لقد افتتحت مقالتي حول «الإشباع الذاتي لعرب الإعتدال.. والمخاض العسير» في 31 08 2012 من حيث انتهى المستشار الأميركي الأسبق للأمن القومي زبغنيو بريجنسكي في كتابه «نظرة استراتيجية: أميركا وأزمة القيادة العالمية»

 في توصيفه لما أصاب أميركا من وهن وضعف بأنّ هذه الدولة تصرّفت وفق ما أسماه بريجنسكي «على أساس مبدأ الإكتفاء أو الإشباع الذاتي كما لو أنها اعتقدت حقاً أنّ التاريخ قد وصل إلى نهايته».

لقد فصّلت قي تلك المقالة أنّ الإشباع الذاتي قد أصاب أيضاً دول الإعتدال العربي وتحديداً الخليجية منها نظراً لاعتقادهم أنّ هذه اللوثة قد نزلت بساحتهم في أربعةٍ من الأبعاد: نفطياً عسكرياً ثورياً وجيوبوليتيكياً.

وقد خلصت في تلك المقالة يومها إلى أنّ عرب الإعتدال وخصوصاً الخليجيين منهم قد وصلوا إلى حدّ التخمة السياسية من تلك الإشباعات الذاتية الزائفة حيث أصيبت وستصاب دولهم بعُسر هضم سياسي لجميع هذه الملفات.. ما سيُمهِّد لاحقاً إلى انفجارها الحتمي من الداخل.

اليوم وبعدما أصابهم ما أصاب راعيهم الأميركي وذلك وفقاً لمبدأ المقدمات والنتائج نجد أنّ السعودية من بين كل أولئك تُصارع كي لا تصاب بذلك الداء الذي حلّ بأقرانها من الدول المعتلّة.

لقد كُتب الكثير الكثير حول الحرد السعودي الأخير من اتفاقي أميركا الكيميائي والنووي وأنّ هذه الدولة تتصرّف اليوم - جرّاء قلة الوفاء الأميركي لها بعقلية ثأرية وتخريبية رافضةً الجسر الإيراني الذي مدّته طهران نحوها في تكرار محاولاتها للوقوف على خاطرها في حفظ مكانتها الشرق أوسطية.. والذي لم يلقَ منها تجاوباً حتى الآن! وذلك ربما مردّه إلى مجموعة من الحسابات والرهانات التي تعوّل عليها في إثبات وجودها ومكانتها المتضخمة في الخليج والشرق الأوسط برمّته..

الرهان الصهيوني

لئن نحينا جانباً المظلة الأمنية المشتركة التي حاكتها أميركا والتي أثبتت واقعيتها الفعلية في مجموعة من التطورات التي تعصف بالمنطقة منذ بداية الأزمة في سورية وخصوصاً في ذاك التنسيق الأمني القائم بين الكيان الصهيوني ولو بالواسطة مع السعودية على الأض السورية واللبنانية وتلاقي الأهداف بينهما وتوحيد «العدو» لديهما.. وغيرها من الإجراءات الثنائية التي جعلت من هذه المظلة فعلاً موجوداً.. ولكن بعيداً عن كل ذلك تعوّل المملكة - في فترة عنادها هذه - على التاريخ البعيد والقصير في غلبة النظرة الصهيونية دائماً في الإختلاف في تحديد الأولويات بين أميركا والكيان في مختلف المواضيع التي تبدأ بالإستيطان الأزمة التي نشبت بينهما في عام 2010 واختتمت حينها لصالح التوافق بينهما على مبدأ ما زال سارياً حتى اليوم « لا تسأل ولن أعلن « وتقديم الأولويات في ملفي التفاوض الصهيوني مع السلطة الفلسطينية وملف النووي الإيراني وإن اختلفا في التقويم حول مدى فعالية الإتفاق المبدئي في الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وغيرها من الملفات الأخرى التي يكسب الترجيح فيها لصالح الصهيونية وذلك بفعل تأثير اللوبيات الصهيونية في الملاعب السياسية الأميركية في مجملها ...وخصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية مقبلةٌ في العام المقبل على انتخابات نصفية ينشط فيها الحزبان الأميركيان على التودد لتلك اللوبيات الصهيونية نظراً لما لها من تأثير على المرشحين والراي العام الأميركي برمّته ... من هنا يمكن القول أن السعودية إذا ما استمرت في عنادها وحردها ربما تُراهن على بتر الإتفاق الإيراني الدولي وإجهاض أي تقدم نحو نهاياته وذلك بفعل صهيوني قد تكون قد وُعدت به !

ينبغي التذكير فقط أن عقيدة الصهاينة المخادعة تقتضي أحياناً بقتل بعض اليهود أو حتى بعض حلفائهم في سبيل تحقيق مآربهم السياسية وتركهم لخدمهم المخلصين على قارعة الطريق ما تزال مُعاشة حيّة ً في وجدان الشعوب العربية والإسلامية والأممية على السواء .. فكيف بخداعهم في السياسة؟

الرهان الإيراني

تدل المعطيات على أن نظرة السعودية لإيران الثورة تتم واقعاً من خلال منظار أميركي أو حتى صهيوني بعيداً عن منظارها الخاص ! إلاّ أن الحقد الأعمى الذي يعيشه بعضُ سياسيي المملكة على ما جنته إيران من مكاسب سياسية وعلمية وتكنولوجية بأيديها تارةً وبأيدي أعدائها تارةً أخرى كل ذلك جعل من المملكة تراهن في المستقبل الحالي والمنظور على تخريب الداخل الإيراني في ظل عجزها المحتوم عن فعل ذلك من خلف الحدود سواء عبرها أو بالواسطة - وذلك عبر المراهنة على فرز الرأي العام داخل إيران بعد الإتفاق النووي عن طريق انطلاق صراع خفي بين أطياف الشعب الإيراني حول المكانة والدور المستقبلي لإيران في المنطقة وبناءً على ذاك المنظار الصهيوني فإن الصهاينة يمنّون أنفسهم- بوعود أميركية - ومن خلفهم السعودية بأن العقوبات الفعلية والحقيقية لن تُرفع بهذه السهولة عن إيران قبل حدوث السلة المتكاملة للحل حيث أن الجمهورية الإسلامية ودائماً من المنظور الصهيوني ستبقى تتخبط في أزماتها الإقتصادية .. وستبقى هي وحلفاؤها مُستنزفة في الميدان السوري والعراقي وحتى اللبناني مما سيجعل من كل هذا أزمةً حقيقية للنظام الإسلامي في إيران .. ومن ثمّ سيضطرها والحال هكذا أن تمد يداً أكثر بسطاً وجسراً أكثر اتساعاً نحو السعودية أوسع بكثير من حجم المملكة السياسي في المنطقة ..

ما لم تدركه المملكة أو لربما ما لا تُريد ادراكه أن هيكلية النظام في إيران تجعل منه أكثر مرونةً في تخطي العقوبات المفروضة عليه وأكثر استثماراً للإتفاق النووي مع الدول الخمسة زائداً واحداً وذلك بجعل نظام العقوبات يتآكل وينهار بشكل تلقائي ودراماتيكي .. يصعب معها على أميركا الآفلة والصهيونية المرتجفة من فرملة عجلات سقوطه .. مما سيؤدي حتماً إلى نتائج معاكسةٍ تماماً لما تتوخاه السعودية في المنطقة حيث يكون على الأرجح جداً ما هو معروضٌ عليها إيرانياً اليوم لن يكون كذلك بالتأكيد غداً .

الرهان الروسي

لم تحمل الزيارة الثانية لأمير الإستخبارات السعودية أيّ عرضٍ مشابهٍ في طياته لذاك العرض الذي اشتملته زيارته الأولى تلك لأن ما تسرّب عن هذه الزيارة الأخيرة لم يكن فيه بندر مهدداً ومتوعداً أو مغرياً أو حتى راشياً .. إنما هذه المرة كان ودوداً عارضاً وطالباً للمساعدة والمساندة من روسيا في كيفية تعزيز التعاون السعودي الروسي في مجال الطاقة النووية ومجال مكافحة الإرهاب وتحديداً في بلاد القوقاز الروسي وذلك يُفسرفي التحليل السياسي بطرحه عرضاً بتنظيم انتقال الإرهابيين من المخابئ الروسية إلى المقابر السورية ومن دون أية مطالبة تُذكر بعدم قيام سورية الأسد أو إيران الثورة أو حزب الله المقاومة في محاربتهم الحصرية لكل أولئك المُسفَّرين .. وهذا ربما مرده إلى رغبة السعوديين في تبييض صفحتهم عند الروس الصاعدين والمؤثرين المستقبليين في المنطقة وردّ الصفعة لأميركا وإغاظتها إيضاً ..فضلاً عن هدفها غير المعلن في زيادة كم هؤلاء الإرهابيين في سورية ولبنان والعراق فضلاً عن تركيا وذلك لهدفٍ قديم متجدّد لإطالة أمد الإستنزاف المادي والبشري عند محور الممانعة .. فتستحصل عندها على سجل نظيف في مكافحة الإرهاب العالمي بدلاً من أن يبقى سجلها مدمغاً بصناعة الإرهاب وتفريخه ..

هذا التذاكي السعودي المبطّن يُعبِّر عن قصر نظرٍ فماذا لو كان كلُ هذا التحشيد غير فعّالٍ في إطالة عمر الأزمة؟ وماذا لو اكتشف كل أولئك المغرر بهم أنهم يُستعملون كورقة ابتزاز من قبل مشغليهم؟ فيترك عندها الكثير منهم - من السوريين تحديداً - سلاحهم طوعاً ويستفيدون من مراسيم العفو المتلاحقة؟ وماذا لو كانت المقاومة وكل أطراف محور الممانعة قد خبأوا لهم المفاجآت المتلاحقة والقاضية؟ وماذا سيفعل مرسلوهم ومشغّلوهم عندما يفقدون أدوارهم التي توخوها قبل أن تبدأ؟ وماذا لو قرّر أولئك الإرهابيين تغيير وجهتهم نحو مستغليهم ومستعمليهم على فرض الانتقام؟

بكلماتٍ مختصرة الهامش الزمني يضيق حتماً أمام السعودية حتى يكاد كل السحر الكوني الذي حيك لسورية ينقلب دفعةً واحدةً على الحلقة الأضعف من أولئك السحرة والتي ستكون المملكة العربية السعودية في مقدّمهم وعلى رأسهم.. فهل من يعقل فيها؟ الأيام كفيلةٌ بالإجابة.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-08
  • 9998
  • من الأرشيف

حسابات السعودية.. ورهاناتها الثلاث

لقد افتتحت مقالتي حول «الإشباع الذاتي لعرب الإعتدال.. والمخاض العسير» في 31 08 2012 من حيث انتهى المستشار الأميركي الأسبق للأمن القومي زبغنيو بريجنسكي في كتابه «نظرة استراتيجية: أميركا وأزمة القيادة العالمية»  في توصيفه لما أصاب أميركا من وهن وضعف بأنّ هذه الدولة تصرّفت وفق ما أسماه بريجنسكي «على أساس مبدأ الإكتفاء أو الإشباع الذاتي كما لو أنها اعتقدت حقاً أنّ التاريخ قد وصل إلى نهايته». لقد فصّلت قي تلك المقالة أنّ الإشباع الذاتي قد أصاب أيضاً دول الإعتدال العربي وتحديداً الخليجية منها نظراً لاعتقادهم أنّ هذه اللوثة قد نزلت بساحتهم في أربعةٍ من الأبعاد: نفطياً عسكرياً ثورياً وجيوبوليتيكياً. وقد خلصت في تلك المقالة يومها إلى أنّ عرب الإعتدال وخصوصاً الخليجيين منهم قد وصلوا إلى حدّ التخمة السياسية من تلك الإشباعات الذاتية الزائفة حيث أصيبت وستصاب دولهم بعُسر هضم سياسي لجميع هذه الملفات.. ما سيُمهِّد لاحقاً إلى انفجارها الحتمي من الداخل. اليوم وبعدما أصابهم ما أصاب راعيهم الأميركي وذلك وفقاً لمبدأ المقدمات والنتائج نجد أنّ السعودية من بين كل أولئك تُصارع كي لا تصاب بذلك الداء الذي حلّ بأقرانها من الدول المعتلّة. لقد كُتب الكثير الكثير حول الحرد السعودي الأخير من اتفاقي أميركا الكيميائي والنووي وأنّ هذه الدولة تتصرّف اليوم - جرّاء قلة الوفاء الأميركي لها بعقلية ثأرية وتخريبية رافضةً الجسر الإيراني الذي مدّته طهران نحوها في تكرار محاولاتها للوقوف على خاطرها في حفظ مكانتها الشرق أوسطية.. والذي لم يلقَ منها تجاوباً حتى الآن! وذلك ربما مردّه إلى مجموعة من الحسابات والرهانات التي تعوّل عليها في إثبات وجودها ومكانتها المتضخمة في الخليج والشرق الأوسط برمّته.. الرهان الصهيوني لئن نحينا جانباً المظلة الأمنية المشتركة التي حاكتها أميركا والتي أثبتت واقعيتها الفعلية في مجموعة من التطورات التي تعصف بالمنطقة منذ بداية الأزمة في سورية وخصوصاً في ذاك التنسيق الأمني القائم بين الكيان الصهيوني ولو بالواسطة مع السعودية على الأض السورية واللبنانية وتلاقي الأهداف بينهما وتوحيد «العدو» لديهما.. وغيرها من الإجراءات الثنائية التي جعلت من هذه المظلة فعلاً موجوداً.. ولكن بعيداً عن كل ذلك تعوّل المملكة - في فترة عنادها هذه - على التاريخ البعيد والقصير في غلبة النظرة الصهيونية دائماً في الإختلاف في تحديد الأولويات بين أميركا والكيان في مختلف المواضيع التي تبدأ بالإستيطان الأزمة التي نشبت بينهما في عام 2010 واختتمت حينها لصالح التوافق بينهما على مبدأ ما زال سارياً حتى اليوم « لا تسأل ولن أعلن « وتقديم الأولويات في ملفي التفاوض الصهيوني مع السلطة الفلسطينية وملف النووي الإيراني وإن اختلفا في التقويم حول مدى فعالية الإتفاق المبدئي في الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وغيرها من الملفات الأخرى التي يكسب الترجيح فيها لصالح الصهيونية وذلك بفعل تأثير اللوبيات الصهيونية في الملاعب السياسية الأميركية في مجملها ...وخصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية مقبلةٌ في العام المقبل على انتخابات نصفية ينشط فيها الحزبان الأميركيان على التودد لتلك اللوبيات الصهيونية نظراً لما لها من تأثير على المرشحين والراي العام الأميركي برمّته ... من هنا يمكن القول أن السعودية إذا ما استمرت في عنادها وحردها ربما تُراهن على بتر الإتفاق الإيراني الدولي وإجهاض أي تقدم نحو نهاياته وذلك بفعل صهيوني قد تكون قد وُعدت به ! ينبغي التذكير فقط أن عقيدة الصهاينة المخادعة تقتضي أحياناً بقتل بعض اليهود أو حتى بعض حلفائهم في سبيل تحقيق مآربهم السياسية وتركهم لخدمهم المخلصين على قارعة الطريق ما تزال مُعاشة حيّة ً في وجدان الشعوب العربية والإسلامية والأممية على السواء .. فكيف بخداعهم في السياسة؟ الرهان الإيراني تدل المعطيات على أن نظرة السعودية لإيران الثورة تتم واقعاً من خلال منظار أميركي أو حتى صهيوني بعيداً عن منظارها الخاص ! إلاّ أن الحقد الأعمى الذي يعيشه بعضُ سياسيي المملكة على ما جنته إيران من مكاسب سياسية وعلمية وتكنولوجية بأيديها تارةً وبأيدي أعدائها تارةً أخرى كل ذلك جعل من المملكة تراهن في المستقبل الحالي والمنظور على تخريب الداخل الإيراني في ظل عجزها المحتوم عن فعل ذلك من خلف الحدود سواء عبرها أو بالواسطة - وذلك عبر المراهنة على فرز الرأي العام داخل إيران بعد الإتفاق النووي عن طريق انطلاق صراع خفي بين أطياف الشعب الإيراني حول المكانة والدور المستقبلي لإيران في المنطقة وبناءً على ذاك المنظار الصهيوني فإن الصهاينة يمنّون أنفسهم- بوعود أميركية - ومن خلفهم السعودية بأن العقوبات الفعلية والحقيقية لن تُرفع بهذه السهولة عن إيران قبل حدوث السلة المتكاملة للحل حيث أن الجمهورية الإسلامية ودائماً من المنظور الصهيوني ستبقى تتخبط في أزماتها الإقتصادية .. وستبقى هي وحلفاؤها مُستنزفة في الميدان السوري والعراقي وحتى اللبناني مما سيجعل من كل هذا أزمةً حقيقية للنظام الإسلامي في إيران .. ومن ثمّ سيضطرها والحال هكذا أن تمد يداً أكثر بسطاً وجسراً أكثر اتساعاً نحو السعودية أوسع بكثير من حجم المملكة السياسي في المنطقة .. ما لم تدركه المملكة أو لربما ما لا تُريد ادراكه أن هيكلية النظام في إيران تجعل منه أكثر مرونةً في تخطي العقوبات المفروضة عليه وأكثر استثماراً للإتفاق النووي مع الدول الخمسة زائداً واحداً وذلك بجعل نظام العقوبات يتآكل وينهار بشكل تلقائي ودراماتيكي .. يصعب معها على أميركا الآفلة والصهيونية المرتجفة من فرملة عجلات سقوطه .. مما سيؤدي حتماً إلى نتائج معاكسةٍ تماماً لما تتوخاه السعودية في المنطقة حيث يكون على الأرجح جداً ما هو معروضٌ عليها إيرانياً اليوم لن يكون كذلك بالتأكيد غداً . الرهان الروسي لم تحمل الزيارة الثانية لأمير الإستخبارات السعودية أيّ عرضٍ مشابهٍ في طياته لذاك العرض الذي اشتملته زيارته الأولى تلك لأن ما تسرّب عن هذه الزيارة الأخيرة لم يكن فيه بندر مهدداً ومتوعداً أو مغرياً أو حتى راشياً .. إنما هذه المرة كان ودوداً عارضاً وطالباً للمساعدة والمساندة من روسيا في كيفية تعزيز التعاون السعودي الروسي في مجال الطاقة النووية ومجال مكافحة الإرهاب وتحديداً في بلاد القوقاز الروسي وذلك يُفسرفي التحليل السياسي بطرحه عرضاً بتنظيم انتقال الإرهابيين من المخابئ الروسية إلى المقابر السورية ومن دون أية مطالبة تُذكر بعدم قيام سورية الأسد أو إيران الثورة أو حزب الله المقاومة في محاربتهم الحصرية لكل أولئك المُسفَّرين .. وهذا ربما مرده إلى رغبة السعوديين في تبييض صفحتهم عند الروس الصاعدين والمؤثرين المستقبليين في المنطقة وردّ الصفعة لأميركا وإغاظتها إيضاً ..فضلاً عن هدفها غير المعلن في زيادة كم هؤلاء الإرهابيين في سورية ولبنان والعراق فضلاً عن تركيا وذلك لهدفٍ قديم متجدّد لإطالة أمد الإستنزاف المادي والبشري عند محور الممانعة .. فتستحصل عندها على سجل نظيف في مكافحة الإرهاب العالمي بدلاً من أن يبقى سجلها مدمغاً بصناعة الإرهاب وتفريخه .. هذا التذاكي السعودي المبطّن يُعبِّر عن قصر نظرٍ فماذا لو كان كلُ هذا التحشيد غير فعّالٍ في إطالة عمر الأزمة؟ وماذا لو اكتشف كل أولئك المغرر بهم أنهم يُستعملون كورقة ابتزاز من قبل مشغليهم؟ فيترك عندها الكثير منهم - من السوريين تحديداً - سلاحهم طوعاً ويستفيدون من مراسيم العفو المتلاحقة؟ وماذا لو كانت المقاومة وكل أطراف محور الممانعة قد خبأوا لهم المفاجآت المتلاحقة والقاضية؟ وماذا سيفعل مرسلوهم ومشغّلوهم عندما يفقدون أدوارهم التي توخوها قبل أن تبدأ؟ وماذا لو قرّر أولئك الإرهابيين تغيير وجهتهم نحو مستغليهم ومستعمليهم على فرض الانتقام؟ بكلماتٍ مختصرة الهامش الزمني يضيق حتماً أمام السعودية حتى يكاد كل السحر الكوني الذي حيك لسورية ينقلب دفعةً واحدةً على الحلقة الأضعف من أولئك السحرة والتي ستكون المملكة العربية السعودية في مقدّمهم وعلى رأسهم.. فهل من يعقل فيها؟ الأيام كفيلةٌ بالإجابة.

المصدر : البناء/حسن شقير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة