في جديد خيوط اللعبة الدولية، أن الرئيس الافغاني حامد كرزاي في إيران. هذه نقطة مهمة في سياق التفاهمات المنشودة بين واشنطن وطهران. لا بد من مراقبة دقيقة لتحرك ملفات هذه التفاهمات، لنعرف مستقبل الصراعات وبؤر التوتر في المنطقة،

وبينها أوضاع لبنان المنذرة باشتباك حتمي بين الجيش وجماعات متطرفة أو تكفيرية تدور في مناخ «القاعدة». كيف؟

بين إيران وأفغانستان حدود تتعدى 1000 كيلومتر، وعلى الأراضي الايرانية أكثر من مليون لاجئ (كانوا مليونين)، وهناك تداخل قبلي مهم. بين أفغانستان وأميركا ملف الجلاء العسكري الاميركي العتيد الذي ينبغي أن يتم نهاية العام المقبل. تريد إدارة باراك أوباما خروجاً آمناً من الاراضي الافغانية واتفاقية أمنية رفض كرزاي عدداً من بنودها. وتريد طهران خروج كل القوات الأجنبية من المنطقة، وفق ما كرر التأكيد عليه أمس الرئيس حسن روحاني، وتعمل على منع الاتفاقية من التأثير على الأمن الإقليمي لإيران.

من المرغوب، أميركياً، أن يساهم روحاني في توقيع الاتفاقية الأمنية وفي خروج آمن للقوات الأميركية من أفغانستان. الرئيس الايراني قد لا يمانع مقابل عدد من الشروط. إذا تمت الصفقة، تكون هذه واحدة من نقاط التفاهم المهمة بين الطرفين. عكس ذلك يعني أن التفاهمات الايرانية ـــ الاميركية لا تزال بحاجة إلى الاستمرار في شدّ الحبال.

يبدو، على الأقل من خلال كلام الرئيس الاميركي قبل يومين عن الاتفاق النووي مع إيران، أن الأمور سائرة نحو الحلحلة وليس التصعيد. هذه ستكون إذاً هدية إيرانية للاميركيين مقابل ثمن في أماكن أخرى.

قبل يومين من وصول كرزاي الى طهران، كانت القيادة الايرانية تودع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووفده. تكلّلت الزيارة بلقاء بين الضيف العراقي ومرشد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي. جرى الحديث عن توسيع إطار التعاون الى أقصاه. أعقبت ذلك سلسلة الاتصالات والزيارات التي تبادلتها الدبلوماسية الايرانية مع عدد من دول الجوار الخليجي. ما إن انتهت زيارة المالكي حتى ارتفع منسوب التفجيرات في العراق.

في كل هذه الحركة، لم يصدر عن القيادة الايرانية انتقاد واحد للجار السعودي. على العكس تماماً، بقيت اللهجة الايرانية في إطار السعي لفتح خطوط والرغبة في زيارة الى الرياض. استمرت أيضاً خطوات التقارب الايراني ــــ التركي في انتظار زيارة الرئيس روحاني لأنقرة الشهر المقبل.

وحدهما لبنان وسوريا بقيا ساحة مفتوحة للصراع مع السعودية. الأخطر جاء هذه المرة من الأمين العام لحزب الله. ذكر السيد حسن نصرالله المملكة خمس مرات في لقائه التلفزيوني الاخير مع الزميل جان عزيز. كانت الاتهامات أهم وأخطر من بقائها في إطار الاتهام. أوحت بأن نصرالله يمهد لشيء ما. لم ينس الحليف الأبرز لإيران في المنطقة أن يقول إن السعودية تتعامل مع طهران منذ أكثر من 30 عاماً على أنها عدو. ماذا يعني هذا الاتهام؟ ربما تعمّد الإبهام.

التكفيريون الذين اتهم السيد نصرالله الاستخبارات السعودية بدعمهم بات جزء منهم موجوداً في لبنان. هذا وزير الداخلية مروان شربل يؤكد قدوم «داعش» التي هددته بالتصفية. قالها بعد عام ونصف عام من التحذيرات المتكررة التي أطلقها وزير الدفاع فايز غصن عن خطر «القاعدة»، فلم ينل سوى الانتقادات.

عن هذا الخطر روايات وتقارير ومعلومات استخبارية كثيرة. ماذا سيفعل الجيش اللبناني؟

أحدث رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط مفاجأة قبل أيام. طالب بوضع فرع المعلومات تحت إمرة الجيش اللبناني. أيريد وأد الفتنة أم أن في الأمر عتباً على السعودية.

مفاجأة ثانية جاءت من اللواء أشرف ريفي واللقاء التشاوري في طرابلس. قالوا إن أمن الدولة تؤمّنه البندقية الشرعية، وإنه لا غطاء لأي سلاح غير شرعي، سواء كان ناتجاً من فعل أو ردّ فعل.

الآن بات قائد الجيش العماد جان قهوجي أمام خيارات أحلاها مر. هو مطالب بفرض الامن وهيبة الدولة. عليه في هذه الحالة أن يفتح المعركة مع الجماعات التكفيرية. لن يقتصر الأمر على ما هو موجود منها في الشمال. ثمة تقارير عن أحد المخيمات الفلسطينية. يقال إن في المخيم اجتماعات وتنسيقاً مع بعض قيادات «القاعدة» في سوريا. يحكى عن لوائح اغتيالات وسيارات مفخخة. يحكى عن خيوط خلف محاولة اغتيال القيادي الفتحاوي محمود عيسى المعروف بـ«اللينو». ثمة كلام مماثل عن مناطق أخرى بينها شبعا والبقاع الغربي وعرسال، وربما الطريق الجديدة في بيروت. لا أحد يستطيع الوقوف على حقيقة كل ذلك. غالباً ما تكون تحركات الجماعات التكفيرية متشعبة ومعقدة، ولكن الأكيد أنها لا تنحصر في مكان واحد.

عند قهوجي غطاء غربي. عنده أيضاً غطاء دمشق. لعله لم يستجب لكل المطالب السورية، لكن دمشق لم تفقد الامل بتحركه ضد المسلحين الذين يدخلونها عبر لبنان. هو في جميع الاحوال بالنسبة اليها أفضل من الرئيس ميشال سليمان.

هل يتحرك؟ وكيف يواجه ضغوطاً أخرى محلية وسعودية تطالبه بوقف حركة حزب الله صوب سوريا؟ ألم يقل الرئيس سليمان «إن أي سلاح خارج منظومة الدولة ووحدة قرارها، يتحول جزءاً من أدوات الصراع على السلطة أو الهيمنة»؟

لعل الجيش اللبناني يجد نفسه هذه المرة عالقاً بين رغبة دولية في إشراكه في الحرب الاقليمية ضد الارهاب، وبين رغبات أخرى تريد نقل جزء من حروب المنطقة الى لبنان... في الحالتين بات الاشتباك حتمياً.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-12-08
  • 10959
  • من الأرشيف

الجيش اللبناني و«القاعدة»... الاشتباك المطلوب

في جديد خيوط اللعبة الدولية، أن الرئيس الافغاني حامد كرزاي في إيران. هذه نقطة مهمة في سياق التفاهمات المنشودة بين واشنطن وطهران. لا بد من مراقبة دقيقة لتحرك ملفات هذه التفاهمات، لنعرف مستقبل الصراعات وبؤر التوتر في المنطقة، وبينها أوضاع لبنان المنذرة باشتباك حتمي بين الجيش وجماعات متطرفة أو تكفيرية تدور في مناخ «القاعدة». كيف؟ بين إيران وأفغانستان حدود تتعدى 1000 كيلومتر، وعلى الأراضي الايرانية أكثر من مليون لاجئ (كانوا مليونين)، وهناك تداخل قبلي مهم. بين أفغانستان وأميركا ملف الجلاء العسكري الاميركي العتيد الذي ينبغي أن يتم نهاية العام المقبل. تريد إدارة باراك أوباما خروجاً آمناً من الاراضي الافغانية واتفاقية أمنية رفض كرزاي عدداً من بنودها. وتريد طهران خروج كل القوات الأجنبية من المنطقة، وفق ما كرر التأكيد عليه أمس الرئيس حسن روحاني، وتعمل على منع الاتفاقية من التأثير على الأمن الإقليمي لإيران. من المرغوب، أميركياً، أن يساهم روحاني في توقيع الاتفاقية الأمنية وفي خروج آمن للقوات الأميركية من أفغانستان. الرئيس الايراني قد لا يمانع مقابل عدد من الشروط. إذا تمت الصفقة، تكون هذه واحدة من نقاط التفاهم المهمة بين الطرفين. عكس ذلك يعني أن التفاهمات الايرانية ـــ الاميركية لا تزال بحاجة إلى الاستمرار في شدّ الحبال. يبدو، على الأقل من خلال كلام الرئيس الاميركي قبل يومين عن الاتفاق النووي مع إيران، أن الأمور سائرة نحو الحلحلة وليس التصعيد. هذه ستكون إذاً هدية إيرانية للاميركيين مقابل ثمن في أماكن أخرى. قبل يومين من وصول كرزاي الى طهران، كانت القيادة الايرانية تودع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووفده. تكلّلت الزيارة بلقاء بين الضيف العراقي ومرشد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي. جرى الحديث عن توسيع إطار التعاون الى أقصاه. أعقبت ذلك سلسلة الاتصالات والزيارات التي تبادلتها الدبلوماسية الايرانية مع عدد من دول الجوار الخليجي. ما إن انتهت زيارة المالكي حتى ارتفع منسوب التفجيرات في العراق. في كل هذه الحركة، لم يصدر عن القيادة الايرانية انتقاد واحد للجار السعودي. على العكس تماماً، بقيت اللهجة الايرانية في إطار السعي لفتح خطوط والرغبة في زيارة الى الرياض. استمرت أيضاً خطوات التقارب الايراني ــــ التركي في انتظار زيارة الرئيس روحاني لأنقرة الشهر المقبل. وحدهما لبنان وسوريا بقيا ساحة مفتوحة للصراع مع السعودية. الأخطر جاء هذه المرة من الأمين العام لحزب الله. ذكر السيد حسن نصرالله المملكة خمس مرات في لقائه التلفزيوني الاخير مع الزميل جان عزيز. كانت الاتهامات أهم وأخطر من بقائها في إطار الاتهام. أوحت بأن نصرالله يمهد لشيء ما. لم ينس الحليف الأبرز لإيران في المنطقة أن يقول إن السعودية تتعامل مع طهران منذ أكثر من 30 عاماً على أنها عدو. ماذا يعني هذا الاتهام؟ ربما تعمّد الإبهام. التكفيريون الذين اتهم السيد نصرالله الاستخبارات السعودية بدعمهم بات جزء منهم موجوداً في لبنان. هذا وزير الداخلية مروان شربل يؤكد قدوم «داعش» التي هددته بالتصفية. قالها بعد عام ونصف عام من التحذيرات المتكررة التي أطلقها وزير الدفاع فايز غصن عن خطر «القاعدة»، فلم ينل سوى الانتقادات. عن هذا الخطر روايات وتقارير ومعلومات استخبارية كثيرة. ماذا سيفعل الجيش اللبناني؟ أحدث رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط مفاجأة قبل أيام. طالب بوضع فرع المعلومات تحت إمرة الجيش اللبناني. أيريد وأد الفتنة أم أن في الأمر عتباً على السعودية. مفاجأة ثانية جاءت من اللواء أشرف ريفي واللقاء التشاوري في طرابلس. قالوا إن أمن الدولة تؤمّنه البندقية الشرعية، وإنه لا غطاء لأي سلاح غير شرعي، سواء كان ناتجاً من فعل أو ردّ فعل. الآن بات قائد الجيش العماد جان قهوجي أمام خيارات أحلاها مر. هو مطالب بفرض الامن وهيبة الدولة. عليه في هذه الحالة أن يفتح المعركة مع الجماعات التكفيرية. لن يقتصر الأمر على ما هو موجود منها في الشمال. ثمة تقارير عن أحد المخيمات الفلسطينية. يقال إن في المخيم اجتماعات وتنسيقاً مع بعض قيادات «القاعدة» في سوريا. يحكى عن لوائح اغتيالات وسيارات مفخخة. يحكى عن خيوط خلف محاولة اغتيال القيادي الفتحاوي محمود عيسى المعروف بـ«اللينو». ثمة كلام مماثل عن مناطق أخرى بينها شبعا والبقاع الغربي وعرسال، وربما الطريق الجديدة في بيروت. لا أحد يستطيع الوقوف على حقيقة كل ذلك. غالباً ما تكون تحركات الجماعات التكفيرية متشعبة ومعقدة، ولكن الأكيد أنها لا تنحصر في مكان واحد. عند قهوجي غطاء غربي. عنده أيضاً غطاء دمشق. لعله لم يستجب لكل المطالب السورية، لكن دمشق لم تفقد الامل بتحركه ضد المسلحين الذين يدخلونها عبر لبنان. هو في جميع الاحوال بالنسبة اليها أفضل من الرئيس ميشال سليمان. هل يتحرك؟ وكيف يواجه ضغوطاً أخرى محلية وسعودية تطالبه بوقف حركة حزب الله صوب سوريا؟ ألم يقل الرئيس سليمان «إن أي سلاح خارج منظومة الدولة ووحدة قرارها، يتحول جزءاً من أدوات الصراع على السلطة أو الهيمنة»؟ لعل الجيش اللبناني يجد نفسه هذه المرة عالقاً بين رغبة دولية في إشراكه في الحرب الاقليمية ضد الارهاب، وبين رغبات أخرى تريد نقل جزء من حروب المنطقة الى لبنان... في الحالتين بات الاشتباك حتمياً.  

المصدر : الأخبار /سامي كليب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة