دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
عندما كانت سورية تُمسك بزمام الأمور في لبنان، كان الحلفاء والمتزلّفون والانتهازيون يفتتحون كل خطاباتهم وتصريحاتهم بـ"وحدة المسار والمصير" اللبناني - السوري، وكانت لازمة سياسية لكل من يريد أن يصبح نائباً أو وزيراً أو مسؤولاً لتنظيم سياسي، أو مقاولاً كبيراً.
كان الجميع؛ رسميون وحزبيون وشخصيات اجتماعية واقتصادية، يحجّون إلى مراكز المخابرات ويحملون الهدايا، ويتنافسون على دعوة المسؤولين وضباط المخابرات إلى بيوتهم ليتشرفوا بتقديم التبولة وما حولها للضيف، مقابل الوعد بالفوز بلقب أو مسؤولية أو مناقصة.. والمفتاح السري الذهبي لكل ذلك "وحدة المسار والمصير"!
لكن عندما تعرّضت سورية لكمين دولي بقيادة أميركية - "إسرائيلية" وأدوات غربية وعربية ابتلع رافعو شعار "وحدة المسار والمصير" من اللبنانيين والأحزاب ألسنتهم وصمتوا، بل وبدأوا يجاهرون بضرورة وفوائد الديمقراطية وتداول السلطة، منتقدين "القمع" في سورية، بينما يتربع الواحد منهم على عرش تنظيمه أكثر من أي رئيس عربي، ويمهّد لتوريث التنظيم والأملاك والطائفة التي يتزعمها لأولاده وعائلته وبطانته..
استبدل بعض اللبنانيين شعار "وحدة المسار والمصير" بشعار "النأي بالنفس"، تاركين سورية تغرق في بحر دمائها من دون مساعدتها..
"النأي بالنفس" الذي مارسوه ومازالوا يعني ترك سورية تحترق ولا نطفىء نارها.. و"النأي بالنفس" يعني التنصّل من مسؤولية فتح الحدود والمرافئ للمسلحين والسلاح الذي يقتل ويدمر في سورية، وإيواء الإرهابيين، وتأمين طرق التمويل والسيارات المفخخة إلى الضاحية وغيرها.
لقد ركب المسؤولون اللبنانيون على حصان "وحدة المسار والمصير" وتربّعوا على عروش إماراتهم، وأعطيت لهم مفاتيح لبنان وطوائفهم بتوقيع سوري، وعندما شعر هؤلاء بغرق السفينة السورية بدأوا بالتراجع حتى حدود التآمر، وفرحوا بأن كل ديونهم لسورية ستُشطب بنهاية وسقوط النظام، ليبدأوا مرحلة جديدة مع النظام الجديد كما فعلوا مع القديم، وكما فعل بعضهم مع العدو "الإسرائيلي" عندما كان محتلاً بعض المناطق اللبنانية.
لكن المشكلة أن "وحدة المسار والمصير" الدموي أو السلمي بين لبنان وسورية هو قدَر البلديْن، فالجغرافيا والعولمة الإرهابية تفرضان امتداد النار إلى الساحتين، سواء أراد لبنان أو رفض، فالقرار بيد رعاة الإرهاب وممولي التكفيريين للضغط على المقاومة وإحداث التفجيرات في لبنان.. فوحدة الدم والنزوح والقلق بين الشعبيْن أمر محتوم..
لكن ماذا سيفعل المتخاذلون عن نصرة سورية عندما تنتصر ولا يسقط النظام؟! هل سيعودون لحمل الهدايا والشعارات الخادعة بـ"وحدة المسار والمصير"..؟
ماذا ستفعل سورية؛ هل ستنطلي عليها خدعة العائدين الذين تركوها في منتصف البئر الإرهابي، أم ستشفع لهم الهدايا وغيرها فيعودوا كما كانوا ممثلين للموقف السوري وهم الذين خرسوا طوال ثلاث سنوات عن ذكر اسم الرئيس الأسد أو تأييد سورية خوفاً من الأميركيين والسعوديين؟
وحدة "المسار والمصير" بين لبنان وسورية تفرض مقاومة التكفيريين وحصار المنافقين من السياسيين؛ أحزاباً أو شخصيات، فكلهم يمثلون حصان طروادة الأميركي في ساحة المقاومة التي ستمتد لتشمل سورية ولبنان ووحدة الجبهات، فلا يمكن القبول بطابور خامس في الداخل، ويكفي ما أخذه السياسيون باسم سورية من مناصب وأموال..
وحدة "المسار والمصير" بالدم وبالسلام، والتهجير والصمود، وبالمقاومة والدفاع... وليست بوحدة الفساد والهدايا والانهزام ومبايعة الأميركي والرجعية العربية.
لقد صنع السوريون البعض في لبنان وجعلوهم نواباً ووزراء وشخصيات ومرجعيات، وعندما مرضت سورية تباهى هؤلاء أمام أسيادهم بأنهم غير أوفياء!
لقد انتقل شعار "وحدة المسار والمصير" إلى جحافل التكفيريين ورعاتهم للبدء بتفجير الساحة اللبنانية وإحراقها مع الساحة السورية بالاغتيالات والسيارات المفخخة والصواريخ، وأعلنوا وحدة المسار والمصير مع العدو "الإسرائيلي" ضد المقاومة وأهلها، وضد سورية وإيران، وأعلنوا وحدة المسار والمصير مع الصهيونية العالمية وجماعات التحريف التي تلبس لبوس الإسلام لكنها تدمره بانحرافها وتفجير الساحات الإسلامية، وتهجير المسيحيين واقتلاعهم من الشرق.
لقد توحّد أهل الباطل من التكفيريين والمحتلين والغزاة المستعمرين حول باطلهم لحصار الأمة ومصادرة ثرواتها وسيادتها، وليفرّقونا عن حقنا وديننا الأصيل.
نداؤنا للشرفاء للوحدة والمقاومة للحفاظ على تاريخنا وديننا ومستقبلنا، والانتباه إلى صهاينة الداخل من عملاء وتكفيريين وانتهازيين.
المصدر :
الثبات / د. نسيب حطيط
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة