وجد الشاب محمد الزُّمر، من سكان مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين، وسط قطاع غزة، من بقايا القنابل والصواريخ والقذائف التي تلقيها إسرائيل على القطاع، مادة خصبة كي يحولها للوحات فنية.

ويعيش الشاب الزُّمر (32 عاما) مع أسرته في بيتٍ ضيق، في مخيم البريج المكتظ بعشرات آلاف السكان.

وتعرّض المخيم كباقي مخيمات ومدن وأحياء القطاع، للقصف الإسرائيلي، برًا وجوًا، على مدار انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، دون أن يعير الجيش الإسرائيلي اهتمامًا للكثافة السكانية للمخيم، ما أسفر عن مقتل وجرح المئات من الفلسطينيين.

وحسب اللجنة الشعبية للاجئين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن هذا المخيم أنشأ في منتصف القرن الماضي، لاستضافة 13 ألف لاجيء فلسطيني، هجرتهم المنظمات الصهيونية من قراهم ومدنهم داخل فلسطين التاريخية قبل عام 1948، قبيل إعلان تأسيس دولة إسرائيل.

ويبلغ تعداده الآن قرابة 31 ألف نسمة، وتبلغ مساحته (40 ألف متر تقريبا).

ويحاول الزُّمر الذي يعمل (عامل النظافة)، أن يوجه رسالة للعالم بشكل عام، وإلى إسرائيل بشكل خاص مفادها بأن الشعب الفلسطيني “يحب الحياة”، من خلال الكتابة على الشظايا المعدنية، وبقايا الصواريخ، والقذائف الإسرائيلية التي ضربت على المخيم، وتحويلها لتحف فنية.

وجمع الزُّمر عددا من قنابل الغاز السامة، والقذائف المدفعية، وأعقاب الرصاص الفارغة من مختلف الأنواع والأحجام، والقنابل الضوئية، وشظايا صواريخ تطلقها الطائرات الحربية، وكتب عليها عبارات مُختلفة تعكس حب الفلسطيني للحياة، وتعكس صموده وحبه لأرضه-حسب قوله.

وعلى سبيل المثال، كتب الزُّمر على بقايا قذيفة مدفعية تزن 52 كيلوجراما عبارة :”وحبوب سنبلة تموت تملأ الوادي سنابل”، وهي بيت من قصيدة مشهورة للشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش.

وكتب على شظية صاروخ آخر عبارة:” “باقون ولنا عودة”، وخطّ شظية أخرى :”صك ملكية هذه الأرض.. بعضنا قد مات والبعض ما زال حيًا.. وهذه الأرض ليست للبيع″، في إشارة إلى تمسك اللاجئين الفلسطينيين بأرضهم.

كما كتب على قذيفة أخرى: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، وهي عبارة مشهور كذلك للشاعر درويش.

وكتب الزُّمر على بقايا عيارات نارية من العيار الثقيل أسماء أطفال قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي، مرفقة بأعمارهم.

ويقول الزمر أثناء عمله بالرسم والكتابة على الشظايا والقذائف، وقنابل الغاز، لمراسل وكالة الأناضول للأنباء”: “ببساطة أنا لاجيء فلسطيني من مخيم البريج، هوايتي الفن، لم أدرس بالجامعات، أعمل عامل نظافة على بند البطالة المؤقتة بأحد مشاريع التشغيل المؤقت”.

ويضيف الزمر “شاهدت الأطفال الإسرائيليين يكتبون أسمائهم وعبارات أخرى على القذائف التي تطلقها المدفعية على شعبنا قبل حرب 2008/2009م كي يشجعوهم على ضربنا وقصفنا، ومن هنا جاءت لي الفكرة بالكتابة على مخلفات الصواريخ والقذائف، وتحويلها من رسالة موت وحرب ودمار إلى رسالة حياة”.

ويتابع :”أسعلى لإرسال رسالة إلى العالم مفادها أننا شعب مظلوم، نحاصر ونقتل ونهجر منذ 1948م.. أي منذ أكثر من 65 عامًا،  من منطلق إيماني أن للفن رسالة مهمة سامية، ومن هنا نبع تفكيري بعمل شيء مختلف وهو (الموت تقابله الحياة)..”.

ويعتزم الزمر أن يوسّع معرضه الفني داخل بيته المتواضع، الواقع بين أزقة المخيم الضيقة، بعدما حصل على موافقة من قسم “هندسة المتفجرات” في جهاز الشرطة في غزة، للحصول على كم كبير من مخلفات الجيش الإسرائيلي، من “صواريخ وقذائف ثقيلة كي يُكمل مشواره بنقل رسالة شعبة بطريقة فنية للعالم أجمع″-
  • فريق ماسة
  • 2014-02-10
  • 11250
  • من الأرشيف

لاجيء فلسطيني يحول قذائف إسرائيل لتحف فنية

 وجد الشاب محمد الزُّمر، من سكان مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين، وسط قطاع غزة، من بقايا القنابل والصواريخ والقذائف التي تلقيها إسرائيل على القطاع، مادة خصبة كي يحولها للوحات فنية. ويعيش الشاب الزُّمر (32 عاما) مع أسرته في بيتٍ ضيق، في مخيم البريج المكتظ بعشرات آلاف السكان. وتعرّض المخيم كباقي مخيمات ومدن وأحياء القطاع، للقصف الإسرائيلي، برًا وجوًا، على مدار انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية)، دون أن يعير الجيش الإسرائيلي اهتمامًا للكثافة السكانية للمخيم، ما أسفر عن مقتل وجرح المئات من الفلسطينيين. وحسب اللجنة الشعبية للاجئين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن هذا المخيم أنشأ في منتصف القرن الماضي، لاستضافة 13 ألف لاجيء فلسطيني، هجرتهم المنظمات الصهيونية من قراهم ومدنهم داخل فلسطين التاريخية قبل عام 1948، قبيل إعلان تأسيس دولة إسرائيل. ويبلغ تعداده الآن قرابة 31 ألف نسمة، وتبلغ مساحته (40 ألف متر تقريبا). ويحاول الزُّمر الذي يعمل (عامل النظافة)، أن يوجه رسالة للعالم بشكل عام، وإلى إسرائيل بشكل خاص مفادها بأن الشعب الفلسطيني “يحب الحياة”، من خلال الكتابة على الشظايا المعدنية، وبقايا الصواريخ، والقذائف الإسرائيلية التي ضربت على المخيم، وتحويلها لتحف فنية. وجمع الزُّمر عددا من قنابل الغاز السامة، والقذائف المدفعية، وأعقاب الرصاص الفارغة من مختلف الأنواع والأحجام، والقنابل الضوئية، وشظايا صواريخ تطلقها الطائرات الحربية، وكتب عليها عبارات مُختلفة تعكس حب الفلسطيني للحياة، وتعكس صموده وحبه لأرضه-حسب قوله. وعلى سبيل المثال، كتب الزُّمر على بقايا قذيفة مدفعية تزن 52 كيلوجراما عبارة :”وحبوب سنبلة تموت تملأ الوادي سنابل”، وهي بيت من قصيدة مشهورة للشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش. وكتب على شظية صاروخ آخر عبارة:” “باقون ولنا عودة”، وخطّ شظية أخرى :”صك ملكية هذه الأرض.. بعضنا قد مات والبعض ما زال حيًا.. وهذه الأرض ليست للبيع″، في إشارة إلى تمسك اللاجئين الفلسطينيين بأرضهم. كما كتب على قذيفة أخرى: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، وهي عبارة مشهور كذلك للشاعر درويش. وكتب الزُّمر على بقايا عيارات نارية من العيار الثقيل أسماء أطفال قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي، مرفقة بأعمارهم. ويقول الزمر أثناء عمله بالرسم والكتابة على الشظايا والقذائف، وقنابل الغاز، لمراسل وكالة الأناضول للأنباء”: “ببساطة أنا لاجيء فلسطيني من مخيم البريج، هوايتي الفن، لم أدرس بالجامعات، أعمل عامل نظافة على بند البطالة المؤقتة بأحد مشاريع التشغيل المؤقت”. ويضيف الزمر “شاهدت الأطفال الإسرائيليين يكتبون أسمائهم وعبارات أخرى على القذائف التي تطلقها المدفعية على شعبنا قبل حرب 2008/2009م كي يشجعوهم على ضربنا وقصفنا، ومن هنا جاءت لي الفكرة بالكتابة على مخلفات الصواريخ والقذائف، وتحويلها من رسالة موت وحرب ودمار إلى رسالة حياة”. ويتابع :”أسعلى لإرسال رسالة إلى العالم مفادها أننا شعب مظلوم، نحاصر ونقتل ونهجر منذ 1948م.. أي منذ أكثر من 65 عامًا،  من منطلق إيماني أن للفن رسالة مهمة سامية، ومن هنا نبع تفكيري بعمل شيء مختلف وهو (الموت تقابله الحياة)..”. ويعتزم الزمر أن يوسّع معرضه الفني داخل بيته المتواضع، الواقع بين أزقة المخيم الضيقة، بعدما حصل على موافقة من قسم “هندسة المتفجرات” في جهاز الشرطة في غزة، للحصول على كم كبير من مخلفات الجيش الإسرائيلي، من “صواريخ وقذائف ثقيلة كي يُكمل مشواره بنقل رسالة شعبة بطريقة فنية للعالم أجمع″-

المصدر : هاني الشاعر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة