دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
دعت لجنة برلمانية بريطانية حكومة ديفيد كاميرون إلى إعادة النظر وتقييم علاقات بريطانيا مع الحكومة السعودية والتي وصفتها لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان بأنها ‘من أقل الدول درجة من الناحية الديمقراطية وسجلها هو الأفقر في مجال حقوق الإنسان’. ودعا التقرير الذي نشر أمس الجمعة الحكومة البريطانية للنظر في الدور السعودي في سورية وتسليح المعارضة السورية. لكنه توقف عند الدعوة عن وقف العقود العسكرية بين البلدين والتي تمثل عصب الصناعة العسكرية البريطانية خاصة عقد اليمامة الذي يقدر بعشرات المليارات.
وجاء التقرير ثمرة لتحقيق مطول ركز على العلاقات البريطانية مع السعودية وجارتها الأخرى مملكة البحرين. وقالت اللجنة إنها قلقة ‘من ناحية النظرة الضيقة والمحددوة التي يحملها الرأي العام البريطاني عن السعودية’. وقالت صحيفة ‘غارديان’ إن التقرير ستتم دراسته بعناية من قبل الدول الخليجية خاصة السعودية التي حذر سفيرها من عواقب خطيرة للتحقيق عندما أعلن عنه العام الماضي.
ويشير التقرير إلى أهمية السعودية لسوق السلاح البريطاني حيث تعتبر أكبر سوق لها في الشرق الأوسط وتصل قيمة مشترياتها إلى 62 مليار جنيه استرليني، ولدى المملكة عقود ورخص تصدير معدات لها من بريطانيا بقيمة 4 مليارات جنيه. ووجد التقرير أدلة قاطعة على استخدام الحكومة السعودية المعدات العسكرية البريطانية لقمع الاحتجاجات الداخلية.
واعترف التقرير بالثمن الكبير لوقف العقود العسكرية البريطانية مع السعودية. وعلق ناشطون في الحملة ضد تجارة السلاح على نتيجة التقرير بالقول ‘للأسف، يبدو أن مصالح شركات صناعة الأسلحة والحكومة أثرت على جوهر التقرير ووصلت إلى قلب التحقيق، فما تقوم به لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان هو منح الحكومة غطاء لمواصلة سياستها للتملق لهذا النظام المثير للقرف ‘.
وهدد السعوديون في عام 2006 بإنهاء كل أشكال التعاون العسكري وصفقة اليمامة في حال استمر مكتب التحقيق في الجرائم والغش في عقود لها علاقة باليمامة وشركة صناعة الأنظمة العسكرية ‘بي إي اي’، لكن التحقيق تم وضعه على الرف بعد تدخل رئيس الوزراء في حينه توني بلير الذي برر وقف التحقيق بناء على ‘المصلحة القومية’.
ودعا التقرير أيضا الحكومة البريطانية العمل على مراقبة الدعم المالي القادم من السعودية للمنظمات الدينية التي تنشر رسائل متطرفة، والتأكد من ان نشر التعاليم الدينية بالطرق المسموح بها لن يؤدي إلى نشر التطرف.
سورية وتسليح المعارضة
ما حث التقرير الحكومة البريطانية على تقييم الجهود السعودية في مجال دعم الإنتفاضة السورية، والتحاور مع السعوديين حول الجماعات التي تتلقى الدعم المالي من الرياض. وكانت الحكومة السعودية قد عبرت عن موقف متشدد تجاه الأزمة السورية ودعت لتسليح المعارضة وتعمل جهدها للإطاحة بالنظام السوري، وزادت الجهود السعودية بعد خيبة أملها من الأمريكيين ووقف الضربة على النظام بسبب استخدامه السلاح الكيميائي. وكان النواب البريطانيون قد صوتوا في نهاية آب (اغسطس) ضد أية مشاركة بريطانية في عملية عسكرية ضد سورية.
وفي ملف آخر له علاقة بالإصلاح السياسي وحقوق الإنسان في السعودية اخبر عدد من الشهود لجنة التحقيق عدم ثقتهم بتصريحات مسؤولي الحكومة البريطانية الذين يقولون أنهم يطرحون كل الأمور بصراحة ‘ولا شيء يوضع تحت الطاولة اثناء اللقاءات الخاصة مع المسؤولين السعوديين’. وأشار التقرير ‘ تواجه الحكومات الليبرالية بمن فيها الحكومة البريطانية تحديات تتعلق بالإستجابة لمطالب ناخبيها الليبراليين وفي الوقت نفسه الحفاظ على علاقات طيبة مع أنظمة غير ديمقراطية ومحافظة تعتبر مهمة لمصالحها- اي الحكومات وعلى المستوى الإقليمي والعالمي’.
البحرين وأزمة المصداقية
ويعترف النواب بالضرر الذي اصاب سمعة بريطانيا فيما يتعلق بالطريقة القاسية التي تعاملت بها القوات البحرينية مع المحتجين في ساحة اللؤلؤة في المنامة عاصمة البحرين عام2011. كما أشار التقرير إلى فشل حكومة مملكة البحرين في تطبيق التوصيات التي تقدمت بها لجنة خاصة شكلها ملك البحرين للتحقيق في الأحداث ويقول التقرير إنه ‘ في حالة عدم تحرك البحرين للأمام وتطبيق الإصلاح الضروري وفي حالة عدم ظهور أي تقدم في هذا المجال فعلى الحكومة البريطانية وضع البحرين في قائمة ‘الدول المثيرة للقلق’ في تقريرها عن حالة حقوق الإنسان في العالم’.
ودعت منظمة مكافحة التعذيب ‘ريدرس′ الحكومة العمل على السماح للمفوض الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب بزيارة البحرين. وقال ريتشارد اوتاوي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان ‘الحكومة محقة في التركيز على ما هو بناء ويمكن تحقيقه من خلال العمل مع قيادة البلدين، ولكن لا يمكنها ببساطة تجاهل الإنتقادات والإتهامات بالنفاق الموجهة إليها.
ولكن آن فيلثام من حملة معارضة التسليح قالت إن المشكلة لا تتعلق بكون بريطانيا فشلت في شرح مواقفها من السعودية للرأي العام ولكن المشكلة في المدخل وطريقة التعامل، وعلى الحكومة وضع الإهتمام بحقوق الإنسان في قلب سياساتها الخارجية خاصة تجاه السعودية والبحرين وليس التركيز على السلاح ومصالح شركات تصنيعه، وإلا فبريطانيا ستكون قد خانت المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بالحرب والديمقراطية.
صراع داخلي خارجي
وكتب ديفيد هيرست مقالا تحدث فيه عن الصراع الداخلي في العائلة السعودية على المنطقة والسياسة الدولية مشيراً بالتحديد إلى جناح يضم الأمير بندر بن سلطان، مدير الأمن القومي والأمير مقرن، رئيس الإستخبارات وخالد التويجري، رئيس الديوان الملكي والواقف على باب الملك عبدالله.
ويقول الكاتب إن الأمير بندر يتعرض لنقد غير مباشر في الصحافة المحلية السعودية، وفي هذا يشير إلى مقالة للصحافي السعودي الذي يملك صلات جيدة مع المؤسسة الحاكمة وهو جمال خاشقجي عندما ألمح أن ‘ رجال الاستخبارات في الداخل والدوليين’ ليست لديهم القدرة على تغيير التاريخ ولا إقامة الدول وصناعة الزعماء الجدد. كما أكد خاشقجي أن عصر الزعيم الأوحد قد انتهى. وعليه فقد فهم الكثير من القراء أن المقصود من كلامه هو الأمير بندر. ويعتبر كلام خاشقجي قوياُ بالمعايير السعودية ويعكس كما يقول الكاتب حالة عدم الرضى في الدوائر المتنافسة داخل العائلة عن السياسات التي يتحمل مسؤوليتها ألامير بندر ومن حوله بمن فيهم وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل. ومن أهم ملامح الفشل التي يشير إليها الكاتب هي مصر التي من المفترض أن تكون الأمور قد استقرت للعسكر فيها بعد أربعة أشهر من التدخل العسكري، لكن الأوضاع لا تزال تغلي فيها.
خسارة تركيا
ويرى الكاتب أن سورية هي مظهر آخر من مظاهر فشل بندر. فلم تخف السعودية غضبها من قرار أوباما الموافقة على العرض الروسي وعدم معاقبة الأسد. وأشار الكاتب إلى أن دعم السعودية للإنقلاب أثر على علاقاتها مع لاعب إقليمي مهم وهي تركيا.
ومن هنا تلاقت مصالح السعودية مع مصالح عدوتها اللدود (إيران) في مصر. ويرى الكاتب أن الحرب التي يقودها الأمير ضد الإسلام السياسي تركت آثارها على العلاقات مع الجارة الجنوبية، فالرغبة السعودية الجامحة في منع تقدم حزب الإصلاح اليمني دفعها للتحالف مع ميليشيات الحوثيين التي حاربتها السعودية سابقاً، مشيراً إلى ان زعيم الحوثيين صالح هبرة تم نقله بطائرة خاصة للندن للقاء رئيس الإستخبارات السعودي.
ويختم بالقول إن القلق الداخلي والخارجي يلتقيان عند نقطة واحدة وهي التنافس على الحكم داخل العائلة، فولي العهد الأمير سلمان الكبير في العمر، هو الذي اختاره الملك عبدالله، وقد يكون آخر ولي عهد يختاره لأن انتقال الولاية للأمير سلمان تعني أن ولاية العهد ستقررها هيئة البيعة التي تفضل مجموعة منافسة لمجموعة الأمير بندر، ويقودها الأمير أحمد أصغر الأمراء السديرين سناً والذي يعارض بدوره الخط الذي تسير عليه مجموعة بندر. ومن هنا تحاول هذه المجموعة اقناع الملك تعيين الأمير مقرن محل الأمير سلمان في محاولة لتجاوز هيئة البيعة. ومن هنا فالتنافس والمؤامرات داخل العائلة الحاكمة التي كانت تدار في الخفاء اصبحت تمارس علناً، وقد تكون نتاجا من نتائج الهوس القديم الذي يطبع الحكم المطلق وهي معركة الخلافة.
المصدر :
القدس العربي/ ابراهيم درويش
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة