تقدم جديد أحرزه الجيش السوري، تمثل بسيطرته على مدينة النبك الواقعة في جبال القلمون في ريف دمشق ما يمهد للمعركة في البلدات الأخرى لا سيما يبرود ورنكوس.

 وتكمن الأهمية الاستراتيجية لمدينة النبك، كونها المعبر الرئيسي للمجموعات المسلحة القادمة من عرسال ويبرود نحو البادية السورية عبر مزارع العرقوب، أو نحو بلدة الناصرية وجيرود. كما انها تمتد على مسافة واسعة على طريق دمشق حمص الدولي، وتمتد على مساحة واسعة من السهول والتلال بين ريف حمص الجنوبي وريف دمشق الشمالي بحيث تمنح المجموعات المسلحة عمقاً استراتيجياً، وقدرة أكبر على المناورة. ومن البديهي أن السيطرة على النبك سيكون لها أثر كبير على معارك ريف حمص وريف دمشق والتأثير الأهم سيكون على ما تبقى من قرى وبلدات القلمون، حيث قطعت كل طرق الإمداد وشرايين التواصل اللوجستي لهذه المجموعات في هذه المنطقة، بدءاً من قارة ودير عطية والنبك ومن ثم تتجه غرباً باتجاه جبعدين فمعلولا وجرود رنكوس وصيدنايا وتلفيتا وصولا لحلبون ووادي بردى، المتصلة جغرافيا بمنطقة عرسال اللبنانية.

بعد سيطرة الجيش السوري على بلدة قارة وبلدة دير عطية، فرض حصاراً على مدينة النبك، كونها كانت تشكل خط إمداد مباشرا للمسلحين في دير عطية، ما جعل المسلحين في هذه البلدة من دون طرق امداد، ما عجل في السيطرة عليها. كما ان هروب المسلحين منها نحو مدينة النبك عبر طرق زراعية التفافية، هو ما شجع الجيش السوري على ملاحقتهم، لتبدأ العملية العسكرية في النبك من عدة محاور كان أبرزها المحور الشمالي والمحور الغربي والمحور الشمالي الغربي، وتقدمت قوات خاصة من المحور الجنوبي، مستخدمين تكتيكاً جديداً تمثل في دخول الوحدات إلى وسط المدينة بخطّ أفقي، وقسمها نصفين، لتندلع اشتباكات على جبهتين متقابلتين في نفس الوقت.

التكتيك الجديد المترافق مع عمليات التفاف قام بها الجيش السوري كان خطيراً، إلا أن وحدات الجيش السوري استطاعت تطبيقه بدقة، خاصة أنّها فاجأت المجموعات المسلحة، حيث دخلت وحدات خاصة وقوات مشاة بطريقة غير متوقعة، ما أدّى إلى ارباك وبلبلة كبيرة بين المسلحين، وجرت اشتباكات وجهاً لوجه مع المجموعات المسلحة التي انهارت بسرعة وانسحبت نحو الحي الشرقي من المدينة.

في الوقت نفسه كانت وحدات الاسناد الناري في الجيش السوري تستهدف الطرق المؤدية الى مزارع السقي المحيطة بالمدينة، لتقطع طرق الامداد عليهم نارياً، ونفذ الجيش السوري عمليات الالتفاف في عمق مزارع السقي، وهو ما جعل الكمائن المتقدمة التي نصبتها المجموعات المسلحة تحت مرمى النيران، وأفقدتهم قدرتهم على التفوق الناري، وهذا ساهم في انهيار الدفاعات المحصنة للمجموعات المسلحة في تلك المزراع، والتي كانت تشكل المعقل الرئيسي لها، حيث كانت ممر الامدادت الرئيسي لمدينة النبك، فضلاً عن معسكرات التدريب للمجموعات المسلحة بالإضافة الى عدد كبير من الأنفاق والدشم ومستودعات الاسلحة المتطورة والعبوات الناسفة الجاهزة والملاجئ المجهزة بمخارج الحياة وسبل التمترس فيها لأسابيع. واثناء عملية التمشيط داخل المزارع، عثر الجيش السوري على اربع سيارات مفخخة جاهزة، منها واحدة بلوحة تسجيل لبنانية، كان المسلحون ينوون استخدامها ضمن الاراضي اللبنانية عبر عرسال,

تابع الجيش السوري عمليات التمشيط ضمن المدينة، ليشكل حلقة نار حول الحي الشرقي، ويبدأ بقضم الشوارع واحداً تلو الاخر، ليرفع العلم السوري على دوار يبرود، ومن ثم يطهر محيط القصر العدلي، والذي كان يعتبر أحد معاقل المجموعات المسلحة في المدينة، وليبدأ ما تبقى من المسلحين بالفرار نحو الضمير ويبرود.

وقد تبادلت المجموعات المسلحة التي كانت تتمركز في مدينة النبك كـ”حركة تحرير الشام” و”جبهة النُصرة” ومجموعات من “جيش الاسلام” و”داعش”، الاتهامات إذ اتهمت “داعش” وما يسمى “الكتيبة الخضراء”، جيش الاسلام “بخذلانهم” والانسحاب من المعركة، كما يفعل ما يسمى جيش الاسلام دوما في أي معركة يدخل فيها، بحسب تعبيرهم.

واكد مصدر عسكري أن الإمداد البشري والقتالي لتلك المجموعات كان يأتي من عرسال عبر رنكوس ويبرود ومن ثم النبك، وهذه المجموعات ـ كما اوضح المصدر ـ كانت وقعت في عدة كمائن نصبها الجيش السوري كالكمين الذي قتل فيه اكثر من 13 مسلحا من بينهم عدد من اللبنانيين!

كما اوضح المصدر ان المجموعات المسلحة حاولت الالتفاف على الوحدات العسكرية المتقدمة في عمق النبك، وحاولت قطع الطريق الدولي بقناصين نشرتهم على مسافة من الاوتوستراد، لتشتيت قوة الجيش وثنيه عن التمدد في عمق المدينة، إلا ان الجيش استطاع ان يعمل على عدة محاور من خلال شن عملية مترافقة مع عملية النبك على الاوتوستراد الدولي، بعد اغلاقه امام المدنيين حرصاً على سلامتهم، ليسحب من يد المسلحين ورقة الضغط التي تمثلت في الحركة على الأوتوستراد الدولي، في الوقت الذي فتح فيه طرقاً فرعية لاستمرار تدفق الامدادت العسكرية والمحروقات والأغذية باتجاه الشمال السوري.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-08
  • 11478
  • من الأرشيف

النبك.. الأهمية الاستراتيجية.. هكذا سقط المسلحون

تقدم جديد أحرزه الجيش السوري، تمثل بسيطرته على مدينة النبك الواقعة في جبال القلمون في ريف دمشق ما يمهد للمعركة في البلدات الأخرى لا سيما يبرود ورنكوس.  وتكمن الأهمية الاستراتيجية لمدينة النبك، كونها المعبر الرئيسي للمجموعات المسلحة القادمة من عرسال ويبرود نحو البادية السورية عبر مزارع العرقوب، أو نحو بلدة الناصرية وجيرود. كما انها تمتد على مسافة واسعة على طريق دمشق حمص الدولي، وتمتد على مساحة واسعة من السهول والتلال بين ريف حمص الجنوبي وريف دمشق الشمالي بحيث تمنح المجموعات المسلحة عمقاً استراتيجياً، وقدرة أكبر على المناورة. ومن البديهي أن السيطرة على النبك سيكون لها أثر كبير على معارك ريف حمص وريف دمشق والتأثير الأهم سيكون على ما تبقى من قرى وبلدات القلمون، حيث قطعت كل طرق الإمداد وشرايين التواصل اللوجستي لهذه المجموعات في هذه المنطقة، بدءاً من قارة ودير عطية والنبك ومن ثم تتجه غرباً باتجاه جبعدين فمعلولا وجرود رنكوس وصيدنايا وتلفيتا وصولا لحلبون ووادي بردى، المتصلة جغرافيا بمنطقة عرسال اللبنانية. بعد سيطرة الجيش السوري على بلدة قارة وبلدة دير عطية، فرض حصاراً على مدينة النبك، كونها كانت تشكل خط إمداد مباشرا للمسلحين في دير عطية، ما جعل المسلحين في هذه البلدة من دون طرق امداد، ما عجل في السيطرة عليها. كما ان هروب المسلحين منها نحو مدينة النبك عبر طرق زراعية التفافية، هو ما شجع الجيش السوري على ملاحقتهم، لتبدأ العملية العسكرية في النبك من عدة محاور كان أبرزها المحور الشمالي والمحور الغربي والمحور الشمالي الغربي، وتقدمت قوات خاصة من المحور الجنوبي، مستخدمين تكتيكاً جديداً تمثل في دخول الوحدات إلى وسط المدينة بخطّ أفقي، وقسمها نصفين، لتندلع اشتباكات على جبهتين متقابلتين في نفس الوقت. التكتيك الجديد المترافق مع عمليات التفاف قام بها الجيش السوري كان خطيراً، إلا أن وحدات الجيش السوري استطاعت تطبيقه بدقة، خاصة أنّها فاجأت المجموعات المسلحة، حيث دخلت وحدات خاصة وقوات مشاة بطريقة غير متوقعة، ما أدّى إلى ارباك وبلبلة كبيرة بين المسلحين، وجرت اشتباكات وجهاً لوجه مع المجموعات المسلحة التي انهارت بسرعة وانسحبت نحو الحي الشرقي من المدينة. في الوقت نفسه كانت وحدات الاسناد الناري في الجيش السوري تستهدف الطرق المؤدية الى مزارع السقي المحيطة بالمدينة، لتقطع طرق الامداد عليهم نارياً، ونفذ الجيش السوري عمليات الالتفاف في عمق مزارع السقي، وهو ما جعل الكمائن المتقدمة التي نصبتها المجموعات المسلحة تحت مرمى النيران، وأفقدتهم قدرتهم على التفوق الناري، وهذا ساهم في انهيار الدفاعات المحصنة للمجموعات المسلحة في تلك المزراع، والتي كانت تشكل المعقل الرئيسي لها، حيث كانت ممر الامدادت الرئيسي لمدينة النبك، فضلاً عن معسكرات التدريب للمجموعات المسلحة بالإضافة الى عدد كبير من الأنفاق والدشم ومستودعات الاسلحة المتطورة والعبوات الناسفة الجاهزة والملاجئ المجهزة بمخارج الحياة وسبل التمترس فيها لأسابيع. واثناء عملية التمشيط داخل المزارع، عثر الجيش السوري على اربع سيارات مفخخة جاهزة، منها واحدة بلوحة تسجيل لبنانية، كان المسلحون ينوون استخدامها ضمن الاراضي اللبنانية عبر عرسال, تابع الجيش السوري عمليات التمشيط ضمن المدينة، ليشكل حلقة نار حول الحي الشرقي، ويبدأ بقضم الشوارع واحداً تلو الاخر، ليرفع العلم السوري على دوار يبرود، ومن ثم يطهر محيط القصر العدلي، والذي كان يعتبر أحد معاقل المجموعات المسلحة في المدينة، وليبدأ ما تبقى من المسلحين بالفرار نحو الضمير ويبرود. وقد تبادلت المجموعات المسلحة التي كانت تتمركز في مدينة النبك كـ”حركة تحرير الشام” و”جبهة النُصرة” ومجموعات من “جيش الاسلام” و”داعش”، الاتهامات إذ اتهمت “داعش” وما يسمى “الكتيبة الخضراء”، جيش الاسلام “بخذلانهم” والانسحاب من المعركة، كما يفعل ما يسمى جيش الاسلام دوما في أي معركة يدخل فيها، بحسب تعبيرهم. واكد مصدر عسكري أن الإمداد البشري والقتالي لتلك المجموعات كان يأتي من عرسال عبر رنكوس ويبرود ومن ثم النبك، وهذه المجموعات ـ كما اوضح المصدر ـ كانت وقعت في عدة كمائن نصبها الجيش السوري كالكمين الذي قتل فيه اكثر من 13 مسلحا من بينهم عدد من اللبنانيين! كما اوضح المصدر ان المجموعات المسلحة حاولت الالتفاف على الوحدات العسكرية المتقدمة في عمق النبك، وحاولت قطع الطريق الدولي بقناصين نشرتهم على مسافة من الاوتوستراد، لتشتيت قوة الجيش وثنيه عن التمدد في عمق المدينة، إلا ان الجيش استطاع ان يعمل على عدة محاور من خلال شن عملية مترافقة مع عملية النبك على الاوتوستراد الدولي، بعد اغلاقه امام المدنيين حرصاً على سلامتهم، ليسحب من يد المسلحين ورقة الضغط التي تمثلت في الحركة على الأوتوستراد الدولي، في الوقت الذي فتح فيه طرقاً فرعية لاستمرار تدفق الامدادت العسكرية والمحروقات والأغذية باتجاه الشمال السوري.

المصدر : العهد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة