فارق ماجد الماجد، رجل الأسرار، الحياة، كما قضاها، بغموض. تُوفي أم قُتل؟ لم يعد الأمر مهمّاً، طالما أنّ أسراره ستُدفن معه. لكن على المسؤولين المعنيين الإجابة عن جملة أسئلة توضح حقيقة ما حدث في الأيام الثمانية الأخيرة في حياة أحد أبرز «أمراء الجهاد العالمي»

فارَق أمير «كتائب عبد الله عزام» الحياة. ماجد الماجد توفي نتيجة تدهور حالته الصحيّة. الخبر كان متوقّعاً بعد التسريبات التي مهّدت بالقول إنه قد يلفظ أنفاسه الأخيرة بين لحظة وأُخرى على سرير المرض في المستشفى العسكري. وبعد ثمانية أيام على توقيفه، سُرِّب خبر وفاته بهدوء. وسط أجواء التشكيك، خرج مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ليؤكد الخبر، معلناً تكليف طبيب شرعي للكشف على جثّة الماجد. هكذا كانت نهاية المطلوب السعودي، الذي تنقل المصادر أنّه «كان فاقداً للوعي في أيامه الأخيرة. وأنّه عندما يستيقظ يكون في حالة هلوسة ويبصق دماً».

المصادر الطبية تؤكد أن العمر الطبي لماجد الماجد يناهز السبعين عاماً، نتيجة ما عاناه من سوء رعاية طبية. لكن جملة تساؤلات تحتاج إلى إجابات. كيف أُخرج الماجد من المستشفى إن ثبت أنّ وضعه الصحي لم يكن يسمح بذلك؟ من هو الطبيب الذي أعطى الإذن بنقله؟ قيل إن «الماجد وقّع على ورقة تعهّد بأن يُنقل على مسؤوليته». وإذا صحّ ذلك؟ كيف يُعقل أن يكون الرجل في كامل وعيه في سيارة الإسعاف، ويفقده ما إن توقفه استخبارات الجيش. بل أكثر من ذلك، يدخل في غيبوبة لأيام؟ ماذا حصل مع الماجد خلال الدقائق الأخيرة التي فصلت بين خروجه من المستشفى ورحلة توقيفه؟

تروي مصادر لـ«الأخبار» تفاصيل الرحلة. في ذلك اليوم، ورد اتصالٌ هاتفي من مستشفى المقاصد إلى غرفة عمليات الصليب الأحمر يطلب نقل مريض سوري الجنسية إلى البقاع. وتشير المعلومات إلى أن «أمر المهمّة» الذي أوكل إلى ثلاثة شبّان من الصليب الأحمر، تضمّن إيصال المريض الذي يعاني من فشل كلوي إلى البقاع، حيث كان يُفترض أن تتسلمه منهم سيارة إسعاف أخرى لنقله لتلقي العلاج. وتضيف المصادر، «لم يكن الشباب الثلاثة على علم بهوية المريض. لم تكن هناك سوى معلومتين مفادهما أنه سوري الجنسية ويُغسّل الكلى»، مشيرة إلى أن مرافقاً مدنياً كان يفترض أن يرافق المريض، لكنه لم يحضر لسبب مجهول. على هذا الأساس، انطلقت سيارة الإسعاف من مستشفى المقاصد في اتجاه البقاع. لم تكد السيارة تتجاوز المديرية العامة للأمن العام في فرن الشبّاك عبر الطريق السريع باتجاه مستديرة الصيّاد حتى قطعت الطريق عليهم سيارات عسكرية تابعة للجيش اللبناني.

تضيف الرواية إن عناصر «القوة الضاربة» في استخبارات الجيش انقضّوا على سيارة الإسعاف في عملية خاطفة. فوجئ المسعفون بما يجري. ورغم تعريفهم عن أنفسهم، تعرّضوا للضرب قبل تقييدهم ظنّاً من القوة العسكرية أنّهم متواطئون مع المشتبه فيه. خلع عناصر «القوة الضاربة» النقالة التي كان الماجد ممدّداً فوقها وأخذوه معهم، فيما صعد أحد العسكريين وقاد سيارة الإسعاف في اتجاه اليرزة.

تؤكد المصادر أن الماجد كان في كامل وعيه في تلك الأثناء، لكن ما الذي حصل حتى فقده؟ هل يُعقل أن يكون الماجد قد تعرّض للضرب أثناء نقله من مكان توقيفه، وصولاً إلى المستشفى، علماً بأن ذلك أمرٌ معتاد لدى توقيف مطلوبين؟ وبالتالي، هل تسبب ذلك بتدهور حالته الصحية؟ هذا إن كان الرجل غائباً عن الوعي منذ توقيفه، لكن لو تبيّن أنه كان في حالة جيدة في الأيام الأولى لتوقيفه، فمن هم الأشخاص الذين قابلوه؟ ما سرّ هذه الانتكاسة التي أودت بحياة أهم «صيد» أمني منذ سنوات طويلة؟ وإذا كان التكتّم مبرراً على توقيف مطلوب بهذه الخطورة، فما الذي يُبرّر تأخّر الجيش في إصدار بيان يشرح الملابسات التفصيلية لما حصل؟ من هم الأشخاص الذين كانوا يتولّون مساعدة الماجد في المستشفى؟ من هم الذين أدخلوه ودفعوا تكاليف العلاج؟ ما هو ردّ الدولة اللبنانية على ما أثاره أمس مسؤولون إيرانيون، بينهم وزير الأمن محمود علوي، لناحية تشكيكهم في ظروف وفاة الرجل ومطالبتهم بتشريح جثته والتحقيق في أسباب وفاته، وصولاً إلى حديث رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي عن أن «السعودية، بصفتها الممول الرئيسي للماجد، غير مهتمة بالكشف عن دوره في هجمات بيروت الإرهابية؟» هل ستكتفي بردّ السفير السعودي علي عواض عسيري الذي اتهم إيران، من دون أن يسميها، بإيواء الماجد واحتضانه؟

أسماء فقط للموت أو القتل!

أسئلة لا يقصد منها اتهام الجيش وقيادته بالتورط عن قصد في القتل. لكن وزن الرجل نفسه يفرض طرح أسئلة كهذه، ولا سيما بعدما ترددت معلومات عن أن الماجد كان ضابطاً في الجيش السعودي قبل أن يتركه أو يُسرّح منه. كذلك هناك المسارعة السعودية في طلب استرداده لمحاكمته، وبروز «كباش» مع إيران التي طلبت المشاركة في التحقيقات معه. كل ذلك، وضع الجيش أمام عبء ثقيل.

من جهة أخرى، كشف السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري أن عائلة ماجد الماجد تقدمت إلى وزارة الخارجية السعودية بطلب استرداد جثته، مشيراً إلى أن المملكة لم تطلب تشريح الجثة.

  • فريق ماسة
  • 2014-01-07
  • 8746
  • من الأرشيف

ماجد الماجد: وقائع 8 أيام تتحوّل أسئلة برسم الجــيش

فارق ماجد الماجد، رجل الأسرار، الحياة، كما قضاها، بغموض. تُوفي أم قُتل؟ لم يعد الأمر مهمّاً، طالما أنّ أسراره ستُدفن معه. لكن على المسؤولين المعنيين الإجابة عن جملة أسئلة توضح حقيقة ما حدث في الأيام الثمانية الأخيرة في حياة أحد أبرز «أمراء الجهاد العالمي» فارَق أمير «كتائب عبد الله عزام» الحياة. ماجد الماجد توفي نتيجة تدهور حالته الصحيّة. الخبر كان متوقّعاً بعد التسريبات التي مهّدت بالقول إنه قد يلفظ أنفاسه الأخيرة بين لحظة وأُخرى على سرير المرض في المستشفى العسكري. وبعد ثمانية أيام على توقيفه، سُرِّب خبر وفاته بهدوء. وسط أجواء التشكيك، خرج مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ليؤكد الخبر، معلناً تكليف طبيب شرعي للكشف على جثّة الماجد. هكذا كانت نهاية المطلوب السعودي، الذي تنقل المصادر أنّه «كان فاقداً للوعي في أيامه الأخيرة. وأنّه عندما يستيقظ يكون في حالة هلوسة ويبصق دماً». المصادر الطبية تؤكد أن العمر الطبي لماجد الماجد يناهز السبعين عاماً، نتيجة ما عاناه من سوء رعاية طبية. لكن جملة تساؤلات تحتاج إلى إجابات. كيف أُخرج الماجد من المستشفى إن ثبت أنّ وضعه الصحي لم يكن يسمح بذلك؟ من هو الطبيب الذي أعطى الإذن بنقله؟ قيل إن «الماجد وقّع على ورقة تعهّد بأن يُنقل على مسؤوليته». وإذا صحّ ذلك؟ كيف يُعقل أن يكون الرجل في كامل وعيه في سيارة الإسعاف، ويفقده ما إن توقفه استخبارات الجيش. بل أكثر من ذلك، يدخل في غيبوبة لأيام؟ ماذا حصل مع الماجد خلال الدقائق الأخيرة التي فصلت بين خروجه من المستشفى ورحلة توقيفه؟ تروي مصادر لـ«الأخبار» تفاصيل الرحلة. في ذلك اليوم، ورد اتصالٌ هاتفي من مستشفى المقاصد إلى غرفة عمليات الصليب الأحمر يطلب نقل مريض سوري الجنسية إلى البقاع. وتشير المعلومات إلى أن «أمر المهمّة» الذي أوكل إلى ثلاثة شبّان من الصليب الأحمر، تضمّن إيصال المريض الذي يعاني من فشل كلوي إلى البقاع، حيث كان يُفترض أن تتسلمه منهم سيارة إسعاف أخرى لنقله لتلقي العلاج. وتضيف المصادر، «لم يكن الشباب الثلاثة على علم بهوية المريض. لم تكن هناك سوى معلومتين مفادهما أنه سوري الجنسية ويُغسّل الكلى»، مشيرة إلى أن مرافقاً مدنياً كان يفترض أن يرافق المريض، لكنه لم يحضر لسبب مجهول. على هذا الأساس، انطلقت سيارة الإسعاف من مستشفى المقاصد في اتجاه البقاع. لم تكد السيارة تتجاوز المديرية العامة للأمن العام في فرن الشبّاك عبر الطريق السريع باتجاه مستديرة الصيّاد حتى قطعت الطريق عليهم سيارات عسكرية تابعة للجيش اللبناني. تضيف الرواية إن عناصر «القوة الضاربة» في استخبارات الجيش انقضّوا على سيارة الإسعاف في عملية خاطفة. فوجئ المسعفون بما يجري. ورغم تعريفهم عن أنفسهم، تعرّضوا للضرب قبل تقييدهم ظنّاً من القوة العسكرية أنّهم متواطئون مع المشتبه فيه. خلع عناصر «القوة الضاربة» النقالة التي كان الماجد ممدّداً فوقها وأخذوه معهم، فيما صعد أحد العسكريين وقاد سيارة الإسعاف في اتجاه اليرزة. تؤكد المصادر أن الماجد كان في كامل وعيه في تلك الأثناء، لكن ما الذي حصل حتى فقده؟ هل يُعقل أن يكون الماجد قد تعرّض للضرب أثناء نقله من مكان توقيفه، وصولاً إلى المستشفى، علماً بأن ذلك أمرٌ معتاد لدى توقيف مطلوبين؟ وبالتالي، هل تسبب ذلك بتدهور حالته الصحية؟ هذا إن كان الرجل غائباً عن الوعي منذ توقيفه، لكن لو تبيّن أنه كان في حالة جيدة في الأيام الأولى لتوقيفه، فمن هم الأشخاص الذين قابلوه؟ ما سرّ هذه الانتكاسة التي أودت بحياة أهم «صيد» أمني منذ سنوات طويلة؟ وإذا كان التكتّم مبرراً على توقيف مطلوب بهذه الخطورة، فما الذي يُبرّر تأخّر الجيش في إصدار بيان يشرح الملابسات التفصيلية لما حصل؟ من هم الأشخاص الذين كانوا يتولّون مساعدة الماجد في المستشفى؟ من هم الذين أدخلوه ودفعوا تكاليف العلاج؟ ما هو ردّ الدولة اللبنانية على ما أثاره أمس مسؤولون إيرانيون، بينهم وزير الأمن محمود علوي، لناحية تشكيكهم في ظروف وفاة الرجل ومطالبتهم بتشريح جثته والتحقيق في أسباب وفاته، وصولاً إلى حديث رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي عن أن «السعودية، بصفتها الممول الرئيسي للماجد، غير مهتمة بالكشف عن دوره في هجمات بيروت الإرهابية؟» هل ستكتفي بردّ السفير السعودي علي عواض عسيري الذي اتهم إيران، من دون أن يسميها، بإيواء الماجد واحتضانه؟ أسماء فقط للموت أو القتل! أسئلة لا يقصد منها اتهام الجيش وقيادته بالتورط عن قصد في القتل. لكن وزن الرجل نفسه يفرض طرح أسئلة كهذه، ولا سيما بعدما ترددت معلومات عن أن الماجد كان ضابطاً في الجيش السعودي قبل أن يتركه أو يُسرّح منه. كذلك هناك المسارعة السعودية في طلب استرداده لمحاكمته، وبروز «كباش» مع إيران التي طلبت المشاركة في التحقيقات معه. كل ذلك، وضع الجيش أمام عبء ثقيل. من جهة أخرى، كشف السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري أن عائلة ماجد الماجد تقدمت إلى وزارة الخارجية السعودية بطلب استرداد جثته، مشيراً إلى أن المملكة لم تطلب تشريح الجثة.

المصدر : الأخبار /رضوان مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة