دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
من الواضح أنّ حكام السعودية باتوا في حالة هستيريا بعد توالي المواقف الغربية المعاكسة لرغباتهم في مواصلة شنّ الحرب الإرهابية ضدّ سورية
وهم إضافة إلى إصرارهم على الاستمرار في حربهم الإرهابية ضدّ الدولة الوطنية السورية عمدوا إلى عرقلة حلّ الأزمة السياسية في لبنان والتحريض على استمرار الانقسام ومنع تشكيل الحكومة الوفاقية لإبقاء البلاد في حالة من الفوضى والشلل في محاولة مكشوفة لاستخدام الساحة اللبنانية ورقة بيدهم لتعطيل الحلّ السياسي في سورية وعرقلة عقد مؤتمر جنيف-2» من خلال محاولة فرض شروط مسبقة تقضي برحيل الرئيس الأسد وهو ما فشلت الدول الغربية وأعوانها في تحقيقه.
ويطرح هذا الموقف السعودي الأسئلة بشأن خلفياته الحقيقية وما إذا كانت السعودية قادرة على أن تبقى متمرّدة على القرار الأميركي والوقوف في وجه إرادة معظم دول العالم وفي مقدمهم الدول الكبرى.
في خلفيات الموقف السعودي
يرى البعض أنّ اعتراض النظام السعودي على الحلّ السياسي للأزمة في سورية ينطلق من رفضه أيّ حلّ لا يقود إلى تغيير نظام الحكم القائم في سورية فهو يعتبر أنّ بقاء الرئيس الأسد في سدة الرئاسة يعني هزيمة قاسية لحكام آل سعود ومحور التبعية للغرب الاستعماري في المنطقة الذي تقوده الرياض وانتصاراً لمحور المقاومة والممانعة بقيادة سورية وإيران وانّ هذا الانتصار سيقود بالضرورة إلى تراجع كبير في دور السعودية الإقليمي وإلى انقلاب موازين القوى في المنطقة في صالح قوى المقاومة خصوصاً بعد الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد والذي خلط الأوراق وخلق اصطفافات جديدة في المنطقة والعالم وكرّس توازنات جديدة ليست في مصلحة النظام السعودي وطموحاته ورهاناته.
غير أنّ هذا التفسير لخلفيات الموقف السعودي يبقى ناقصاً إذا ما أخذنا في الاعتبارأنه مرتبط بشكل أساسي بالموقف الأميركي الذي قبل بالتراجع والتسليم بالتعايش مع محور المقاومة والممانعة بعد الفشل في تغيير الواقع السياسي في كلّ من سورية وإيران.
لذلك يبدو أنّ الخلفية التي تحكم موقف حكام آل سعود وتجعلهم يخرجون عن المألوف في تصريحاتهم ويظهرون على تصادم وخلاف مع الولايات المتحدة الأميركية التي تتولى حماية أمنهم وسلطتهم مقابل الحصول على النفط بأرخص الأثمان إنما تكمن في قلقهم وخوفهم من أن يقود انتهاء الحرب في سورية وحصول التسوية السياسية إلى عودة آلاف الإرهابيين إلى السعودية بعدما جرى دفعهم للقتال في سورية لإبعادهم عن السعودية والتخلّص منهم واستخدامهم في خوض حروب وصراعات في الخارج من العراق إلى اليمن وصولاً إلى سورية عبر خلق وافتعال صراع بين السنّة والشيعة خدمة لمشاريع أميركية وبهدف محاصرة واستنزاف قوى المقاومة وإضعافها وتعزيز الدور السعودي في المنطقة وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني ومعروف أنّ هذا الدور المريب لحكام آل سعود ليس جديداً فقد سبق لهم أن لعبوا دوراً خطيراً في خمسينيات وستينيات القرن الماضي تمثل في توظيف قسم من كبير من عائدات النفط لاستنزاف حركة التحرّر العربية واستمالة حركة المقاومة الفلسطينية لخط التسوية وكذلك محاربة الرئيس جمال عبد الناصر لضرب نموذج الاستقلال الوطني والقومي الذي جسّده وشكل خطراً على مشروع السيطرة الاستعمارية في المنطقة وكذلك على الاحتلال الصهيوني في فلسطين.
وبات من المعروف أنّ معظم هؤلاء الإرهابيين السعوديين المقدّر عددهم بالآلاف إن لم يكن بعشرات الآلاف هم من الشباب الذين ينتمون إلى تيار الأصولية الوهابية الساخطين على سياسات آل سعود والفساد المستشري في المملكة ولهذا لا يريد حكام السعودية لهؤلاء العودة إلى بلادهم لما يشكلوه من خطر على استقرار حكمهم لأنّ انسداد أي أفق أمام هؤلاء في مواصلة الحرب في سورية سوف يدفع بهم للعودة إلى السعودية وبالتالي تفجير الاستقرار في السعودية على نحو اكبر مما حصل إثر انتهاء الحرب في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي حيث شهدت السعودية بعد عودة الأفغان العرب إلى بلادهم ومنها السعودية سلسلة تفجيرات وهجمات شنها عناصر القاعدة وكادت تودي باستقرار مملكة آل سعود.
عدم القدرة على إعاقة الحلّ السياسي
رغم أنّ البعض يرى أنّ السعودية قادرة على عرقلة الحلّ السياسي في سورية من خلال مواصلتها تغذية الحرب ومنع لبنان من التعافي والاستقرار لإبقائه ورقة بيدها إلا أنّ أيّ عاقل يدرك أنّ هناك حدوداً لقدرة السعودية فهي تستطيع التصعيد في ما تبقى من زمن ضائع قبيل وضع قطار التسوية في جنيف- 2 على السكة وإعلان الدول الكبرى الحرب على الإرهابيين المتطرفين في سورية ودعمها للرئيس الأسد والجيش السوري للقضاء عليهم باعتبارهم العقبة أمام الحلّ السياسي ويشكلون خطراً على العالم ودول جوار سورية بعد أن فشلوا في المهمة التي أرسلوا لأجلها وهي محاولة إسقاط الدولة الوطنية السورية المقاومة.
فالسعودية القلقة من ارتدادات وتداعيات الفشل في سورية في هذه الحالة لا تستطيع الوقوف في وجه إرادة غالبية دول العالم وفي مقدّمها الدول الكبرى ثم أنّ ما عجزت عن تحقيقه مئة دولة تراصفت بقيادة أميركا لإسقاط الدولة الوطنية السورية وفشلت لن تتمكن السعودية من بلوغه ولهذا فإنّ محاولة الرياض تجنّب دفع ثمن خسارتها في سورية إن كان من استقرارها أو من تراجع دورها الإقليمي لن تنجح فيه وسيكون عليها التسليم بالحقائق والوقائع كما فعلت الدولة العظمى الولايات المتحدة الأميركية.
ثلاثة أسباب للفشل السعودي
وفي حال حاولت معاندة الواقع الدولي والإقليمي فإنّ الرياض سوف تفشل وتدفع الثمن مضاعفا للأسباب التالية:
1ـ إنّ السعودية لا تملك حدوداً مع سورية وهي تموّل وتسلّح الجماعات الإرهابية عبر تركيا والأردن ولبنان لكن عندما يصدر القرار الدولي بوقف هذا الدعم وإقفال الحدود وتلتزم بذلك الدول المجاورة لسورية سيكون من الصعب على السعودية إيصال هذا الدعم إلى الداخل السوري.
2ـ إنّ السعودية سوف تضع نفسها في مواجهة مع الدول الكبرى مجتمعة ومعها دول العالم وسوف تصبح بنظر العالم دولة مارقة داعمة للإرهاب وبالتالي مواجهة العزلة الدولية.
3ـ سوف يؤدي إقدام حكام آل سعود على مواصلة سياسة دعم الإرهاب إلى فقدانهم فرصة المشاركة في صوغ الحلول في المنطقة والحدّ من خسائرهم كما قال لهم مسؤول أمني أميركي في أحد الاجتماعات الأمنية إذ كان ناصحاً بندر بن سلطان بالتريّث وعدم التصعيد وانّ المرحلة هي مرحلة تقليل الخسائر وبالتالي لن يكون بمقدور حكام آل سعود احتواء مضاعفات فشلهم في سورية أو مواجهة مخاطر تفجّر الاضطرابات في الداخل السعودي في ظلّ اشتداد الصراع على وراثة الحكم في المملكة.
المصدر :
حسن حردان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة