لم تكن الناشطة السورية سعاد نوفل تدرك ان ثمن معارضتها لاعتداءات ‘داعش’، دولة العراق والشام الاسلامية على كنائس الرقة سيكون ابعادها من مدينتها الرقة بعد اطلاق النار عليها، بعد محاولتي اغتيال نجت منهما.

وتقول سعاد نوفل بعد عبورها الحدود السورية صوب تركيا انها اضطرت مؤخرا لمغادرة الرقة بعد ان سيطرت ‘الدولة الاسلامية في العراق والشام ‘ على معظم المدينة وقامت بخطف واعتقال الناشطين والاعلاميين لاعتراضهم على ممارساتها المتطرفة مثل انتهاكهم للكنائس المسيحية.

ومنذ قيام ‘داعش’ بانزال الصليب من على كنيسة سيدة البشارة في حادثة شهيرة بالرقة، قادت نوفل مجموعة من الناشطين ليتظاهروا حاملين الصليب ويعيدوه لداخل الكنيسة.

وتقول سعاد ‘قام مجموعة من الملثمين التابعين لتنظيم الدولة بتصويرنا من اجل ملاحقتنا، وبعدها بايام قاموا باقتحام كنيسة الشهداء الارمنية وازالوا صليبا صغيرا من على الحائط واحرقوا اجزاء منها وحطموا التماثيل بداخلها ، وحولوها لمكتب دعوي’.

وانتشرت على مواقع الانترنت صور لكنيسة الشهداء وقد وضعت ‘داعش’ لافتات تشير الى انها ‘المكتب الدعوي في ولاية الرقة’.

وكنيسة الشهداء هي كنيسة تابعة للمسيحيين الارمن في الرقة الذين غادر معظمهم المدينة، وكانت في جزء منها تستخدم كمدرسة للاطفال تدعى مدرسة الحرية.

واثار مشهد الاعتداء على الكنيسة المخاوف من النموذج الاصولي الذي تسعى له المنظمة المرتبطة بـ’القاعدة’.

ويسيطر على الرقة ثلاث فصائل تنتمي في خلفيتها الفكرية للسلفية الجهادية، بالرغم من اختلافها في الممارسات على الارض.

وينظرالكثيرون من سكان الرقة الى جبهة النصرة والاحرار باعتبارهما تنظيمان اكثر اعتدالا وتفهما للواقع في المدينة من تنظيم داعش.

ويوضح ذلك احد الناشطين الاعلاميين القلائل الذين ما زالوا متواجدين بالرقة بالقول ‘ان هناك فارق واضح بين ممارسات النصرة وداعش’، ويضيف عمر القيسي لـ’القدس العربي’، (وهو اسم حركي لاخفاء هويته)، ان احد الامثلة على ذلك هو ما حدث عندما بدأت داعش في محاولاتها للسيطرة على كنيسة الشهداء (كنيسة الارمن) اذ منعت جبهة النصرة اقتحام الكنيسة اكثر من مرة قبل ان تنجح في تحويلها لمكتب دعوي.

ويقول عمر ‘كنت اجلس قرب كنيسة الشهداء، واخبرني احد الناشطين عن وجود سيارة مسلحة تابعة لداعش تحاول اقتحام كنيسة الشهداء الارمنية، فاتصلت بابودجانة نائب قائد جبهة النصرة في الرقة وقلت له ‘الم يصدر الجولاني بيانا تعهد فيه بحماية الكنائس ومنع تكسير الصلبان؟ فقال نعم ..فاخبرته ان هناك من يحاول اقتحام الكنيسة’.

ويقول عمر انه بالفعل ارسل ابو دجانة ثلاث سيارات مسلحة قامت بحماية الكنيسة وابعدت المجموعة التابعة لداعش، بل ان احد عناصر جبهة النصرة نزل وخاطب الناشطين الذين تجمعوا حول الكنيسة لحمايتها قائلا ‘انه لن يسمح لاحد بالاعتداء على الكنيسة او الاقتراب منها’.

مما جعل عمر والناشطين معه يشعرون بسعادة كبيرة لم تكتمل. اذ ان مسلحي داعش عادوا بعد ايام واحتلوا الكنيسة بالفعل واحرقوا اجزاء وازالوا الصليب منها وحولوها لـ’مكتب دعوي’.

واشتدت الصراعات في الاونة الاخيرة بين احرار الشام وجبهة النصرة من جهة وبين تنظيم الدولة من جهة اخرى، بعد اصرار داعش على فرض سلطتها بالقوة.

وبات الخلاف معلنا بين الدولة واقرب الفصائل لها جبهة النصرة بعد دعوة الظواهري للبغدادي بالاكتفاء بـ’ولاية العراق’ وترك سوريا تحت سلطة الجولاني قائد جبهة النصرة وهو الاكثر تفاهما مع باقي الفصائل الاسلامية المسلحة كاحرار الشام وصقور الشام ولواء التوحيد، الا ان داعش تمردت حتى على زعيم القاعدة الظواهري بل وعدت ان جبهة النصرة خوارج على سلطة البغدادي.

وتثير داعش غضبا ونفورا متزايدا عند سكان المناطق المحررة في سوريا بعد ممارسات متطرفة وقمعية جعلت الكثيرين يشبهونها بالنظام السوري، وغادر معظم نشطاء الثورة السورية من حلب والرقة متجهين لغازي عنتاب وانطاكيا في تركيا، بعد حملات خطف واغتيال طالت اعلاميين ومنظمات اغاثة ومجتمع مدني.

وتقول سعاد نوفل التي كانت من اوائل المشاركين في الحراك الثوري في العمل الاغاثي والاسعافي ‘انبسطنا لما تحررت الرقة، عشنا شهرين رائعين ولكن بعدها سيطرت داعش اكثر فاكثر لتقوم بكل ما عجز النظام عنه، ثورتنا في خطر’.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-03
  • 9734
  • من الأرشيف

‘داعش’ تحول كنيسة الارمن في الرقة لـ’مكتب دعوي’

 لم تكن الناشطة السورية سعاد نوفل تدرك ان ثمن معارضتها لاعتداءات ‘داعش’، دولة العراق والشام الاسلامية على كنائس الرقة سيكون ابعادها من مدينتها الرقة بعد اطلاق النار عليها، بعد محاولتي اغتيال نجت منهما. وتقول سعاد نوفل بعد عبورها الحدود السورية صوب تركيا انها اضطرت مؤخرا لمغادرة الرقة بعد ان سيطرت ‘الدولة الاسلامية في العراق والشام ‘ على معظم المدينة وقامت بخطف واعتقال الناشطين والاعلاميين لاعتراضهم على ممارساتها المتطرفة مثل انتهاكهم للكنائس المسيحية. ومنذ قيام ‘داعش’ بانزال الصليب من على كنيسة سيدة البشارة في حادثة شهيرة بالرقة، قادت نوفل مجموعة من الناشطين ليتظاهروا حاملين الصليب ويعيدوه لداخل الكنيسة. وتقول سعاد ‘قام مجموعة من الملثمين التابعين لتنظيم الدولة بتصويرنا من اجل ملاحقتنا، وبعدها بايام قاموا باقتحام كنيسة الشهداء الارمنية وازالوا صليبا صغيرا من على الحائط واحرقوا اجزاء منها وحطموا التماثيل بداخلها ، وحولوها لمكتب دعوي’. وانتشرت على مواقع الانترنت صور لكنيسة الشهداء وقد وضعت ‘داعش’ لافتات تشير الى انها ‘المكتب الدعوي في ولاية الرقة’. وكنيسة الشهداء هي كنيسة تابعة للمسيحيين الارمن في الرقة الذين غادر معظمهم المدينة، وكانت في جزء منها تستخدم كمدرسة للاطفال تدعى مدرسة الحرية. واثار مشهد الاعتداء على الكنيسة المخاوف من النموذج الاصولي الذي تسعى له المنظمة المرتبطة بـ’القاعدة’. ويسيطر على الرقة ثلاث فصائل تنتمي في خلفيتها الفكرية للسلفية الجهادية، بالرغم من اختلافها في الممارسات على الارض. وينظرالكثيرون من سكان الرقة الى جبهة النصرة والاحرار باعتبارهما تنظيمان اكثر اعتدالا وتفهما للواقع في المدينة من تنظيم داعش. ويوضح ذلك احد الناشطين الاعلاميين القلائل الذين ما زالوا متواجدين بالرقة بالقول ‘ان هناك فارق واضح بين ممارسات النصرة وداعش’، ويضيف عمر القيسي لـ’القدس العربي’، (وهو اسم حركي لاخفاء هويته)، ان احد الامثلة على ذلك هو ما حدث عندما بدأت داعش في محاولاتها للسيطرة على كنيسة الشهداء (كنيسة الارمن) اذ منعت جبهة النصرة اقتحام الكنيسة اكثر من مرة قبل ان تنجح في تحويلها لمكتب دعوي. ويقول عمر ‘كنت اجلس قرب كنيسة الشهداء، واخبرني احد الناشطين عن وجود سيارة مسلحة تابعة لداعش تحاول اقتحام كنيسة الشهداء الارمنية، فاتصلت بابودجانة نائب قائد جبهة النصرة في الرقة وقلت له ‘الم يصدر الجولاني بيانا تعهد فيه بحماية الكنائس ومنع تكسير الصلبان؟ فقال نعم ..فاخبرته ان هناك من يحاول اقتحام الكنيسة’. ويقول عمر انه بالفعل ارسل ابو دجانة ثلاث سيارات مسلحة قامت بحماية الكنيسة وابعدت المجموعة التابعة لداعش، بل ان احد عناصر جبهة النصرة نزل وخاطب الناشطين الذين تجمعوا حول الكنيسة لحمايتها قائلا ‘انه لن يسمح لاحد بالاعتداء على الكنيسة او الاقتراب منها’. مما جعل عمر والناشطين معه يشعرون بسعادة كبيرة لم تكتمل. اذ ان مسلحي داعش عادوا بعد ايام واحتلوا الكنيسة بالفعل واحرقوا اجزاء وازالوا الصليب منها وحولوها لـ’مكتب دعوي’. واشتدت الصراعات في الاونة الاخيرة بين احرار الشام وجبهة النصرة من جهة وبين تنظيم الدولة من جهة اخرى، بعد اصرار داعش على فرض سلطتها بالقوة. وبات الخلاف معلنا بين الدولة واقرب الفصائل لها جبهة النصرة بعد دعوة الظواهري للبغدادي بالاكتفاء بـ’ولاية العراق’ وترك سوريا تحت سلطة الجولاني قائد جبهة النصرة وهو الاكثر تفاهما مع باقي الفصائل الاسلامية المسلحة كاحرار الشام وصقور الشام ولواء التوحيد، الا ان داعش تمردت حتى على زعيم القاعدة الظواهري بل وعدت ان جبهة النصرة خوارج على سلطة البغدادي. وتثير داعش غضبا ونفورا متزايدا عند سكان المناطق المحررة في سوريا بعد ممارسات متطرفة وقمعية جعلت الكثيرين يشبهونها بالنظام السوري، وغادر معظم نشطاء الثورة السورية من حلب والرقة متجهين لغازي عنتاب وانطاكيا في تركيا، بعد حملات خطف واغتيال طالت اعلاميين ومنظمات اغاثة ومجتمع مدني. وتقول سعاد نوفل التي كانت من اوائل المشاركين في الحراك الثوري في العمل الاغاثي والاسعافي ‘انبسطنا لما تحررت الرقة، عشنا شهرين رائعين ولكن بعدها سيطرت داعش اكثر فاكثر لتقوم بكل ما عجز النظام عنه، ثورتنا في خطر’.

المصدر : ‘القدس العربي’ /وائل عصام


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة