح روسيا في الاستفتاء المنطقة التي تتمتع بمزايا استراتيجية في أوكرانيا، وهي المورد الاقتصادي الرئيسي والساحل المطل على البحر الأسود، وسقف ما يمكن المطالبة به من الغرب هو إعادة الاستفتاء في شروط رقابة أممية، لن تغير من نتيجته مع وجود 55 في المئة من السكان من أصول روسية .

في سورية تشير الوقائع الميدانية أن التدهور في حال المعارضة المسلحة بلغ نقطة اللاعودة، فلا السلاح بات ينفع ولا إعادة الهيكلة، ولا التغيير بالمرجعية الإقليمية التي ترعى المعارضة من قطر إلى السعودية، وتلك التي ترعى الجسم المسلّح من تركيا لـ«إسرائيل» .

يبرود تدخل العدّ التنازلي، وهي كشبه جزيرة القرم في الحالة الأوكرانية، الموقع الوحيد المتبقي بيد المعارضة الذي يملك ميزة استراتيجية، لحجم الحشود العسكرية فيه، ونوعية المقاتلين والموقع الجردي القاسي بتضاريسه ووقوعه على الحدود اللبنانية ـ السورية .

الجيش السوري يتقدم من كل الاتجاهات بثبات نحو قلب يبرود، وقد صارت كل شوارعها الداخلية تحت سيطرته بالنار، وكل المداخل تحت السيطرة، والخناق يضيق على أكثر من ألفي مسلح يتمركزون داخلها .

ما بعد القرم ويبرود يعني الخسارة في أوكرانيا وسورية بالنقاط وتوقع الأسوأ، وليس بيد الأميركي أوراق قوة يمكن التقاطها لتغيير الموازين، ولذلك يتراجع الأميركي خطوة إلى الوراء عن الأحداث، ليقسّم المسرح إلى قسمين: قسم بعهدة أوروبا عنوانه أوكرانيا ومحوره التفاوض مع روسيا،

وقسم عنوانه الشرق الأوسط بعهدة السعودية ومحوره التفاوض مع إيران .

تطمح واشنطن للعب دور الراعي لمفاوضات روسية ـ أوروبية ومفاوضات سعودية ـ إيرانية، وفيما تغيب أوروبا عن المشهد في الاستعداد لهذه المفاوضات وهي بلا أوراق، تسعى السعودية للتهيؤ لمرحلة عنوانها الإمساك بمصر والتسليم بخسارة سورية مع السعي لإبقائها خارج دائرة الحلول .

أقدمت السعودية على تصعيد خطواتها ضد الإخوان المسلمين وداعش والنصرة وحزب الله السعودي، في جمع يؤكد ثلاثية السعي لإمساك مصر والتسليم بخسارة سورية وتجميد الحلول في لبنان، ولتأكيد هذا التوجّه برز تصعيد الفريق اللبناني المحسوب على السعودية، بدءاً من كلام رئيس الجمهورية بتوصيف قوة أي رئيس للجمهورية بقدرته على قول: لا لحزب الله، مروراً برئيس الحكومة تمام سلام الذي أعلن عزمه نقل الخلافات على البيان الوزاري إلى مجلس الوزراء، بما يعني في نهايته الاحتكام للتصويت وما يهدّد به من انفراط عقد الحكومة أو تعريضها للاهتزاز، وضياع فرصة البتّ التوافقي في البيان ضمن مهلة الثلاثين يوماً التي حدّدها الدستور.

  • فريق ماسة
  • 2014-03-07
  • 9915
  • من الأرشيف

السعودية لإمساك مصر والتسليم بخسارة سورية

دخل العالم العدّ التنازلي لتغييرات لم يعد بمقدور أحد وقف تداعياتها، فالمواجهة الساخنة في العالم حول العديد من الملفات والاستحقاقات محكومة بساحتي مواجهة هما: سورية وأوكرانيا، تقرران إيقاع سائر الساحات . في أوكرانيا بعد جولة الأسبوعين الماضيين لم يحدث ما يمنح الغرب مبرّر التصعيد بالعقوبات الذي ارتبط بالتدخّل العسكري الروسي، بل حدث ما هو أصعب وأشدّ قساوة وهو إعلان شبه جزيرة القرم قرارها الانضمام لروسيا، وتحضيرها للاستفتاء الذي يمنحها الدستور الأوكراني حق إجرائه كمنطقة حكم ذاتي . قرار شبه جزيرة القرم يغيّر قواعد اللعبة في أوكرانيا، ويمنح روسيا موقع التفوق الاستراتيجي في الصراع، فوفقاً لمعايير القانون الدولي والديمقراطية ستربح روسيا في الاستفتاء المنطقة التي تتمتع بمزايا استراتيجية في أوكرانيا، وهي المورد الاقتصادي الرئيسي والساحل المطل على البحر الأسود، وسقف ما يمكن المطالبة به من الغرب هو إعادة الاستفتاء في شروط رقابة أممية، لن تغير من نتيجته مع وجود 55 في المئة من السكان من أصول روسية . في سورية تشير الوقائع الميدانية أن التدهور في حال المعارضة المسلحة بلغ نقطة اللاعودة، فلا السلاح بات ينفع ولا إعادة الهيكلة، ولا التغيير بالمرجعية الإقليمية التي ترعى المعارضة من قطر إلى السعودية، وتلك التي ترعى الجسم المسلّح من تركيا لـ«إسرائيل» . يبرود تدخل العدّ التنازلي، وهي كشبه جزيرة القرم في الحالة الأوكرانية، الموقع الوحيد المتبقي بيد المعارضة الذي يملك ميزة استراتيجية، لحجم الحشود العسكرية فيه، ونوعية المقاتلين والموقع الجردي القاسي بتضاريسه ووقوعه على الحدود اللبنانية ـ السورية . الجيش السوري يتقدم من كل الاتجاهات بثبات نحو قلب يبرود، وقد صارت كل شوارعها الداخلية تحت سيطرته بالنار، وكل المداخل تحت السيطرة، والخناق يضيق على أكثر من ألفي مسلح يتمركزون داخلها . ما بعد القرم ويبرود يعني الخسارة في أوكرانيا وسورية بالنقاط وتوقع الأسوأ، وليس بيد الأميركي أوراق قوة يمكن التقاطها لتغيير الموازين، ولذلك يتراجع الأميركي خطوة إلى الوراء عن الأحداث، ليقسّم المسرح إلى قسمين: قسم بعهدة أوروبا عنوانه أوكرانيا ومحوره التفاوض مع روسيا، وقسم عنوانه الشرق الأوسط بعهدة السعودية ومحوره التفاوض مع إيران . تطمح واشنطن للعب دور الراعي لمفاوضات روسية ـ أوروبية ومفاوضات سعودية ـ إيرانية، وفيما تغيب أوروبا عن المشهد في الاستعداد لهذه المفاوضات وهي بلا أوراق، تسعى السعودية للتهيؤ لمرحلة عنوانها الإمساك بمصر والتسليم بخسارة سورية مع السعي لإبقائها خارج دائرة الحلول . أقدمت السعودية على تصعيد خطواتها ضد الإخوان المسلمين وداعش والنصرة وحزب الله السعودي، في جمع يؤكد ثلاثية السعي لإمساك مصر والتسليم بخسارة سورية وتجميد الحلول في لبنان، ولتأكيد هذا التوجّه برز تصعيد الفريق اللبناني المحسوب على السعودية، بدءاً من كلام رئيس الجمهورية بتوصيف قوة أي رئيس للجمهورية بقدرته على قول: لا لحزب الله، مروراً برئيس الحكومة تمام سلام الذي أعلن عزمه نقل الخلافات على البيان الوزاري إلى مجلس الوزراء، بما يعني في نهايته الاحتكام للتصويت وما يهدّد به من انفراط عقد الحكومة أو تعريضها للاهتزاز، وضياع فرصة البتّ التوافقي في البيان ضمن مهلة الثلاثين يوماً التي حدّدها الدستور.

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة