دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
قبل أيام من بدء جلسات المحاكمة في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، نشرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية وثيقة من ملف التحقيق، تتضمن معلومات عن المتهم الأبرز، مصطفى بدر الدين عند محكمة تطبَّعت، كما يبدو، مع الفضائح المتسلسلة، لن يُعدَّ تسرّبُ وثائق سرية من مضبطة التحقيقات الاتهامية الخاصة بها إلى العلن أمراً فضائحياً يستدعي مراجعات استثنائية من النوع الذي تقتضيه أبسط قواعد العدالة. لكن أن تصبح هذه الوثائق بين أيدي جهة يقال إن هناك «إجماعاً وطنياً» على عدائها للبنان، أي إسرائيل، فضلاً عن مصلحتها الأكيدة في الكيد للمقاومة والتآمر عليها، فإن ذلك أمر آخر.
وليس من قبيل الصدفة أن تكون هذه الجهة هي نفسها التي صرّح وزير خارجيتها، أفيغدور ليبرمان، بأنها تعاونت مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وقدمت لها المساعدة.
ولعله لن يكون مفاجئاً، والحال هذه، أن تُطالع الصحف العبرية قراءها بالكشف عن وثائق رسمية تابعة للمحكمة «عثر» عليها باحثون إسرائيليون في الشؤون الأمنية والاستخبارية، قبل أسبوع من بدء المحكمة جلسات المحاكمة في لاهاي. وإذا كان صحافيون إسرائيليون قد «عثروا» على الوثائق السرية، فما الذي «عثرت» عليه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بين ملفات التحقيق الدولي التي تتضمن كل معلومة مسجلة عن هويات اللبنانيين وسجلاتهم الصحية والدراسية والتأمينية واتصالاتهم...؟
إحدى الوثائق المسربة نشرت مضمونها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، وهي تكشف «وقائع من وراء كواليس التحقيق، وتتضمن تفاصيل جديدة حول المتهم الرئيسي في القضية، مصطفى بدر الدين، خليفة وصهر ضابط العمليات في حزب الله، عماد مغنية». والوثيقة، بحسب موقع الصحيفة على الإنترنت، «عثر عليها الباحث في شؤون الاستخبارات، رونن سولومون، الذي يجري حاليا تحقيقاً حول أجهزة الاستخبارات والحماية الأمنية التابعة لحزب الله» وهي «تدل على حجم المعلومات التي كشفها التحقيق الدولي الذي استمر سنوات».
وفي تقديمها للتقرير، لا يغيب عن الصحيفة الإشارة إلى أن المحكمة الدولية، التي ستبدأ عملها بعد نحو أسبوع، ستكون «قذفاً بمادة ملتهبة داخل الحريق الذي يشتعل في لبنان هذه الأيام، كما لم يشتعل خلال الأعوام الأخيرة». كما لا يغيب التنويه بالسبق الصحافي الذي ينطوي عليه نشر مضمون الوثيقة التي «تحتوي على معلومات كان يفضل جهاز العمليات التابع لحزب الله أن تبقى سرية، إضافة إلى معلومات شخصية عن (مصطفى) بدر الدين والدوائر الاجتماعية والتجارية الخاصة به».
وتشير «يديعوت» إلى الخلفية التحقيقية للوثيقة، فتوضح أن «لجنة التحقيق الدولية استعانت بمعلومات نقلت إليها من لبنان ولا تتركز فقط حول الدائرة الأولى للشبكة المسؤولة عن عملية الاغتيال، وإنما أيضاً حول كل خطوط الهاتف التي استخدمها الجهاز الأمني التابع لبدر الدين». وتضيف «من أجل الربط بين خط الهاتف الذي أدار عملية اغتيال الحريري وبين المشتبه فيه الرئيسي، تعقّب المحققون الاتصالات الهاتفية لبدر الدين ما بين عام 2000 وكانون الثاني 2008 كحد أدنى. ولا يمكن استبعاد احتمال أن تكون هذه المعلومات قد سُربت، الأمر الذي من شأنه، بحسب سولومون أن يساعد الأنشطة المناهضة لحزب الله».
ووفقاً للصحيفة، فإنه «يمكن من خلال الوثائق الخاصة بالمحكمة الاطلاع على العلاقة بين مغنية، الذي تمت تصفيته في شباط 2008 في دمشق بعملية نسبت إلى إسرائيل، وبين صهره بدر الدين، الذي خلفه في منصبه. وهذه العلاقة مرت عبر هاتف سعدى بدر الدين، شقيقة مصطفى التي هي في الوقت نفسه زوجة مغنية. وإضافة إلى ذلك، تم الكشف عن اتصالات أجراها بدر الدين مع أماكن تستخدم كمراكز تحكم تابعة لحزب الله». ويخلص سولومون إلى أن «معنى ذلك هو أن المسؤول في حزب الله لم يحافظ على قواعد الحذر المتشددة، وربما دفع ثمن ذلك».
ومن جملة ما تبيّنه الوثيقة أن «بين الأدلة التي ساعدت في التثبت من العلاقة بين بدر الدين وبين اتصال الإدانة (الذي يستند إليه اتهامه) توجد رسائل نصية تتضمن تهنئة تلقاها من أشخاص مقربين منه في تاريخ ميلاده (6 نيسان) وكذلك رسائل نصية تتضمن تعازي بوفاة أحد أقربائه». وإضافة إلى ذلك، تكشف الوثيقة أيضاً تفاصيل حول حياة بدر الدين الذي يعتبر رجلاً يعيش في الظلال. فهو درس بين عامي 2002 و2004 العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت. وتذكر الوثيقة أنه حرص «على أن يتم إصدار شهادته باسم مصطفى بدر الدين، رغم أن أصدقاءه في مقاعد الدراسة كانوا يعرفونه باسم سامي عيسى. كما أن المسؤول الرفيع في المنظمة الإرهابية الشيعية أدار محلين لبيع المجوهرات في بيروت في أحياء قريبة لمعقل حزب الله في الضاحية الجنوبية» حملا اسم «مجوهرات سامينو». وهذان المحلان، نتيجة انكشاف أمرهما كما يقدر سولومون، غيّر اسمهما إلى «مجوهرات أمينو».
وبلغة واثقة تتبنى مضمون الوثيقة، تختم «يديعوت» تقريرها بالقول إنه «لا يمكن لحزب الله أن يتعامل بنكران مع المعطيات التفصيلية الواردة في الوثيقة ومع احتمال أن تكون قد حصلت ثغرة أمنية في جهازه العملياتي». وفي غمز واضح من قناة اتهام حزب الله، تنهي الصحيفة تقريرها بتذكير قرائها بأنه «في الأعوام السابقة تمت تصفية جهات استخبارية لبنانية على علاقة بالتحقيق».
المصدر :
الأخبار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة