أصدرت خدمة أبحاث الكونجرس الأميركي الأسبوع الماضي، دراسة مفصلة جاء فيها أنه وعلى الرغم من مرور قرابة ثلاثة أعوام على النزاع في سوريا لا يوجد مؤشر على أن النظام يوشك على الانهيار، رغم توقعات بعض المراقبين بذلك .

وتشير الدراسة التي صدرت يوم 14 كانون الثاني 2014، أي أسبوع قبل انعقاد مؤتمر جنيف-2 المقرر في 22 كانون ثاني الجاري بعنوان النزاع المسلح في سوريا: نظرة عامة وردود الولايات المتحدة الى أن المجموعات المسلحة التي تقاتل ضد قوات الحكومة السورية، تخوض مواجهة فيما بينها، وأنها تفتقر إلى وحدة الهدف، ووحدة القيادة، وإلى دعم دولي موحد وأنها ليست منقسمة فحسب بل ومن المرجح أن تبقى منقسمة بشأن التكتيكات والإستراتيجية، وبشأن أهدافها السياسية على المدى الطويل .

وأوضحت الدراسة، أنه ومنذ شهر كانون الثاني 2013، فإن معظم الجماعات المسلحة القوية تسعى إلى تحقيق نتائج من النزاع، تتناقض بشدة، مع ما تفضله الولايات المتحدة لمستقبل سوريا السياسي،

حيث تسعى الميليشيات الإسلامية لفرض القانون الإسلامي السني على المجتمع السوري، ومن بين تلك الميليشيات الجبهة الإسلامية التي جرى تشكيلها حديثاً، وتنظيم القاعدة، وجبهة النصرة، ومجموعات أخرى تلقت مساعدات أمريكية .

وفي السعي لتسوية سلمية للنزاع، جاء في الدراسة أن الولايات المتحدة وأعضاء آخرين في مجلس الأمن الدولي، يسعون إلى مواصلة الحكومة السورية تعاونها من أجل التخلص من الأسلحة الكيماوية لدى سوريا .

وبالنسبة للجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء النزاع والتوصل إلى تسوية سياسية، أوضحت الدراسة أن مجلس الأمن الدولي دعم المبادئ اللازمة لتسوية تفاوضية للنزاع، تسمح ببقاء أعضاء في الحكومة السورية الحالية في موقع السلطة عبر هيئة حكم انتقالي بناء على بيان جينيف-1 الذي تم الاتفاق عليه في 30 حزيران 2012، وجرى دعمه بالقرار 2118 من مجلس الأمن الدولي .

لكن الدراسة أوضحت إلى أن قوى المعارضة لا تزال منقسمة حول كيف وتحت أية شروط ستشارك في المفاوضات مع حكومة الرئيس بشار الأسد.

الدراسة اشارت إلى أن بعض المجموعات المسلحة ترفض بشكل تام أية مشاركة في المفاوضات. وهذا يعكس حالة الانقسام والتشرذم والتناقض الذي يسود قوى المعارضة، مما يحول دون الاتفاق على تشكيل وفد يمثلها إلى مفاوضات (جينيف 2).

وجاء في الدراسة أن الولايات المتحدة وداعمين آخرين للمعارضة، أوضحوا في 12 كانون الثاني الجاري، أن احتمال ترشيح الأسد في انتخابات رئاسية ينظمها النظام، يتعارض تماماً مع مؤتمر جينيف 2 ، الهادف إقامة هيئة حكم انتقالي متفاوض عليه،

وأنه وفي ضوء الاختلاف الكبير بين أطراف النزاع السوري، قادت الكثير من المراقبين إلى إبداء الشكوك في احتمالات أن تؤدي المفاوضات إلى إنهاء النزاع في المستقبل القريب.

وأشارت الدراسة إلى الاختلاف بين موقف كل من روسيا والولايات المتحدة في تفسير ما جاء في بيان جينيف 1 ، بشأن دور الرئيس الأسد في هيئة الحكم الانتقالي، أو بقائه في السلطة.

وجاء في الدراسة أن أياً من طرفي النزاع المسلح غير قادر على تعزيز مكاسبه العسكرية، أو تحقيق النصر في المدى القريب، وأن استمرار النزاع فاقم من النزاع الطائفي في لبنان والعراق.

وتوقعت الدراسة بشكل غير مباشر مشاركة إيران في جنيف-2 ، بينما اشارت الى ان القادة الأردنيين ربما يقومون بتقييم مصالحهم انطلاقاً من منع انتقال الإرهاب إلى الأردن عبر بقاء الرئيس الأسد في الحكم، لأنه يعد في نظرهم أفضل طريقة لتأمين مصلحة الأردن في هذا الشأن .

وفيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة والمساعدات التي تقدمها، سواء المساعدات غير الفتاكة لبعض مجموعات المعارضة أو المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين المتضررين من النزاع، وجاء فيها أن المسؤولين في الإدارة أعلنوا أن تدخل الولايات المتحدة عسكرياً في النزاع لتحديد نتيجيته أو لتغيير النظام السوري، ربما لا يحقق أهداف الولايات المتحدة، وربما يقود إلى عواقب سلبية .

وأوضحت الدراسة أن المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما حددوا عدداً من الأسباب التي أدت إلى تردد واشنطن في التدخل عسكرياً وبشكل مباشر في النزاع، أو تزويد مجموعات المعارضة بالأسلحة بشكل كبير وفتاك لتغيير ميزان القوى لصالح المعارضة. ومن تلك الأسباب: الخوف من تفاقم العنف، ومن أن يؤدي مثل هذا التدخل إلى انتشار نزاع إقليمي بشكل واسع، أو إلى حدوث فراغ سياسي يكون لصالح المتطرفين في المعارضة .

ومن الأسباب أيضاً التكاليف غير المعروفة سواء على الصعيد المادي، أو على صعيد المعارضة السياسية القوية داخلياً ( في الولايات المتحدة ).

وبالنسبة لمستقبل السياسة الأميركية تجاه النزاع السوري، وما سينجم عنه أوضحت الدراسة أن صانعي السياسة الأمريكية يسعون إلى تحقيق التوازن بين مطالبهم بضرورة أن يترك الرئيس الأسد السلطة من جهة، وبين رغبتهم في استمرار تعاون الحكومة السورية في تنفيذ عملية التخلص من الأسلحة الكيماوية لديها، وتسهيل وصول مواد الإغاثة الإنسانية للمتضررين من النزاع .

وخلصت الدراسة إلى أن التوفيق بين الإستراتيجية الدبلوماسية للولايات المتحدة المترافقة مع دعم بعض عناصر المعارضة المنتقاة (من جانب الولايات المتحدة) أمر بالغ الصعوبة، وأن الاستجابة للاحتياجات الإنسانية التي نجمت عن الأزمة،

والحيلولة دون انتشار الاضطرابات في الدول المجاورة لسوريا سيبقى موضوعاً أساسياً على أجندة السياسة الأمريكية في المستقبل المنظور .

 

  • فريق ماسة
  • 2014-01-24
  • 13940
  • من الأرشيف

تقرير للكونجرس الامريكي: النظام السوري متماسك والمعارضة متفككة

أصدرت خدمة أبحاث الكونجرس الأميركي الأسبوع الماضي، دراسة مفصلة جاء فيها أنه وعلى الرغم من مرور قرابة ثلاثة أعوام على النزاع في سوريا لا يوجد مؤشر على أن النظام يوشك على الانهيار، رغم توقعات بعض المراقبين بذلك . وتشير الدراسة التي صدرت يوم 14 كانون الثاني 2014، أي أسبوع قبل انعقاد مؤتمر جنيف-2 المقرر في 22 كانون ثاني الجاري بعنوان النزاع المسلح في سوريا: نظرة عامة وردود الولايات المتحدة الى أن المجموعات المسلحة التي تقاتل ضد قوات الحكومة السورية، تخوض مواجهة فيما بينها، وأنها تفتقر إلى وحدة الهدف، ووحدة القيادة، وإلى دعم دولي موحد وأنها ليست منقسمة فحسب بل ومن المرجح أن تبقى منقسمة بشأن التكتيكات والإستراتيجية، وبشأن أهدافها السياسية على المدى الطويل . وأوضحت الدراسة، أنه ومنذ شهر كانون الثاني 2013، فإن معظم الجماعات المسلحة القوية تسعى إلى تحقيق نتائج من النزاع، تتناقض بشدة، مع ما تفضله الولايات المتحدة لمستقبل سوريا السياسي، حيث تسعى الميليشيات الإسلامية لفرض القانون الإسلامي السني على المجتمع السوري، ومن بين تلك الميليشيات الجبهة الإسلامية التي جرى تشكيلها حديثاً، وتنظيم القاعدة، وجبهة النصرة، ومجموعات أخرى تلقت مساعدات أمريكية . وفي السعي لتسوية سلمية للنزاع، جاء في الدراسة أن الولايات المتحدة وأعضاء آخرين في مجلس الأمن الدولي، يسعون إلى مواصلة الحكومة السورية تعاونها من أجل التخلص من الأسلحة الكيماوية لدى سوريا . وبالنسبة للجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء النزاع والتوصل إلى تسوية سياسية، أوضحت الدراسة أن مجلس الأمن الدولي دعم المبادئ اللازمة لتسوية تفاوضية للنزاع، تسمح ببقاء أعضاء في الحكومة السورية الحالية في موقع السلطة عبر هيئة حكم انتقالي بناء على بيان جينيف-1 الذي تم الاتفاق عليه في 30 حزيران 2012، وجرى دعمه بالقرار 2118 من مجلس الأمن الدولي . لكن الدراسة أوضحت إلى أن قوى المعارضة لا تزال منقسمة حول كيف وتحت أية شروط ستشارك في المفاوضات مع حكومة الرئيس بشار الأسد. الدراسة اشارت إلى أن بعض المجموعات المسلحة ترفض بشكل تام أية مشاركة في المفاوضات. وهذا يعكس حالة الانقسام والتشرذم والتناقض الذي يسود قوى المعارضة، مما يحول دون الاتفاق على تشكيل وفد يمثلها إلى مفاوضات (جينيف 2). وجاء في الدراسة أن الولايات المتحدة وداعمين آخرين للمعارضة، أوضحوا في 12 كانون الثاني الجاري، أن احتمال ترشيح الأسد في انتخابات رئاسية ينظمها النظام، يتعارض تماماً مع مؤتمر جينيف 2 ، الهادف إقامة هيئة حكم انتقالي متفاوض عليه، وأنه وفي ضوء الاختلاف الكبير بين أطراف النزاع السوري، قادت الكثير من المراقبين إلى إبداء الشكوك في احتمالات أن تؤدي المفاوضات إلى إنهاء النزاع في المستقبل القريب. وأشارت الدراسة إلى الاختلاف بين موقف كل من روسيا والولايات المتحدة في تفسير ما جاء في بيان جينيف 1 ، بشأن دور الرئيس الأسد في هيئة الحكم الانتقالي، أو بقائه في السلطة. وجاء في الدراسة أن أياً من طرفي النزاع المسلح غير قادر على تعزيز مكاسبه العسكرية، أو تحقيق النصر في المدى القريب، وأن استمرار النزاع فاقم من النزاع الطائفي في لبنان والعراق. وتوقعت الدراسة بشكل غير مباشر مشاركة إيران في جنيف-2 ، بينما اشارت الى ان القادة الأردنيين ربما يقومون بتقييم مصالحهم انطلاقاً من منع انتقال الإرهاب إلى الأردن عبر بقاء الرئيس الأسد في الحكم، لأنه يعد في نظرهم أفضل طريقة لتأمين مصلحة الأردن في هذا الشأن . وفيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة والمساعدات التي تقدمها، سواء المساعدات غير الفتاكة لبعض مجموعات المعارضة أو المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين المتضررين من النزاع، وجاء فيها أن المسؤولين في الإدارة أعلنوا أن تدخل الولايات المتحدة عسكرياً في النزاع لتحديد نتيجيته أو لتغيير النظام السوري، ربما لا يحقق أهداف الولايات المتحدة، وربما يقود إلى عواقب سلبية . وأوضحت الدراسة أن المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما حددوا عدداً من الأسباب التي أدت إلى تردد واشنطن في التدخل عسكرياً وبشكل مباشر في النزاع، أو تزويد مجموعات المعارضة بالأسلحة بشكل كبير وفتاك لتغيير ميزان القوى لصالح المعارضة. ومن تلك الأسباب: الخوف من تفاقم العنف، ومن أن يؤدي مثل هذا التدخل إلى انتشار نزاع إقليمي بشكل واسع، أو إلى حدوث فراغ سياسي يكون لصالح المتطرفين في المعارضة . ومن الأسباب أيضاً التكاليف غير المعروفة سواء على الصعيد المادي، أو على صعيد المعارضة السياسية القوية داخلياً ( في الولايات المتحدة ). وبالنسبة لمستقبل السياسة الأميركية تجاه النزاع السوري، وما سينجم عنه أوضحت الدراسة أن صانعي السياسة الأمريكية يسعون إلى تحقيق التوازن بين مطالبهم بضرورة أن يترك الرئيس الأسد السلطة من جهة، وبين رغبتهم في استمرار تعاون الحكومة السورية في تنفيذ عملية التخلص من الأسلحة الكيماوية لديها، وتسهيل وصول مواد الإغاثة الإنسانية للمتضررين من النزاع . وخلصت الدراسة إلى أن التوفيق بين الإستراتيجية الدبلوماسية للولايات المتحدة المترافقة مع دعم بعض عناصر المعارضة المنتقاة (من جانب الولايات المتحدة) أمر بالغ الصعوبة، وأن الاستجابة للاحتياجات الإنسانية التي نجمت عن الأزمة، والحيلولة دون انتشار الاضطرابات في الدول المجاورة لسوريا سيبقى موضوعاً أساسياً على أجندة السياسة الأمريكية في المستقبل المنظور .  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة