دخلت ميلشيا "الجيش الحر" في النزع الأخير بعد أن نجحت قطر في معاقبة من خرجوا عن إرادتها من قادته في الشمال السوري بقطع الإمداد الكامل عنهم عبر الأراضي التركية،واستيلاء "الجبهة الإسلامية"، المدعومة منها ومن الأتراك، على مقرات هذه الجبهة ومخازنها والسلاح الأميركي الموجود فيها.

ولم يفلح حتى الساعة  الفار سليم إدريس - الموجود في ما يشبه الإقامة الجبرية في الأراضي التركية - في فك عزلته، رغم الوعود السعودية بتأمين الدعم وحشد الحلفاء لإنقاذه، فالمقاتلون الذين استطاعت الرياض تأمين ولائهم ودعمهم لإدريس يخشون نفاد ما لديهم من ذخائر في أي موجة عنف قد تندلع في المنطقة، وبالتالي يفضلون اعتماد مبدأ الدفاع لا الهجوم، وهم غير قادرين على القيام بأي مبادرة إلا في مجال الدفاع عن أنفسهم عندما يصدر قرار الإجهاز النهائي عليهم، وهو ما تحاول الاتصالات الجارية تفاديه.

وفيما دخل الأميركيون على خط الاتصالات عبر السفير الأميركي المعتمد في دمشق روبرت فورد، الذي يقيم في تركيا منذ نحو أسبوع، لكن المفاجأة لـ"الحر" كانت في ذهاب فورد في اتجاه فتح قنوات مع "الجبهة الإسلامية"، التي يرتبط العديد من فصائلها بـ"القاعدة" فكراً وبعضها تنظيماً، ما ترك علامات من الاستفهام وسط هؤلاء خوفاً على المصير في الأيام المقبلة، واللافت أن السعوديين فقدوا أي اتصال مباشر مع حلفائهم عبر تركيا، التي تخوض حرباً غير معلنة مع السعودية على الأراضي السعودية بدعم قطري وتشجيع أميركي ظهرت ملامحه في دعوات الحوار مع "الجبهة الإسلامية"، فيما يبدو أن السعوديين يتجهون إلى حليف آخر هو الفرنسي الذي تأمل الرياض أن يغطي الثغرة الأميركية.

وفي انتظار الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى الرياض نهاية الشهر الجاري، أطلقت باريس إشارات استياء من "الخدعة الأميركية" بالتفاوض سراً من وراء ظهر حلفائها، مؤكدة التزامها الاستمرار في دعم "هيئة الأركان" التي يقودها إدريس.

غير أن مصادر سورية معارضة تستبعد أن يستطيع الفرنسيون والسعوديون الوقوف في وجه التحالف الأميركي – التركي – القطري لعدة أسباب، أبرزها العامل اللوجستي المتمثل بالحدود التركية، بالإضافة إلى عدم قدرة فرنسا – ولا نيتها – تحدي الأميركيين في أي قرار جدي قد يتخذونه.

ويبدو أن الرياض قد فقدت – نظرياً – قدرتها على التأثير شمالاً، مبقية على آمالها بالدخول بقوة على الملف من خلال الحدود الجنوبية مع الأردن، حيث تخضع عناصر سورية – وغير سورية – للتدريب المكثف بإشراف خبراء من المرتزقة من دول مختلفة من العالم يعملون على تشكيل "جيش مقاتل" يأمل السعوديون من خلاله تحقيق الفارق.

وفي الوقت نفسه، تقول بعض المعلومات إن السعوديين أنفسهم بادروا إلى فتح خط مع "الجبهة الإسلامية" عبر زهران علوش، أحد أبرز القادة الذين حظوا في وقت سابق بالدعم السعودي الكبير قبل انتقاله إلى التحالف مع القطريين من دون أن يقطع مع السعوديين، فيما ستبقى "داعش" الخيار السعودي الأخير الذي تتعامل معه الرياض بحذر شديد خشية "الغضب الأميركي" من التعامل مع أكثر أطراف القاعدة تشدداً، علماً أن ثمة مؤشرات على دعم سعودي غير مباشر لهذا التنظيم الذي يلقى معظم دعمه المالي من مشايخ سعوديين وكويتيين، وهؤلاء لا يمكن أن يذهبوا بعيداً في عملهم هذا من دون غض نظر – على الأقل – من الاستخبارات السعودية.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-18
  • 10915
  • من الأرشيف

"الحر" ينازع.. والولايات المتحدة تبحث عن البديل بين "المتشددين"

دخلت ميلشيا "الجيش الحر" في النزع الأخير بعد أن نجحت قطر في معاقبة من خرجوا عن إرادتها من قادته في الشمال السوري بقطع الإمداد الكامل عنهم عبر الأراضي التركية،واستيلاء "الجبهة الإسلامية"، المدعومة منها ومن الأتراك، على مقرات هذه الجبهة ومخازنها والسلاح الأميركي الموجود فيها. ولم يفلح حتى الساعة  الفار سليم إدريس - الموجود في ما يشبه الإقامة الجبرية في الأراضي التركية - في فك عزلته، رغم الوعود السعودية بتأمين الدعم وحشد الحلفاء لإنقاذه، فالمقاتلون الذين استطاعت الرياض تأمين ولائهم ودعمهم لإدريس يخشون نفاد ما لديهم من ذخائر في أي موجة عنف قد تندلع في المنطقة، وبالتالي يفضلون اعتماد مبدأ الدفاع لا الهجوم، وهم غير قادرين على القيام بأي مبادرة إلا في مجال الدفاع عن أنفسهم عندما يصدر قرار الإجهاز النهائي عليهم، وهو ما تحاول الاتصالات الجارية تفاديه. وفيما دخل الأميركيون على خط الاتصالات عبر السفير الأميركي المعتمد في دمشق روبرت فورد، الذي يقيم في تركيا منذ نحو أسبوع، لكن المفاجأة لـ"الحر" كانت في ذهاب فورد في اتجاه فتح قنوات مع "الجبهة الإسلامية"، التي يرتبط العديد من فصائلها بـ"القاعدة" فكراً وبعضها تنظيماً، ما ترك علامات من الاستفهام وسط هؤلاء خوفاً على المصير في الأيام المقبلة، واللافت أن السعوديين فقدوا أي اتصال مباشر مع حلفائهم عبر تركيا، التي تخوض حرباً غير معلنة مع السعودية على الأراضي السعودية بدعم قطري وتشجيع أميركي ظهرت ملامحه في دعوات الحوار مع "الجبهة الإسلامية"، فيما يبدو أن السعوديين يتجهون إلى حليف آخر هو الفرنسي الذي تأمل الرياض أن يغطي الثغرة الأميركية. وفي انتظار الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى الرياض نهاية الشهر الجاري، أطلقت باريس إشارات استياء من "الخدعة الأميركية" بالتفاوض سراً من وراء ظهر حلفائها، مؤكدة التزامها الاستمرار في دعم "هيئة الأركان" التي يقودها إدريس. غير أن مصادر سورية معارضة تستبعد أن يستطيع الفرنسيون والسعوديون الوقوف في وجه التحالف الأميركي – التركي – القطري لعدة أسباب، أبرزها العامل اللوجستي المتمثل بالحدود التركية، بالإضافة إلى عدم قدرة فرنسا – ولا نيتها – تحدي الأميركيين في أي قرار جدي قد يتخذونه. ويبدو أن الرياض قد فقدت – نظرياً – قدرتها على التأثير شمالاً، مبقية على آمالها بالدخول بقوة على الملف من خلال الحدود الجنوبية مع الأردن، حيث تخضع عناصر سورية – وغير سورية – للتدريب المكثف بإشراف خبراء من المرتزقة من دول مختلفة من العالم يعملون على تشكيل "جيش مقاتل" يأمل السعوديون من خلاله تحقيق الفارق. وفي الوقت نفسه، تقول بعض المعلومات إن السعوديين أنفسهم بادروا إلى فتح خط مع "الجبهة الإسلامية" عبر زهران علوش، أحد أبرز القادة الذين حظوا في وقت سابق بالدعم السعودي الكبير قبل انتقاله إلى التحالف مع القطريين من دون أن يقطع مع السعوديين، فيما ستبقى "داعش" الخيار السعودي الأخير الذي تتعامل معه الرياض بحذر شديد خشية "الغضب الأميركي" من التعامل مع أكثر أطراف القاعدة تشدداً، علماً أن ثمة مؤشرات على دعم سعودي غير مباشر لهذا التنظيم الذي يلقى معظم دعمه المالي من مشايخ سعوديين وكويتيين، وهؤلاء لا يمكن أن يذهبوا بعيداً في عملهم هذا من دون غض نظر – على الأقل – من الاستخبارات السعودية.

المصدر : الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة