دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
عشيّة انطلاق جولة جديدة من المحادثات بين وفدي النظام والمعارضة السوريّين في سويسرا الإثنين المقبل، إستقبل وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف في موسكو رئيس الإئتلاف السوري أحمد الجربا،في زيارة مَثّلت من حيث الشكل إعترافاً بالمعارضة السورية، وحَوَت من حيث المضمون أكثر من هدف، فما هي الطلبات التي رفعها الجربا إلى لافروف وماذا كانت ردود هذا الأخير، بحسب المعلومات المُسرّبة عن الإجتماعات؟
أوّلاً: طلب الجربا من لافروف الضغط على النظام السوري للسماح بمرور مساعدات إنسانيّة إلى داخل المناطق المحاصرة من دون أيّ تأخير، لكنّ وزير الخارجية الروسي إشترط أن يسبق فتح ممرّات آمنة بضمانة روسيّة، إلتزام فصائل المعارضة بوقف شامل للنار وللعمليات العسكرية على إختلافها.
ثانياً: طلب الجربا من لافروف أن تضغط موسكو على دمشق حتى تُطلق المُعتقلين في السجون السورية. وقد ردّ لافروف بأنّ بإمكان القنوات الدبلوماسية الروسية العمل على إطلاق سجناء الرأي، لكن ليس المعتقلين أو المحكومين بجرائم أمنيّة.
ثالثاً: طلب الجربا من لافروف أن تكون مسألة تشكيل هيئة حكم إنتقالية في سوريا بنداً أوّلاً على أيّ طاولة مفاوضات مقبلة، بدءاً من الجولات المرتقبة في سويسرا مطلع الأسبوع المقبل، داعياً إلى الضغط على دمشق لحثّها على الموافقة على وثيقة مؤتمر "جنيف 1". لكن لافروف طلب في المقابل أن تكون الأولويّة لبند مكافحة الإرهاب، ووقف المعارك، وإعادة الهدوء، قبل الخوض في خريطة الطريق السياسيّة التي من شأنها نقل الحكم في سوريا إلى التعدّدية الديمقراطية الفعليّة.
رابعاً: طلب الجربا من لافروف أن تسحب روسيا دعمها المُطلق للرئيس بشّار الأسد، وأن تضغط مع باقي أعضاء المجتمع الدَولي لتنحّيه. لكن لافروف ردّ بأنّه من غير المنطقي جعل هذا المطلب شرطاً مسبقاً لإيجاد حلّ سياسي في سوريا، داعياً إلى ترك هذا المطلب إلى الأطر الدستورية بحسب مواعيدها المُستحقّة. وعند بحث هذا البند، إغتنم رئيس الدبلوماسيّة الروسية الفرصة لكشف السبب الأساسي وراء قيام موسكو بإستدعاء الجربا، وهو حثّه على الطلب من فصائل المعارضة السورية المختلفة الموافقة على تنظيم الإنتخابات الرئاسية في سوريا في موعدها المحدّد بعد نحو ستة أشهر، على أن تؤمّن روسيا مع غيرها من الدول الغربيّة ضمان نَزاهة هذه الإنتخابات عبر إرسال مراقبين دَوليّين، وعلى أن يتم الإعتراف بنتائجها ودعم السلطة المُنبثقة منها. ووعد لافروف أيضاً بأنّ توفّر روسيا الغطاء الدولي لأيّ جبهة معارضة سورية داخلية يمكن أن تنشأ بشكل سلمي وديمقراطي، أيّا تكن هويّتها، في حال الموافقة على المشاركة بالإنتخابات.
في غضون ذلك، وبعد فشل روسيا في إقناع الولايات المتحدة الأميركية ومن معها، بضمّ إيران إلى لائحة الدول التي شاركت في فعاليّات مؤتمر "جنيف 2"، تسعى موسكو حالياً لإدخال طهران على خط المفاوضات الرامية إلى إيجاد مخرج للأزمة السورية. وهي تضغط بقوّة ليكون ممثّلون عن إيران على طاولة أيّ مفاوضات دوليّة مقبلة بشأن الملفّ السوري. ولمّا كان من المتعذّر حتى الساعة إشراك ممثّل عن إيران في إجتماعات "جنيف 2"، يبدو أنّ المخرج الكفيل بإقناع الرافضين لأيّ حضور إيراني، والذي قيل إنّه بدأ بفكرة أميركيّة قبل أن تتبنّاه روسيا، يتمثّل في عقد طاولة مفاوضات رديفة لطاولة مؤتمر سويسرا، على أن تضمّ بمواجهة إيران كلاً من المملكة العربيّة السعودية وتركيا، وذلك بإشراف وحضور مباشر من قبل كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية. والتوافق الأميركي الروسي على هذا المخرج الذي يجري العمل بجدّية للشروع في تطبيقه في أقرب فرصة ممكنة، جاء نتيجة إقتناع كلّ من الطرفين بأنّ لا حلّ ممكن في سوريا، عن طريق المفاوضات بين النظام ومعارضيه، ما لم يترافق مع مفاوضات بين إيران من جهة والمملكة العربية السعودية وتركيا من جهة أخرى، بدعم وضغط دوليّين. ويمكن القول بالتالي إنّ موسكو وواشنطن تحضّران لجولات جديدة من المفاوضات بشأن الملفّ السوري، ستكون أوسع وأشمل هذه المرّة، مع مشاركة مباشرة من قبلهما إلى جانب الأطراف الإقليميّين الأساسيّين في النزاع، على أمل تحقيق نتائج أفضل من تلك المحقّقة حتى تاريخه!
المصدر :
ناجي س. البستاني- النشرة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة