دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تحت عنوان هل العلاقات الأمريكيّة السعوديّة على شفا أزمة علنيّة، نشر مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ دراسةً نشرها على موقعه الالكترونيّ اعتبر فيها أنّ مقال السفير السعوديّ في لندن، والذي نشره في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ هو تعبير صارخ عن الأزمة في العلاقات بين الرياض وواشنطن، وخيبة الأمل السعودية من تصرّف الأمريكيين في قضيتي سوريا وإيران وامتناعها عن اللجوء إلى الخيار العسكريّ.
وكان السفير السعودي في بريطانيا حذّر من أن سياسات الغرب حيال إيران وسوريا تنطوي على مجازفة خطيرة مؤكدًا أنّ السعودية على استعداد للتحرك بمفردها لضمان الأمن في المنطقة.
وكتب الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز آل سعود في المقالة إننا نعتقد أنّ الكثير من سياسات الغرب حيال إيران وسوريا يجازف باستقرار الشرق الأوسط وأمنه، وتابع هذه مجازفة خطيرة لا يمكننا لزوم الصمت حيالها ولن نقف مكتوفي الأيدي، وزادت الدراسة قائلةً إنّ هذا التحذير هو تحذير صريح ضمن سلسلة من التصريحات العلنية التي صدرت في الآونة الأخيرة عن عدد من كبار المسؤولين السعوديين وتعبر عن استياء من السعودية حيال المبادرات الدبلوماسية الغربية تجاه سوريا وإيران، وشدّدّت الدراسة على أنّه نادرًا ما وجه المسؤولون السعوديون انتقادات علنية إلى حلفائهم على مدى عقود من الشراكة بينهم.
إلا أنّ قرار واشنطن التخلي عن توجيه ضربات عسكرية إلى نظام دمشق المتهم باستخدام أسلحة كيميائية في النزاع الجاري في هذا البلد وموافقتها على إبرام اتفاق مرحلي مع إيران حول برنامجها النووي، أثار استياء السعودية التي تعارض بشدة نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتعتبر طهران خصمًا إقليميًا خطيرًا.
وقال السفير السعودي مشيرًا إلى دعم إيران لدمشق إنّه بدل أنْ يواجهوا الحكومتين السورية والإيرانية، فإنّ بعض شركائنا الغربيين امتنعوا عن القيام بتحركات ضرورية ضدهما.
وتابع أنّ الغرب يسمح لأحد النظامين أنْ يستمر وللآخر أن يواصل برنامجه لتخصيب اليورانيوم، مع كل ما يتضمن ذلك من مخاطر عسكرية، كما اعتبر أنّ المفاوضات الدبلوماسية الجارية مع إيران قد تضعف عزيمة الغرب على مواجهة كل من دمشق وطهران. وتساءل: ما قيمة السلام حين يصنع مع مثل هذه الأنظمة؟
ونتيجة لكل هذه الاعتبارات أكد أن السعودية لا خيار أمامها سوى أنْ تصبح أكثر حزمًا في الشؤون الدولية: أكثر تصميمًا من أي وقت مضى على الدفاع عن الإستقرار الحقيقي الذي تعتبر منطقتنا بأمس الحاجة إليه.
وقال إنّ بلاده تتحمل مسؤوليات عالمية على الصعيدين السياسي والإقتصادي، مؤكدا سوف نتحرك للإضطلاع بهذه المسؤوليات بالكامل، سواء بدعم شركائنا الغربيين أو من دونه، على حدّ تعبيره.
وفي تلميح واضح إلى الرئيس الأمريكيّ باراك أوباما قال السفير إنّه بالرغم من كل كلامهم عن (خطوط حمر)، حين اشتدت المحنة، أبدى شركاؤنا استعدادا للتنازل عن أمننا والمخاطرة باستقرار منطقتنا.
وانتقد السفير السعودي الغرب لتمنعه عن تقديم مساعدات حاسمة إلى مقاتلي الجيش السوري الحر والمعارضة السورية عمومًا.
كما لفتت الدراسة إلى أنّ الأمير السعودي تركي الفيصل كان قد صرح في موناكو مؤخرًا أنّ النزاع والمجازر في سوريا ستستمر بسبب نقص الدعم الغربي لمسلحي المعارضة، منتقدًا خصوصًا موقف واشنطن ولندن حيال مقاتلي الجيش السوري الحر. ولاحظت الدراسة أنّ مقال الأمير لم يتطرّق للدولة العبريّة، ولكنّه ذكر المبادرة السعوديّة، التي تحوّلت إلى مبادرة عربيّة.
وقالت الدراسة أيضًا إنّ المقال لم يُنشر في فراغ، إنّما في واقعٍ سيء للغاية، حيث تُلقي الأزمة العميقة بين أمريكا والسعودية بظلالها على العلاقات. كما رأت أنّ المقال هو بمثابة رسالة إلى الغرب برمتّه، ولأمريكا بشكل خاصٍ، رسالة واضحة، وأحيانًا مبطنّة: السعودية مستاءة جدًا من سياسة الرئيس الأمريكيّ أوباما في ما يتعلّق بقضيتي سوريا وإيران، وهذه السياسة أدّت إلى أزمة ثقة بين صنّاع القرار في واشنطن والرياض، كما قالت الدراسة الإسرائيليّة، وتُعبّر عن أزمة ثقة في مصداقية الرئيس أوباما من قبل السعوديين، ولكنّها أضافت أنّ السعودية ليست معنية بأنْ تُحدث أزمة عميقة وعلنيّة كبيرة بين البلدين، وبالتالي فإنّها ارتأت من المناسب التحذير وطرق أبواب واشنطن ودقّ ناقوس الخطر بشكلٍ علنيٍّ، ذلك أنّها توصلت إلى نتيجة مفادها أنّ الاتصالات السريّة لم تجد نفعًا.
وبرأي الدراسة، فإنّ الرسالة السعودية المركزيّة هو أنّ للسعودية وظيفة مهمة ومفصليّة في العالم العربيّ، والعالم الإسلاميّ وفي الحلبة الدوليّة، ومن المُفضّل للأمريكيين أنْ لا يتجرؤوا على فحص إصرار السعودية بانتهاج سياسة استقلالية، والتي ليست بالضرورة تتساوق مع المصالح الأمريكيّة، كما لفتت الدراسة إلى تصريح رئيس المخابرات السعودية، بندر بن سلطان بأنّ السعودية تبحث عن حلفاء إقليميين آخرين. وشدّدّت الدراسة الإسرائيليّة على أنّ الخلاف بين الدولتين لا يقتصر على السياسة الأمريكيّة في سوريا وإيران، إنّما هناك توجّس حقيقيّ في السعودية من أنْ تقوم الولايات المتحدّة بتغيير إستراتيجيتها، لافتةً إلى أنّ واشنطن أعلنت أنّ شرق أسيا هو الآن على رأس الأجندة الأمريكيّة، كما أنّ أمريكا قامت بتسريع إنتاج النفط والغاز المحليّ وفي نهاية العقد الحاليّ وستتحوّل إلى مصدرة نفط، وفي السعودية يخشون أنّه في حال وصول أمريكا إلى استقلالية في هذا المجال، فإنّها لن تكون بحاجة للسعودية، وستُخفض تدخلها في الشرق الأوسط.
وخلصت الدراسة إلى القول إنّه على الرغم من التهديدات السعودية، فإنّ السعودية لا تملك بدائل أفضل من واشنطن، ذلك أنّ الاتفاق غير المكتوب بينهما ينص على منح أمريكا حريّة الدخول إلى الخليج مقابل منح السعودية مظلّة أمنية، وأضافت أنّه على الرغم من ثراء السعودية الفاحش، فإنّها لا تستطيع مواجهة التهديدات الإستراتيجيّة لوحدها، كما أنّه لا توجد أيّ دولة عظمى على استعداد للعب الدور الأمريكيّ في الخليج، والدفاع عنها من إيران، ومن الممكن أنْ تلجأ الرياض إلى تحالفات أخرى، ولكن في نهاية المطاف لا تقدر أنْ تستغني عن أمريكا، قالت الدراسة.
المصدر :
‘القدس العربي’
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة