مخيم عين الحلوة في مهبّ الريح. جهاديّوه الغارقون في شبهات أمنية باتوا مصدر خطر داهم. على رأس هؤلاء يتربع الشيخ توفيق طه. لا أدلّة دامغة تُدين رجل القاعدة الأبرز، لكنّ هواجس الأمنيين لا تُبرّئه أيضاً. ومع تفجير السفارة الإيرانية طفح الكيل.

في ١٩ تشرين الثاني، هزّ دوي انفجارين أركان السفارة الإيرانية. أصابع الاتهام الرسمية وجّهت إلى إسرائيل، فيما الجهة الأكثر احتمالاً للشُبهة كانت رجال «تنظيم القاعدة» الناشطين بين لبنان وسوريا. بهذا قطعت فوراً معظم الأدلة والمعلومات الأولية. ولم يكد دوي التفجيرين يهدأ حتى دخلت شخصيات إسلامية متشددة في مخيم «عين الحلوة» دائرة الشُبهة، لكونه الملجأ الأبرز لقيادات «كتائب عبدالله عزّام»، أحد فروع التنظيم العالمي، الذي أعلن تبنّيه العملية. حضر بقوّة طيف الشيخ توفيق طه المعروف بـ«أبو محمد». ترافق ذلك مع اشتباه الأجهزة الأمنية في تورط أحد مشايخ المخيم في تزوير بطاقتي هوية الشابين المنفّذين. لم يكن هناك أي معلومة حقيقية، بل مجرّد شُبهات فقط. وُجِّهت الأنظار إلى مخيم «عين الحلوة» مجدداً. أحد الأدلة كان تغريدة على موقع تويتر، عززته معلومات أمنية سابقة عن وجود سعي لدى جهاديين موجودين في المخيم لـ«التخطيط لشنّ هجمات ضد أهداف تابعة لـ«حزب الله» والإيرانيين، انتقاماً للاعتداء على أهل السُّنّة في سوريا». كل ذلك رفع من حال الاستنفار الشديد لدى الأجهزة الأمنية في لبنان. استُعيدت حادثة ذبح العسكريين التي تسببت بمعركة نهر البارد في عام ٢٠٠٧. القياس هنا بات جائزاً في نظر أجهزة أمنية رسمية: «إذا ثبت تورّط متشدّدين من مخيم عين الحلوة في الهجوم على السفارة الإيرانية، فإنّ ثمن ذلك سيكون باهظاً على أهل المخيم». وتضيف المصادر نفسها: «لن يسكت حزب الله ولن تسكت إيران». لم تُفصح الجهات الأمنية عن الردّ المحتمل، متحدثة عن «فتح الباب واسعاً أمام حرب بأشكال متعددة، قد تبدأ بعمليات تصفية واغتيالات». استناداً إلى ما سبق، أُرسِلت رسائل تحذيرية. اسم الشيخ طه وُضِع على رأس اللائحة، وإلى جانبه اصطفّت أسماء عدة تدور في الفلك نفسه. في هذا السياق، تكشف معلومات أمنية لـ«الأخبار» عن «رسالة واضحة نُقلت إلى فصائل فلسطينية بارزة في عين الحلوة لمعالجة مسألة طه ومجموعته». لم تخض المصادر في التفاصيل، وإذ رأت أنّ «العمل الأمني المباشر مطروح بقوّة»، لكنّها لفتت إلى أنّ «أقل المطلوب في مضمون الرسالة تمحور حول الإسراع في إخراج طه ومجموعته من المخيم». هذا الجو كان موجوداً لدى جهاديين قاعديين مقيمين في المخيم. وفي جلسة مع «الأخبار»، تحدّث هؤلاء عن تحذيرات تلقّوها. استعادوا مراحل المواجهة مع «حزب الله»، متحدثين عن «جرّة كسرها حزب الله بدخوله المعركة في سوريا». استعرض أحد رجال القاعدة البارزين في مخيم عين الحلوة «محطّات ارتكبت فيها كل من إيران وحزب الله أخطاءً قاتلة». يرى الرجل أنّ «هذه الأخطاء حوّلت بوصلة الصراع من صراع مع العدو اليهودي وداعمه الأمريكي إلى مواجهة مفتوحة مع الشيعي». يُضيف القيادي المذكور: «بات الشيعي اليوم أولى بالذبح بعدما كان اليهودي كذلك». أمّا بشأن رسائل التحذير والتهديد التي تلقوها فيقول: «نحن هيهات منّا الذلّة وليس هم، إن أُجبرنا على الخروج فسنخرج محاربين لا أذلّاء».

رغم كل ما سبق، أصابع الاتّهام كانت ولا تزال تُوجّه إلى طه. في عملية السفارة أو غيرها، يُنظر إلى الرجل على أنّه مصدر خطر دائم، لكنّ تفصيلاً صغيراً خلق تردّداً لدى المحققين بشأن دقة الاتهام الموجّه إليه في الهجوم الأخير على السفارة الإيرانية، يتعلّق بأسلوب الإعلان وكيفيته. فقد اعتاد التنظيم الإسلامي الإعلان عن عملياته بواسطة بيان يحمل ختمه المُعتمد أو عبر مقطع فيديو يُنشر على «موقع الفجر للإعلام»، المعتمد لدى التنظيم العالمي، وليس عبر شخص لا صفة مُحددة له تنظيمياً، كالشيخ سراج الدين زريقات الذي أُعلن عن انتمائه حديثاً إلى التنظيم (عام ٢٠١٢). بسبب ذلك، انتظر كثيرون صدور البيان خلال اليومين أو الثلاثة التالية، لكن ذلك لم يحصل. في هذا السياق، ينقل عناصر من «تنظيم القاعدة» يقيمون في عين الحلوة لـ«الأخبار» نفي الشيخ طه وجود أي علاقة بينه وبين الشيخ زريقات. يحكي هؤلاء عن تأكيد القيادي الأبرز في «كتائب عبدالله عزّام» أن لا علاقة لهم بـ«الهجوم الاستشهادي الذي استهدف السفارة الإيرانية». وإذ يؤكدون «عدم استنكاره للهجوم باعتباره ردّاً على اعتداءات إيران وحزب الله التي تطال أهل السنّة في لبنان وسوريا»، إلّا أنهم يشددون على نفيه أي علاقة له أو لتنظيمه بالهجوم، كاشفين أنّه أعلن ذلك في أكثر من اجتماع له مع قيادات إسلامية. وينقل الجهاديون المذكورون عن الشيخ أبو محمد أنّ التنظيم الذي يتبع له «يعمل تحت مسمّى «سرايا زياد الجرّاح»، في حين أن التنظيم الذي تبنّى العملية تنظيم آخر يختلف عنا ويعمل تحت مسمّى «سرايا الحسين بن علي»». أمّا لماذا لم يُصدر الرجل أو تنظيمه بيان نفي؟ فيردّ هؤلاء: «هذا أسلوب أبو محمد... لا يُحب الإعلام، يكفي أنّه قالها علانية أمام كل من جالسه». وتختم المصادر بالقول: لن نكون سبباً في دمار عين الحلوة. وإذا حُوصر، فبالتأكيد سنخرج لنقي أهلنا شر القتال. نحن لن نتنازل، لكننا نعرف أن عدوّنا سيقاتلنا بأبناء المخيم».

  • فريق ماسة
  • 2013-12-02
  • 12015
  • من الأرشيف

اذا ثبت التورط الثمن سيكون باهظا" ..جهاديّو عين الحلوة: سنخرج لكي لا يُدمّر المــخيّم

مخيم عين الحلوة في مهبّ الريح. جهاديّوه الغارقون في شبهات أمنية باتوا مصدر خطر داهم. على رأس هؤلاء يتربع الشيخ توفيق طه. لا أدلّة دامغة تُدين رجل القاعدة الأبرز، لكنّ هواجس الأمنيين لا تُبرّئه أيضاً. ومع تفجير السفارة الإيرانية طفح الكيل. في ١٩ تشرين الثاني، هزّ دوي انفجارين أركان السفارة الإيرانية. أصابع الاتهام الرسمية وجّهت إلى إسرائيل، فيما الجهة الأكثر احتمالاً للشُبهة كانت رجال «تنظيم القاعدة» الناشطين بين لبنان وسوريا. بهذا قطعت فوراً معظم الأدلة والمعلومات الأولية. ولم يكد دوي التفجيرين يهدأ حتى دخلت شخصيات إسلامية متشددة في مخيم «عين الحلوة» دائرة الشُبهة، لكونه الملجأ الأبرز لقيادات «كتائب عبدالله عزّام»، أحد فروع التنظيم العالمي، الذي أعلن تبنّيه العملية. حضر بقوّة طيف الشيخ توفيق طه المعروف بـ«أبو محمد». ترافق ذلك مع اشتباه الأجهزة الأمنية في تورط أحد مشايخ المخيم في تزوير بطاقتي هوية الشابين المنفّذين. لم يكن هناك أي معلومة حقيقية، بل مجرّد شُبهات فقط. وُجِّهت الأنظار إلى مخيم «عين الحلوة» مجدداً. أحد الأدلة كان تغريدة على موقع تويتر، عززته معلومات أمنية سابقة عن وجود سعي لدى جهاديين موجودين في المخيم لـ«التخطيط لشنّ هجمات ضد أهداف تابعة لـ«حزب الله» والإيرانيين، انتقاماً للاعتداء على أهل السُّنّة في سوريا». كل ذلك رفع من حال الاستنفار الشديد لدى الأجهزة الأمنية في لبنان. استُعيدت حادثة ذبح العسكريين التي تسببت بمعركة نهر البارد في عام ٢٠٠٧. القياس هنا بات جائزاً في نظر أجهزة أمنية رسمية: «إذا ثبت تورّط متشدّدين من مخيم عين الحلوة في الهجوم على السفارة الإيرانية، فإنّ ثمن ذلك سيكون باهظاً على أهل المخيم». وتضيف المصادر نفسها: «لن يسكت حزب الله ولن تسكت إيران». لم تُفصح الجهات الأمنية عن الردّ المحتمل، متحدثة عن «فتح الباب واسعاً أمام حرب بأشكال متعددة، قد تبدأ بعمليات تصفية واغتيالات». استناداً إلى ما سبق، أُرسِلت رسائل تحذيرية. اسم الشيخ طه وُضِع على رأس اللائحة، وإلى جانبه اصطفّت أسماء عدة تدور في الفلك نفسه. في هذا السياق، تكشف معلومات أمنية لـ«الأخبار» عن «رسالة واضحة نُقلت إلى فصائل فلسطينية بارزة في عين الحلوة لمعالجة مسألة طه ومجموعته». لم تخض المصادر في التفاصيل، وإذ رأت أنّ «العمل الأمني المباشر مطروح بقوّة»، لكنّها لفتت إلى أنّ «أقل المطلوب في مضمون الرسالة تمحور حول الإسراع في إخراج طه ومجموعته من المخيم». هذا الجو كان موجوداً لدى جهاديين قاعديين مقيمين في المخيم. وفي جلسة مع «الأخبار»، تحدّث هؤلاء عن تحذيرات تلقّوها. استعادوا مراحل المواجهة مع «حزب الله»، متحدثين عن «جرّة كسرها حزب الله بدخوله المعركة في سوريا». استعرض أحد رجال القاعدة البارزين في مخيم عين الحلوة «محطّات ارتكبت فيها كل من إيران وحزب الله أخطاءً قاتلة». يرى الرجل أنّ «هذه الأخطاء حوّلت بوصلة الصراع من صراع مع العدو اليهودي وداعمه الأمريكي إلى مواجهة مفتوحة مع الشيعي». يُضيف القيادي المذكور: «بات الشيعي اليوم أولى بالذبح بعدما كان اليهودي كذلك». أمّا بشأن رسائل التحذير والتهديد التي تلقوها فيقول: «نحن هيهات منّا الذلّة وليس هم، إن أُجبرنا على الخروج فسنخرج محاربين لا أذلّاء». رغم كل ما سبق، أصابع الاتّهام كانت ولا تزال تُوجّه إلى طه. في عملية السفارة أو غيرها، يُنظر إلى الرجل على أنّه مصدر خطر دائم، لكنّ تفصيلاً صغيراً خلق تردّداً لدى المحققين بشأن دقة الاتهام الموجّه إليه في الهجوم الأخير على السفارة الإيرانية، يتعلّق بأسلوب الإعلان وكيفيته. فقد اعتاد التنظيم الإسلامي الإعلان عن عملياته بواسطة بيان يحمل ختمه المُعتمد أو عبر مقطع فيديو يُنشر على «موقع الفجر للإعلام»، المعتمد لدى التنظيم العالمي، وليس عبر شخص لا صفة مُحددة له تنظيمياً، كالشيخ سراج الدين زريقات الذي أُعلن عن انتمائه حديثاً إلى التنظيم (عام ٢٠١٢). بسبب ذلك، انتظر كثيرون صدور البيان خلال اليومين أو الثلاثة التالية، لكن ذلك لم يحصل. في هذا السياق، ينقل عناصر من «تنظيم القاعدة» يقيمون في عين الحلوة لـ«الأخبار» نفي الشيخ طه وجود أي علاقة بينه وبين الشيخ زريقات. يحكي هؤلاء عن تأكيد القيادي الأبرز في «كتائب عبدالله عزّام» أن لا علاقة لهم بـ«الهجوم الاستشهادي الذي استهدف السفارة الإيرانية». وإذ يؤكدون «عدم استنكاره للهجوم باعتباره ردّاً على اعتداءات إيران وحزب الله التي تطال أهل السنّة في لبنان وسوريا»، إلّا أنهم يشددون على نفيه أي علاقة له أو لتنظيمه بالهجوم، كاشفين أنّه أعلن ذلك في أكثر من اجتماع له مع قيادات إسلامية. وينقل الجهاديون المذكورون عن الشيخ أبو محمد أنّ التنظيم الذي يتبع له «يعمل تحت مسمّى «سرايا زياد الجرّاح»، في حين أن التنظيم الذي تبنّى العملية تنظيم آخر يختلف عنا ويعمل تحت مسمّى «سرايا الحسين بن علي»». أمّا لماذا لم يُصدر الرجل أو تنظيمه بيان نفي؟ فيردّ هؤلاء: «هذا أسلوب أبو محمد... لا يُحب الإعلام، يكفي أنّه قالها علانية أمام كل من جالسه». وتختم المصادر بالقول: لن نكون سبباً في دمار عين الحلوة. وإذا حُوصر، فبالتأكيد سنخرج لنقي أهلنا شر القتال. نحن لن نتنازل، لكننا نعرف أن عدوّنا سيقاتلنا بأبناء المخيم».

المصدر : الأخبار /رضوان مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة