مع بداية الأعمال العسكرية في حلب قبل نحو أربعة أشهر، كثر الحديث عن معركة كبرى، بالتزامن مع وصول تعزيزات كبيرة للجيش العربي السوري ووحدات من الدفاع الوطني، إلا أن هذه المعركة لم تكن كبرى كما أشيع لها، فخطة الجيش كانت مختلفة

مصدر عسكري كشف ان خطة الجيش تعتمد على النفس الطويل، وعملية قضم متتالية لبعض الأحياء الإستراتيجية، وحصار المسلحين داخل أحياء حلب، بعد فصل المدينة عن ريفها، إضافة إلى تأمين المدينة الصناعية لإعادة إحياء عاصمة سوريا الاقتصادية، الأمر الذي من شانه أن يخلق عشرات آلاف فرص العمل، ما يساعد على دفع نسبة من المسلحين إلى ترك سلاحهم والعودة إلى أعمالهم.

وبدأت الأعمال العسكرية في تشرين الثاني الماضي بعد سيطرة الجيش على مدينة السفيرة، ومحيط مطار حلب الدولي، حيث انطلق من هذه النقاط نحو المدينة الصناعية.

و تشهد المدينة الصناعية في الوقت الحالي معارك عنيفة بعد التفاف وحدة من الحرس الجمهوري حول المدينة والسيطرة على قرية الشيخ نجار وتلة الغوالي الإستراتيجية فيها، ما ساهم بتشكيل طوق حول مراكز تواجد مسلحي "جبهة النصرة" الذين مازالوا يقاتلون بشراسة حسب ما أكد مصدر ميداني.

وعلى بعد أقل من كيلومتر ونصف الكيلومتر شمال المدينة الصناعية، يقبع سجن حلب المركزي الذي يحاصره مسلحون من "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" منذ نحو 11 شهراً، تعرض خلالها لعدة محاولات اقتحام واستهداف بمفخخات وانتحاريين، جميعها باءت بالفشل.

وانخفضت في الوقت الحالي وتيرة الاشتباكات في محيط السجن مع اقتراب الجيش العربي السوري وسيطرته على التلة الإستراتيجية التي تم نصب عدة مدافع عليها لاستهداف أي تحرك من المسلحين نحو السجن، لتبقى عملية فك الحصار عن السجن، الذي فقد نحو 600 من نزلائه وعناصر حمايته خلال هجمات المسلحين ونتيجة نقص الدواء والغذاء بسبب الحصار، مسألة وقت لا أكثر.

وبالعودة إلى مدينة حلب، والتي كثف الجيش خلال الفترة الماضية عمليات قصف أحيائها الشرقية الخاضعة لسيطرة المسلحين، ما دفع معظم سكانها للنزوح نحو الريف الشمالي، ذكر مصدر عسكري أن وحدات الجيش تتقدم نحو هذه الأحياء، وتحديداً نحو حي هنانو، والتي تأتي السيطرة عليه استكمالا لخطة تشغيل المدينة الصناعية، وتأمين طرق نحوها.

وأوضح المصدر أنه وبعد السيطرة على المدينة الصناعية وهنانو، قد يتم فتح طريق جديدة من هنانو نحو المدينة الصناعية، وتأمين الطريق، الأمر الذي من شأنه أن يحقق أيضاً عملية فصل كاملة لريف حلب الشمالي عن أحياء المدينة الشرقية، بالتوازي مع تقدم وحدات الجيش من منطقة البلليرمون نحو حي بني زيد، والذي يعني السيطرة عليه خلق طوق عسكري يعزل مسلحي الداخل عن الشمال المفتوح على تركيا.

وبعد ذلك تأتي العمليات العسكرية في الداخل، والتي من شأنها أن تقطع أحياء المدينة، وحصار المسلحين داخل الإحياء التي باتت شبه فارغة من المدنيين، وانتظار تطبيق سيناريو ريف دمشق الذي يقضي بتوقيع اتفاقات ومصالحات توفر على الجيش عناء أعمال عسكرية مدمرة ومكلفة مادية وبشرياً.

وعن الخطوات العسكرية داخل مدينة حلب، بين المصدر العسكري أن الخطة تقضي "بالسيطرة على الاوتوسترادات والدوارات في تلك الأحياء من دون الدخول في تطهير الحارات والبنايات".

ويضيف "تمتد هذه المحاور من النيرب باتجاه دوار الحاووظ باتجاه الشعار وصولا إلى الصاخور، ومن اوتوستراد المطار لدوار الصاخور لثكنة هنانو لميسلون، ومن الشعار لقاضي عسكر لباب الحديد لجب القبة وصولا للقصر العدلي والقلعة. أما من الجهة الأخرى فهي من الإذاعة- جامع حذيفة باتجاه جسر الحج، ومن سيف الدولة- نزلة المشهد وصولا الى جسر الحج وهكذا".

وتابع "سيتم بعد السيطرة على هذه المحاور نصب قناصة لمنع أي تحرك خارج هذه الأحياء التي باتت شبه فارغة من المدنيين، وانتظار استسلام المسلحين في الداخل"، مؤكداً أن أولى خطوات تطبيق هذه الخطة داخل المدينة بدأ بالفعل عبر التحرك عسكريا شرق المدينة والذي يقضي بدخول "هنانو والحيدرية وصولاً إلى الحلوانية والشعار".

من جهة أخرى، بدأت الفصائل المسلحة التحرك لمنع تطبيق هذا السيناريو، ولكن بشكل متأخر، عن طريق شن هجمات على عدة قرى إستراتيجية جنوب حلب، بهدف قطع طريق الإمداد الذي يعتمده الجيش (حلب ــ خناصر ــ حماه)، وذلك عن طريق محاولات التقدم والسيطرة على قرى عسان، عين عسان، رسم الشيح ونقطة الأرصاد الإستراتيجية.

وشن مسلحو "الجبهة الإسلامية" عدة هجمات على هذه القرى (جنوب حلب)، باءت جميعها بالفشل حتى الآن، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية إلى هذه القرى لضمان تأمينها، وتأمين طريق إمدادات الجيش .

إلى ذلك، لم تشهد بقية الجبهات داخل مدينة حلب أي تحركات جديدة تذكر، باستثناء استمرار عمليات حفر الأنفاق في المدينة القديمة، والتي يعمل الجيش السوري جاهدا لرصدها وتدميرها قبل الإقدام على تنفيذ أي تفجير في المنطقة التي تضم مباني أثرية، والتي تحيط بقلعة حلب، التي تضررت نتيجة اقتراب التفجيرات منها ما ساهم بخلخلة قواعدها. كما شهدت الجبهة الشمالية المطلة على بلدة حريتان تحركا جديدا، عن طريق قيام مسلحين بشن هجمات على مبنى فرع المخابرات الجوية، وهي جبهة ظلت هادئة طوال الأشهر العشرة الماضية جراء انشغال الفصائل المسلحة بالاقتتال في ما بينها، قبل أن ينسحب مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية من العراق والشام" (داعش) من هذه المناطق، ما فسح المجال لشن هجمات من جديد.

إلا أن مصير هذه الهجمات باء بالفشل أيضاً بسبب عدة عوامل، أهمها التحصين الكبير لهذه النقاط، وتدخل الطيران السوري في التصدي لأية هجمات على هذه الجبهة.

  • فريق ماسة
  • 2014-03-04
  • 11022
  • من الأرشيف

حلب: موسم "الحصار" يقترب

مع بداية الأعمال العسكرية في حلب قبل نحو أربعة أشهر، كثر الحديث عن معركة كبرى، بالتزامن مع وصول تعزيزات كبيرة للجيش العربي السوري ووحدات من الدفاع الوطني، إلا أن هذه المعركة لم تكن كبرى كما أشيع لها، فخطة الجيش كانت مختلفة مصدر عسكري كشف ان خطة الجيش تعتمد على النفس الطويل، وعملية قضم متتالية لبعض الأحياء الإستراتيجية، وحصار المسلحين داخل أحياء حلب، بعد فصل المدينة عن ريفها، إضافة إلى تأمين المدينة الصناعية لإعادة إحياء عاصمة سوريا الاقتصادية، الأمر الذي من شانه أن يخلق عشرات آلاف فرص العمل، ما يساعد على دفع نسبة من المسلحين إلى ترك سلاحهم والعودة إلى أعمالهم. وبدأت الأعمال العسكرية في تشرين الثاني الماضي بعد سيطرة الجيش على مدينة السفيرة، ومحيط مطار حلب الدولي، حيث انطلق من هذه النقاط نحو المدينة الصناعية. و تشهد المدينة الصناعية في الوقت الحالي معارك عنيفة بعد التفاف وحدة من الحرس الجمهوري حول المدينة والسيطرة على قرية الشيخ نجار وتلة الغوالي الإستراتيجية فيها، ما ساهم بتشكيل طوق حول مراكز تواجد مسلحي "جبهة النصرة" الذين مازالوا يقاتلون بشراسة حسب ما أكد مصدر ميداني. وعلى بعد أقل من كيلومتر ونصف الكيلومتر شمال المدينة الصناعية، يقبع سجن حلب المركزي الذي يحاصره مسلحون من "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" منذ نحو 11 شهراً، تعرض خلالها لعدة محاولات اقتحام واستهداف بمفخخات وانتحاريين، جميعها باءت بالفشل. وانخفضت في الوقت الحالي وتيرة الاشتباكات في محيط السجن مع اقتراب الجيش العربي السوري وسيطرته على التلة الإستراتيجية التي تم نصب عدة مدافع عليها لاستهداف أي تحرك من المسلحين نحو السجن، لتبقى عملية فك الحصار عن السجن، الذي فقد نحو 600 من نزلائه وعناصر حمايته خلال هجمات المسلحين ونتيجة نقص الدواء والغذاء بسبب الحصار، مسألة وقت لا أكثر. وبالعودة إلى مدينة حلب، والتي كثف الجيش خلال الفترة الماضية عمليات قصف أحيائها الشرقية الخاضعة لسيطرة المسلحين، ما دفع معظم سكانها للنزوح نحو الريف الشمالي، ذكر مصدر عسكري أن وحدات الجيش تتقدم نحو هذه الأحياء، وتحديداً نحو حي هنانو، والتي تأتي السيطرة عليه استكمالا لخطة تشغيل المدينة الصناعية، وتأمين طرق نحوها. وأوضح المصدر أنه وبعد السيطرة على المدينة الصناعية وهنانو، قد يتم فتح طريق جديدة من هنانو نحو المدينة الصناعية، وتأمين الطريق، الأمر الذي من شأنه أن يحقق أيضاً عملية فصل كاملة لريف حلب الشمالي عن أحياء المدينة الشرقية، بالتوازي مع تقدم وحدات الجيش من منطقة البلليرمون نحو حي بني زيد، والذي يعني السيطرة عليه خلق طوق عسكري يعزل مسلحي الداخل عن الشمال المفتوح على تركيا. وبعد ذلك تأتي العمليات العسكرية في الداخل، والتي من شأنها أن تقطع أحياء المدينة، وحصار المسلحين داخل الإحياء التي باتت شبه فارغة من المدنيين، وانتظار تطبيق سيناريو ريف دمشق الذي يقضي بتوقيع اتفاقات ومصالحات توفر على الجيش عناء أعمال عسكرية مدمرة ومكلفة مادية وبشرياً. وعن الخطوات العسكرية داخل مدينة حلب، بين المصدر العسكري أن الخطة تقضي "بالسيطرة على الاوتوسترادات والدوارات في تلك الأحياء من دون الدخول في تطهير الحارات والبنايات". ويضيف "تمتد هذه المحاور من النيرب باتجاه دوار الحاووظ باتجاه الشعار وصولا إلى الصاخور، ومن اوتوستراد المطار لدوار الصاخور لثكنة هنانو لميسلون، ومن الشعار لقاضي عسكر لباب الحديد لجب القبة وصولا للقصر العدلي والقلعة. أما من الجهة الأخرى فهي من الإذاعة- جامع حذيفة باتجاه جسر الحج، ومن سيف الدولة- نزلة المشهد وصولا الى جسر الحج وهكذا". وتابع "سيتم بعد السيطرة على هذه المحاور نصب قناصة لمنع أي تحرك خارج هذه الأحياء التي باتت شبه فارغة من المدنيين، وانتظار استسلام المسلحين في الداخل"، مؤكداً أن أولى خطوات تطبيق هذه الخطة داخل المدينة بدأ بالفعل عبر التحرك عسكريا شرق المدينة والذي يقضي بدخول "هنانو والحيدرية وصولاً إلى الحلوانية والشعار". من جهة أخرى، بدأت الفصائل المسلحة التحرك لمنع تطبيق هذا السيناريو، ولكن بشكل متأخر، عن طريق شن هجمات على عدة قرى إستراتيجية جنوب حلب، بهدف قطع طريق الإمداد الذي يعتمده الجيش (حلب ــ خناصر ــ حماه)، وذلك عن طريق محاولات التقدم والسيطرة على قرى عسان، عين عسان، رسم الشيح ونقطة الأرصاد الإستراتيجية. وشن مسلحو "الجبهة الإسلامية" عدة هجمات على هذه القرى (جنوب حلب)، باءت جميعها بالفشل حتى الآن، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية إلى هذه القرى لضمان تأمينها، وتأمين طريق إمدادات الجيش . إلى ذلك، لم تشهد بقية الجبهات داخل مدينة حلب أي تحركات جديدة تذكر، باستثناء استمرار عمليات حفر الأنفاق في المدينة القديمة، والتي يعمل الجيش السوري جاهدا لرصدها وتدميرها قبل الإقدام على تنفيذ أي تفجير في المنطقة التي تضم مباني أثرية، والتي تحيط بقلعة حلب، التي تضررت نتيجة اقتراب التفجيرات منها ما ساهم بخلخلة قواعدها. كما شهدت الجبهة الشمالية المطلة على بلدة حريتان تحركا جديدا، عن طريق قيام مسلحين بشن هجمات على مبنى فرع المخابرات الجوية، وهي جبهة ظلت هادئة طوال الأشهر العشرة الماضية جراء انشغال الفصائل المسلحة بالاقتتال في ما بينها، قبل أن ينسحب مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية من العراق والشام" (داعش) من هذه المناطق، ما فسح المجال لشن هجمات من جديد. إلا أن مصير هذه الهجمات باء بالفشل أيضاً بسبب عدة عوامل، أهمها التحصين الكبير لهذه النقاط، وتدخل الطيران السوري في التصدي لأية هجمات على هذه الجبهة.

المصدر : تلفزيون الخبر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة