دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أشارت الدراسة التي نشرها "معهد واشنطن للدراسات" إلى تبني المراقبين بشكل متزايد في جميع أنحاء المنطقة وخاصة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة و"إسرائيل" فكرة مشتركة بشأن انسحاب الولايات المتحدة، فيُعتقد على نطاق واسع بأن أعداء أمريكا يعملون بنشاط على تغيير ميزان القوى ضد أصدقاء أمريكا - وضد مصالح أمريكا - في حين لا تفعل واشنطن شيئاً يذكر حيال ذلك، ويستشهد مؤيدو وجهة النظر هذه بـ"إيران وسورية ومصر" كأمثلة على تردد الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات في مواجهة التحديات أو الاعتراف بوجود صراع وجودي يواجهه بعض الأصدقاء.
واعتبرت الدراسة إن عجز واشنطن عن اتخاذ إجراء عند انتهاك خطها الأحمر بشأن الأسلحة الكيميائية السورية قد أثّر على التصورات الإقليمية تجاه إدارة الرئيس "أوباما" وعزز قيام أزمة ثقة واضحة، إن حجة الإدارة الأمريكية بأن مبادرتها الدبلوماسية التي كانت تمنع استخدام الأسلحة الكيميائية، لا تلقى آذاناً صاغية، وبدلاً من ذلك يُنظر إلى الإدارة بأنها قد فشلت بمتابعة التزاماتها الأمر الذي يثير تساؤلات حول استعدادها لاستخدام القوة الأمريكية لدعم أصدقائها، والموضوع الآخر الذي طفى على السطح هو سعي الإدارة الأمريكية إلى التوصل إلى اتفاق شامل مع إيران، ويرى السعوديون أن اتفاقاً كهذا يأتي على حسابهم، في حين يراه الكثير من الإسرائيليين بأنه مسترشداً برغبة في تجنب الصراع بأي ثمن، وتعتبر جميع هذه الجوانب جزءاً من تراجع الولايات المتحدة الشامل من الشرق الأوسط.
وأشارت الدراسة إلى أن الإدارة الأمريكية ليست غير مبالية لهذا الاتجاه، حيث يقوم المسؤولون الأمريكيون بمعالجته، فقد أصر الوزير "كيري" في "المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس" و "مؤتمر الأمن في ميونيخ"، على أن الولايات المتحدة لا تنسحب من المنطقة بإشارته إلى الدبلوماسية الأمريكية النشطة فيها، كما عرض وزير الدفاع الأمريكي "تشاك هيغل" وجهات نظر مماثلة في "ميونيخ" بإشارته إلى وجود /40.000/ جندي أمريكي في المنطقة والتزام الولايات المتحدة المستمر بتعزيز بنية أمنية إقليمية موجهة نحو حماية البنية التحتية الحيوية، والدفاع البحري والصاروخي، والإنذار المبكر.
وفي حين أن هذه الخطوات ذات فائدة، إلا أن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير إضافية في ضوء الشكوك العميقة التي يتم الإعراب عنها عبر أنحاء المنطقة، وفي سبيل تغيير هذه التصورات، "حسب الدراسة" ينبغي على الولايات المتحدة القيام بما يلي:
1- إجراء حوارات استراتيجية منهجية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، في الوقت الذي تجري فيه "واشنطن" بالفعل مشاورات منتظمة مع هؤلاء الحلفاء، تركز معظم المحادثات على قضايا محددة، فهي لا تضم مسؤولين كبار يجتمعون من أجل مناقشة مجموعة واسعة من التحديات الإقليمية وكيفية ترابطها مع بعضها البعض أو عدم ترابطها، وينبغي على واشنطن أن تخبر حلفاءها الإقليميين بأنها تشارك أهدافهم وهي: أنها لا تريد أن تكون مصر دولة فاشلة، ولا ترغب أن يخرج الرئيس "بشار الأسد" أو "فيلق القدس" الإيراني منتصران في سورية، أو أن تُرسخ "القاعدة" نفسها هناك، كما لا تريد أن تكون إيران دولة تمتلك أسلحة نووية.
2- إظهار استعداد أمريكا للتنافس، يعتقد كثيرون في المنطقة أن "واشنطن" تميل جداً إلى تجنب الانخراط في أي صراع إلى درجة أنها ليست على استعداد للتنافس مع إيران أو روسيا، ولا تشارك الادارة الأمريكية هذا التصور، بل تعتبر نفسها تتنافس بالفعل، لذا يجب عليها أن تقنع حلفاءها بأن النظرة الإقليمية غير صحيحة، ليس من خلال الكلمات بل الإجراءات.
3- العمل مع السعوديين لتنسيق استراتيجية بشأن مصر، تشاطر واشنطن والرياض الهدف المشترك الذي لا يتمثل فقط في منع مصر من الانهيار، بل في رؤية البلاد مستقرة اقتصادياً أيضاً، ولا ترغب الرياض في أن تكون خزانة القاهرة إلى الأبد وسوف يتم تقديم مصالحها على نحو أفضل إذا تعافت صناعة السياحة في مصر وعاود الاستثمار الأجنبي إلى الظهور مرة أخرى، وفي المرحلة القادمة بإمكان "واشنطن" أن تؤكد بأنها لا تقطع المساعدات عن مصر وستواصل تقديم الدعم لها في مجال مكافحة الإرهاب التي تشتد الحاجة إليه.
4- إظهار أن نظام العقوبات لا يزال دون أي تأثر، ينتاب الإسرائيليون القلق من أن الاتفاق المرحلي مع إيران سوف يفضي إلى تبوّؤ توجهات السوق وانهيار العقوبات تحت وطأتها، وإذا حدث ذلك، فسوف تنتصر طهران تلقائياً، ومن بين طرق منع هذا السيناريو، مع البقاء ضمن حدود خطة العمل المشتركة مع إيران، هو إصدار المزيد من التصنيفات لإبراز عدم تأثر نظام العقوبات، ويتعين على واشنطن التركيز على أمرين: ما إذا كان قد تم التوصل فعلياً إلى أي اتفاقات، وما إذا كانت مبيعات النفط الإيرانية تتجاوز مليون برميل في اليوم، وإذا ظلت مبيعات النفط ثابتة، فسيبقى نظام العقوبات ثابتاً أما إذا تغير أي من هذين المؤشرين، فستواجه واشنطن وضعاً مختلفاً.
5- طمأنة الحلفاء إلى أن واشنطن لا تقبل بكل بساطة بأنشطة إيران التخريبية في المنطقة، ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تفعل كل ما بوسعها لإظهار أن الولايات المتحدة لا ترضخ للجهود الإيرانية الرامية إلى تغيير موازين القوى في المنطقة على سبيل المثال، إن الإعاقة الفعالة لمسارات إمداد الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين في اليمن هو أمر يقع ضمن نفوذ واشنطن ومن شأنه أن يرسل إشارة واضحة جداً في منطقة ذات أهمية كبرى للسعوديين.
6- تحديد وتوفير مساعدات فتاكة مجدية لفصائل المعارضة السورية المستعدة لمحاربة تنظيم "القاعدة" بقدر ما فعلت واشنطن مع "مجالس الصحوة" في العراق عام /2007/ لدى سورية أكبر الإمكانيات لإحداث تغيير في المفاهيم الإقليمية للولايات المتحدة، وفي الوقت الذي تواصل فيه إيران وروسيا مساندة نظام الرئيس "الأسد" عسكرياً، فإن تردد الإدارة الأمريكية في العمل قد عزز من الصورة عن لا فعالية الولايات المتحدة، بيد أنه ينبغي أن يكون لدى واشنطن مخاوفها الخاصة بشأن التداعيات الاستراتيجية للاتجاه الجديد الذي أخذته الحرب، حيث قد أصبحت جماعات تنظيم "القاعدة" متأصلة بشكل متزايد في سورية، وطالما أن الرئيس "الأسد" هناك، فسوف تظل الدولة قبلة للجهاديين من جميع أنحاء العالم، وإذا استمرت الولايات المتحدة على موقفها الراهن، فسوف يكون الأمر فقط مسألة وقت قبل أن تستطيع "القاعدة" ترسيخ تواجدها هناك بصورة أكبر، وفي ذلك السيناريو، لن تكتفي الجماعة بقتال النظام، بل ستستخدم سورية أيضاً كقاعدة لتخطيط هجمات في أماكن أخرى وتنفيذها، وفي الوقت الراهن، تشن الولايات المتحدة غارات في اليمن باستخدامها طائرات بدون طيار تستهدف تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية، وستكون هناك مرحلة في المستقبل عندما ستمثل سورية نفس النوع من التهديد، وعندما يحدث ذلك سوف تحتاج واشنطن أن تفعل أكثر مما تقوم به الآن، وفي مواجهة هذا التهديد ستكون لديها أيضاً فرصة للتأثير على موازين القوى في سورية.
وترى الدراسة حالياً في بعض أنحاء سورية، ما يعادل "مجالس الصحوة" التي شهدتها العراق في عام /2007/ وقد كان دعم الراغبين في قتال تنظيم "القاعدة" حينها أمر ينطوي على قدر كبير من الذكاء، وينبغي على واشنطن أن تفعل الأمر ذاته في سورية وربما يقترح البعض الوقوف إلى جانب النظام لمجابهة "القاعدة"، لكن هذا من شأنه أن يمكِّنهم فقط، ولا يشوه سمعتها، وبدلاً من ذلك يتعين على الإدارة الأمريكية دعم قوى المعارضة العلمانية والإسلاميين المعتدلين نسبياً الذين هم على استعداد لمحاربة تنظيم "القاعدة" إذا كانت واشنطن تدرك بالفعل أنها تتجه نحو اتخاذ إجراء لمنع تنظيم "القاعدة" من ترسيخ ذاته في سورية، فينبغي عليها دعم هذه القوى الآن
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة