تفيد المعلومات بأن السياسة التركية غيرت زيها ولكن لم تغير اتجاهها.

في ليلة قمراء كان المواطن التركي “مصطفى” (اسم مستعار) قد خرج إلى التلال المحيطة بقريته الكائنة على مقربة من الحدود مع سورية، بحثاً عن عجل هارب له. وفي الساعة الحادية عشرة انطفأت الكهرباء في المنطقة بأكملها، وبعد حوالي نصف ساعة رأى “مصطفى” باصات وعربات دفع رباعي تسير على شكل قافلة متوجهة إلى حيث يقف، فربض في بعض الأدغال مختبأً يرقب ما يحصل، فرأى مسلحين ملتحين يحملون شعارات سوداء. وسارت القافلة في معبر يعلم “مصطفى” أن الكثير من شبان قريته ومن شبان قرية سورية مقابلة لها كانوا يستخدمونه لتهريب السكائر والمازوت فيما مضى.

وحوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل عادت الكهرباء بعد أن عبرت إلى سورية كامل القافلة التي قدر “مصطفى” عددها بحوالي مائتي مقاتل.

تحاول الحكومة التركية اليوم إقناع الرأي العام أنها تخلت عن هذا الأسلوب غير اللبق في التعامل بين الدول، وأنها ارتدت ثوب الوقار فأصبحت تحترم سيادة الدول الجارة على أراضيها، وأنها لا تحالف التنظيمات التكفيرية. فهل تغيرت السياسة التركية اتجاه سورية فعلاً؟

تؤكد المعطيات أن لا تغيير أبداً. وتزيد المعلومات بأن قافلات السلاح استمرت على حالها تنزل في مرفأ “اسكندرون”، وتسير بمواكبة عسكرية إلى “الريحانية” حيث تدخل الأراضي السورية. وتضيف المصادر أن القوافل باتت تغير مسارها بحيث تتجنب الاقتراب من مدينة “أنطاكية” وريفها، حيث تشير بعض المعطيات إلى أن الاستخبارات التركية تخاف من قدرة نظيرتها السورية على الاستفادة من عمقها القومي العربي في المدينة العربية.

وبحسب المصادر فإن بين الأسلحة التي رصد نزولها في مرفأ “اسكندرون” بطاريات صاروخية تدخل الأراضي السورية للمرة الأولى، وذلك تحسباً لمعركة بلدة “سلمى”، في ريف اللاذقية، المرتقبة بين الجيش السوري والمجموعات المعارضة فيها. وقال ناشط مهتم بالوضع على الحدود بين البلدين أنه بمقارنة وصف بعض الشهود المدنيين لقوافل السلاح التي رأوها تدخل مع ما يعرف من صنوف الأسلحة فيمكن القول أن من بين الأسلحة التي عبرت الحدود السورية في الشهر الأول من ٢٠١٤ نظام رادار متحرك، ولم يعلم هل دخلت معه مكملاته من مضادات طيران وغيرها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن من المحتم أن يدخل معه خبراء قادرون على استخدامه وتدريب عناصر المعارضة السورية عليه.

ويؤكد شهود عيان أنهم رؤوا سيارات “هامر” عسكرية أيضاً تنقل إلى منطقة الحدود. وهو ما يدفع إلى الاستنتاج بأن بعض دول الناتو تتخلص من بعض عرباتها القديمة عبر دفعها إلى سورية.

واعترف ضابط تركي يخدم في المنطقة الحدودية مع سورية لبعض القرويين بالقرب منه بتزويد المعارضة السورية بقواذف B١٠ المحمولة على الكتف والمضادة للطيران من مخازن الجيش التركي نفسه.

بالرغم من ذلك تحاول تركيا تأكيد وجود تغيير في سياساتها اتجاه سورية. وتحاول إثبات ذلك برد بعض المجموعات المسلحة الهزيلة في مناطق الحدود.

يؤكد ناشطو سلام معارضون أن فضائح الفساد هي ما دفع حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تغيير سياساته الشكلية؛ فبعد أن أدى الصراع بين جهاز الاستخبارات القومية ودائرة الأمن العام إلى توقيف عدة شاحنات سلاح أحرجت “أردوغان” و”داوود أوغلو”، وخاصة عشية مؤتمر “جنيف ٢” فإن الحزب الحاكم خفف من إرسال السلاح عبر جمعياته ومنظماته الخاصة، مكلفاً الجيش بالأمر. حيث أن الجيش يمتلك غطاءً خاصاً بسبب طبيعته لا تستطيع دائرة الأمن العام اختراقه أو إرباكه بسهولة. كما أنها لا تمتلك الأساس القانوني لتفتيش قوافله وسياراته وعتاده.

ويعتبر الناشطون، الذين طلبوا عدم ذكر اسمهم، أن من الممكن الحديث عن صفقة بين حكومة “أردوغان” وقيادة الجيش، وخاصة قائد القوات البرية “خلوصي آكار” المنتظر حلوله على رأس هيئة الأركان في صيف العام الحالي. وهو معروف بسيره على خطا سلفه “نجدت أوزيل” من حيث ميله للتفاهم مع حكومة “أردوغان” وعدم إثارة مشاكل الضباط المعتقلين.

لكن ذلك لا يعني انتهاء التسليح عبر الجماعات الخاصة، فهناك نوع من العتاد والتسليح الذي يمكن للجمعيات المقربة من الحزب الحاكم أن تؤمنه بطريقة أسهل وأكثر فاعلية من الجيش، وتحت غطاء الصناديق الخيرية. وهو ما استمرت بفعله.

وبالأخص حين يتطلب الأمر تصنيع العبوات والرؤوس الصاروخية التي يمكن تصنيعها في ورشات الخراطة المحلية.

وقال مصدر معارض لمراسل وكالة أنباء آسيا أن منظمة أهلية استطاعت تحديد عدة معامل سرية لتصنيع رؤوس الهاون لصالح المنظمات المسلحة، وانها تستعد لإعلان عدد من العناوين التي بحوزتها، مؤكداً أن أحد المسلحين اعترف لأعضاء من المنظمة بأن شخصاً إسرائيلياً يقوم بزيارات دورية إلى أحد مستودعات السلاح السرية في المنطقة. ويضيف المصدر أن ما كشف من شاحنات لا يعدو كونه ذروة جبل الجليد الممتد في الأعماق غير المرئية.

 

يبدو إذن أن تركيا تعمد حالياً لدمج أسلوبي الحرب القطري والسعودي، القطري ذي النزعة المركزية والذي يفضل إدارة الحرب مباشرة عبر استخباراته وجيشه، والقطري الذي يفضل تسليح مجموعات متفرقة تخوض اشتباكاتها بطريقة لا مركزية. ولذا فإن تركيا تدفع جيشها أحياناً لضخ السلاح بما يناسب مزاج السعوديين، وأحياناً أخرى تدفع مجموعات صغيرة نسبياً لتسلح نفسها من السوق المحلية ذاتياً بما يناسب مزاج القطريين.

ويختم المصدر بالقول: «على السوريين الحذر والانتباه. لقد تلقينا عدة أخبار عن ثغرة جديدة يتسرب منها المسلحون إلى سورية، وهي البحر. حيث يبحر المسلحون ليلاً من مناطق ساحلية  قريبة من الساحل السورية ويتوجهون إلى نقطة لم نتمكن من تحديدها بعد».                                                       
  • فريق ماسة
  • 2014-02-13
  • 13347
  • من الأرشيف

ماذا تغير في تهريب السلاح من تركيا إلى سورية؟

تفيد المعلومات بأن السياسة التركية غيرت زيها ولكن لم تغير اتجاهها. في ليلة قمراء كان المواطن التركي “مصطفى” (اسم مستعار) قد خرج إلى التلال المحيطة بقريته الكائنة على مقربة من الحدود مع سورية، بحثاً عن عجل هارب له. وفي الساعة الحادية عشرة انطفأت الكهرباء في المنطقة بأكملها، وبعد حوالي نصف ساعة رأى “مصطفى” باصات وعربات دفع رباعي تسير على شكل قافلة متوجهة إلى حيث يقف، فربض في بعض الأدغال مختبأً يرقب ما يحصل، فرأى مسلحين ملتحين يحملون شعارات سوداء. وسارت القافلة في معبر يعلم “مصطفى” أن الكثير من شبان قريته ومن شبان قرية سورية مقابلة لها كانوا يستخدمونه لتهريب السكائر والمازوت فيما مضى. وحوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل عادت الكهرباء بعد أن عبرت إلى سورية كامل القافلة التي قدر “مصطفى” عددها بحوالي مائتي مقاتل. تحاول الحكومة التركية اليوم إقناع الرأي العام أنها تخلت عن هذا الأسلوب غير اللبق في التعامل بين الدول، وأنها ارتدت ثوب الوقار فأصبحت تحترم سيادة الدول الجارة على أراضيها، وأنها لا تحالف التنظيمات التكفيرية. فهل تغيرت السياسة التركية اتجاه سورية فعلاً؟ تؤكد المعطيات أن لا تغيير أبداً. وتزيد المعلومات بأن قافلات السلاح استمرت على حالها تنزل في مرفأ “اسكندرون”، وتسير بمواكبة عسكرية إلى “الريحانية” حيث تدخل الأراضي السورية. وتضيف المصادر أن القوافل باتت تغير مسارها بحيث تتجنب الاقتراب من مدينة “أنطاكية” وريفها، حيث تشير بعض المعطيات إلى أن الاستخبارات التركية تخاف من قدرة نظيرتها السورية على الاستفادة من عمقها القومي العربي في المدينة العربية. وبحسب المصادر فإن بين الأسلحة التي رصد نزولها في مرفأ “اسكندرون” بطاريات صاروخية تدخل الأراضي السورية للمرة الأولى، وذلك تحسباً لمعركة بلدة “سلمى”، في ريف اللاذقية، المرتقبة بين الجيش السوري والمجموعات المعارضة فيها. وقال ناشط مهتم بالوضع على الحدود بين البلدين أنه بمقارنة وصف بعض الشهود المدنيين لقوافل السلاح التي رأوها تدخل مع ما يعرف من صنوف الأسلحة فيمكن القول أن من بين الأسلحة التي عبرت الحدود السورية في الشهر الأول من ٢٠١٤ نظام رادار متحرك، ولم يعلم هل دخلت معه مكملاته من مضادات طيران وغيرها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن من المحتم أن يدخل معه خبراء قادرون على استخدامه وتدريب عناصر المعارضة السورية عليه. ويؤكد شهود عيان أنهم رؤوا سيارات “هامر” عسكرية أيضاً تنقل إلى منطقة الحدود. وهو ما يدفع إلى الاستنتاج بأن بعض دول الناتو تتخلص من بعض عرباتها القديمة عبر دفعها إلى سورية. واعترف ضابط تركي يخدم في المنطقة الحدودية مع سورية لبعض القرويين بالقرب منه بتزويد المعارضة السورية بقواذف B١٠ المحمولة على الكتف والمضادة للطيران من مخازن الجيش التركي نفسه. بالرغم من ذلك تحاول تركيا تأكيد وجود تغيير في سياساتها اتجاه سورية. وتحاول إثبات ذلك برد بعض المجموعات المسلحة الهزيلة في مناطق الحدود. يؤكد ناشطو سلام معارضون أن فضائح الفساد هي ما دفع حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تغيير سياساته الشكلية؛ فبعد أن أدى الصراع بين جهاز الاستخبارات القومية ودائرة الأمن العام إلى توقيف عدة شاحنات سلاح أحرجت “أردوغان” و”داوود أوغلو”، وخاصة عشية مؤتمر “جنيف ٢” فإن الحزب الحاكم خفف من إرسال السلاح عبر جمعياته ومنظماته الخاصة، مكلفاً الجيش بالأمر. حيث أن الجيش يمتلك غطاءً خاصاً بسبب طبيعته لا تستطيع دائرة الأمن العام اختراقه أو إرباكه بسهولة. كما أنها لا تمتلك الأساس القانوني لتفتيش قوافله وسياراته وعتاده. ويعتبر الناشطون، الذين طلبوا عدم ذكر اسمهم، أن من الممكن الحديث عن صفقة بين حكومة “أردوغان” وقيادة الجيش، وخاصة قائد القوات البرية “خلوصي آكار” المنتظر حلوله على رأس هيئة الأركان في صيف العام الحالي. وهو معروف بسيره على خطا سلفه “نجدت أوزيل” من حيث ميله للتفاهم مع حكومة “أردوغان” وعدم إثارة مشاكل الضباط المعتقلين. لكن ذلك لا يعني انتهاء التسليح عبر الجماعات الخاصة، فهناك نوع من العتاد والتسليح الذي يمكن للجمعيات المقربة من الحزب الحاكم أن تؤمنه بطريقة أسهل وأكثر فاعلية من الجيش، وتحت غطاء الصناديق الخيرية. وهو ما استمرت بفعله. وبالأخص حين يتطلب الأمر تصنيع العبوات والرؤوس الصاروخية التي يمكن تصنيعها في ورشات الخراطة المحلية. وقال مصدر معارض لمراسل وكالة أنباء آسيا أن منظمة أهلية استطاعت تحديد عدة معامل سرية لتصنيع رؤوس الهاون لصالح المنظمات المسلحة، وانها تستعد لإعلان عدد من العناوين التي بحوزتها، مؤكداً أن أحد المسلحين اعترف لأعضاء من المنظمة بأن شخصاً إسرائيلياً يقوم بزيارات دورية إلى أحد مستودعات السلاح السرية في المنطقة. ويضيف المصدر أن ما كشف من شاحنات لا يعدو كونه ذروة جبل الجليد الممتد في الأعماق غير المرئية.   يبدو إذن أن تركيا تعمد حالياً لدمج أسلوبي الحرب القطري والسعودي، القطري ذي النزعة المركزية والذي يفضل إدارة الحرب مباشرة عبر استخباراته وجيشه، والقطري الذي يفضل تسليح مجموعات متفرقة تخوض اشتباكاتها بطريقة لا مركزية. ولذا فإن تركيا تدفع جيشها أحياناً لضخ السلاح بما يناسب مزاج السعوديين، وأحياناً أخرى تدفع مجموعات صغيرة نسبياً لتسلح نفسها من السوق المحلية ذاتياً بما يناسب مزاج القطريين. ويختم المصدر بالقول: «على السوريين الحذر والانتباه. لقد تلقينا عدة أخبار عن ثغرة جديدة يتسرب منها المسلحون إلى سورية، وهي البحر. حيث يبحر المسلحون ليلاً من مناطق ساحلية  قريبة من الساحل السورية ويتوجهون إلى نقطة لم نتمكن من تحديدها بعد».                                                       

المصدر : أنباء أسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة