في شهر آب من العام 2010، التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما خلية الأزمات السرية التي تتبع له مباشرة، وبحث معهم في القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بـ"تغيير" الشرق الأوسط خلال فترة أسابيع معدودة.

يومها، استحضر أوباما كل التجارب السابقة في عمليات تغيير وتبديل الأنظمة والدول، وكانت الخلاصة أن ذلك سيتم بالتحالف مع "الإسلام السياسي"، وأن العملية ستكون متدحرجة ككرة الثلج، لتنتهي بإسقاط الدولة السورية.

 

وعن دور الحلفاء الغربيين، أكد أن الحلف الاستراتيجي مع فرنسا وبريطانيا، سواء على المستوى العام من خلال الحلف الأطلسي، أو على المستوى الخاص للولايات المتحدة مع كل من باريس ولندن، لا يمكنه إلا أن يكون ضمن هذا المشروع.

ولعل ما لم يقله أوباما هنا إن قيادات "الإسلام السياسي" بفرعه "الإخواني" عاشت وتعيش في حمى الغرب الأوروبي، بينما قيادات ما يسمى "الإسلام الجهادي" نمت وترعرت وتثقفت في رحاب الـ"C.I.A"، ولهذا فهي في صميم المشروع الجهنمي.

وهكذا، لم تمض أسابيع، وتحديداً في شهر تشرين الثاني، حتى بدأ "ربيع تونس"، لتكرّ السبحة بسقوط حسني مبارك، ثم كانت "ثورة" برنارد هنري ليفي في ليبيا، دون أن ننسى بالطبع المجريات اليمنية، وما يجري في اليمن من تطورات دراماتيكية لم ولن تستقر على حال في المدى القريب.

كانت الهدية الكبرى، طبقاً للمشروع الأميركي الذي يهدف إلى تغيير وتبديل في المدى المحيط بسورية، بإسقاط الأنظمة التي يعتبرونها أكثر استبدادية، وإن كانت موالية لواشنطن، من أجل الوصول إلى الهدية الكبرى؛ سورية، التي بكسر دولتها الوطنية تتحطم آخر حلقات الأمان في المنطقة، فيتشظى محيطها؛ من لبنان إلى الأردن، إلى تركيا، ليصل إلى حلقة أوسع وأكبر قد تصل إلى إيران، وربما أيضاً إلى الاتحاد الروسي والصين.

وعلى مدى أكثر من 35 شهراً من المؤامرات والحروب الضارية على سورية، والتي واجهتها الدولة الوطنية السورية، ثمة أشكال مختلفة اتخذتها، ودخلت فيها دول كبرى وصغرى، سراً وعلناً، واستُجلبت كل الاحتياطات الرجعية والتكفيرية والاستعمارية، وكل وسائل التخريب والحروب وأساليب الحصارات الاقتصادية، كما سُخِّرت لها كل الإمكانيات الإعلامية العالمية؛ من محطات تلفزة عالمية، إلى الإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي، كما سُخِّرت المليارات لشراء الذمم والضمائر.. والنفوس الرخيصة، كما كان أيضاً اللجوء إلى الحروب القديمة، وحروب الردة والخوارج والتكفير.. وهلم جرا.

لم تبق وسيلة صغيرة أو كبيرة إلا واستُعملت من أجل هز هيبة الدولة الوطنية السورية.. عشرات التنظيمات المتطرفة والتكفيرية استُجلبت من كل أنحاء العالم، ووفرت لها امبراطورية الشر الأميركية وأتباعها الغربيون والأعراب كل وسائل الدعم والتمويل، من أجل الجائزة الكبرى التي أرادها باراك أوباما.

الحرب التدميرية الواسعة التي تُشن على سورية، رُتِّبت لها أيضاً واجهات سياسية، بعضها لم يعرف سورية منذ عقود، كبرهان غليون، ثم السيدا، أو معاذ الخطيب، أو أحمد الجربا، الذي حين ينطق لا تجد منه حرفاً باللهجة السورية، وغيرهم..

وإذا كان مع كل لقاء أممي شاهدنا مجزرة مروّعة كانت ترتكبها العصابات المسلحة لتتهم فيها الدولة الوطنية السورية، على نحو جرائم خان العسل، والغوطة وغيرها، وعلى نحو ما عرفناه نحن في لبنان بعد جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث كان مع كل اجتماع لمجلس الأمن الدولي يمهَّد له بجريمة اغتيال سياسي، فإن هذه المرة مع الفصل الثاني من "جنيف-2"، كانت المذبحة المروّعة التي ارتكبتها العصابات المسلحة في بلدة "معان" في حماه، بهدف استدراج ردات فعل غرائزية وطائفية، لكن الدولة الوطنية السورية تغلّبت على هذه الجريمة بالصدّ والحزم والوعي، فأسقطت من أيدي حلف أعداء سورية ذريعة انقلبت على رؤوسهم، وبالتالي أحبطت مشروع حلف العدوان بأدواته الرخيصة، وبواجهاته من العملاء والجواسيس الذين انتدبهم أسيادهم لقيادة معارك في جنيف تساوم على الدولة السورية وهويتها وموقعها في الصراع المحتدم.

ثمة حقيقة لا بد من الاعتراف بها، وهي أن أحد أهداف "جنيف-2" بحلقته الثانية كان الأعراب والغرب والأميركي يريدونه في اتجاه تصفية الدولة الوطنية السورية، والتي مهدوا لها بمذبحة "معان" المروّعة، لكن ثمة حقيقة جلية أيضاً، وهي أن وفد الدولة الوطنية السورية بقيادة معلم الدبلوماسية، أكد أن مشروع الدولة الوطنية السورية الاستقلالي يرتكز على إعادة بناء الدولة والاقتصاد والبنى التحتية، والقضاء المبرم على الإرهاب.

بيد أن مشروع الجماعات التكفيرية يطل أيضاً، وهدفه تجميع كل مصاصي الدماء واللصوص والمرتزقة من كل الدنيا، لتحويل سورية إلى جاذب للإرهاب العالمي، الذي يتحرك بناء على التوجيهات السعودية والأميركية، وغايته الاستراتيجية الوصول إلى روسيا والصين والهند وشمال إفريقيا.

هذه الصورة هي أمام جنيف الجديد، فهل سيفضي إلى نتيجة؟

توقعوا جنيف 4 و5 و.. وانتظروا نتائج الميدان السوري.. الجيش السوري يحسم في كل الاتجاهات.

  • فريق ماسة
  • 2014-02-12
  • 8675
  • من الأرشيف

سورية.. لماذا مُهِّد بمذبحة "معان" قبل "جنيف - 2" بجولته الثانية؟

في شهر آب من العام 2010، التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما خلية الأزمات السرية التي تتبع له مباشرة، وبحث معهم في القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بـ"تغيير" الشرق الأوسط خلال فترة أسابيع معدودة. يومها، استحضر أوباما كل التجارب السابقة في عمليات تغيير وتبديل الأنظمة والدول، وكانت الخلاصة أن ذلك سيتم بالتحالف مع "الإسلام السياسي"، وأن العملية ستكون متدحرجة ككرة الثلج، لتنتهي بإسقاط الدولة السورية.   وعن دور الحلفاء الغربيين، أكد أن الحلف الاستراتيجي مع فرنسا وبريطانيا، سواء على المستوى العام من خلال الحلف الأطلسي، أو على المستوى الخاص للولايات المتحدة مع كل من باريس ولندن، لا يمكنه إلا أن يكون ضمن هذا المشروع. ولعل ما لم يقله أوباما هنا إن قيادات "الإسلام السياسي" بفرعه "الإخواني" عاشت وتعيش في حمى الغرب الأوروبي، بينما قيادات ما يسمى "الإسلام الجهادي" نمت وترعرت وتثقفت في رحاب الـ"C.I.A"، ولهذا فهي في صميم المشروع الجهنمي. وهكذا، لم تمض أسابيع، وتحديداً في شهر تشرين الثاني، حتى بدأ "ربيع تونس"، لتكرّ السبحة بسقوط حسني مبارك، ثم كانت "ثورة" برنارد هنري ليفي في ليبيا، دون أن ننسى بالطبع المجريات اليمنية، وما يجري في اليمن من تطورات دراماتيكية لم ولن تستقر على حال في المدى القريب. كانت الهدية الكبرى، طبقاً للمشروع الأميركي الذي يهدف إلى تغيير وتبديل في المدى المحيط بسورية، بإسقاط الأنظمة التي يعتبرونها أكثر استبدادية، وإن كانت موالية لواشنطن، من أجل الوصول إلى الهدية الكبرى؛ سورية، التي بكسر دولتها الوطنية تتحطم آخر حلقات الأمان في المنطقة، فيتشظى محيطها؛ من لبنان إلى الأردن، إلى تركيا، ليصل إلى حلقة أوسع وأكبر قد تصل إلى إيران، وربما أيضاً إلى الاتحاد الروسي والصين. وعلى مدى أكثر من 35 شهراً من المؤامرات والحروب الضارية على سورية، والتي واجهتها الدولة الوطنية السورية، ثمة أشكال مختلفة اتخذتها، ودخلت فيها دول كبرى وصغرى، سراً وعلناً، واستُجلبت كل الاحتياطات الرجعية والتكفيرية والاستعمارية، وكل وسائل التخريب والحروب وأساليب الحصارات الاقتصادية، كما سُخِّرت لها كل الإمكانيات الإعلامية العالمية؛ من محطات تلفزة عالمية، إلى الإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي، كما سُخِّرت المليارات لشراء الذمم والضمائر.. والنفوس الرخيصة، كما كان أيضاً اللجوء إلى الحروب القديمة، وحروب الردة والخوارج والتكفير.. وهلم جرا. لم تبق وسيلة صغيرة أو كبيرة إلا واستُعملت من أجل هز هيبة الدولة الوطنية السورية.. عشرات التنظيمات المتطرفة والتكفيرية استُجلبت من كل أنحاء العالم، ووفرت لها امبراطورية الشر الأميركية وأتباعها الغربيون والأعراب كل وسائل الدعم والتمويل، من أجل الجائزة الكبرى التي أرادها باراك أوباما. الحرب التدميرية الواسعة التي تُشن على سورية، رُتِّبت لها أيضاً واجهات سياسية، بعضها لم يعرف سورية منذ عقود، كبرهان غليون، ثم السيدا، أو معاذ الخطيب، أو أحمد الجربا، الذي حين ينطق لا تجد منه حرفاً باللهجة السورية، وغيرهم.. وإذا كان مع كل لقاء أممي شاهدنا مجزرة مروّعة كانت ترتكبها العصابات المسلحة لتتهم فيها الدولة الوطنية السورية، على نحو جرائم خان العسل، والغوطة وغيرها، وعلى نحو ما عرفناه نحن في لبنان بعد جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث كان مع كل اجتماع لمجلس الأمن الدولي يمهَّد له بجريمة اغتيال سياسي، فإن هذه المرة مع الفصل الثاني من "جنيف-2"، كانت المذبحة المروّعة التي ارتكبتها العصابات المسلحة في بلدة "معان" في حماه، بهدف استدراج ردات فعل غرائزية وطائفية، لكن الدولة الوطنية السورية تغلّبت على هذه الجريمة بالصدّ والحزم والوعي، فأسقطت من أيدي حلف أعداء سورية ذريعة انقلبت على رؤوسهم، وبالتالي أحبطت مشروع حلف العدوان بأدواته الرخيصة، وبواجهاته من العملاء والجواسيس الذين انتدبهم أسيادهم لقيادة معارك في جنيف تساوم على الدولة السورية وهويتها وموقعها في الصراع المحتدم. ثمة حقيقة لا بد من الاعتراف بها، وهي أن أحد أهداف "جنيف-2" بحلقته الثانية كان الأعراب والغرب والأميركي يريدونه في اتجاه تصفية الدولة الوطنية السورية، والتي مهدوا لها بمذبحة "معان" المروّعة، لكن ثمة حقيقة جلية أيضاً، وهي أن وفد الدولة الوطنية السورية بقيادة معلم الدبلوماسية، أكد أن مشروع الدولة الوطنية السورية الاستقلالي يرتكز على إعادة بناء الدولة والاقتصاد والبنى التحتية، والقضاء المبرم على الإرهاب. بيد أن مشروع الجماعات التكفيرية يطل أيضاً، وهدفه تجميع كل مصاصي الدماء واللصوص والمرتزقة من كل الدنيا، لتحويل سورية إلى جاذب للإرهاب العالمي، الذي يتحرك بناء على التوجيهات السعودية والأميركية، وغايته الاستراتيجية الوصول إلى روسيا والصين والهند وشمال إفريقيا. هذه الصورة هي أمام جنيف الجديد، فهل سيفضي إلى نتيجة؟ توقعوا جنيف 4 و5 و.. وانتظروا نتائج الميدان السوري.. الجيش السوري يحسم في كل الاتجاهات.

المصدر : أحمد زين الدين- الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة