كشفت مصادر مطلعة لـ«السفير» عن التباس حدث اثر بيان الجيش أمس في شأن «إقدام سيارة تحمل لوحة مكتب تأجير على تنفيذ عمل إرهابي معاد على الأراضي اللبنانية ليل الثلاثاء الماضي»، موضحة أن الربط بين السيارة التي عمم عنها الجيش، وبين اغتيال القيادي في «حزب الله» حسان اللقيس «أمر ليس دقيقاً».

وبينما أشارت مصادر أمنية رسمية لـ«السفير» إلى أن «التحريات كشفت استخدام سيارة مستأجرة في اغتيال اللقيس، ومن خلال معرفة مكتب التأجير ربما نتوصل إلى خيوط مهمة»، أوضحت مصادر غير رسمية أن «التحقيقات لم تتوصل بعد إلى نوع السيارة التي أقلّت منفذي الاغتيال».

الغموض الذي اكتنف استهداف اللقيس فجر أمس الأول، يعكس بظلاله على مجريات التحقيق التي باشر بها «حزب الله» والأجهزة الأمنية الرسمية المعنية، خصوصاً في ما يتعلق بسؤال أساس طرح بعد الاغتيال بسرعة: هل نفذ «الموساد» العملية لوجستياً عبر مجموعة خاصة به، أم تعاون مع جهات محلية؟

مصادر حزبية معنية تقول لـ«السفير» إن «هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه بالتحليل، بل يحتاج إلى وقت ومعلومات نعمل على جمعها بسبل تقنية، علماً أننا لا نستبعد أن يكون الإسرائيلي قد غيّر في أساليب اغتياله، أي ربما استعان بجهات محلية تكفيرية»، كاشفة عن «بدء تحليل الكاميرات المحيطة بالمبنى الذي شهد عملية الاغتيال والمثبتة في بوليفار كميل شمعون، بالإضافة إلى رصد حركة الاتصالات إذا وُجدت».

لكن مصادر أمنية رسمية واسعة الإطلاع، تستبعد أن يستعين الإسرائيلي بجهات محلية في ما يتعلق بالتنفيذ، موضحة أن «التعاون مع الجهات غير الإسرائيلية في عمليات الاغتيال، يرتبط عادة بأشخاص يقومون بالاستطلاع وجمع المعلومات، لكن الإسرائيلي لا يثق بأحد في شأن التنفيذ، سواء كان عبر عبوة ناسفة أو رمياً بالرصاص».

وتستند المصادر الأمنية الرسمية في تحليلها إلى عوامل عدة، أبرزها: «اغتيال القيادي الحزبي غالب عوالي نفذه إسرائيليون. أتوا فجراً، زرعوا العبوة في سيارة عوالي، ثم غادروا. أما العميل ناصر نادر، فاقتصر دوره على الاستطلاع كما بيّنت التحقيقات. أي أنه لم يزرع العبوة، بل زوّدهم بمعلومات خاصة بمواعيد دخول عوالي وخروجه في منطقة معوّض، ثم رصد صعوده في السيارة لحظة التنفيذ، وأبلغ المنفذين».

الأمر ذاته، وفق المصادر الرسمية، حدث مع المسؤول في «حزب الله» علي صالح، الذي تم اغتياله في العام 2003، أي قبل عام من اغتيال عوالي: «لم يستخدم الإسرائيليون أي شخص في الشأن اللوجستي التنفيذي، بل تم تجنيد العميل جودت حكيم، الذي أدى دوراً يشبه أداء نادر، بينما التنفيذ الميداني أجراه الإسرائيليون الذين لا يثقون بأحد ميدانياً».

وفي حين تؤكد مصادر معنية أن «الإسرائيلي لا يجرؤ على اغتيال اللقيس من دون تعاون ميداني مع جهة محلية تكفيرية تولّت الضغط على الزناد»، إلا أن ضباطاً معنيين يستبعدون وجود رابط بين الجهات التكفيرية وعملية الاغتيال.

يوضح الضباط المعنيون أن «التكفيريين لم يكونوا على علم بهوية اللقيس قبل اغتياله. وإذا عرفوا وأرادوا اغتياله فلا يستطيعون». أما أن يطلب الإسرائيلي منهم، أو من غيرهم تنفيذ العملية، فـ«يحيلنا إلى سؤال: لماذا نستبعد مجيء مجموعة إسرائيلية محترفة وتنفيذها العملية؟ هؤلاء يستطيعون الدخول بأي جواز سفر يريدونه».

لكن المعضلة الأساسية، وفق الضباط، تكمن في الجرأة والمجازفة، إذ «من المعروف أن الإسرائيلي لا يجازف باحتمال فشل العملية وبالتالي اعتقال أحد المنفذين. ولمنع فشل العملية، كان ثمة أكثر من شخص في مسرح الجريمة».

أما في ما يتعلّق بالتحقيقات، أي بعيداً من التحليلات غير المستندة إلى معلومات مؤكدة، فأكدت مصادر أمنية رسمية لـ«السفير» أن «الأدلة الجنائية» عثرت في مسرح الجريمة على 4 مقاذيف (رصاص) ومظروفين (المعروفة بفراغة الرصاص)، الأمر الذي لفت انتباه المحققين، إذ يجب أن يتطابق عدد المقاذيف مع «فراغات» الرصاص: «لكن في هذه الحالة، ثمة احتمالاً بأن يكون المنفذون قد أخذوا المظروفين عمداً ومن أجل التضليل، أو ربما لم يُعثر عليها».

وبينما تؤكد مصادر حزبية أن من أطلق النار شخصان، إلا أن مصادر رسمية تنتظر نتائج الأدلة الجنائية كي تبني على الشيء مقتضاه، وذلك بعد تحليل المقاذيف التي من شأنها أن تبيّن إذا تم إطلاقها من مسدس واحد أو أكثر.

وعن تنظيمي «لواء أحرار السنّة في بعلبك» و«أنصار الأمة الإسلامية» اللذين تبنيا اغتيال اللقيس، فقد علمت «السفير» أن «فرع المعلومات» يكثف تحقيقاته التقنية بغية كشف مَن يقف خلف التنظيمين لتوقيفه وإحالته إلى القضاء لسببين: التحريض على الفتنة وتضليل التحقيقات، علماً أن المصادر المعنية أجمعت على أن التنظيمين «لا وجود فعليا لهما».

  • فريق ماسة
  • 2013-12-05
  • 10921
  • من الأرشيف

الاغتيال «المحترف»: من أطلق الرصاص؟

كشفت مصادر مطلعة لـ«السفير» عن التباس حدث اثر بيان الجيش أمس في شأن «إقدام سيارة تحمل لوحة مكتب تأجير على تنفيذ عمل إرهابي معاد على الأراضي اللبنانية ليل الثلاثاء الماضي»، موضحة أن الربط بين السيارة التي عمم عنها الجيش، وبين اغتيال القيادي في «حزب الله» حسان اللقيس «أمر ليس دقيقاً». وبينما أشارت مصادر أمنية رسمية لـ«السفير» إلى أن «التحريات كشفت استخدام سيارة مستأجرة في اغتيال اللقيس، ومن خلال معرفة مكتب التأجير ربما نتوصل إلى خيوط مهمة»، أوضحت مصادر غير رسمية أن «التحقيقات لم تتوصل بعد إلى نوع السيارة التي أقلّت منفذي الاغتيال». الغموض الذي اكتنف استهداف اللقيس فجر أمس الأول، يعكس بظلاله على مجريات التحقيق التي باشر بها «حزب الله» والأجهزة الأمنية الرسمية المعنية، خصوصاً في ما يتعلق بسؤال أساس طرح بعد الاغتيال بسرعة: هل نفذ «الموساد» العملية لوجستياً عبر مجموعة خاصة به، أم تعاون مع جهات محلية؟ مصادر حزبية معنية تقول لـ«السفير» إن «هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه بالتحليل، بل يحتاج إلى وقت ومعلومات نعمل على جمعها بسبل تقنية، علماً أننا لا نستبعد أن يكون الإسرائيلي قد غيّر في أساليب اغتياله، أي ربما استعان بجهات محلية تكفيرية»، كاشفة عن «بدء تحليل الكاميرات المحيطة بالمبنى الذي شهد عملية الاغتيال والمثبتة في بوليفار كميل شمعون، بالإضافة إلى رصد حركة الاتصالات إذا وُجدت». لكن مصادر أمنية رسمية واسعة الإطلاع، تستبعد أن يستعين الإسرائيلي بجهات محلية في ما يتعلق بالتنفيذ، موضحة أن «التعاون مع الجهات غير الإسرائيلية في عمليات الاغتيال، يرتبط عادة بأشخاص يقومون بالاستطلاع وجمع المعلومات، لكن الإسرائيلي لا يثق بأحد في شأن التنفيذ، سواء كان عبر عبوة ناسفة أو رمياً بالرصاص». وتستند المصادر الأمنية الرسمية في تحليلها إلى عوامل عدة، أبرزها: «اغتيال القيادي الحزبي غالب عوالي نفذه إسرائيليون. أتوا فجراً، زرعوا العبوة في سيارة عوالي، ثم غادروا. أما العميل ناصر نادر، فاقتصر دوره على الاستطلاع كما بيّنت التحقيقات. أي أنه لم يزرع العبوة، بل زوّدهم بمعلومات خاصة بمواعيد دخول عوالي وخروجه في منطقة معوّض، ثم رصد صعوده في السيارة لحظة التنفيذ، وأبلغ المنفذين». الأمر ذاته، وفق المصادر الرسمية، حدث مع المسؤول في «حزب الله» علي صالح، الذي تم اغتياله في العام 2003، أي قبل عام من اغتيال عوالي: «لم يستخدم الإسرائيليون أي شخص في الشأن اللوجستي التنفيذي، بل تم تجنيد العميل جودت حكيم، الذي أدى دوراً يشبه أداء نادر، بينما التنفيذ الميداني أجراه الإسرائيليون الذين لا يثقون بأحد ميدانياً». وفي حين تؤكد مصادر معنية أن «الإسرائيلي لا يجرؤ على اغتيال اللقيس من دون تعاون ميداني مع جهة محلية تكفيرية تولّت الضغط على الزناد»، إلا أن ضباطاً معنيين يستبعدون وجود رابط بين الجهات التكفيرية وعملية الاغتيال. يوضح الضباط المعنيون أن «التكفيريين لم يكونوا على علم بهوية اللقيس قبل اغتياله. وإذا عرفوا وأرادوا اغتياله فلا يستطيعون». أما أن يطلب الإسرائيلي منهم، أو من غيرهم تنفيذ العملية، فـ«يحيلنا إلى سؤال: لماذا نستبعد مجيء مجموعة إسرائيلية محترفة وتنفيذها العملية؟ هؤلاء يستطيعون الدخول بأي جواز سفر يريدونه». لكن المعضلة الأساسية، وفق الضباط، تكمن في الجرأة والمجازفة، إذ «من المعروف أن الإسرائيلي لا يجازف باحتمال فشل العملية وبالتالي اعتقال أحد المنفذين. ولمنع فشل العملية، كان ثمة أكثر من شخص في مسرح الجريمة». أما في ما يتعلّق بالتحقيقات، أي بعيداً من التحليلات غير المستندة إلى معلومات مؤكدة، فأكدت مصادر أمنية رسمية لـ«السفير» أن «الأدلة الجنائية» عثرت في مسرح الجريمة على 4 مقاذيف (رصاص) ومظروفين (المعروفة بفراغة الرصاص)، الأمر الذي لفت انتباه المحققين، إذ يجب أن يتطابق عدد المقاذيف مع «فراغات» الرصاص: «لكن في هذه الحالة، ثمة احتمالاً بأن يكون المنفذون قد أخذوا المظروفين عمداً ومن أجل التضليل، أو ربما لم يُعثر عليها». وبينما تؤكد مصادر حزبية أن من أطلق النار شخصان، إلا أن مصادر رسمية تنتظر نتائج الأدلة الجنائية كي تبني على الشيء مقتضاه، وذلك بعد تحليل المقاذيف التي من شأنها أن تبيّن إذا تم إطلاقها من مسدس واحد أو أكثر. وعن تنظيمي «لواء أحرار السنّة في بعلبك» و«أنصار الأمة الإسلامية» اللذين تبنيا اغتيال اللقيس، فقد علمت «السفير» أن «فرع المعلومات» يكثف تحقيقاته التقنية بغية كشف مَن يقف خلف التنظيمين لتوقيفه وإحالته إلى القضاء لسببين: التحريض على الفتنة وتضليل التحقيقات، علماً أن المصادر المعنية أجمعت على أن التنظيمين «لا وجود فعليا لهما».

المصدر : السفير/ جعفر العطار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة