دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يرى منسق شبكة الأمان للأبحاث الاستراتيجي اللبناني أنيس النقاش أن أحداث اليمن الأخيرة قضت على الدور السعودي في المنطقة وأن مؤتمر جنيف2 فشل وسيستتبع بجنيف 3 والحل سيكون شاملاً واقليمياً ولن يكون لصالح المعارضة وأن لبنان سيكون آخر الخراطيش.
قضت أحداث اليمن الأخيرة على الدور السعودي في المنطقة، ولذلك تعتبر النتيجة الحاصلة في اليمن أهم وأكبر مما يجري من مفاوضات في جنيف على الملف الاقليمي. كما أن حضور الدول الغربية لجنيف2 هو استباق لخسارة موقعهم في التسوية المتعلقة بسوريا، وأن أكثر ما يمكن تحقيقه من جنيف هو رقابة دولية على الانتخابات الرئاسية السورية، في وقت بات الأميركيون مقتنعين بوجود الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة. أما على الصعيد اللبناني، فإن ما يجري هو نتيجة الاحتقان السوري الذي أدخل لبنان في حالة متفجرة، لكنّها آخر الخراطيش.
بهذه الاستنتاجات استهل منسق شبكة الأمان للأبحاث الاستراتيجي أنيس النقاش حديثه لموقع الميادين الإلكتروني، إثر عودته من جنيف.
انطلق النقاش من مؤتمر جنيف، فرأى أنه "كان عنواناً يعبر عن أنه لا يوجد في سوريا إلا الحل السياسي، وهو عنوان ومشروع روسي بامتياز في البداية، واستراتيجية الروس كانت منع أي عمل عسكري ضد سوريا، وتخفيف التدخل الخارجي إلى الحد الأدنى الممكن".
"تأخر انعقاد جنيف2 لأن المعارضة السورية أرادت أن تحقق بعض الانتصارات للتفاوض بعد جنيف1، وعندما طال الانتظار وانقلب ميزان القوى، هرعت دول التحالف الأميركي للمشاركة في جنيف ٢. وأثناء العمل على جنيف الأول صدر بيان لم يظهر ترجيح كفة المعارضة بشكل قوي، واعتبرت المعارضة ومن معها، انهم بحاجة لوقت قصير لإسقاط النظام، أو تعديل الكفة لصالحهم. لذلك أجّلوا جنيف إلى هذا التاريخ، وما حدث أن النظام كسب الوقت، والمعارضة خسرت على أكثر من صعيد، وأصبحت المعارضة وحلفاؤها مضطرين للقبول بجنيف2، وإلا خرجوا من التسوية السياسية. لذلك، ذهب الأميركيون وتحالفهم إلى جنيف2 للبقاء ضمن التسوية السياسية، وليس لفرض تسوية هم غير قادرين عليها"، يقول النقاش.
لا حكومة من دون الأسد
ويضيف النقاش: "طالت المباحثات، وتعددت الصيغ، وتأجل جنيف إلى العاشر من الجاري، وحرضت الولايات المتحدة الأميركية المعارضة للحد الأقصى، وبدا أن الأميركيين لا يرضون إلا بالحل الأقصى. ولكن سيصل وقت يعرف فيه الأميركيون أنهم لن يصلوا إلى الحل الأقصى، وسيتركون حلفاءهم يتخبطون لوحدهم. وتقديري أن الأميركيين ليسوا إلا بصدد تسوية مع القبول ببشار الأسد في السلطة. أما التصعيد الذي يظهرونه فهو لمراعاة حلفائهم، خصوصاً السعودي منهم، لكي لا تظهر منه تصرفات غير منسقة، ولكي تبقى بيدهم أوراق من ضمن اللعبة السياسية. أزمة كبرى كهذه في منطقة الشرق الأوسط لا تحل إلا بوجود القوى العظمى، وإلا اعتبر الموقف السياسي من دون الدول الكبرى نهاية لأدوارها، ومن هنا تقاطع المصلحتين الروسية والأميركية على الموضوع".
وبحسب النقاش، فإن "حسابات حقل المعارضة لم تنطبق على حسابات بيدرها، والوقت الذي تمنته المعارضة لتعديل ميزانها، لم يحقق المطلوب، والتصعيد الأميركي لفظي، وليس له ترجمة على الأرض، لذلك تجد أن أطرافاً عدة معارضة باتوا يرفضون الذهاب إلى جنيف بعد أن فهم الائتلاف السوري هذا الأمر. ولذلك أيضاً خسر 70% من طاقته، لأن الباقين لم يصدقوا المسرحية. والذين سيذهبون إلى جنيف هم فقط الذين قبلوا أن يلعبوا الأدوار المنوطة بهم، أما الآخرون فقد انسحبوا عندما علموا أن المفاوضات لن تؤدي إلى النتيجة التي يتوخونها، خصوصاً أنهم لم يستطيعوا تعديل ميزان القوى بين جنيف1 وجنيف2".
"في 10 شباط/ فبراير الجاري، سيكون هناك متابعة جنيف3 - ويمكن أن يعدّل تمثيل الأفراد في الائتلاف لكي يغيروا جزءاً من خطابهم. وإذا أصرّ النظام على حكومة عنوانها الأساس هو "محاربة الإرهاب"، فيكون قد أثبت أنه حقق انتصاراً، وأرسى الطريق التي يريد للحل أن يسير به. وكلما مرّ مزيد من الوقت كلما ضعفت احتمالات استعفاء الرئيس، أو انتفاء دوره، وهذه الدعوة باتت اليوم من دون معنى. والكلام منذ سنتين ليس كما هو اليوم، فالانتخابات الرئاسية في سورية على الأبواب أي بعد 4 أشهر"، يقول النقاش.
"ميزان القوى-بحسب منسق شبكة الأمان للأبحاث- لا يمكن أن يفرض حلولاً لصالح المعارضة في الوضع الحالي"، وبالتالي فإن "أفضل شيء يمكن أن يتم تحصيله في جنيف3 هو فرض رقابة دولية على الانتخابات، وإجراؤها بشفافية بإشراف الأمم المتحدة لكي تعطى نتائج الانتخابات مشروعيتها".
ولفت إلى تحول إقليمي كبير باستدارة تركيا نحو إيران توازيها "هزيمة قوية في اليمن تلقي بظلالها على الدور الاستراتيجي للسعودية، وهذا ليس ملفاً صغيراً (...) ما حدث في اليمن أخيراً هو تحول استراتيجي في المنطقة، والدول عليها أن تعيد حساباتها، فالحوثيون يضايقون السعوديين للعظم. ولعل ما يجري في اليمن هو أهم مما يجري في سوريا والعراق، والسعودي حليفه الأساسي بيت الأحمر ومشايخ الحاشد، وكانت عندهم ميزانية لا تزال تدفع لهم شهرياً من موازنة الدفاع السعودية. لكن كل ما بنته السعودية في اليمن قد طار الآن. فهناك تحول كبير في الخليج وفي المنطقة".
حلول من دون معارك
استخدام عرسال بعد خسارة القصير بات رهاناً خاسراً للمعارضة
لم يشأ النقاش أن يربط بين ما يجري في سورية من معارك وجنيف، واعتبر أنه "منذ أن بدأ (الكومبرسور) يعمل لصالح النظام، أي منذ معركة القصير وحتى اليوم، يجري العمل على تطهير المواقع واحداً تلو الآخر. هناك مناطق افترض حسب البرنامج أن تتم قبل غيرها، ولوحظ أنه لم تحصل فيها معارك، واستغرب الناس سبب تغير الأولويات، وتبين اليوم أن السبب هو وجود مفاوضات لحل أمورها بشكل سلمي، وهذا ما جرى في عدة مناطق في ريف دمشق، والمناطق التي ترفض، يتم التعامل معها بالمعركة العسكرية مثل معركة حلب ومعركة الحصن"، مؤكداً أن "كل ما يجري هو بناء لبرنامج قاعدته الأساسية أهمية الموقع الاستراتيجية، ووجود حوار أو عدم وجوده".
وعن انعكاس ما يجري من اشتباك حالي في سورية على لبنان يؤكد النقاش أن "كل الثغرات بين لبنان وسورية يجري إقفالها بالتدريج، وأهميتها أن المعارضة لن تستطيع إرسال إسناد إلى الداخل، ولا تهريب أسلحة وأفراد من لبنان. كانت هناك ثغرتان، عرسال ووادي خالد، وبات استخدامهما رهاناً خاسراً للمعارضة". وتابع أنه "بعد محاصرة يبرود، صارت السيارات تتفخخ في لبنان، وتحديداً في عرسال، وتخرج فقط من هناك، وحتى أن بعض الصواريخ التي تطلق، فإنما تطلق من الأراضي اللبنانية".
تصعيد لبناني..آخر الخراطيش
تصعيد متفجر بوتيرة عالية في لبنان... آخر السيناريو
ويعتقد النقاش أن "لبنان بات في وضع متفجر وبوتيرة متصاعدة، لأن السعوديين يخسرون ويعتقدون أنهم بهذا الضغط يستطيعون تحقيق إنجازات لهم ولحلفائهم". "نحن نتجه إلى تصعيد أكبر ومزيد من الأحداث، لكن نستطيع القول أن هذه هي آخر الخراطيش".
وعن أزمة تشكيل الحكومة في لبنان يقول منسق شبكة الأمان للأبحاث إن "الحكومة ستتشكل بقرار إقليمي ودولي، والخلاف محلي بحت، وهو على الحقائب، ولذلك علاقة بمعركة رئاسة الجمهورية، لأن الحكومة ستركّب، ويُخشى من فراغ في رئاسة الجمهورية، ويصبح هناك خلاف على الرئاسة وبالتالي من الأفضل أن تكون الحكومة قد ركّبت بشكل عادي".
يثير الفراغ في المؤسسات الدستورية الواحدة تلو الأخرى مخاوف من مصير مجهول ينتظر لبنان في ظل التحولات المرتقبة كنتيجة للأحداث السورية، لكن النقاش يؤكد أنه "ليس هناك من كلام في أي موقع خارجي عن إعادة النظر بالتركيبة اللبنانية".
"لا يتم انهاء الوضع في سورية إلا بمشروع إقليمي، ومن الغباء الحديث عن سورية دون الحديث عن العراق، والحديث عن الإثنين دون الحديث عن لبنان (...) حتماً بعد انتهاء الوضع في سورية، وهزيمة المشروع الآخر، المنطقة كلها سيعاد تركيبها، وبالتالي النظام في سورية سيكون جديداً، ولبنان والعراق اللذين لم يكن وضعهما جيداً، من المفترض أن يطالهما ما يطال المنطقة أيضاً. الحل سيكون إقليمياً، وبه سيرتاح للجميع. التركي بدأ بهذ االاتجاه، وتعبيره هو تشكيل مجلس سياسي أعلى بين إيران وتركيا لبحث السياسات الاستراتيجية بين البلدين، وليس فقط العلاقات السياسية، ولبحث أوضاع المنطقة، وليس فقط الوضع السوري"، ختم النقاش.
المصدر :
الميادين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة