دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يبدو أنّ العلاقات الأميركية- الروسية تتجه نحو المزيد من التصعيد، فبعد أن كان يؤمل في أن يؤدّي التناغم بين البلدين الى الانعكاس إيجاباً على منطقة الشرق الأوسط وتحديداً على الأزمة السورية، وتداعياتها على لبنان، فتح الجانب الاميركي خطّاً جديداً لتوتير هذه العلاقات مع روسيا عبر بوّابة أوكرانيا.
وأدّى «التطاحن» السياسي بين البلدين أخيراً الى حدّ دعوة الكونغرس الأميركي الى تعليق عضوية روسيا في مجموعتي الثماني والعشرين، الأمر الذي قرأه مرجع ديبلوماسي، على أنّه بداية التصعيد الأميركي المعلن التي تذكّر بالحرب الباردة بين الجبّارين، غير أنّها تحوّلت حالياً حتى تكاد تصبح حرباً عسكرية أو حتى نووية.
وبرأيه، انّ عدم قدرة الولايات المتحدة وكلّ الدول الحليفة لها التي دعمت المعارضة السورية والمجموعات المسلّحة، على إسقاط الرئيس بشّار الأسد طوال ثلاث سنوات على بدء الثورة السورية، لم يدفع بها الى التقرّب من روسيا، على ما كان يأمل البعض، بقدر ما جعلها تفتّش عن مكسب آخر لها في إحدى الدول حيث لروسيا مصالح جيوسياسية واستراتيجية فيها مثل أوكرانيا، لتفتح معها صراع جديد.
ويخشى المرجع نفسه أنّ تكون معادلة التدخّل العسكري من قبل روسيا، في أوكرانيا، قد تعيد مجدّداً «حلم الضربة العسكرية الغربية لسورية» الى الواجهة بعد أن عمل وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا طوال الأشهر الماضية على التقريب في وجهات النظر بين النظام والمعارضة السورية، كما على انعقاد مؤتمر «جنيف 2» وإنجاحه. غير أنّ المفاوضات بين الجانبين التي حصلت بعد اجتماع مونترو، على مراحل، في حضور المبعوث الأممي العربي الى سورية الأخضر الإبراهيمي، لم تؤدّ الى اي توافق ملموس على حلّ الأزمة السورية بالطريقة السلمية.
ويطرح هذا الأمر معادلة «ضربة روسية على أوكرانيا»، مقابل «ضربة عسكرية غربية على سوريا»، ما يجعل التسوية والتهدئة في المنطقة انطلاقاً من الأزمة السورية تتراجع الى الوراء، بحسب المرجع نفسه، لتحلّ محلّهما معركة كسر العظم. واستمرار الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا يعني في الوقت الراهن المزيد من المعارك في سوريا، ومواصلة دعم المجموعات المعارضة بالسلاح والمال والعناصر الانتحارية، وكلّ هذا ينعكس بالطبع سلباً على الوضع الداخلي اللبناني، إن لجهة الأمن الذي لا تزال المجموعات التكفيرية الموجودة فيه تعمل على زعزعته عن طريق الانتحاريين والتفجيرات التي تطال المواطنين الأبرياء، أو لجهة تواصل النزوح السوري الذي سيبحث لبنان بإيجاد حلّ دولي له في مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي يعقد في باريس برعاية الأمم المتحدة في الخامس من آذار الحالي، خصوصاً وأنّ لبنان لم يعد قادراَ على استيعاب أكثر من العدد الحالي والذي وصل الى مليون و355 ألف نازح.
وبدأت تلوح في الأفق في هذا السياق بعض المواقف الصادرة عن القادة السياسيين معلنة ضرورة عودة هؤلاء النازحين الى بلادهم، لا سيما الى المناطق الآمنة فيها، نظراً لاستهلاكهم الكثير من الطاقة التي يفتقر اليها المواطن اللبناني في الأساس مثل الماء والكهرباء، إضافة الى المواد الغذائية والمقاعد الدراسية والأدوية والطبابة وغير ذلك من الأمور اليومية التي تعجز الدولة عن تقديمها لمواطنيها فكيف إذا كانت مضطرة لتقديمها الى هذا العدد الهائل من النازحين؟!
رغم كلّ ذلك، لا يزال البعض يراهن على حصول تغيير في السياسة الأميركية خصوصاً في المنطقة، يضيف المرجع الديبلوماسي لا سيما وأنّ التعنّت الذي يظهره كلّ من الدولتين العظمتين في سوريا ومصر وسواهما لم يؤدّ سوى للمزيد من التأزم السياسي والمعارك الطاحنة، والانتفاضات في الشوارع. ومن هنا يجد المرجع نفسه أنّه لا بدّ من أن يقوم أحد الطرفين بالتراجع قليلاً في سبيل تقديم الحلول السلمية على تلك العسكرية التي من شأنها ليست فقط تفجير المنطقة، بل امتداد الصراع الى الدول الأوروبية الشرقية أو الى أبعد من ذلك.
المصدر :
الديار/ دوللي بشعلاني
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة