بعد أيام على اعنف اشتباك بين احرار الشام ودولة العراق والشام الاسلامية ‘داعش’ راح ضحيته ثلاثة مقاتلين من الاحرار في بلدة مسكنة بريف حلب انتقد احد قيادات الجبهة الاسلامية تنظيم داعش بشدة مبتدئا حديثه لانه مضطر للحديث عن ‘الحقيقة المرة’.

وقال عبد الملك القاضي الشرعي في الجبهة لـ’القدس العربي’ ان امراء داعش يتصفون بـ’الغلو المستفيض’ لانهم يصفون الاسلاميين في سوريا بالصحوات ويكفرون الجيش الحر، وسرد الشرعي عدة حوادث وقعت بين الفصائل و’داعش’، منهيا حديثه بالطلب من البغدادي ان ‘يضبط جنوده’.

ومن ضمن ما اخذه على ‘داعش’ تكفيرها لقضاة الهيئات الشرعية التابعة لفصائل الجبهة الاسلامية، ولم يكد ينهي المسؤول في احرار الشام حديثه عن الهيئات الشرعبة حتى هاجمت قوة من ‘داعش’ مقر الهيئة الشرعية للجبهة الاسلامية في حريتان بريف حلب الشمالي في اخر مواجهة بين الطرفين.

ومن ابرز ما ذكره القيادي في حركة احرار الشام عبدالملك انهم ‘لن يسمحوا بنحر المشروع الجهادي في الشام كما نحر في العراق ‘في اشارة الى الصراع الذي نشأ في العراق بين المجموعات الاسلامية كالجيش الاسلامي وكتائب العشرين وبين تنظيم القاعدة العراقي الذي يتزعمه البغدادي زعيم ‘داعش’ في سوريا الان.

ونتج عن ذلك الصراع في العراق تدمير الحاضنة السنية العراقية وانهاك قواها واضمحلال مجموعاتها المسلحة التي كانت تخوض قتالا مع القوات الامريكية وقوات الميليشيات الشيعية كجيش المهدي وبدر وتاسيس ما يعرف بالصحوات التي قاتلت القاعدة، والتي يتهم تنظيم ‘داعش’ في سوريا الفصائل السلفية والاسلامية المناوئة له بانها تعيد تكرار تجربة الصحوات.

ورغم أن الصحوات تلقت دعما امريكيا من ‘مهندس الانقاذ الامريكي’ ديفيد بترايوس الذي كوفىء لاحقا ليتولى القيادة المركزية والاستخبارات، الا ان هذا الدعم الامريكي اقتصر على صحوات الانبار العشائرية، ولكنها لم تشمل صحوات بغداد وباقي المحافظات حيث قاد الصحوات زعماء سابقون في ابرز الفصائل الاسلامية السلفية ‘الجيش الاسلامي في العراق’.

لان الدوافع الاساسية للمجموعات الاسلامية السنية كانت التخلص من سطوة القاعدة التي اعلنت نفسها ‘دولة اسلامية’ واوجبت على الجميع ‘مبايعتها’، فكان قرار ‘المقاومة العراقية’ بتحييد الامريكيين والتوقف عن قتالهم مقابل تعهد امريكي بمنع التعرض لعناصر المقاومة وكف هجمات المجموعات الشيعية عنهم، ليتفرغ سنة العراق لقتال القاعدة التي انهكتهم وفرضت نموذج حكم متشدد واتهمت بانها مخترقة من المخابرات الايرانية لتدمير وتشويه الحالة السنية في العراق . وكان للامريكيين ان نجحوا في الخروج من العراق بماء الوجه، وفي المقابل احكم شيعة العراق من قبضتهم على البلاد بما فيها المناطق السنية التي انهكت بسبب الصراع مع القاعدة.

هذا السيناريو العراقي هو ما حذر منه قادة الجبهة الاسلامية التي تنتمي في لونها الغالب للتيار السلفي، خاصة وان الاسابيع الاخيرة شهدت اشتباكات وصدامات عدة بين ‘داعش’ و’الجيش الحر’ كما ان نفوذ ‘داعش’ تمدد بشكل كبير في الاونة الاخيرة لتصبح القوة الاكبر في الرقة ومعظم حلب، لتثير استياء معظم السكان المحليين بمنهجها المتشدد وممارساتها المتطرفة، ومحاربتها لمعظم وجوه الثورة السورية وتفريغ حلب والرقة من ناشطيها الاعلاميين ومنظمات المجتمع المدني.

ولعل الحادثة الاخيرة التي وقعت في سرمدا عندما قام عناصر ‘داعش’ باعدام بائع مازوت بسبب تلفظه بما اعتبر كفرا عند سؤاله عن سعر المازوت، تعد مثالا على الممارسات المتطرفة لتنظيم الدولة التي اغضبت المجتمع المحلي منها وافقدتها اي حاضنة شعبية تماما كما سبق وحصل في المناطق السنية في العراق.

وترمي ‘داعش’ الى فرض سلطتها ونفوذها ومقاتلة كل من يرفض ‘مبايعتها’ رغم انهم فصائل اسلامية تفوقها عددا ونفوذا. ويقول قيادي في احد فصائل الجبهة الاسلامية لـ’القدس العربي’ انهم قادرون على انهاء تواجد ‘داعش’ بشكل سريع، لان فصائل الجبهة اكثر قوة وعددا ولكن ما يعيق تلك الفصائل بحسب القيادي ‘اننا لا نستطيع سحب مقاتلينا من الجبهات مع قوات النظام.. لو سحبناهم لانهينا داعش لكن ماذا لو استغل النظام الفرصة وتقدم؟’.

لكن للجبهة الاسلامية اعداء اخرون غير ‘داعش’، يبدو انهم يخططون للتنسيق سوية ضد الجبهة وان اختلفت مشاربهم الفكرية .

فقبل يومين اعلن عن تشكيل ‘جبهة ثوار سوريا’ التي تضم فصائل منافسة للجبهة الاسلامية ابرزها كتائب شهداء سوريا التي يتزعمها جمال معروف، وتتحالف هذه الجبهة مع قيادة الاركان في الجيش الحر التي انسحبت منه فصائل الجبهة الاسلامية، بل وهاجمت مقراته قبل ايام واستولت على مستودعات السلاح والذخيرة، ثم عادت حركة احرار الشام (المنضوية في الجبهة الاسلامية) واقتحمت مقرات معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا وطردت كتيبة من الفاروق وكتائب شهداء سوريا، الامر الذي دفع قادة جبهة ثوار سوريا الى توجيه تهديدات للجبهة الاسلامية تصل لحد الصدام المسلح.

ويذهب بعض المطلعين الى القول ان بعض فصائل جبهة ثوار سوريا والتي يجمعها مع ‘داعش’ العداء لفصائل الجبهة الاسلامية، باتت تنسق تحركاتها مع تنظيم الدولة الاسلامية على الرغم من اختلافهم فكريا بشكل كبير ‘انها لغة المصالح فقط كما يقول المصدر .

ورغم نفي قيادات في جبهة ثوار سوريا هذا الامر واعتباره ‘اتهامات فارغة’ الا ان احد قيادات كتائب الثوار في سرمدا اعلن مبايعته للبغدادي ‘اميرا’ وانضم للدولة رغم اختلافه فكريا معها، ويعتبر هذا القيادي الذي يسمى ‘الطير’ خصما معروفا للجبهة الاسلامية وقد لاحقته المحاكم الشرعية بعدة تهم تتعلق بتهريب البضائع والاستيلاء على المال العام .

وتنذر الايام المقبلة بمواجهات عنيفة بين الجبهة الاسلامية من جهة وداعش وجبهة ثوار سوريا من جهة اخرى وان اختلفت الاسباب، حسبما يرى قياديون بالفصائل السورية المعارضة المسلحة.

خاصة وان عاملا اخر قد يضاف للصراع، وهو خلافات الدول الداعمة للثوار في سوريا، فقطر وتركيا تقدم دعما اكبر لفصائل الجبهة الاسلامية منذ اكثر من عامين، اما السعودية فكانت تفضل دعم فصائل تعتبرها اقل راديكالية مثل لواء احرار سوريا في حلب وكتائب شهداء سوريا في ادلب، ولكن تبين لها ان هذه الفصائل اقل نفوذا واضعف تاثيرا من فصائل الجبهة الاسلامية التي تدعمها قطر (لواء التوحيد واحرار الشام وصقور الشام ولواء الاسلام )، لذلك قام الامير بندر بن سلطان باستضافة قائد لواء الاسلام في غوطة دمشق زهران علوش وقدم له دعما كبيرا بحسب المصادر، في خطوة تظهر رغبة سعودية في التقرب الى فصائل اكثر تأثيرا وقوة وان كانت اكثر راديكالية وتطالب بدولة اسلامية.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-11
  • 10560
  • من الأرشيف

‘أحرار الشام’ لـ’داعش’: لن نسمح لكم بتكرار ما حصل في العراق في سورية وعلى البغدادي ضبط جنوده

بعد أيام على اعنف اشتباك بين احرار الشام ودولة العراق والشام الاسلامية ‘داعش’ راح ضحيته ثلاثة مقاتلين من الاحرار في بلدة مسكنة بريف حلب انتقد احد قيادات الجبهة الاسلامية تنظيم داعش بشدة مبتدئا حديثه لانه مضطر للحديث عن ‘الحقيقة المرة’. وقال عبد الملك القاضي الشرعي في الجبهة لـ’القدس العربي’ ان امراء داعش يتصفون بـ’الغلو المستفيض’ لانهم يصفون الاسلاميين في سوريا بالصحوات ويكفرون الجيش الحر، وسرد الشرعي عدة حوادث وقعت بين الفصائل و’داعش’، منهيا حديثه بالطلب من البغدادي ان ‘يضبط جنوده’. ومن ضمن ما اخذه على ‘داعش’ تكفيرها لقضاة الهيئات الشرعية التابعة لفصائل الجبهة الاسلامية، ولم يكد ينهي المسؤول في احرار الشام حديثه عن الهيئات الشرعبة حتى هاجمت قوة من ‘داعش’ مقر الهيئة الشرعية للجبهة الاسلامية في حريتان بريف حلب الشمالي في اخر مواجهة بين الطرفين. ومن ابرز ما ذكره القيادي في حركة احرار الشام عبدالملك انهم ‘لن يسمحوا بنحر المشروع الجهادي في الشام كما نحر في العراق ‘في اشارة الى الصراع الذي نشأ في العراق بين المجموعات الاسلامية كالجيش الاسلامي وكتائب العشرين وبين تنظيم القاعدة العراقي الذي يتزعمه البغدادي زعيم ‘داعش’ في سوريا الان. ونتج عن ذلك الصراع في العراق تدمير الحاضنة السنية العراقية وانهاك قواها واضمحلال مجموعاتها المسلحة التي كانت تخوض قتالا مع القوات الامريكية وقوات الميليشيات الشيعية كجيش المهدي وبدر وتاسيس ما يعرف بالصحوات التي قاتلت القاعدة، والتي يتهم تنظيم ‘داعش’ في سوريا الفصائل السلفية والاسلامية المناوئة له بانها تعيد تكرار تجربة الصحوات. ورغم أن الصحوات تلقت دعما امريكيا من ‘مهندس الانقاذ الامريكي’ ديفيد بترايوس الذي كوفىء لاحقا ليتولى القيادة المركزية والاستخبارات، الا ان هذا الدعم الامريكي اقتصر على صحوات الانبار العشائرية، ولكنها لم تشمل صحوات بغداد وباقي المحافظات حيث قاد الصحوات زعماء سابقون في ابرز الفصائل الاسلامية السلفية ‘الجيش الاسلامي في العراق’. لان الدوافع الاساسية للمجموعات الاسلامية السنية كانت التخلص من سطوة القاعدة التي اعلنت نفسها ‘دولة اسلامية’ واوجبت على الجميع ‘مبايعتها’، فكان قرار ‘المقاومة العراقية’ بتحييد الامريكيين والتوقف عن قتالهم مقابل تعهد امريكي بمنع التعرض لعناصر المقاومة وكف هجمات المجموعات الشيعية عنهم، ليتفرغ سنة العراق لقتال القاعدة التي انهكتهم وفرضت نموذج حكم متشدد واتهمت بانها مخترقة من المخابرات الايرانية لتدمير وتشويه الحالة السنية في العراق . وكان للامريكيين ان نجحوا في الخروج من العراق بماء الوجه، وفي المقابل احكم شيعة العراق من قبضتهم على البلاد بما فيها المناطق السنية التي انهكت بسبب الصراع مع القاعدة. هذا السيناريو العراقي هو ما حذر منه قادة الجبهة الاسلامية التي تنتمي في لونها الغالب للتيار السلفي، خاصة وان الاسابيع الاخيرة شهدت اشتباكات وصدامات عدة بين ‘داعش’ و’الجيش الحر’ كما ان نفوذ ‘داعش’ تمدد بشكل كبير في الاونة الاخيرة لتصبح القوة الاكبر في الرقة ومعظم حلب، لتثير استياء معظم السكان المحليين بمنهجها المتشدد وممارساتها المتطرفة، ومحاربتها لمعظم وجوه الثورة السورية وتفريغ حلب والرقة من ناشطيها الاعلاميين ومنظمات المجتمع المدني. ولعل الحادثة الاخيرة التي وقعت في سرمدا عندما قام عناصر ‘داعش’ باعدام بائع مازوت بسبب تلفظه بما اعتبر كفرا عند سؤاله عن سعر المازوت، تعد مثالا على الممارسات المتطرفة لتنظيم الدولة التي اغضبت المجتمع المحلي منها وافقدتها اي حاضنة شعبية تماما كما سبق وحصل في المناطق السنية في العراق. وترمي ‘داعش’ الى فرض سلطتها ونفوذها ومقاتلة كل من يرفض ‘مبايعتها’ رغم انهم فصائل اسلامية تفوقها عددا ونفوذا. ويقول قيادي في احد فصائل الجبهة الاسلامية لـ’القدس العربي’ انهم قادرون على انهاء تواجد ‘داعش’ بشكل سريع، لان فصائل الجبهة اكثر قوة وعددا ولكن ما يعيق تلك الفصائل بحسب القيادي ‘اننا لا نستطيع سحب مقاتلينا من الجبهات مع قوات النظام.. لو سحبناهم لانهينا داعش لكن ماذا لو استغل النظام الفرصة وتقدم؟’. لكن للجبهة الاسلامية اعداء اخرون غير ‘داعش’، يبدو انهم يخططون للتنسيق سوية ضد الجبهة وان اختلفت مشاربهم الفكرية . فقبل يومين اعلن عن تشكيل ‘جبهة ثوار سوريا’ التي تضم فصائل منافسة للجبهة الاسلامية ابرزها كتائب شهداء سوريا التي يتزعمها جمال معروف، وتتحالف هذه الجبهة مع قيادة الاركان في الجيش الحر التي انسحبت منه فصائل الجبهة الاسلامية، بل وهاجمت مقراته قبل ايام واستولت على مستودعات السلاح والذخيرة، ثم عادت حركة احرار الشام (المنضوية في الجبهة الاسلامية) واقتحمت مقرات معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا وطردت كتيبة من الفاروق وكتائب شهداء سوريا، الامر الذي دفع قادة جبهة ثوار سوريا الى توجيه تهديدات للجبهة الاسلامية تصل لحد الصدام المسلح. ويذهب بعض المطلعين الى القول ان بعض فصائل جبهة ثوار سوريا والتي يجمعها مع ‘داعش’ العداء لفصائل الجبهة الاسلامية، باتت تنسق تحركاتها مع تنظيم الدولة الاسلامية على الرغم من اختلافهم فكريا بشكل كبير ‘انها لغة المصالح فقط كما يقول المصدر . ورغم نفي قيادات في جبهة ثوار سوريا هذا الامر واعتباره ‘اتهامات فارغة’ الا ان احد قيادات كتائب الثوار في سرمدا اعلن مبايعته للبغدادي ‘اميرا’ وانضم للدولة رغم اختلافه فكريا معها، ويعتبر هذا القيادي الذي يسمى ‘الطير’ خصما معروفا للجبهة الاسلامية وقد لاحقته المحاكم الشرعية بعدة تهم تتعلق بتهريب البضائع والاستيلاء على المال العام . وتنذر الايام المقبلة بمواجهات عنيفة بين الجبهة الاسلامية من جهة وداعش وجبهة ثوار سوريا من جهة اخرى وان اختلفت الاسباب، حسبما يرى قياديون بالفصائل السورية المعارضة المسلحة. خاصة وان عاملا اخر قد يضاف للصراع، وهو خلافات الدول الداعمة للثوار في سوريا، فقطر وتركيا تقدم دعما اكبر لفصائل الجبهة الاسلامية منذ اكثر من عامين، اما السعودية فكانت تفضل دعم فصائل تعتبرها اقل راديكالية مثل لواء احرار سوريا في حلب وكتائب شهداء سوريا في ادلب، ولكن تبين لها ان هذه الفصائل اقل نفوذا واضعف تاثيرا من فصائل الجبهة الاسلامية التي تدعمها قطر (لواء التوحيد واحرار الشام وصقور الشام ولواء الاسلام )، لذلك قام الامير بندر بن سلطان باستضافة قائد لواء الاسلام في غوطة دمشق زهران علوش وقدم له دعما كبيرا بحسب المصادر، في خطوة تظهر رغبة سعودية في التقرب الى فصائل اكثر تأثيرا وقوة وان كانت اكثر راديكالية وتطالب بدولة اسلامية.

المصدر : القدس العربي/ وائل الطيراوي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة